أنا في أول سنة في الجامعة، وحبيت واحدة، وكنت ناوي أتقدّم ليها، بس هي رفضت، وقالت لي إحنا في مجتمع ما ينفعش فيه البنت تكلّم الشاب، وقالت لي أنت والله محترم، ومش باشوفك مع أي بنت، وأنت الوحيد اللي أنا باكلمه، وأنا حبيتها على أساس إني شفتها ما بتكلمش أي شاب، والكلام الجميل اللي هي قالته لي بس برضه فضلت متعلّق بيها، وتصرّفاتي معاها بيّنت لها كده، بس فجأة اتغيّرت، وبدأت تكلّم اثنين من الشباب في حدود الصداقة، بس الصداقة دي بدأت تتطوّر كتير، بمعنى إن هي في الأول ما كانتش بتقعد معايا كتير، بس دلوقتي أصبحت تجلس معاهم كتير لدرجة إن العلاقة تطوّرت جامد لدرجة إنهما بيفطروا مع بعض، وأوقات بتجلس مع واحد لوحدهم، وما فيش حد جالس معاهم، فكلمتها في الموضوع ده قالت لي دول أصدقاء ليّ، فقلت لها: البنت تختار شباب محترمة، لكن دول بيشربوا سجاير، قالت لي: المهم إن هما بيعاملوني كويس، بس أنا زي ما قلت إني العلاقة تطوّرت كتير، أنا زعلان بجد والله إن هي تسيب واحد محترم زيي، خصوصاً إن هي أشادت بكده. على فكرة هي نزلت من نظري جامد بجد، كيف أقنعها بأن ما تفعله ليس من صفات الفتاة المحترمة؟!! وإن لم تقتنع ماذا أفعل؟ وهل مثل هذه الفتاة من الممكن أن تحبني أو تكون زوجتي في يوم من الأيام؟!! مع العلم أنها من الأرياف أي من عالَم مغلق واندمجت بسرعة مع العالم المفتوح، أتمنى إجابة تفصيلية وواضحة تماماً حتى يتبيّن لي أمري؛ لأني حزين على ما يحدث لي، مع العلم أني لم أفكّر في هذا الموضوع حتى وجدت نفسي أنغمس فيه، لكن النهاية بالنسبة لي كانت صعبة. Eslam يا عزيزي.. المسألة واضحة وضوح الشمس, فالفتاة اعتذرت عن طلبك التقدّم لها, ثم تصرّفت بما يُفيد أنها لا تبادلك نفس المشاعر, وأنتَ اعترفت بهذا في رسالتك حين قلتَ إنك تعلم أنها لا تحبك, فلماذا إذن تسأل ذلك السؤال المتناقض مع ذلك الأمر المحسوم؟!! أعني سؤالك عما إذا كان من الممكن أن تحبك يومًا أو تكون زوجة لك؟ ثم إنك لم تفهم رسالتها من تناقض قولها لك مع تصرفاتها, فهي -الرسالة- واضحة أيضًا في أن رفضها طلبك ليس رفضًا للارتباط بشكل عام -كما قالت- بل هو اعتذار ضمني عن الارتباط بكَ أنتَ بالذات لما لَمسته هي من اختلاف أفكاركما بشكل واضح, بغض النظر عمن على صواب ومن المخطئ, فالمرء حين يُقيّم من يصارحه بالحب قبل أن يجيبه إنما يبحث عمن يتوافق معه ومع أفكاره أيًا كان موقعها. وطلبها منك أن تبقيا صديقين هو -عفوًا- مجرد مجاملة, كما يبدو لي من سياق الأحداث, وهي عبارة شهيرة منتشرة جدًا في تلك المواقف "خلينا صحاب أحسن", وفهم مغزاها يتوقّف على التصرّفات اللاحقة من قائلتها تجاه من قالتها له, وغالبًا ما لا يكون طلب البقاء على وضع الصداقة جديًا, بل هو بمثابة تطييب الخاطر للفتى وتخفيفًا لحرجه من الشعور بالرفض. وأما عن نظرتك لسلوكها, فهي مما يُظهِر أنكما غير ملائمَيْن أحدكما للآخر, فأنتَ تتميز بالثبات على المبدأ, وهذا يُحسَب لك, بينما هي تقول الشيء وتفعل عكسه, والدليل سرعة تبدل موقفها الرافض للصداقة بين الشاب والفتاة إلى النقيض, وبغض النظر من منكما على صواب في تلك المسألة, فالموقف يُظهِر اختلافًا جوهريًا بينكما يشير بشدة إلى أن أحدكما لا يصلح للآخر. خاصة وأن كل منكما يقيّم الناس وفق معيار مختلف عن ذلك الذي يستخدمه الآخر, فأنتَ حكمت على أصدقائها بالفساد فقط لأنهم يُدخنون (وهو مقياس في رأيي لا يصلح للحكم على المرء)، وهي تقيّمهم من خلال طريقة معاملتهم لها (وهذه نظرة ضيقة وسطحية منها للناس, فالمعاملة الطيبة ليست المعيار الوحيد لأخلاق المرء), مما يؤكد أنكما تنظران للحياة بمنظورَيْن مختلفَيْن تمامًا. ويا عزيزي, أنتَ تضع نفسك في موضع غير محبب إلى النفس حين تقيم منها قيّمًا على تصرفات زميلتك دون أن يكون هناك رابط جدي بينكما يسمح بهذا, فأنت لست حبيبها ولا خطيبها, والصداقة بينكما -كما هو واضح- من طرف واحد تمامًا كحبك السابق لها, أي إنك الآن في موضع المتطفل, سواء كنت أنت المصيب أم لا. ودعنا نعترف بصراحة أن ارتباطك بها الآن بما تصفه ب"الصداقة" إنما هو ستار من رغبتك تغيير مشاعرها نحوك, وهذه الرغبة الكامنة لا تتعارض مع قولك إنها "سقطَت من نظرك", فمشاعر الإنسان أعقد مما نتخيل أحيانًا. صديقي, ارحم نفسك من هذا العذاب وأعذها عن ذلك الوضع المسيء لكرامتك, واستمع إلى نصحي حين أقول لك إن عليك أن تقطع علاقتك بتلك الفتاة، وتجعل الأمر في حدود الزمالة العادية الخالية من أي تدخل منك أو تعليق على حياتها الخاصة, فموضوعك معها انتهى قبل أن يبدأ, وهو منتهٍ لا من لحظة أن اعتذرت عن طلبك التقدّم لها, بل منذ بدأ يبدو تناقضها عنك بشكل كامل, فحتى لو أنها كانت قد قبلت طلبك, فلم تكن قصتكما لتستمر كثيرًا صدقني. تحرّك إذن من هذا الموقف "محلك سر", وابحث عمن تناسبك وتناسبها, وضع قصتك مع زميلتك خلف ظهرك وامضِ قدمًا في طريقك, فهذا واجبك نحو نفسك. ولتكن في ما جرى لك خبرة إيجابية تضاف لخبراتك، وتعينك على اختيار أكثر ملائمة مستقبلاً إن شاء الله تعالى. فكّر في كلامي, وحاول أن تنفّذه, اعلم أن الأمر سيكون متعبًا في البداية, ولكنه سيُصبح أكثر يُسرًا فيما بعد بإذن الله. هداك الله ووفقك.