مشكلتي ببساطة أني تزوّجت من 10سنوات، رزقني الله بالحمل في البداية؛ ولكنه لم يكتمل، ومرّت السنوات دون حدوث حمل حتى الآن، والمشكلة أن الجميع ينظرون إليّ على أن السبب مني؛ وخاصة حماتي وأهل زوجي.. ولا أستطيع وصف مدى الكلام اللاذع الذي أسمعه برغم الفحوصات الطبية التي أكّدت أنني سليمة وطبيعية تماماً؛ ولكن حماتي مُصِرّة على أن تأخير الحمل مني، وأن من حق زوجي (ابنها) أن يتزوج بأخرى ليُنجب. يبدو الموضوع عادياً وربما يتكرر في كل عائلة؛ ولكن الذي يؤلمني هو ذلك الإحساس الفظيع بالظلم، والذي تضَاعف منذ بضعة أشهر، حينما ظهرت تحاليل زوجي الطبيّة لتكشف أن السبب في تأخير الإنجاب منه هو وليس مني. ولأني أحبه جداً وأعرف كم أن هذا الموضوع حسّاس بالنسبة للرجل, لم أستطع أن أهزّ صورته كرجل؛ لا أمام الناس ولا حتى بيني وبينه، وطلبت منه أن يُبقيَ الأمر سراً، وألا يعرف به إلا أنا وهو والطبيب الذي يعالجه.
الآن أنا في صراع نفسي، الجميع من العائلتين ومن الأصدقاء والمعارف ينظرون إليّ على أني ناقصة في أنوثتي، ولا أستطيع الحمل، ويتهمونني بالأنانية لأني في نظرهم أظلم زوجي وأحرمه الأبوة، هذا غير الكلام الجارح الذي أسمعه على الدوام، وفي نفس الوقت أملك الدفاع عن نفسي ولا أستطيع -مع ذلك- التكلم.
ماذا أفعل؟ لم أعد أستطيع الاحتمال ولا البوح بالحقيقة أيضاً.. ألم نفسي فظيع، لا أستطيع التعايش معه.
أنا لست نادمة على تضحيتي من أجل زوجي؛ ولكني بشر، قتلتني الاتهامات، وقتلني أيضاً أنني أملك دليل براءتي ولا أستطيع التلويح به، وأستمع إلى حكم الإعدام الذي يُصدره البعض عليّ ظلماً.. ماذا أفعل؟ أنا أتألم من الظلم.
A.M
يستحيل صديقة "بص وطل" العزيزة أن تكوني في مثل هذا الوضع الشديد من المعاناة والألم، أهمه على الإطلاق أنك ستُحرمين: من نعمة الولد، ومن لفظ ماما، ومن السند في شيخوتك، ثم باقي الأسباب التي تحيط بك؛ وزوجك غافل ولا يشعر بك، وكأنك في وادٍ وهو في وادٍ آخر!!
هل معقول أن زوجك لم يسمع أمه التي تحرّضه على الزواج ويعرف رأيها؛ ليشير عليها مجرد الإشارة ألا تتدخل في حياته لا باللفظ ولا بأي شكل، حتى لا تَفقده كابن حنون يرعى أمه ويصل رحمه بها؟؟ أليس قادراً -ولو بالمقاطعة لفترة منكما معاً لزيارة أمه- أن يُفهمها أن كلامها غير مرغوب فيه، وأن "اللي على رأسه بطحة يحسّس عليها"؟؟ أوَليس قادراً على أن يواجهها مباشرة ويقول لها إنه كبير في السن كفاية حتى يعرف مصلحته ويعرف من يتزوج ومن يطلّق؟
أشياء كثيرة جداً جداً صديقتي على زوجك أن يفعلها ليقطع ألسنة أهله دون أن يُفشي سره؛ وأهمها أن الرزق في الأطفال بِيَد الله لا بيد البشر.
وهذا حقك المطلق على زوجك صديقتي؛ الذي إذا كان يغفله؛ فعليك أن تلفتي نظره إليه بالحسنى وبغير كلام؛ حتى لا تقعي في خطأ الكلام الذي قد يُفهم منه أنك تنتقصين منه.. على أن يفهم أيضاً أن معركة أهله عليه مواجهتها، وتبقى معركتان من نصيبك: الأولى مع أهلك الذي يعرفون بالتأكيد أنه ليس لديك موانع للحمل، والثانية مع نفسك التي لا بد وأن تتوق إلى الأمومة التي تحلم بها كل فتاة صغيرة، منذ تتعلم أن تحمل عروستها اللعبة.
