أرجو المساعدة. أنا مرتبطة بزميل لي من الجامعة، إنه بالنسبة لي كل الحياة؛ فحبي له كل شيء، وهو أيضا يبادلني نفس الشعور، إحنا اتفقنا على إن علاقتنا تكون رسميه، وإنه يتقدم لي. مشكلتي هي أني من أول ما عرفته كذبت عليه في مكان سكني وأُحرجت بعد ذلك أن أقول له الحقيقة حتى لا أصبح كاذبة بنظره؛ فماذا أفعل الآن؛ فهو يريد أن يأتي لنا لخطبتي أرجو الرد. ساندي صديقتنا العزيزة: لا شك أن صدقنا ووضوحنا أمام أنفسنا وأمام الآخرين يعطينا هذه الثقة وهذا الاطمئنان وهذا الاحترام للذات، الذي نفقده إذا ما حاولنا الكذب المبرر أو غير المبرر؛ وخاصة إن كان هذا الكذب لأجل خجلنا من ذواتنا وظروفنا، ويتبع ذلك انكسار للنفس وانحطاط لها. صديقتي.. إن المشكلة الحقيقية ليست في تمرير هذه الكذبة كي تحصلي على عريس مناسب؛ فما أسهل اختلاق كذبات أخرى للخروج منها أو حتى تبرير الكذبة الأولى. المشكلة تكمن في أن يكون هذا سلوكك في الحياة إذا ما وقعت في مشكلة ما أو أردت الحصول على شيء ما؛ في الوقت الذي سيؤدي بك هذا الطريق إلى سلسلة من المشكلات التي قد لا تظهر وقتها؛ لكنها عندما تبدأ فإنها تصبح كعقد لا يكفّ عن الانفراط حتى الوصول بك للهاوية وفقد ثقة كل من حولك؛ بل حتى ضياع ما استحوذتي عليه سابقاً. لا شك أنك أقدمت على هذه الخطوة من أجل أن تجمّلي صورتك أمام هذا الشاب الذي وجدت فيه مواصفات أعجبتك، وأردت الإبقاء عليه خشية أنه إن عرف حقيقة أمرك فإنه ربما يبتعد عنك. قيمة الإنسان لا تتحدد بمادته ولا بمستواه الاجتماعي؛ وإن كانت كلها عوامل مهمة تشكل نطاق حياتنا والناس الذين نرتبط بهم والعلاقات الخاصة والعامة وغير ذلك؛ لكن مش بالضرورة إطلاقاً أن كل واحد من عيلة ومستواه المعيشي عالي، يكون إنساناً ذا قيمة عالية توازي ذلك. لازم تعرفي إن فيه مفارقات طبقية في كل مجتمع؛ وإلا ما كانت الحياة. لازم يكون فيه الطبيب وفيه البواب، وفيه المهندس والضابط وفيه العامل والمزارع؛ لكن مش مهم أنا مين، المهم إزاي أحترم نفسي وأفرض احترامي على الآخرين، وأحدد قيمتي وأرفع من نفسي بكل إمكاناتي المتاحة. تصوري معي أنك واجهته بالحقيقة من البداية؛ فماذا كانت احتمالات النتائج؟ الاحتمال الأول: أن يحترمك لأنك احترمت نفسك ويكمل معك على نور.
الاحتمال الثاني: أن يبتعد لكن مع قمة التقدير والاحترام لإنسانة صادقة تحترم نفسها وإماكناتها. وإن لم يكن لذلك الاحترام صدى على المستوى النفعي فلا شك أن له صدى وأثراً على المستوى الشخصي والإنساني؛ على الشخصي باحترامك لنفسك وعلى الإنساني بتحديد قيمتك في المجتمع. وقد يفتح لك هذا طريقاً آخر إذا ما تحدث أمام أحد أصدقائه عنك، وكانت ظروفه مناسبة لك أو عُرف الأمر بشكل أو بآخر؛ فيكون ساعتها من يقبل عليك مقبلٌ بكل احترام على إنسانة ثقة تصونه وتصون بيته وتَصْدق في علاقتها به. صديقتي.. كوني على قدر المسئولية وعلى قدر احترام الذات، وعاهدي نفسك وربك على عدم الكذب في شيء مهما كان تافها؛ فكما يقول المثل الصادق قولا وواقعا على مستوى التجربة: "الكذب ما لهوش رجلين"، وأخبري هذا الشاب بحقيقة أمرك، ولكن لطّفي له الأمر بأنك حين فعلت ذلك لم تكوني بعد متأكدة من صدق إقدامه وجديته في الزواج؛ فكان التجمل لشخص غير ذي أهمية بالنسبة لك، وبعد أن تأكدت من صدقه لم تتوفر لك الفرصة الكافية للبوح بالحقيقة؛ فضلاً عن خوفك من أن يظن أن هذه عاداتك وأنك كاذبة بطبعك؛ لكن بما أن الأمر أصبح زاوجاً ولأن أولى خطوات العلاقات الناجحة الصدق والأمانة؛ فإنك أخبرتيه بالحقيقة، وأن له بعد ذلك حرية الاختيار في المتابعة أو الابتعاد. وإن أكرمك الله به فلا تعودي لمثلها أبداً. وإن اختار الطريق الآخر فاصبري وتحملي نتيجة فعلك؛ ولكن لتتعلمي لما هو آت. وفقك الله وهداك للخير.