عايزاكم تساعدوني في مشكلتي عشان هي سبب حيرتي وتعاستي في الدنيا أنا بحب الناس من حواليّ تكون مهتمة بيّ لوحدي وخلاص، مش عارفة ليه، يا ترى ده مرض نفسي ولا إيه؟ يعني مثلا لما باكون مع حد مش بحب يكون مهتم بحد تاني خالص غيري، ولما بيكلمه أو بيهزر معاه باغير جدا ولما مثلا أكون مع حبيبي مش بحب يكلم حد غيري أو حتى إخواتي أنا وحتى زمايلي اللي في الكلية سواء صبيان ولا بنات أحب أكون أنا بس موضع اهتمامهم، أو إنهم يتكلموا أو يهزروا معايا أنا بس، مش عارفة ليه كده، يا ترى شايفين إني أروح لدكتور نفسي ولا دي مرحلة وهتعدي؟ eg.
صديقتي العزيزة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: أجمل ما في المرء قدرته على تفحص الذات واكتشاف العيوب فهذه هي أول خطوة لإصلاح عيوبنا وتطوير شخصياتنا.. ما ذكرته يعدّ سمة من سمات الشخصية النرجسية حينما يكون الإنسان مشغولاً بذاته أكثر من أي شيء آخر ويرى أنه لابد أن يكون هو محور اهتمام الآخرين طوال الوقت، إنه شخص متمركز حول ذاته. وحقيقة ما ذكرته لا يصل بنا إلى اضطراب الشخصية النرجسي الذي يحتاج إلى مراجعة الطبيب النفسي؛ لأن تشخيص اضطراب الشخصية النرجسي يحتوى على العديد من الأعراض الأخرى مثل: الانشغال المفرط بخيالات النجاح والتفوق والتميز والحب المثالي والذكاء والجمال، واعتقاد الشخص ويقينه بأنه شخص متميز ولا يتعامل معه ولا يفهمه إلا أنواع معينة من البشر لذلك فهو يحتقر الآخرين دائماً ويسخر منهم وكذلك يغار من الآخرين، ولكنه يرى الآخرين هم الذين يغارون منه.. استغلال الآخرين والتعامل معهم من أجل المصلحة فقط.. الغطرسة والكبرياء في الحوار مع الآخرين والتعرض لنوبات الاكتئاب والحزن، إذا اجتمعت هذه الصفات لديك فأنت بحاجة إلى علاج نفسي، أما إذا كانت مشكلتك فقط تنحصر في رغبتك في جذب أنظار الآخرين وأن تكوني محور اهتمام الآخرين ولا تودين أن يحظى أحد سواك بذلك وغيرتك المفرطة على حبيبك التي تشير إلى حب التملك فأنت تعانين من حالة طفيفة من الاضطراب النرجسي..
لكن ما السبب وراء هذا الاضطراب وكيف تتغلبين عليه؟ السبب يكمن غالباً في أسلوب التربية من الطفولة في بعض تصرفات الأهل وخاصة:
- عدم الثبات والإفراط في التعليق على سلوك الطفل بالسلب أو الإيجاب، فالمدح على تصرفاته المحمودة يكون مبالغاً فيه والنقد على التصرفات السيئة يكون لاذعاً.
- الإساءة للطفل والإيذاء البدني أو النفسي بحيث يجعل الطفل دائم البحث عن التقدير والإعجاب من الآخرين.
- أن يكون أحد الوالدين غير متوازن من الناحية النفسية ويتسم بالأنانية مما يؤدي إلى اضطراب نمو العلاقة بالآخر نتيجة الفشل في بناء علاقة سوية بين الطفل والأهل مما يجعل الطفل دائم الشعور بأنه غير مرغوب فيه، فيحتاج إلى سماع كلمات التقدير والإعجاب؛ لأن تقديره لذاته مشوش ولم يتم تعميقه منذ الطفولة فيحتاج لدفعات مستمرة ومتزايدة دائماً من كلمات المدح ليستطيع مواصلة الحياة وألا يصاب بالاكتئاب والإحباط.
والآن ماذا تفعلين؟ عليك أن تفهمي ذاتك ودوافعك لهذا السلوك.. ثم إن عليك أن تدركي أن الآخرين بحاجة هم أيضاً إلى التقدير وإثبات ذواتهم، فابدئي بتدريب نفسك على الاهتمام بمن تريدين أن يهتم بك.
دربي نفسك على فهم احتياجات الآخرين والإصغاء لهم حتى ولو ضايقك هذا الشعور وثقل عليك؛ لأن مهارة الإصغاء وفهم احتياجات الآخرين تعنى أنك تسعين لتكوين علاقة حقيقية بالآخر، علاقة تبادلية ناضجة تحمل معنى الأخذ والعطاء وحب الذات أحيانا والإيثار في أوقات أخرى....
ابدئي في تدريب نفسك على أن تغيري هدفك في التعامل مع الآخرين ودوّني ذلك كتابة فاجعلي هدفك النجاح في عمل علاقات حقيقية تنطوي على معنى الحب والإنسانية والإحساس بالآخرين والمسئولية تجاههم والتعاون ومعرفة ما يحبون وإعطائه لهم، حتى تتدرجي إلى ما هو أكثر من ذلك وهو العطاء أحيانا بدون مقابل (معنوي طبعاً) وفي كل مرة تلتقين فيها بالآخرين دوّني سلوكك وكم كنت حريصة على الاهتمام بالآخرين واحرصي على تدوين ردود أفعالهم تجاه اهتمامك بهم واحرصي على رصد مشاعرك أنت وأنت تلعبين هذا الدور الجديد ودوّنيها... واحتفظي بما تدونين ولاحظي قدرتك على التغيير الذي قد يحتاج إلى عدة أشهر فعليك بالتدوين مع كتابة تاريخ اليوم دائماً..
لا شك أنك قد تجدين صعوبة في بادئ الأمر في تنفيذ هذا الدور لكن فكري في أن هذا السلوك الجديد سيجعلك تتمتعين بمشاعر الحب الحقيقية مع الآخرين وليست تلك المشاعر المزيفة التي لا تفيد شيئاً سوى تسكين الصراعات النفسية القديمة، وما وصفته لك هو خلاصة ما نفعله في جلسات العلاج المعرفي السلوكي لتغيير المفاهيم والسلوك من أجل تطوير الذات وخلق سبل أفضل للتعايش والتكيف. وفقك الله..