التضحية على طريقتك -صديقتي- انتحار، وليست تضحية؛ فأنت بَشَر، وطاقتك في الاحتمال بالتأكيد محدودة، وإذا ظللت تحتملين الضغط بمفردك؛ فسيحدث الانفجار الذي لا تُحمد عواقبة.. وساعتها لن ينكشف سرّكما فقط؛ بل ستخسرين زوجك وحياتك الزوجية بطريقة لم ترغبي فيها، وهي أن تَظهري بمظهر الفاضح ناكر الجميل.
وسرّ زوجك -صديقتي- من المؤكد أن أهله يعرفونه بالتخمين ومن غير كلام؛ فهم يعرفون أكثر منك أن ابنهم رجل، وكل رجل يحتاج للأطفال وقادر على إنجابهم لن ينتظر مشورتهم ولا حتى رأي زوجته، وسيُخيّرها بين الطلاق أو أن يتزوج عليها.. ومع ذلك تُصرّ أمّ الرجل على الكلام من باب "كلّم القبيحة تلهيك واللي فيها تجيبه فيك"؛ يعني لا تعطيك الفرصة لتكوني صاحبة فضل على ابنها؛ بل تتكلم من باب أن تصلي إلى ما وصلت إليه بالفعل، وهو الحيرة؛ فأنت المعتدى على حقك، المتهمة بالاعتداء على حق الآخر.
ابحثي صديقتي عن طريقة مع زوجك لقطع الألسنة عنك، ويكفيك ما أنت وزوجك فيه، وإن كنت أعتقد أنه ما دام قد حدث حمل مرة؛ فقد تستجيب مشكلتكما للعلاج، ويتمّ الإنجاب بالحقن المجهري، أو بأية طريقة يريدها الله تبارك وتعالى ويهديكما إليها.
لا بد من ردّ فعل من زوجك يحميك من الكلام، ويؤكد لك ولأهله أنه معك وليس عليك، وإن استحالَت الحيَل؛ فما عليكما إلا البعد في السكن أو البعد بالسفر، بعيداً عن أهلك وأهله؛ فهذه طريقة تريح النفس والأعصاب، وتسمح لأمر الله بالحدوث.
وهذا ما حدث صديقتي لأحد صديقاتي المقربات التي تزوجت في بيت عائلة، وكانت الحماة تنتظر زوجة ابنها كل يوم لتخبرها أن فلانة وَلدت، وبنت فلانة وَلدت، والعنزة في الغيط وَلدت، وقطة الجيران وَلدت؛ لتحرق دمها كلما رأتها.
وكانت المشكلة في ابنها؛ حيث السائل الذي تجري فيه الحيوانات المنوية للزوج كثيف ولزج؛ مما يُعيق حركة الحيوانات وسرعة وصولها لمكان البويضة، ونبّه الزوج على أمه ألا تضايق زوجته بكلام لا معنى له، وأفهمها مباشرة أنه لا عيب في أحدهما، وأنه لا ينقصهما إلا إرادة الله تبارك وتعالى في الإنجاب.
ولكن الأم لم تسكت؛ فسافر ابنها وزوجته إلى بلد بعيد للعمل والرزق، وهناك بعد أن هدأت نفس الزوجة وأصبحت في غير الحال العصبية التي كانت تلازمها، وبإرشادات الطبيب ألا تقوم من فراشها إلا بعد عدد معين من الساعات، تكون فيه في وضع معين ما أشار به عليها، حصل أمر الله، وكان لهم الولد دون فضائح، ودون كلام كثير.
اصبري صديقتي وأوحي إلى زوجك أن يأخذ موقفاً من أهله؛ حتى لو بإبعادك عنهم؛ حتى لا تصل كلماتهم إلى أذنيك فتؤذيك، واحتسبي أجر معروفك وأخلاقك الطيّبة عند ربك؛ لعله يمُنّ عليك في القريب العاجل بما يُسعدكما إن شاء الله.