أبو العز الحريري كما تقول بوستراته الدعائية "عامل فقير جاي م التحرير".. "دون أي شهادات رفيعة" كما عرّف نفسه في أحد اللقاءات التليفزيونية، يخوض انتخابات الرئاسة ومؤهلاته الوحيدة هي 45 عاما وأكثر في الحياة السياسية المصرية وتجربة الاعتقال في عصر السادات، وكونه رمزا من رموز المعارضة في العصر المباركي، يطلق على نفسه "المرشح الجاهز"، فهل هو جاهز فعلا لهذه البطولة المطلقة؟ أم هو مجرد رمز وكومبارس في مسرحية الانتخابات!! أبو العز هو مرشح الرئاسة اليساري عن حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، ولقد خاض انتخابات مجلس الشعب ضمن قائمة تحالف الثورة مستمرة، ونجح عن دائرة غرب الإسكندرية، وهذا النجاح الأخير يُظهر شعبية واسعة للمرشح اليساري في دائرة عُرفت بسيطرة السلفيين، ورغم ذلك لم تستطع أفكارهم محو تاريخ هذا المرشح المناضل "ابن كرموز" أو "نائب الشعب" من وجهة نظر أنصاره أو "النائب المشاغب" من وجهة نظر آخرين.
وُلد أبو العز الحريري عام 1944 بالدقهلية، وتربى في ظل ثورة 1952 وحصل على دبلوم الثانوي الصناعي، وعندما بلغ سنّ الثامنة عشرة تم تعيينه بأحد المصانع في القاهرة، ثم انتقل عام 62 للشركة الأهلية للغزل والنسيج بكرموز؛ ليعمل في جو اتسم بالنشاط الثوري والعمالي، فبدأ نشاطه السياسي مباشرة بعد أدائه للخدمة العسكرية مع منظمة الشباب عام 66 ودخل انتخابات الاتحاد الاشتراكي عام 68 ونجح فيها، ومرة ثانية في 71 ونجح أيضا حتى وصل للمكتب التنفيذي للاتحاد الاشتراكي، ولكن بعدها تم فصله من الاتحاد الاشتراكي؛ بسبب مقاومته للفساد بداخله.
وحصل أبو العز الحريري لاحقا بجانب دبلومه الصناعي على درجة الليسانس في الآداب والحقوق، وتم انتخابه كعضو في مجلس الشعب في سن الثلاثين، وكان من أصغر الأعضاء في برلمان 1976 ليصبح نائباً مزعجاً للسلطة الحاكمة وقتها، فقد وقف أبو العز مع عدد من نواب المجلس في تلك الدورة وعلى رأسهم المرحوم محمود القاضي والمستشار ممتاز نصار ضد الرئيس أنور السادات "رب العائلة"، فوقفوا ضد سياسات الانفتاح، وضد تصالحه مع إسرائيل، وضد كامب ديفيد، فلم يعجب الأمر الرئيس السادات وأصدر قراراً بحلّ مجلس 76 لإسقاط هؤلاء النواب.
بعدها اعتقله السادات في 5 سبتمبر عام 1981 مع 1531 من الشخصيات الوطنية من جميع القوى السياسية، ثم عاد إلى البرلمان مرة أخرى بعد ذلك بعامين أي عام 1984 عن دائرته كرموز بالإسكندرية.. وغاب لفترة عن المجلس حتى عاد مع الإشراف القضائي على الانتخابات، ثم أصبح صاحب أشهر استجوابات خاصة بالاحتكار في أعوام 2003 وفي عامي 2004 و2005 والاستجوابات الخاصة باستيلاء أحمد عز على شركة الدخيلة للحديد بالتواطؤ مع الحكومة، واستطاع أن ينجح أيضا في البرلمان الحالي 2011 (برلمان ما بعد ثورة يناير).
وأصدر أبو العز الحريري جريدة خاصة بحزب التجمع، وقد تم فصله عدة مرات من وظيفته كعامل، وهو حالياً على المعاش، ويملك مكتبة تبيع الكتب في الإسكندرية.
يرى أنصار أبو العز الحريري أن لديه ما يكفيه من العمل الوطني والخبرة للترشح لرئاسة مصر؛ فلقد عاصر مجريات الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في مصر على مدى أكثر من 45 عاما.. قضى منها 35 داخل حزب التجمع و 10 سنوات قبل التجمع كانت أيضا مسيّسة في منظمة الشباب والاتحاد الاشتراكي..
كما أن له إسهامات في كل التكوينات من أجل الحريات والديمقراطية والتغيير بشكل عام، كما أنه كان من الرموز التي لازمت الثورة منذ بدايتها، وما زال يناضل من أجل مطالبها في المجلس الجديد الذي تديره أغلبية إسلامية.
ويضع أبو العز الحريري برنامجا انتخابيا تحت شعار "العلم هو الحل"، ويرى ضرورة لملمة الاقتصاد المهلهل، وعمل تصفية للفساد "من سياسات ومؤسسات وأفراد"، كما يرى أنه من المهم محاكمة كل الجناة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وعزل قوى الثورة المضادة عن توظيف القدرات التي امتلكتها خلال العهد السابق، مع العمل على استنهاض همم الشعب لإنجاز ما يتوافر لدينا من إمكانيات ومشروعات، ليست في حاجة ماسة إلى تمويل أجنبي، وكل ذلك من خلال "برنامج عام مشترك" يمتد إلى سبع سنوات على الأقل.
ولكن على الناحية الأخرى نستطيع أن نرى أن أبو العز الحريري برغم أنه "ابن بلد جدع" ورجل محب لوطنه ويحاول خدمته قدر استطاعته، فإن ضعفه كمرشح هو في الحقيقة ضعف اليسار المصري كله، الذي ما زال يتمسح بالنموذج والمشروع الناصري، والمبادئ الاشتراكية التي شهد العالم انهيارها وفشلها بالفعل، حتى في مصر تم مصادرة الفكر الاشتراكي والتعتيم عليه، ولم يعد هناك من يدعمه سوى قليلين يعدّون على الأصابع، ومن ثمّ ساد النظام الرأسمالي وأصبحت القيادة في العالم كله للفتوة "أمريكا"، كما أن هناك أكثر من مرشح ممثل لليسار المصري، فبجانب أبو العز يمثل حمدين صباحي وخالد علي اليسار والفكر الاشتراكي أيضا، مما قد يؤدي لتفتيت أصوات اليسار بين الثلاثة.
ويبقى السؤال.. هل سيسمح فلول النظام البائد باستمرار مرشح يهدد بتصفيتهم؟ وهل تعود مصر بعد خصخصتها وبيعها جملة وقطاعي لتكون ملكا للمصريين؟ هل سيستطيع رجل بسيط مثل أبو العز الحريري الوقوف أمام رجال النظام السابق وجيوبهم الممتلئة من عرقنا، أو أمام المرشحين الإسلاميين الذين يتم دعمهم من جهات مختلفة؟ ربما ولكن في زمن آخر!!