كتبت: سعاد أبو غازي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أنا عندي مشكلة، ومش عارفة آخد رأي حد فيها.. أنا كنت اتعرفت على شاب من النت، تقريباً من سنتين ونص، وكنا بنتكلم كل فترة على الموبايل، وطول السنتين دول كنا أصدقاء بمعنى الكلمة، كنا بنحكي لبعض عن كل حاجة، وعن قصة حب كل واحد فينا، وهو اللي قدر يطلّعني من اللي كنت فيه بعد ما قصة حبي فشلت، وهو الوحيد اللي كنت بالجأ له لما أكون متضايقة، وعمري ما حسيت ناحيته بأي حاجة؛ لأنه مش من النوع اللي كنت بافكر أرتبط بيه.
بعد السنتين دول اتقابلنا من شهر، وكنت فرحانة إني قابلته، وكنت عايزة أتكلم معاه كتير أوي.. بعد المقابلة دي بدأت أشكّ في نفسي إني باحسّ ناحيته بحاجة تانية غير الصداقة، وبقيت باكذّب نفسي وأقول: لأ؛ لكن من أسبوع بدأت أحسّ إني عايزة أكلّمه، وبعد المكالمة، حسيت إني عايزة أتكلم معاه على طول، وحسيت إني بحبه، وقبل ما أكلمه بابقى خايفة، ومجرد ما باسمع صوته بانسى الدنيا كلها.
أنا باقول إنه مش ممكن يفكر فيّ كحبيبة أبداً؛ لأني مش شبه البنت اللي كان بيحبها؛ هي لبسها على أحدث موضة وأنا حجابي كبير؛ يعني مش من البنات اللي حتى ممكن يفكّر فيها.
إحنا أصدقاء، وبنحترم بعض أوي، بيقول لي: أنا باتكلم معاكِ براحتي علشان عارف إنك مش هتزعلي مني.. ومرة حسيت بحاجة ناحيته؛ بس كانت بسيطة، وصارحته، وكنا لسه وقتها ماشفناش بعض؛ فقال لي أنا مرتاح لك وباحترمك جداً؛ بس يمكن لما أشوفك يحصل حاجة تانية.. ولما شفته أنا اللي حصل لي أنا الحاجة التانية دي.
نفسي أقول له؛ بس عارفة إنه ماينفعش، ويمكن يصدّني، وتاني حاجة -ودي الأهم- إني مش عايزة أخسر صداقته لأني ماشفتش صداقة كده في حياتي.
قولوا لي أعمل إيه أرجوكم.. شكراً لمجهودكم.
bambenoooo
الصداقة الحقيقية ليست مجرد حكي عبر الهاتف أو النت؛ بل هي علاقة حية تعترضها الأزمات وتختبرها مواقف الحياة المختلفة في الفرح والحزن على مسرح الحياة الفعلي، وليس عبر أسلاك النت والتليفون.
صديقتي العزيزة: في رسالتك أكثر من معنى وأكثر من موقف يحتاج منا للتوقف عنده ومحاولة فهمه..
بداية كانت لك علاقة بشاب قبل معرفتك بفتى النت هذا، هذه العلاقة ألقت بظلالها على علاقتك بالشاب الثاني؛ بمعنى أن فشلك في علاقتك السابقة جعلك تنخرطين بسرعة في علاقة مع فتى النت أسميتها أنت "صداقة"؛ في حين أنه لم يهتم كثيراً بوضع مسمى مناسب لها.. ولكن المهم هنا أنها قد تكون محاولة منك لتعويض ما فشلتِ فيه في السابق.
وهنا نأتي للجزء الثاني الذي أعتبره غاية في الأهمية، وهو اعترافك له بحبك ومشاعرك الطيبة تجاهه، دون أن تَريه حتى أو تعرفيه في غير شاشة النت، وهو ما يدعم وجهة نظري، أن هذا لم يكن صداقة من البداية؛ بل كانت مشاعر مختلفة أخذت عندك معنى الصداقة؛ في حين أنك تبحثين عن الحب في فتى النت.
ومع أنك قد ذكرت -بشكل واضح- أنه ليس من النوع الذي تريدين الارتباط به في المستقبل، وأنك لست من يرغب في الارتباط بها يوماً سوى عبر الاتصالات الهاتفية ولقاءات النت العابرة؛ إلا أنك صرحتِ له بعاطفة وحب، وكانت غلطة كبيرة منك.. وكانت النتيجة أنه اكتفى بعد اللقاء بأنه يرتاح لك ويحترمك؛ لكن لم يحدث له تلك "الحاجة" الأخرى التي قال عنها، وحدثت لك أنت، والتي لم تختلف كثيراً عن مشاعرك تجاهه قبل رؤيته.
علاقات النت في الغالب -من وجهة نظري- لا تجود بأكثر مما حدث؛ مجرد أحاديث وحكي غير مُجدٍ؛ بل على العكس تجعل الإنسان يعيش في وهم أنه في علاقة حب، وحقيقة الأمر تقول: إن أحد من الطرفين أو كليهما يحاول إضاعة الوقت وإذابة الحواجز بين الآخرين دون أن يُكلّفه ذلك إلا مجهود الكتابة على صفحة الشات، والردّ على الهاتف.
ولذلك إذا أردتِ رأيي حقاً؛ فعليك أن تُنهي هذه العلاقة مع هذا الشاب؛ لأن عامين ونصف مدة كافية لتجعل الحب يولد ويكبر لديه؛ وإذا كان هذا قد حدث، فما كان ليتردد عن التصريح به لكِ، حتى تأخذ علاقتكما شكلاً آخر مختلفاً عن هذا الشكل.. ولذلك ليس عليك التصريح اليوم أو غداً، وليس عليك توقّع ردّ فعل مغاير لما تتمنينه؛ لأنه لو كان هناك ردّ فعل من الأصل لم يكن لينتظرك للبدء بالبوح به.
أما بخصوص الصداقة التي تريدين الحفاظ عليها وعدم خسارتها معه؛ فقد اتفقنا أنها نوع بدائي من الصداقة، صداقة لا تختبرها أزمات ولا مشكلات، صداقة وهمية غير حقيقية، صداقة نسجتها أوهامك لأنك وجدت أذناً تسمعك؛ ولكن بأية نية كانت تسمعك، ولأي غرض؟ لا تعرفين.. وماذا يريد هو من هذه العلاقة، وما مستقبلها؟ أنت أيضاً لا تعرفين.. وهل إذا ظهرَتْ في الأفق فتاة أخرى بنفس الطريقة عبر النت أو عبر طريقة أخرى؛ هل سيبتعد ويفضّل الانسحاب، أم سيبقى على علاقتكما تحت مسمى الصداقة؟ أنت كذلك لا تعرفين.
ولذلك أنصحك بما يقوله المثل الفرنسي "انسحاب جيّد، خير من اتفاق سيئ"، ليظلّ الأمل لديك في الحصول على علاقة حب ناجحة فيها ما تتمنين، دون لَغَط وتعقيد؛ فأمام القلب الشجاع يا صديقتي ليس هناك مستحيل.
ويبقى أن أقول لك ما قرأته يوماً للكاتب الراحل "عبد الوهاب مطاوع": "في الحب والحياة ينبغي أن يتعلم الإنسان أن يقول وداعاً في الوقت المناسب، وأن يتذكر دائماً أن لكل شيئاً نهاية؛ فلا يحاول عرقلة ستار الختام عن أن ينزل في موعده، ولا يعرّض نفسه للهوان بالتشبّث بالأستار؛ محاولاً تأخير إسدالها".