السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا مش عارفة أبدأ منين, أنا بنت عندي 27 سنة أعمل طبيبة، والحمد لله رب العالمين على قدر من الجمال والأخلاق، وأحاول أن أراعي ربي في كل حياتي قدر ما أستطيع. ولكن تبقى نقطة في غير صالحي، وهي أن والداي منفصلان منذ فترة طويلة، ووالدي متزوج ولديه طفلان، وهذا دوماً ما يؤرقني، وهو أن يكون ذلك عيباً فيّ إذا ما تقدم أحد لخطبتي؛ وخاصة أن أمي حالياً تعمل بالخارج، وأنا أعيش بمفردي مع أخي وأختي. دوماً أحس أنه يجب أن أوافق على أي شخص لمجرد أن والداي منفصلان، وكأنه يتكرم عليّ بالتقدم لي.. دوماً أُحسّ أنني أقل من كل الناس حولي, وإذا ما حدث وتقدم لي أحد فإنني أخاف أن أوافق فأعيد تجربة فشل أمي وأبي ثانية.. أعلم أن كل شيء نصيب؛ ولكن هذا تفكيري ولا حيلة لي فيه. والآن متقدم لي شخص لم أره إلى الآن؛ ولكنه خريج كلية الآداب، ويعمل بالخارج، ومستواه الاجتماعي والمادي -الحمد لله- كويس؛ ولكن المشكلة أنه أخو خطيب أعز صديقاتي, وأفكر أن أرفض حتى المقابلة خوفاً من ألا نتفق فأخسر صديقتي، وفي نفس الوقت عندما أصلي استخارة أحس راحة نفسية. ماذا أفعل؟ هل أقابله؟ وإذا قابلته لا أعلم ما الذي يجب أن أتحدث فيه لكي أعرف تفكيره وشخصيته؟ وهل إذا كان مناسب أم لا؛ خاصة أني تسرّعت من قبل في خطبة لا أزال نادمة عليها إلى الآن، ولا أريد تكرار ذلك. وصديقتي لا تعلم عنه شيئاً لأنها لم تره سوى مرتين فقط. dr.m مشكلتك يا عزيزتي أنكِ تنظرين لنفسك نظرة متدنية
جداً, لا تليق بفتاة متعلمة مثلك؛ فأنتِ اختصرتِ كل عيوبك ونقاط ضعفك في شيء واحد فقط هو انفصال والديكِ. فلكي يقرر أي إنسان أنه -لا سمح الله- غير أهل للارتباط أو أن زواجه سينتهي بالفشل؛ عليه أن يسوق لذلك أسباباً أكثر جدّية وواقعية من ظرف عائلي عادي منتشر في مجتمعنا. بمصر الملايين من أبناء الأزواج المُطلَّقين؛ فهل تعتقدين أنهم جميعاً مصيرهم الزواج الفاشل أو العزوبية والعنوسة الأبدية؟ لا يوجد أي سند علمي وعملي ولا عقلي لتلك النظرية الخاطئة تماماً! وعليكِ أن تزيليها من رأسك بأسرع ما يكون. كذلك مسألة أنكِ فتاة تحيا وحدها, لماذا لا تعتبرين أن ذلك من نقاط قوتك؟ أجل؛ فأنتِ تعيشين وحدك، ومع ذلك استطعتِ -ولله الحمد- أن تكوني بقدر المسئولية؛ فراعيت ربك في نفسك وأخويكِ، وها أنتِ طبيبة محترمة ناجحة في حياتها؛ هذا يعني أنكِ اكتسبت -دون أن تُحسي بذلك- خبرة في تحمّل المسئولية والاعتماد على النفس ورعاية المنزل في غياب المسئولين عنه, وتلك من المميزات المطلوبة في أية زوجة مستقبلية.. صدقيني أي شاب يرغب أن تتحلى زوجته بتلك الصفات ليثق في قدرتها على رعاية بيته. ثم إنك تستطيعين أن تعكسي أثر السحر؛ أعني حالة طلاق والديكِ, بأن تتحول بالنسبة لكِ من عامل