أنا باشكركم جدا على كل ردودكم الجميلة المقنعة على كل الناس عشان كده فكرت إنكم تحلوا لي مشكلتي عشان أنا زهقت واتخنقت من نفسي. أنا عندي 18 سنة وفي أول سنة في الكلية دايما باحس إني ماعنديش شخصية خالص. مثلا في البيت شخصيتي تقريبا شبه ملغية يعني ماحدش بيسمع كلامي خالص من إخواتي مع إني أكبرهم. يعني أختي الأصغر مني والله على طول حاسة إن عندها شخصية عني. ما باعرفش أدي لأي حد رأيي في أي حاجة يعني لو ماما فكرت تاخد رأيي في حاجة معينة باقول لها: "مش عارفة براحتك" ولو بنت من أصحابي عندها مشكلة وبرده عايزة تاخد رأيي فيها باقولها مش عارفة اللي إنتي عايزاه اعمليه. والله العظيم الموضوع ده مزعلني جدا من نفسي ودايما عصبية ومتسرعة في أي حاجه باعملها وماعنديش أدنى نوع من الثقة في نفسي يعني لو جيت خارجة وحد عجبه شكلي بالاقي نفسي برد عليه تلقائي وأقول: "غريبة ده أنا حتى مش عاجبني شكلي خالص النهارده" وما باقتنعش برأي أي حد، شخصيتي متناقضة جدا، يعني ساعات باكون كويسة وباضحك وكده وفجأة أقلب مش عارفة ليه؟ ساعات تانية أتكلم مع أي حد يزورنا في البيت وبعد كده ممكن ما أسلمش عليهم أصلا لما ييجوا تاني من غير ما يكونوا عملوا لي حاجة؟ والله أنا نفسي أوي أتغير وأبطل آخد رأي غيري في الحاجات الهايفة يعني دايما كل حاجة تخصني لازم آخد فيها رأي ماما، لدرجة إن أصحابي شايفين إن ماما هي اللي ممشياني وفعلا هو كده أنا ماشية بدماغ ماما ويمكن يكون الغلط ده من عندها لأنها من صغري اتعودت تمشي كلامها عليّ وأنا ما باقولش غير أوكيه وبس يعني ما ادتنيش فرصة خالص من وأنا صغيرة أني أحل أي مشكلة تقابلني لازم هي اللي تحلها وكانت ومازالت بتزعل لو ما حكيتلهاش عن أي حاجة بتحصل بره سواء معايا أو مع أصحابي طبعا هو صح إني أسمع كلامها بس برده المفروض ما ألغيش شخصيتي بس فين ده دلوقتي بعد ما بقى عندي 18 سنة؟ عارفة أني طولت عليكم أوي بس والله أنا آسفة.. يا رب تحلوا لي المصيبة دي علشان أكون طبيعية زي الناس مش مجنونة كده.. وعلى فكرة أنا الحمد لله ملتزمة وعارفة حقوقي وواجباتي مع ربنا كويس بس حاسة إن فيه حد غيري جوايا هو اللي بيتصرف مش أنا خالص... z إذن نحن نعرف السبب الرئيسي في عدم وجود رأي خاص وشخصية مستقلة لك، فيبقى السؤال الأهم وهو: "ثم ماذا بعد؟"، وقبل أن نتحدث عن الإجابة عليه يجب أن أؤكد لك أنك أنت من ستقومين بالجهد الأكبر لتغيير ما أنت عليه وستحتاجين في رحلة التغيير هذه لعدة أدوات لتعينك على التغيير على أن تفهمي جيداَ أنك ستأخذين وقتاً وستقدمين جهدا ليتحقق، وهي: • قرار واضح وقوي جدا بأنه قد آن أوان التغيير فأنت مازلت في السن الذي يمكنك فيه التغيير بجهد أقل من سن أكبر، ولتتعاملي مع هذا القرار بقوة وصرامة وأقصد القرار وليس تنفيذ القرار. • أن تنظري لنفسك بإنصاف لتضعي يديك على مميزاتك التي تغفلينها تماما فلم يُخلق بعدُ الإنسان الذي لا يحمل أي مميزات، ويمكنك البحث عنها بثلاث طرق مبدئيا؛ الأول: من حديث من حولك من الأصدقاء أو