السلام عليكم. أنا مخطوبة وخطيبي فيه صفات حلوة كتير؛ أهمها إنه محترم فعلاً، وكمان هو زوج صالح بمعنى الكلمة؛ لكن متردد جداً ومش بيعرف ياخد قرار، وبيبان إنه ضعيف جداً قدام أي مشكلة؛ حتى لو صغيرة، وده طبعاً قلقني جداً. كل اللي حواليّ بيقولوا لي إنه هيتعبني في الحياة، وأنا كمان حاسة بكده.. أنا محتارة دلوقتي مش عارفة أختار إيه؟ أنا باحسّ إنه نُصي التاني فعلاً؛ بس خايفة منه في المستقبل.
tamatem
كفاك الله شرّ الحيرة عزيزتي، ووفّقك إلى كل ما يحب ويرضى، وأدعو الله أن تجدي في كلامي ما يقنعك ويريح قلبك.
عزيزتي أعلم جيداً أن من أهم صفات الرجل أن يكون قوي الشخصية، يُعتمد عليه في المواقف الصعبة؛ لكن أيضاً الاحترام وحسن الأخلاق والتمسّك بالدين؛ هو الأهم والأبقى؛ فهو الأساس الذي تُبنى عليه الشخصية.
هناك صفات في الإنسان لا يمكن إصلاحها أو تغييرها؛ كالبخل، واعتياد الكذب، وعدم احترام رأي الآخر، ورفض الحوار، أو حب السيطرة، واعتياد الإهانة، ورفع اليد.. إلخ، وصفات أخرى يمكن أن تكون نتيجة تربية معينة أو مواقف في الحياة.. وإذا اعترف بها الشخص وحاول تغييرها ولجأ لمساعدة ذوي الخبرة؛ فإنها تتغير بإذن الله تعالى.
التردد بالنسبة لي شيء مدمّر للأعصاب والوقت والجهد؛ لكن ليس سبباً في أن تتركي نصفك الآخر كما ذكرتِ؛ لذا فكل ما أطلبه منك أن تصبري قليلاً وتتروّيْ في اتخاذ قرارك، ولا تتعاملي معه بشيء من الإحساس بالتفضّل أو الانتقاص من شأنه؛ فهذا جدير بعدم تحمّلك له.
أرى في البداية أن تتعرفي على أسلوب تنشئة خطيبك ومدى قوة صلته بالله عز وجل، وقوة إيمانه وثقته في أن الله لا يريد بنا إلا الخير، وأن علينا التوكّل عليه عزّ وجل والأخذ بالأسباب، وليس التواكل والرغبة في صنع أشياء ونيْل نجاحات ونحن مكتوفي الأيدي.
هناك بعض الناس مترددون لأنهم يشعرون أن القرار الذي يتّخذونه هو نهاية الكون، وأنه سبب السعادة والشقاء، وفي نفس الوقت يرفضون أي تحاور أو أي صوت آخر؛ فيزيدون تردداً وارتكاباً للأخطاء في اتخاذ القرارات.
تعرّفي على علاقة والديه به وعلاقته هو بهما، وهل هي علاقة طبيعية قوامها التفاهم والحوار بينه وبين والده؛ على وجه الخصوص؟ أم أنها طفولة صعبة، كانت تخضع للتحكم وحرمانه من تحمّل أية مسئولية؟ وهل هي علاقة ودّ واحترام، أم تحكم وسيطرة وزرع الضعف في نفسه؟
ماذا عن إخوته، وهل هم إناث أم ذكور؟ وما ترتيبه بينهم؟ هل نشأ نشأة الولد المدلل الذي يأمر فيُطاع أم ماذا؟
من هم أصدقاؤه؟ وهل هم من النماذج الناجحة، أم أنهم أيضاً لا يستطيعون اتخاذ القرارات الصحيحة؟ وما هي علاقته بالناجح منهم والفاشل أو الضعيف؟
ما هي طبيعة عمله؟ وهل هو عمل يعتمد على حسن الكلام واللباقة وقوة الشخصية مع من يتعامل معهم؟ أم أنه عمل روتيني لم يختره هو بنفسه؟
هل هو شخص يحترم الحوار والمشورة؟ أم أنه إنسان معتزّ بآرائه ولا يعترف بأخطائه حرصاً على صورته؟
ما هي الأشياء التي يحبها؟ وما هي أهم القرارات التي اتخذها في حياته؛ سواء كانت ناجحة أم غير ذلك؟ ومنذ متى بدأت مرحلة التردّد وعدم القدرة على اتخاذ القرارات؟
وأخيراً، ما هي طبيعة علاقته بك أنتِ؟ وكيف حدث التعارف بينكما؟ وهل كان اختياراً مشتركاً ناتجاً عن اقتناع؟ أم مجرد تعارف عائلي وأمر فُرض على كليكما في البداية؟
حاولي عزيزتي البحث عن الإجابات، واحرصي على أن تكوني المؤتمنة على كل أسراره، وستعرفين خلالها السبب الحقيقي لهذه المشكلة التي يعاني منها خطيبك، ولا تقولي له بشكل مباشر أن هذه المشكلة تجعلك تفكّرين في فَسخ الخطبة؛ حتى لا تكونين مصدر عدم ثقة وألم بالنسبة له.
استمعي إليه جيداً، واستشفّي من خلال حديثه أسباب تردده في كل موقف على حدة، وتشاوري معه فيها.
عزّزي من ثقته في نفسه وأجبريه بشكل غير مباشر على الاختيار حتى في أبسط الأشياء، وقولي له إن رأيه يهمّك، وعبّري له عن ذلك بعبارات الفخر والثناء.
وإذا لم يستطع الاختيار، قولي له: وماذا في هذا؟ كلنا نتعرض لهذا الموقف، لست وحدك، فقط الجأ لله بصلاة استخارة وأنت واثق أنه لا يريد بنا إلا الخير، واستخدم الورقة والقلم؛ اكتب المميزات والعيوب وستتوصل إلى أي الاختيارين أفضل بإذنه تعالى.
حاولي أن تستعيني بكتب علم النفس والاجتماع، وإذا لزم الأمر استشيري أخصائي تعديل سلوك؛ فنحن جميعاً في حاجة للجوء إليه مع هذه الضغوط النفسية والعصبية والاجتماعية التي نتعرض لها.
لا تستعجلي الأمور أو حتى إتمام الزواج السعيد -بإذن الله- إلا بعد أن تكوني متأكدة من أنه قد تغيّر للأفضل، حتى لا تحدث مشكلات أكبر؛ ولكن لا تقولي له أنك تؤخرين الزواج لهذا السبب؛ حتى لا تكسريه أمام نفسه.
أعلم أن الأمر قد يكون فوق احتمالك؛ ولكن صدّقيني، ستشعرين بسعادة غامرة حينما تكونين سبباً في إسعاد نصفك الآخر.. ولا تتوقعي أن يكون سعيداً بتردده هذا وعدم قدرته على اتخاذ القرارات؛ فهو رجل شرقي متدين؛ لكنه حتى الآن لم يضع يده على السبب الحقيقي للمشكلة؛ فكوني أنت بإذن الله تعالى عوناً وسنداً ودافعاً له.
وفّقكما الله لكل ما يحب ويرضى، وكفاكِ أنت كذلك شرّ الحيرة والتردد، وكان عونك في اتخاذ القرار الصحيح.