أنا عندي مشكلة هي (الحجاب) ربنا يسامحني على كلامي ده، وحضراتكم كمان تعذروني.. أنا عندي 18 سنة اتحجبت من 4 سنين لما لقيت صحابي كلهم اتحجبوا قلت أعمل زيهم وخلاص، وفي الوقت ده كنت قصيت شعري بنفسي، وكان شكله وحش فقررت إني أتحجب، ولما يطول تاني يحلها ربنا، بس ما عملتش زي معظم البنات اللي اتحجبوا عن اقتناع.. دلوقتي أنا في أولى جامعة لما حبيت أخلع حجابي ده خفت أوي لسببين: ربنا مش هيسامحني وهيغضب عليّ، والناس مش هتبطل كلام عليّ، وكتير هيشوفوني وحشة ومش كويسة، مع إني غير كده ولبسي محترم وماليش اختلاط بولاد كتير يعني تقريبا في حالي.. ساعات باقول لنفسي الدنيا مش مستاهلة إني أغضب ربنا وباقعد أعيّط وأصلّي.. لدرجة إني حلمت بالرسول -عليه الصلاة والسلام- وكان زعلان مني أوي؛ عشان بافكر إني أقلع الحجاب، وحلمت تاني بداعية إسلامي قال لي إوعي تفكري في حاجة زي دي تاني، وكل مرة بازعل أوي من نفسي أنا إزاي فكرت في كده، وإزاي أغضب ربنا، وأقرر إني خلاص هافضل محجبة.. بس أنا تعبت مش عايزة أكون محجبة دلوقتي، وساعات باقول لنفسي أخلاق البنت مش بحجابها زي ما كل الناس فاكرة، ونفسي أتحجب عن اقتناع فعلا، وألبس لبس بنت محجبة مسلمة (بس لما أكون حابّة ده) مش زي ما معظم البنات بتعمل دلوقتي يعني مغطيين شعرهم ولابسين ضيق، أنا باشوف إن الحجاب دلوقتي موضة مش أكتر عند 3/ 4 البنات.. أنا مش عارفة أعمل إيه حاسة إني مش واخدة ثوابه، وفي نفس الوقت خايفة أقلعه علشان أنا مش ضامنة عمري، وكمان كلام الناس صعب أوي.. ربنا بعت لي إنذار أكتر من مرة بس مش قادرة!!.. أنا أمي مؤمنة أوي قالت لي أنا موافقة إنك تخلعي حجابك بس ضميرك هيأنبك ومش هتقدري تستحملي.. أنا تعبت مش عارفة أعمل إيه، نفسي حد يساعدني بجد. jas.hanem
لن أقول لك إن هذه الأفكار التي تعانين منها وتشتتك من وساوس الشيطان الذي يريد أن يفسد عليك طاعة من الطاعات تقربك إن شاء الله من المولى عز وجل؛ فهو الوسواس الخناس الذي قال لله تعالى: {قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم، ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين} [الأعراف: 1-17] يعني لن يوسوس للمنحلّين ولا غير الملتزمين لأنهم معه بالفعل، لكنه سيضع هدفه الملتزمين دينياً، وسيحاول أن يثنيهم بأي شكل عما يسّره لهم الله من طاعات، ويعتبر إثارة الشك في نفس الإنسان ومحاولة إقناعه أن الله تعالى لن يتقبل منه عمله من أقوى الوسائل التي يستخدمها الشيطان في بلبلة الانسان، فهو يحاول إقناعه أن ما يفعله من سيطرة على شهواته والتنازل عن بعض ما ترغب فيه نفسه الإنسانية للامتثال لأمر من أوامر الله سيذهب هباء، ولن يمنح الله تعالى الثواب لصاحبه؛ لمجرد أنه يفعله بصعوبة أو يجد مشقة فيه. لكني لن أقول لك اجعلي هدفك هزيمة الشيطان وثقي في رحمة الله وحسن ثوابه وعلمه بضعفنا الإنساني، لكني أريدك فقط أن تتعاملي مع حجابك بمنطق نفعي بحت، فاجلسي مع نفسك جلسة صدق وحددي مزايا وفوائد الحجاب من وجهة نظرك، ومن ناحية أخرى عيوبه والتي تجعلك ترفضينه. كنت أتمنى أن تقولي لي لماذا ترفضينه، ولكن لأني بنت مثلك وارتديت الحجاب مبكراً مثلك، وكنت مجبرة على ارتدائه في المدرسة مثل زميلاتي وإلا تعرضت لكلمات سخرية لاذعة خاصة من الأساتذة؛ ربما لأني كنت في مدرسة مشتركة فكنت خوفاً وضيقاً بهذه الكلمات أرتديه في المدرسة وأتركه خارجها، إلى أن قررت من نفسي ارتداءه دائماً حتى في المنزل، عندما يأتي ضيف أو قريب لي من غير المحارم. ولهذا فأنا أدرك إلى حد ما تفكير البنات، سواء المحجبات عن اقتناع أو كما ذكرت اللاتي