الزملاء أو الأهل فكلما كرروا ميزة على اختلاف شخصيتهم فمعنى هذا أنها موجودة بالفعل لديك ولكنك لا ترينها أولا تقدرينها، الثاني: ما ترينه أنت في نفسك من وجهة نظرك أنت وليس بالضرورة أن تكون مميزات كبيرة ومشهورة كأنك ترسمين أو تجيدين العزف أو غيره، فقد تكون ميزتك في أنك خفيفة الظل! أو أنك ذات ذوق متميز في الملابس أو طاهية ماهرة فلا تبخسي تلك الأمور قيمتها؛ لأنها بالفعل موجودة وفارقة، فلو تعلمين عدد المطلقات بسبب عدم إتقانهم للطهي لحمدت الله على تلك النعمة إن كانت لديك. • تفعيل تلك المميزات في عمل ما، فقد يكون في دخولك في نشاط معين أو في عمل تطوعي أو ممارسة رياضة أو في وسط أصدقائك كمجال لتدريبك على تنمية ما لديك من مميزات أو مهارات -فقد تصبحين أنت من يتم الاعتماد عليه في اختيار الملابس مثلا بين صديقاتك- فبتكرار هذا التفعيل والتدريب ستتغير طريقة تفكيرك وبالتالي تصرفاتك وستكتسبين نضجا هائلا جدا في تعاملك مع نفسك ومع من حولك ومع فهم الحياة. • عمل مذكرة بسيطة تخصك تكتبين فيها ما تشعرين أنك تحبينه بالفعل مثل أكثر الألوان التي تحبينها، أكثر صفة تجذبك للآخرين، أكثر شيء تحبين عمله في المنزل، أكثر ملمح تحبينه في وجهك.. إلخ، وستكتشفين أن لديك ما تحبينه وما تكرهينه ولكنك لم تكوني مدركة له، ثم تبدئين في تفعيله أي التأكيد عليه، فحين يحدث موقف يخص الألوان مثلا تؤكدين على حبك لهذا اللون عن اللون الآخر، وتتدربين مع نفسك على الاحتفاظ برأيك حتى لو خسرت موقفا أو اكتشفت أنه لم يكن الاختيار الأفضل حتى تصلي لدرجة مما نسميه توكيد الذات لتتعلمي توكيد الذات نفسه ثم تنتقلي تدريجيا ليكون لك رأي فعلا. • حاولي أن تزيدي من ثقافتك العامة فهي تساعد على زيادة الثقة بالنفس ولتتعلمي بهدوء وتدرج مهارة التفكير في الأمر بدرجة من العمق أي تتعلمي أن تفكري في الموقف وما سيحدث من ورائه واستخراج مميزاته وعيوبه إذا حدث أو إذا لم يحدث فهذه المهارة تساعد على اتخاذ القرار ولن تصلي لها إلا بممارسة ما قلته لك سابقا خاصة جزء تفعيل مميزاتك وكثرة الاحتكاك بالبشر. • جزء من ذبذبتك يرجع لصغر سنك فأنت في سن تتبلور فيه الشخصية وتتعرض لكثير من المتناقضات وهذه المرحلة من سنن الكون فلا تحمّلي كل مشاعرك المؤلمة لتربيتك أو تخاذلك الشخصي. • بقي أن أقول لك أن تتدربي تدريجيا بينك وبين نفسك وكبداية في المنزل لديك أن يكون لك موقف ما تصرين عليه في أي أمر من أمور الحياة دون عصبية، وأتوقع أنك ستختارين موقفا صحيحا لأنك كما قلت ملتزمة وعلاقتك بالله سبحانه وتعالى وبأسرتك جيدة. أما ما تجدينه من اختلاف مشاعرك وتصرفاتك مع أشخاص أو في نظرتك لنفسك فيرجع لوجود درجة من الاكتئاب تنتابك بين الحين والحين تجعلك لا ترغبين في عمل أي شيء حتى لو مجرد سلام، وتجعلك لا ترين شيئا جيدا حتى لو كان شكلك، وقد يشير لدرجة من تغير المزاج؛ فبعض الأشخاص يكون مزاجهم مثل الزجزاج فلديه وقت ارتفاع ووقت هبوط فلتحافظي على نفسك حتى لا تكبر قصة الاكتئاب أو حدة الزجزاج.