قبل أن نطالب من حولنا بمنحنا الحب، فلنمنحه لذاتنا، فالنظرة التى يكونها الإنسان عن نفسه تنعكس على من حوله، فعندما يتمتع الإنسان بالتصالح مع ذاته، والرضا عن نفسه، وكذلك الاهتمام بحقوقه وشعوره بحب نفسه كما هو.. فمن المؤكد أنه سيرى المثل فى عيون من حوله تجاهه.. فحب نفسك لأنه الطريق الأقصر للوصول للسعادة بدلا من وضع مفاتيح سعادتك فى أيدى الآخرين. نصيحة علم النفس: العديد من الدراسات تؤكد أن أكبر نسبة من الناس الأكثر ميلا للانتحار أو حتى الاكتئاب هم ممن ينقصهم التقدير لذاتهم والثقة فى أنفسهم، بل الأكثر ميلا لتأنيب أنفسهم لرغبتهم فى المثالية المطلقة، هذا ما تؤكده الدكتورة جوزيت عبدالله أستاذ علم النفس بالجامعة الأمريكية وتقول: قد يكون الإنسان سعيدا وراضيا عن نفسه بغض النظر عن إذا كان هذا الإنسان غير جميل أو غنى وعلى النقيض قد تجد إنسانا كامل الأوصاف، لكنه غير راض ودائم الشكوى وتنعدم ثقته بنفسه وبإمكانياته، وغالبا ما يلقى باللوم على من حوله كالزوجة التى تشتكى من عدم رد جميل أولادها لها بعدما أفنت حياتها فى خدمتهم، أو تنازلت عن عملها أو طموحها لأجل زوجها مثلا، مثل هذه الشخصية فى الغالب تخطئ فى حق نفسها وتنتظر من الآخرين إعطاءها هذا الحق، فكيف تنسى هى حقها على نفسها وتطالب الغير بعكس ذلك؟! فالتوازن مطلوب حتى فى العطاء، فعندما يحمل الإنسان نفسه فوق طاقته فهو يخطئ فى حق نفسه، ثم يصب غضبه المكتوم على من حوله إذا لم يقدروا ذلك. وتضيف الدكتورة جوزيت: بالطبع أنا مع العطاء والتفانى فى إسعاد الإنسان لأسرته، لكن على الإنسان قبل ذلك أن يدرك واجبه نحو نفسه، فمن خبرتى مع كثيرات من المرضى النفسيين الذين يترددون علىّ أدرك أن الإنسان هو الذى يفرط فى حق نفسه أولا فى الغالب أو ينظر لنفسه بطريقة فيها دونية منذ البداية، وهى التى تؤدى للتعامل معه بهذا الأسلوب من المحيطين به، وهنا يأتى دور الوالدين فى تكوين صورة الطفل لنفسه منذ البدايات الأولى فى عمره فلا يشعرونه بأنه ينقص عن زملائه فى شىء إذا كان يعانى من أى سبب لذلك، بسبب شكله أو تكوينه الجسمانى مثلا، أو بسبب عدم تفوقه فنجد بعض الآباء يطلقون على أولادهم أسماء تدعو للضحك، فهم بذلك قبل أن يسيئوا للطفل أمام المحيطين يسيئون للطفل أمام نفسه، وينشأ عنده الإحساس بالدونية وقلة الثقة والتقدير لذاته. ومع ذلك فإن أمر تعويد الإنسان على غير ذلك فى سن متقدمة ليس بالمستحيل، فالتأهيل النفسى لمن يعانون من هذا الإحساس موجود، المهم الإصرار والعمل على ذلك. ويستطيع أى إنسان أن يحب ذاته بمعرفة حقوقه على من حوله والمطالبة بها وعدم تحميل النفس أكثر مما تتحمل، وقد تكون أشياء بسيطة يستطيع الإنسان عملها لنفسه تدخل عليه السعادة والرضا. كيف تحب نفسك؟! أولا: اعرف نفسك جيدا فأنت الوحيد القادر على ذلك، ففى كتاب «كيف تتخلص من تصرفاتك السلبية وتقيم علاقات ناجحة مع الآخرين» ليوسف الأقصرى يقول: راقب نفسك وكن صادقا وتعامل بإيجابية مع عيوبك ولا تيأس من إصلاح نفسك واعلم أن الموارد الخارجية لا تصنع حياتك، وإنما يصنعه ما بداخلك من قدرات، وتحلّ بالشجاعة لتواجه نفسك وتواجه غيرك بما يستفزك». ثانيا: اقتطع وقتا خاصا بك افعل به ما تشاء ويرضيك ولو 10 دقائق يوميا، ارسم، ارقص، مارس أى هواية تحبها ولاشك أن الرياضة لها حجم لا يستهان به فى الصحة النفسية فاختر رياضة تحبها ومارسها ودلل نفسك فقد يكون مشوارا للكوافير أو السينما قد يحدث فرقا فى حالتك النفسية. ثالثا: حافظ على صحتك البدنية والنفسية كمحافظتك على ابنك، فلا تهمل زيارة الطبيب إذا احتجت أو خبيرا أو مستشارا نفسيا إذا تطلب الأمر. رابعا: عدم الحد من قدراتك أو الاستهانة بها، فإذا كنت غير مؤمن بنفسك فلا تنتظر ذلك من شخص آخر، ففى حديث ل «أوبرا وينفرى» قالت: أعظم اكتشافات هذا القرن هو معرفتنا بأن الإنسان يستطيع تغيير مستقبله بمجرد تغيير اعتقاداته، فإذا آمن الشخص بنفسه ورغب فى تحقيق شىء واعتقد فيه سيستطيع لا محالة. خامسا: لا تقسُ على نفسك بتأنيب نفسك أكثر مما تستحق على خطأ لم تكن تتعمده واعلم فى ذاته. فى كتاب «الكنز» لماجدة المفتى كتبت قائلة: إن الكاتب الهندى ديباك شوبرا يؤكد أن كل إنسان يولد على ظهر الأرض يولد بقدرة أو مهارة أو موهبة خاصة تميزه حتى لو كانت هذه المهارة ليست شديدة الأهمية، فيجب على كل إنسان اكتشاف هذه المهارة ليتناغم مع الطبيعة. وكلى أمل عزيزى القارئ فى عيد الحب أن ترفع معى شعار «حب نفسك» حتى يحبك الآخرون، وتختار ما تملأ به خزانتك من مشاعر إيجابية نحو نفسك والآخرين، ففاقد الشىء لا يعطيه.