أنا بنت عندي 22سنة، فيه عيب مش عارفة أعمل فيه إيه، مشكلتي إني كنت باسرق من أبويا، كنت بافتح الدرج المخصص ليه، وباخد فلوس من غير ما هو يعرف. وأنا بقالي 4 شهور شغالة في شركه كويسة جداً؛ وباخد مرتب كويس؛ بس مش عارفة باعمل ليه كده.. المرة دي أخدت مبلغ كبير شوية وما بقيتش أروح شغلي. بس ضميري وجعني.. عايزة أصالح أبويا وأخويا وأمي.. أنا غلطانة غلط وحش أوي.. ما أعرفش إزاي أنا باعمل كده؟ وليه أصلاً باعمل كده؟ تفتكروا دي حاجة نفسية فعلاً؟ باحاول أشوف دكتور نفساني.. مش عايزة أعمل كده تاني لأني زهقت وأهلي زهقوا مني، وحاولت أنتحر. يا رب سامحني.. تفتكروا ينفع أصالح بابا دلوقتي.. أعمل إيه.. قولوا لي أعمل إيه.. أنا تعبانة أوي. mylove ابنتي الحبيبة، هناك جزء خفي بداخلنا اسمه "اللاشعور" يكون عميقاً غامضاً بعض الشيء، يدفع الإنسان للقيام بأمور يرفضها في وعيه حين يتصرفها، منها سلوك السرقة المَرَضي؛ فالسرقة حين تكون لها دوافع نفسية وليست مالية تكون قد دخلت في حيّز المساحة النفسية التي ترتبط بدوافع نفسية لا علاقة لها بقصة المال. لذلك كلما تمكّنت من معرفة الأسباب التي تدفعك للقيام بتلك السرقات، كلما تمكّنت من ترك هذا السلوك بشكل واقعي أكثر.. ولأنك لم تذكري أي شيء عن مشاعرك تجاه السرقة، ولم تذكري أي شيء عن تفاصيل تلك السرقات، أو منذ متى بدأت، ولا كيف كانت المرة الأولى؛ فهذا سيجعلني أوضّح لك عدة أسباب تجعل الشخص يقوم بسرقة أهله بسبب نفسيّ دون أن يدري: - فقد يكون السبب هو شعورك بعدم الاهتمام بك بين أفراد أسرتك (ترتيبك بين إخوتك)؛ فكثيراً ما يلجأ الابن للحصول على انتباه أسرته والانشغال به -حتى لو كان في صورة سيئة كالسرقة- ولو بعقاب أسرته ليحصل فقط على اهتمامهم وانشغالهم به والتفكير فيه ولفت انتباههم تجاهه. - وكذلك قد تحدث السرقة بدافع الانتقام والغضب من الأهل حيث يريد الشخص -لا إرادياً- أن يعاقب أهله على إهماله أو على فقرهم، أو على عدم توفير احتياجاته من وجهة نظره؛ فيسرقهم كتنفيس لشُحنة الغضب والرغبة في الانتقام والتعبير عن الرفض لوجود هذا النقص وتعويضه، وينسى أن الرزق لا يد لنا فيه. - وقد يكون السبب هو الحرمان المادي من وجهة نظر الابن، وشعوره بأنه لا يتمكن من حصوله على ما يريده لكي يكون مثل أقرانه، ولديه الكثير من الأدوات والملابس والطعام وغيره -بعض الأهل يحرمون أبناءهم من بعض احتياجاتهم ليتفادوا تدليلهم- وننسى أن الدراسات العلمية أثبتت أن حرمان الابن بنسبة 25% من متطلباته تساعد على حمايته من التدليل. - وقد يكون الدافع هو الحرمان العاطفي وشعور الابن بأنه محروم عاطفياً؛ فيقوم بسلوك السرقة كتعويض لا إرادي عن هذا الحرمان، وكذلك وجدنا أن السرقة قد تكون بسبب إغراق الأهل ابنهم في التدليل للدرجة التي تجعله يحصل على كل ما يريد بأي طريقة، وهناك من يسرق لمجرد إشباع رغبة مُلحّة لديه في الحصول على الإثارة والمغامرة والمخاطرة. - وهناك من زاد أو أضاف سلوكاً مصاحباً للسرقة كالكذب الكثير والهروب من المنزل أو الدراسة أو تعاطي المخدرات؛ حيث يتمّ تصنيفه ضمن اضطراب التصرّف، ووجدنا من يسرق دون أي سبب من كل ما ذكرناه، وأنه يسرق بشكل لا إرادي وكأنه مقهور على تلك (السرقة القهرية)؛ لذا أقترح عليك: 1- أولاً أن تضعي يدك بصدق عن السبب الحقيقي والدافع وراء قيامك بهذا السلوك وتراجع مشاعرك الحقيقية تجاه أسرتك وأبيك لتكتشفي الأمر دون زيف. 2- ثم تنتقلي بعد ذلك للإقرار والاعتراف بأن ما تقومين به أمر سيئ بعيد عن النضوج، وأنه لم يحقق لك ما تتمنين من داخلك؛ فلا أنت عوّضت شيئاً ولا أنت تتأقلمين مع تلك السرقات وتكرهينها، وقد سرّني هذا الشعور لأنه مفتاح جيّد للبدء في التوقف عن هذا السلوك. 3- ثم تقومين بعمل مُصالحة حقيقية بينك وبين ما تظنّيه في أهلك من إهمال أو حرمان أو تمييز لإخوتك عنك، أو غيره من الدوافع التي ذكرناها، وتتأكدي من حبهم لك وأنّ تقصيرهم لم يكن متعمداً ويتألمون من أجلك، وتتحدثين مع والدك حديثاً ناضجاً مليئاً بالحب والرجاء ليتفهّم مُعاناتك ويساعدك وكل أفراد أسرتك على تجاوز تلك المشكلة، وافتحي قلبك لحبهم؛ فحبهم ورعايتهم ستكون سبباً مهماً جداً في العلاج.. اعملي بجُهد أن تُريهم من نفسك خيراً ونضجاً في التصرّفات لتستعيدي ثقتهم من جديد. 4- ولتستحضري دوماً أثر اكتشاف نقص أي شيء في المنزل حين تتّجه الأنظار إليك وتظلّين في حالة اتهام وعدم ارتياح، وهذا يؤلمك. 5- وأن تتجهي لاكتشاف مواطن جمالك الأخرى لتقوّيها؛ فأنت تمكّنت من الحصول على عمل جيد، وهذا يدل على تمتّعك بمهارات تؤهلك لهذا العمل، ولتقدّري ذكاءك ومهاراتك المختلفة، وطوّريها واستخدمي طاقتك ووقتك في كل مفيد. 6- وأقترح أن تضعي لنفسك برنامجاً إيمانياً بسيطاً لك مع الله عز وجل، لتقتربي منه أكثر، ويكون رادعاً لك عن القيام بذلك فتتصالحي بذلك مع نفسك وأهلك وربك. وإن وجدت الأمر قد صعُب عليك بعد فترة مقبولة من المحاولة؛ فلا مانع من التواصل مع متخصص نفسي ليدعمك ويساعدك على هذا التصالح ويضع لك برنامجاً تفصيلياً لتنتهي معاناتك إن شاء الله حتى لا تتوغلي أكثر في اكتئابك الذي بدأ يظهر عليك.