مثبّط لعزيمتك يجعلكِ تخشين الزواج, إلى باعث قوي لتخوضي التحدي وتعملي على تقديم نموذج سليم للبيت الصحّيّ المكوّن من أم وأب وأبناء. هذه مسألة بيدك, تستطيعين أن تجعلي من انفصال والديكِ "بعبع" يقف أمام حقك المشروع في تكوين بيت وأسرة, وتستطيعين كذلك أن تطيحي بمخاوفك مستعينة بثقتك بالله تعالى وبقوة إرادتك، وتتوكلي على الله وتسيري بثقة في طريق بناء أسرة سعيدة, إن شاء الله. وأنتِ كطبيبة, من المؤكد أن دراستك وممارستك مجالاً عملياً كالطب, قد عوّداكِ أن تبني أحكامك على أساس واقعي، وأن لا تعتمدي إلا على الفرضيات القابلة للتحقّق على أسس ثابتة, لا مجرد فكرة رخوة تكوّنت لديكِ في لحظة ضعف نفسي وفي غياب المنطق السليم.. أليس كذلك؟ لو أنكِ تتفقين معي؛ فقد انتهينا إذن من تلك النقطة، ولننتقل إلى النقطة التالية: الشاب الذي يرغب في التقدم لكِ، طالما أنكِ تستريحين نفسياً لفكرة الموافقة عليه كلما صليتِ لله تعالى؛ فأي شك يعتريكِ بعد أن شرح الله تعالى صدركِ لقبوله؟ وهل بعد إشارة الله من شك؟ طبعاً لا. ثم إنكِ تقولين إنه جيد من حيث المستويان المادي والاجتماعي ومناسب؛ فما الضرر من مقابلته طالما أن الموافقة والرفض بيدك ورهن استمرار الارتياح من عدمه؟ ومسألة عدم معرفتك أيّ شيء عنه سوى عمله ومستواه لا تعني أن ترفضي مقابلته. وبالنسبة لخوفك من وقوع جفاء بينك وبين صديقتك في حال رفضك, أعتقد أنه غير منطقي؛ فمَن يتقدم بطلب للارتباط بفتاة من المؤكد أنه يضع في ذهنه احتماليْ القبول والرفض؛ فما المشكلة في أن ترفضي طلبه لو أنكِ وجدتيه غير مناسب لكِ كزوج؟ هذا حقك فلا تخشي استخدامه ولا تضيّعي على نفسك فرصة جيّدة للارتباط بزوج مناسب، فقط لأنك تخشين عواقب احتمالية رفضك له. ثم إنكِ تستطيعين أن تتحدثي بصراحة مع صديقتك قبل مقابلة الرجل وتصارحيها بمخاوفك، وتطالبيها أن لا تخلط بين صداقتكما وارتباطك بشقيق خطيبها. بقيت نقطة أخيرة, تساؤلكِ عن نوع الموضوعات التي تتحدثان فيها، وهو سؤال يُطرَح عليّ أحياناً من بعض أصدقائي الذين يستعدّون للتعرّف على من يحتمل أن يرتبطوا به, وبصراحة أجدني أقول لهم -والقول لكِ كذلك- فليكن كل منكما على طبيعته، وليتصرف بعفوية وبساطة، وستجدان للحديث ألف باب.. هذه نصيحتي لكِ؛ فالتكلف وإعداد الموضوعات بشكل مسبق لا يساعد كثيراً على إزالة الجليد بين المتعارفين لأول مرة، وعموماً من المنطقي أن الحديث سيدور حول حياة كل منكما: عمله هواياته طموحاته، وابحثي عما تشعرين أنه مُشتركٌ بينكما وركّزي عليه.. إلخ؛ هذه مجرد خطوط عريضة, أما أن تُعدّي موضوعات كاملة فهي ليست بالفكر الجيدة. إذن توكلي على الله وأبلغي صديقتك الموافقة على مقابلة شقيق خطيبها, وصلي لله وادعيه أن ييسر لكِ الخير ويشرح صدرك لما فيه صالحك. وفقك الله تحياتي