استكمالاً لتخليد ذكرى أبطال أكتوبر؛ نلتقي اليوم مع أحد الأبطال الذين تخطّوا جراحهم، وتركوا دماءهم تنزف في سبيل الأخذ بالثأر، واستعادة الأرض والكرامة، فكما لم يأبه العقيد "محمد الزرد" -الذي تناولنا قصته في الحلقة الماضية- بأحشائه التي خرجت منه، وواصل قتال القوة الإسرائيلة التي كانت متحصّنة داخل إحدى نقاط خط بارليف الحصينة، وسيطر على هذه النقطة تماماً، لم يأبه أيضاً بطل حلقتنا اليوم بجراحه هو الآخر... نلتقي اليوم مع البطل الذي أسر "عساف ياجوري" أشهر أسير إسرائيلي في حرب أكتوبر على أرض المعركة على الرغم مِن إصابته، كما سبق له الاشتراك مع أسرة التشكيل في حرب الاستنزاف في أسر أوّل ضابط إسرائيلي واسمه "دان أفيدان شمعون".
حين عَبَرَ العميد "يسري عمارة" -وكان وقت الحرب برتبة نقيب- يوم السادس من أكتوبر قناة السويس ضمن الفرقة الثانية مشاة بالجيش الثاني تحت قيادة العميد "حسن أبو سعدة"، وكانت الفرقة تدمّر كل شيء أمامها من أجل تحقيق النصر واسترداد الأرض.
وأثناء تحرّك القوة، أحسّ النقيب "يسري عمارة" برعشة في يده اليسرى؛ فنظر فوجد دماء غزيرة على ملابسه، واكتشف أنه أصيب دون أن يشعر، وتم إيقاف المركبة، والتفت حوله فوجد جندياً إسرائيلياً، وفي بسالة نادرة قفز نحوه النقيب "يسري"، وجرى باتجاهه بلا أي مبالاة، بالرغم من أنه حتى لو كان الجندي الإسرائيلي أطلق طلقة عشوائية لكان قتله بلا شك، ولكن بسالة النقيب "يسري" أصابت الجندي الإسرائيلي بالذعر، ووصل إليه النقيب "يسري"، وفي لحظة كان قد أخرج خزينة البندقية الآلية وهي مملوءة بالرصاص، وضربه بشدّة على رأسه فسقط على الأرض، وسقط النقيب "يسري عمارة" بجانبه من شدّة الإعياء.
وعقب إفاقته واصلت الفرقة التقدُّم، وكان جرح النقيب "يسري" قد امتلأ بالرمال، وتورّمت يده اليسرى، وعند طريق "شرق الفردان" لاحظ النقيب "يسري" مجموعة من الجنود الإسرائيليين يختبئون خلف طريق الإسفلت، ووجد أحدهم وهو يستعد لإطلاق النار فتمّ التعامل معه، وأجبروا على الاستسلام، وكانوا أربعة، وتمّ تجريدهم من السلاح، وعرّف أحدهم نفسه بأنه قائد، فتمّ تجريده من سلاحه ومعاملته باحترام وفق التعليمات المشددة بضرورة معاملة أي أسير معاملة حسنة ما دام لا يُقاوم، وتمّ تسليم هذا القائد مع أوّل ضوء يوم 9 أكتوبر، وكان هذا القائد هو العقيد "عساف ياجوري" قائد اللواء 190 مدرع.
وقد أصدر قائد الفرقة تحية لأبطال الفرقة الثانية مشاة، حيا فيها النقيب الجريح "يسري عمارة"، ومجموعته التي أسرت قائد اللواء الإسرائيلي 190 مدرع.
فهكذا كان أكتوبر ملحمة من التضحية والفداء من أجل الأرض والوطن، وفي الغد نلتقي مع عميل مصري قدَّم كل ما يملك من أجل مصر، وقد خُلّدت ذكراه في عمل درامي حاز إعجاب الجماهير، وهو الشهيد "عمرو طلبة" الشهير ب"العميل 1001".. فتابعونا.. شكر واجب لموقع المؤرخ الذي استقينا منه هذه المادة.