السلام عليكم ورحمة الله.. بداية أنا اتعرفت على واحد من خمس سنين، كان أول حب في حياتي، ومريت معاه بظروف وحشة، وسبنا بعض، ورجعنا اتخطبنا؛ بس رجع باعني بعد ما ضحيت عشانه بكل حاجة، وخسرت ناس كتير عشانه، وأهانّي إهانة مالهاش حدود، وكل تنازلاتي وتضحياتي ما كانش ليها أي معنى عنده. المهم خدت وقتي وتعبت واستحملت، والحمد لله ربنا رايد خير، ونسيت إني كنت بحبه أو دفنت إحساسي ده جوايا وخلاص.
فِضِلت فترة كل اللي يتقدم لي أرفضه من غير سبب، ومؤخراً صاحب أخويا فاتحني إنه عاوز يرتبط بيّ.. في البداية أنا رفضت، وقلت لأ، وبعدين رجع يكلمني تاني، وفي نفس الوقت اتعرفت على شاب من النت وفاتحني إنه عاوز يتقدم لي ويرتبط بيّ.
أنا كنت باقول على التاني إن ده كلام نت ومش جد وهيلعب؛ بس فيه ليّ واحد صديقي عايش معاه في نفس البلد، راح قابله لما حكيت له عليه، وشافه وعرف أهله وسأل عنهم، وقال لي إنه جَد جداً وأهله ناس كويسين جداً، وشغله محترم.
المشكلة إن الموضوعين مفتوحين مع بعض؛ لدرجة إني بقيت أحسّ إني وحشة كأني من البنات اللي بيعلقوا كذا شاب، ويعرفوا كذا واحد؛ برغم إني والله ما اقصدش كده أبداً، وأي واحد فيهم بيطلب مني ردّ وباقول له لسه، باكون بافكر، ومش عايزة أقول كلمة أنا مش قدّها.
الاتنين ناس كويسين ومحترمين وأهلهم كويسين، وتقريباً شَبَه بعض شوية في الطباع، وأنا باحترمهم وباعزّهم الاتنين.
بس أنا حاسة إني تايهة ومش عارفة آخد قرار.. أصحابي بيقولوا لي خدي صاحب أخوكِ لأنه الأقرب لك ومن بلدك ومش هتبعدي عن أهلك، وكمان أنا وهو أصحاب جداً وبينّا عِشرة كبيرة.. وصديقي -اللي من البلد التاني- بيقول لي إن الولد التاني محترم وكويس وبيحبني بجد، وأنا فعلاً ما شفتش منه غير كل احترام.
أنا مرعوبة ومحتارة وخايفة أظلم حد أو أظلم نفسي؛ لأن التجربة الأولى سابت لي خوف من أي تجربة تانية.
Mer made
كما قال الكاتب الكبير إحسان عبد القدوس "في حياة كل منا وهْم كبير اسمه الحب الأول".. إنه ذلك الحب الذي يبدأ بشوق ولهفة، ويُخرِج فيه المرء كل مشاعره الطفولية البريئة، ويصبح على استعداد للتضحية بكل نفيس وغالٍ من أجل حبيبه، وغالباً ما ينتهي بجُرحٍ غائر وألم عميق؛ ليس لأنه الأصعب؛ بل لأنه الأول.. وكلما كان المرء صادقاً في حبه، كلما طالت فترة النسيان ومحاولة البدء من جديد.
وعلى الرغم من شدة وقسوة التجربة؛ فإنها ضرورية؛ إذ إن ذكراها الخالدة في قلوبنا هي ما يجعلنا أكثر حذراً وتعقّلاً عند الخوض في أية تجربة جديدة.
فهذا الشاب الذي كان أول حب في حياتِك، والذي ضحّيتِ لأجله بالكثير وخسرتِ الكثيرين بسببه، لم تجدي منه سوى الغدر والإهانة. وقد فعلتِ خيراً حين قررتِ نسيانه والمُضِيّ قُدماً في حياتك، وقد كانت الفترة (حين كنتِ ترفضين خُطّابَكِ دون سبب) هي فترة النقاهة، وقد أصبحتِ أكثر نضجاً وأصوب رأياً، ومن ثَمّ فأنتِ الآن على استعداد لخوض تجربة جديدة مع شخص يُحبكِ ويحترمكِ ويقدّركِ؛ لذا فلا داعي للخوف من خوض هذه التجربة؛ فهى إن انتهت بجرح فإنكِ بالطبع لن تقبلي تكرار تجرُبتك السابقة، وستكونين أكثر حذراً وأقلّ اندفاعاً؛ لكن إن انتهت بفرح فستكسبين السعادة والهناء إن شاء الله.
أما بالنسبة لحيرتِك بين صديق أخيكِ، والشاب الذي تعرّفتِ عليه عن طريق النت؛ فشاب النت أنتِ لا تعلمين عنه سوى الكثير من الأشياء الجيدة التي أخبركِ هو نفسه بها، أو أخبركِ بها صديقكِ الذي يعيش معه في نفس البلد والذي يرى أنه "محترم وكويس ويحبك بجد"، والسؤال هنا إلى أي مدى تثقين بهذا الكلام؟ هل لدرجة سفرِك وتغرّبِك عن أهلك والارتباط بشخص لم تتعاملي معه على أرض الواقع من قبل؟
عزيزتي.. هناك فرق هائل بين الإنصات إلى شخص يتحدث عن نفسه، وبين ملاحظته أثناء تعامله مع الآخرين؛ فهو حين يتحدث عن نفسه يكون رائعاً مثالياً؛ لكن مواقفه وتعاملاته مع الآخرين هي ما يُثبت صحة أو بطلان أقواله.
أما صديق أخيكِ فهو -كما تقول صديقاتك- أقرب إليكِ؛ من بلدك، وستمكثين معه وسط أهلِك وأصدقائك، والأهم أنكما أصدقاء؛ أي أنكِ تعلمين ميزاته وعيوبه، نقاط ضعفه ومراكز قوته.. وأعتقد أنكِ قد حسمتِ الأمر عند قولكِ بأن بينكما عِشرة كبيرة؛ أي أنكِ تعاملتِ معه على أرض الواقع، ولاحظتِ تعاملاته مع الآخرين وليس معكِ فقط. وبحكم الصداقة التي تربطكما؛ فأنتِ بالفعل معتادة عليه وعلى خُلُقِه وتصرّفاتِه وأهله وأصدقائه.
أخيراً، القرار قرارُكِ وحدكِ؛ لكن أوصيكِ بالسرعة وليس التعجّل في اتخاذ القرار؛ حتى لا تفقِدي كليهما.