يعتبرنه مجرد "موضة"، كما أعلم أيضاً وجهة نظر بعض من لا يرتدينه سواء منهن من لا يقتنعن بأنه فرض، ومن يقتنعن بأنه فرض لكن لا يستطعن تنفيذ هذا الفرض. وحالة غير المقتنعات بفرض الحجاب لن نتحدث عنها؛ أولاً لأن هذا ليس موضوعنا ولا مجالنا، وثانياً لأنه واضح أنك مقتنعة بأنه فرض من رب العباد على من اخترن الله رباً والإسلام ديناً عن اقتناع وإيمان بأن كل أوامر الله خير. فتعاليْ معاً نرصد بعض الأسباب التي تجعلك ترفضين الحجاب: أولاً: أنه من الممكن أن يسبب الشعور بالحر، لكن أليس فردك لشعرك خاصة لو كان جميلاً يشعرك بالحر أيضًا، فتضطرين لجمعه، ولا تفرحين به، في حين أن ارتداء حجاب من القطن بلون فاتح يعكس الأشعة؛ سيقلل من شعورك بالحر على عكس لون الشعر، والذي غالباً ما سيكون غامقاً كما هي السمة العامة في المصريات مما يجعله يمتص أشعة الشمس، ويشعرك بالمزيد من الحرارة؟ ثانياً: الرغبة في أن تكوني جميلة وبالتالي تكتسبين المزيد من الثقة في النفس، وأقول لك نعم إن البنت بإخفائها شعرها تفقد بعض جمالها فهو تاجها، لكن من قال إن الثقة بالنفس تأتي من شعورك بجمالك فقط، أليس إنجازك يسبّب ثقتك بنفسك، أليست قدرتك على اتخاذ قرار صائب تجعلك أكثر ثقة بنفسك؟ أليس شعورك بأنك تنفذين أمر لله تعالى يزيد من ثقتك بنفسك. ولكني أيضاً لن أستطيع أن أصادر على رغبتك في أن تكوني جميلة، لكني أقول لك إنك تستطيعين أن تكوني جميلة جدا باختيار الألوان المناسبة لحجابك، فبالتأكيد لاحظت أنك بحجابك زاد اهتمامك ببشرتك ونقائها وبوزنك ومثاليته، وباختيارك للألوان والملابس المشرقة على عكس ما كان يحدث عندما كنت غير محجبة، فكان همك الأول والأخير هو شعرك، ومحاولة وضع الكريمات التي تحميه من الشمس ومن المجفف الساخن حتى يظل في شكل جيد أطول وقت ممكن، ويصمد أمام عوامل الجو المختلفة... وكل هذا أنت غير مضطرة له على الاطلاق بحجابك، فيكفي تمشيطه بشكل جيد صباحاً وعند عودتك من الجامعة، ثم مرة أخرى قبل نومك ليتخلله الهواء. ثالثاً: تقولين إنك تخافين أن تكوني مثل الفتيات اللاتي يرتدينه ك"موضة" ولكني أقول لك: ولم لا تعتبرينها خطوة قد تؤدي بهم للمزيد من الطاعة ومن الالتزام؟ كما أقول لك إن الملابس المتاحة في الأسواق المصرية لم تخصص للبنت المحجبة والتي حصروا ملابسها في العباءات، وهي لا تلقى القبول كثيراً، كما أنها غير عملية لذلك أوجِدي لهن أو على الأقل لنسبة منهن العذر في عدم استطاعتهن توفير الملابس المناسبة للحجاب. رابعاً: تقولين إنك لا تشعرين بثوابه؛ لأن ارتداءك له خوفاً من كلام الناس عنك، وأعتقد أنك تظنين أنك تدخلين في باب المنافقين الذين قال الله تعالى عنهم إنهم في الدرك الأسفل من النار، لكني أقول لك إنك أبعد ما تكونين عنه؛ فأنت لا تخفين شعرك للرغبة في عمل الحرام، ولست مثل التي تخفي وجهها خوفاً من أن يعرفها أحد وهي تدخل الشقة مع إنسان غريب!. كما أنه إذا كان العمل من أجل الناس رياء، فإن ترك العمل الصالح مخافة الرياء هو شرك؛ لأنك في هذه الحالة تكونين قد عصيت الله خوفا من ظن الناس بك، فكأنك أشركتِهم مع الله في عبادتك... لستِ من هذا النوع، فلا تخافي، بالعكس؛ فحالة درء الشبهات هي الأنسب في حالتك فأنت تخافين أن يظن الناس فيك السوء، وهذا ما سيظنونه فعلاً إذا خلعت الحجاب فلماذا تسببين لنفسك شبهة أنت بعيدة عنها، فاجعلي خوفك من الناس خوفا محموداً ورغبة في تجنب الشبهات. وفي النهاية لا يسعني إلا أن أقول لك لا تبخلي على نفسك بثواب حجابك، ولا تفرطي في حب الله تعالى لك، والذي هداك إليه، ثبتك الله وأعانك ووفقك لما فيه الخير.