يحكي "جوان مان" أنه كان يعيش في لندن قبل أن تنقلب حياته رأساً على عقب ويضطر أن يعود إلى موطنه، ومع هبوط طائرته في مطار سيدني، كان كل ما يملكه حقيبة صغيرة ممتلئة بالملابس وعالم مليء بالمشكلات والأزمات، لم يجد من يرحّب بقدومه ولم يجد مكانا يستطيع أن يسميه الوطن، فقد كان يشعر بأنه غريب في وطنه. وقف في صالة الوصول ليشاهد العائدين وأصدقاءهم وعائلاتهم في انتظارهم بأحضان مفتوحة ووجوه مبتسمة، يحتضنون بعضهم البعض ويضحكون من قلوبهم، وقتها شعر أنه يحتاج لمن ينتظره، لشخص يسعد لرؤيته، يضحك له ويحتضنه هو الآخر.
لذلك قرر إحضار لافتة وكتب عليها من الجهتين "أحضان ببلاش free hugs" ووقف في الانتظار ولمدة 15 دقيقة كان الأشخاص ينظرون إليه باستغراب ويعبرون من أمامه حتى توقفت أمامه سيدة عجوز ربّتت على ذراعه وحكت له عن حزنها الشديد لوفاة كلبها اليوم، وكيف أن هذا اليوم يوافق أيضا الذكرى السنوية لوفاة ابنتها في حادث سيارة، وكيف تشعر إنها أكثر إنسانة وحيدة في العالم وأنها هي الأخرى تحتاج إلى حضن.
يقول جوان: "ركعت على ركبتي واحتضنتها بشدة، وعندما انفصلنا كانت تبتسم".
حملة "أحضان ببلاش" هكذا كانت بداية حملة "جوان مان" العالمية للأحضان المجانية والتي اشترك فيها العديد من الأشخاص من كل بلدان العالم، واستضافته من أجلها "أوبرا وينفري" ببرنامجها الشهير. وشاهد الفيديو الخاص بحمْلته على اليوتيوب أكثر من 50 مليون شخص.
كما سنرى من الفيديو أن جوان وأتباعه تم استيقافهم من قِبَل الشرطة ومنعوه من قيامه بهذا النشاط، ولكنه قام بجمع توقيعات من 10 آلاف شخص ليستطيع أن يقوم بالاحتضان التطوعي لكل من يحتاج إلى هذه الدفعة المعنوية.
طبعا لا يخفى عليكم أنني قد حزنت بشدة وأنا أرى هذا الفيديو وهؤلاء الناس الذين يجمعون توقيعات من أجل السماح لهم باحتضان بعضهم بعضاً، في الوقت الذي نجمع فيه نحن توقيعات لإعادة مباراة لن تجلب لنا سوى حرب جديدة وإساءات جديدة من الجهتين.
بالطبع سأجد من يعلّق على هذا قائلا: "لا حول ولا قوة إلا بالله"، ومن سيسمي هذا بالفسق والفجور، أو من سيراه نوعا من شحاتة المشاعر واستجداء العطف.
الحضن دواء ولكن في إطار البحث عن ماهية الحضن وأهميته اكتشفت أن هناك منظمة تسمى "أحضان من أجل صحتك" وهي منظمة تعمل على جمع متطوعين يقومون باحتضان كبار السن والرفق بهم، بعد أن تبين أن الحضن في حقيقة الأمر معجزة علاجية، بدون أي آثار جانبية وطبيعية 100% حلوة بطبيعتها رغم أنها لا تحتوي على سُعر حراري واحد!
فالحضن كما جاء في موقع "منظمة أحضان من أجل صحتك" هو طريقة بسيطة للصحة وطول العمر، فالأحضان تقوّي مناعتك، وتمنحك نوما هادئاً وتخفّف الضغط والتوتر وتملأ حياتك بالسعادة.
والوصفة السهلة لتطبيق هذا على حياتك هي: 2 حضن لتساعدك على البقاء وتحمل مصاعب الحياة. 4 أحضان من أجل الوقاية من الأمراض. 8 أحضان تساعدك على النمو. 12 حضنا في اليوم تضمن لك النجاح وتحقيق الذات.
الآن أصبح الأمر كوميديّا للغاية، فهؤلاء البشر يتكلمون عن عدد من الأحضان اللازمة للبقاء كالطعام والشراب، فهل هذه رفاهية أم "تقليعة" وموضة من موضات الغرب.
أحضان تعويضية ومثل الأجهزة التعويضية تم اختراع أحضان تعويضية! نعم أحضان تعويضية، أعلم إنها فكرة مضحكة ولكن هذه هي الحقيقة فلإدراك الغرب أهمية العملية الفسيولوجية والعوامل النفسية التي تصاحب الحضن تم اختراع قميص قادر على إصدار ذبذبات وإشارات تجعل الناس قادرين على إرسال واستقبال الأحضان عن بُعد.
سأحاول شرح فكرة هذا الاختراع والذي رُشح كواحد من أفضل اختراعات عام 2006 من مجلة التايمز.
وتعتمد فكرة القميص الحاضن على وجود شريحة بلوتوث موصّلة بالهاتف المحمول، وعندما يرسل لك شخص رسالة تحوي حضنا من مكان بعيد تنتقل الرسالة عبر هاتفك إلى القميص عبر البلوتوث فتقوم بعض الأجزاء الداخلية في القميص بإصدار ذبذبات تشعرك بنفس إحساس الاحتضان.
فهل الحضن مهم إلى هذه الدرجة؟ هل نحن في حاجة فعلية لاحتواء بعضنا البعض؟ وهل حقيقة كما يقول شعار "الحملة" إنه في بعض الأحيان يكون الحضن هو كل ما نريده في هذه الحياة.
وهل هذا الأمر قابل للتطبيق بيننا هنا بشكل أو بآخر؟ هل نستطيع نحن كبارا أو صغارا الجري إلى أحضان أمهاتنا.. إخوتنا.. أو أحبائنا.. والارتماء في أحضانهم؟ هل يتطلب الأمر قدرا كبيرا من الشجاعة؟
أحيانا تمر عليّ أيام كثيرة دون أن أرتمي في حضن أمي، وبعد هذه الفترة عندما أرمي نفسي في أحضانها أشعر أنها تستغربني وتسألني إذا كان بي شيء أو أعاني من أمر ما؟ فهل نفتقد هذه المودة والرحمة في حياتنا؟
في عصر انقطعت فيه صلات الرحم وقلّت فيه العلاقات الحميمة لا يبقى سوى الحب والحضن الذي ستجد فيه الراحة والسعادة والابتسام، ولكي تجد حضنا حقيقيا فأنت لست في حاجة للمال، وليس مطلوبا منك أن تُغضب الله أيضاً، قدْر ما تحتاج إلى الشجاعة لتقول إنك في حاجة إلى الآخر وترمي نفسك في أحضان من تحتاجه.
لذلك توقّف.. وانظر حولك.. تأمّل أصدقاءك وعائلتك وشاركهم الحب. إضغط لمشاهدة الفيديو: ما هي أهمية "الأحضان" من وجهة نظرك؟ - ضرورية كالماء والهواء - شيء جميل ولكنه غير ضروري - رفاهية. - مش مهمة أصلاً