"بكرة العيد ونعيّد. . وندبح لك يا شيخ سيد " ليلة العيد أحاول النوم مبكرا، سأغمض عينىّ و أفتحهما فيكون العيد جاء. . أحتضن ثوبى الجديد و أتعجل الصباح، أنام و أحلم بفيللا كبيرة حولها سور ضخم، لى زوجة أحلى من "بياض الثلج، وخدم كثيرون، غرف كثيرة، كل غرفة لها حمام خاص، وتلفزيون موصل بدش، وفى الحديقة أشجار المانجو ذات الثمار الصفراء الكبيرة، والتفاح الأمريكانى، و التين، أتمشى فى حديقتى، تسقط الثمار مثل المطر الصيفى، و أنا آكل بلا حساب، و كل صباح أقبل زوجتى قبل خروجى إلى العمل، مثل كل الأفلام الرومانسية، السائق يفتح باب السيارة، وينحنى.. ثم أستيقظ. " الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا" ................................................ الرياح تقول فى كتابها الذى قرأتُه حين كبرت قليلا!! ضوء النهار ينفذ انقلابه اليومى، ثورته الروتينية، التى توقفت عن إلهام البشر بالقدرة على سحق الأحزان القاهرة، فقط تذكرهم أن "عليهم النهوض، ليأكلوا ويعصبوا أعينهم ثم يدوروا فى سواقيهم، ليتعبوا فيناموا من جديد! ........................................................ أمى لا توقظنى صباح العيد، فهو ليس كالصباحات المدرسية، وحدى أهرع من موتى المؤقت لنهار أحب ان أعيشه، فرحان متوهجا كشمس ربيعية على باب الحمام أنتظر دورى، ثم أرتدى ثوبى الجديد، أمى تُخرج زجاجة العطر التى أخفتها منذ اشترتها قبل أسبوع فى دولاب ملابسها، وتعطرنى، و رنين صوت المكبرين فى داخلى حياة أخرى نخرج بعد الصلاة والإفطار، إلى كرم خالتى، نسلم عليها، تعطينى ربع جنيه جديدا، ثم نجرى خارج البيت إلى الكرم، أخى يحب الليمون الأصفر وأنا أعشق التين، لكنى مازلت صغيرا، وشجرة التين عالية نقذفها بالطوب، تسقط تينة صغيرة، طعمها ليس حلوا نقذف مجددا، لايسقط شىء، تموء قطة وينبح كلب تزقزق عصافير صغيرة، و الماعز والخراف: ماااااااء يسرى نسيم من الجنة فأفتح أنفى... ياااااارب أقذف من جديد ولا تصل الطوبة إلى أعلى من منتصف جذع الشجرة ينهق جحش، وينفر، نبصق جميعا كى لا ينبت فى خد أحدنا خال أسمر قبيح!! ثم يجىء صّديق، وحده من يجيد تسلق الشجرة، يرتقى أغصانها يبحث عن تينة ناضجة، وعندما تسقط حبات التين فى اهتزاز الفروع ننحنى على الأرض مثل الكتاكيت نلتقطها فرحين. . ونضحك تحت ظلها نلعب استغماية، أخبئ رأسى بين كفىّ وأسندها إلى الشجرة وأعد 1، 2، 3، .....، 10 خلاويييييييييييييييص؟؟ لسه خلاويييييييييييييييص؟؟ ورائحة التراب المبلل تملأ أنفى، أقبّل جذع الشجرة التى تتعمد فضح أماكنهم إذ يختبئون حيث تراهم ولا أراهم، تهمس فى أذنى "محمود طلع السطح، وعايشة ورائى نعم ورائى" خلاوييييييييييييص؟؟ ثم أجرى ................................................ اتت خالتى بطوابق ثلاثة كل طابق فيه شقة وحيدة، تسكنه هى و أولادها الأربعة المتزوجون، وأصغر أبنائها العازب الوحيد والكرم يحيط البيت، الكرم مساحته صغيرة وفيه نخيل وشجرة جميز وشجرة ليمون وحوش دواجن وجاموسة وشجرة التين تحتل جانبه الأيسر "خالد قريبا يتزوج، وكيف سيعيش مع امرأته فى البيت، والأحفاد يزدادون يوما بعد يوم، ولم يعد ممكنا بناء طابق رابع وإلا تهدم البيت فوق رؤوسنا؟ أنا سأبنى له بيتا كلمت خالك مصطفى والمقاول سيرمى الأساسات عن قريب " تنظر خالتى فى وجه ابنها الكبير يونس، يحك صلعته، يسعل ثم يبصق بلغما كثيرا، ويخرج مدغته من جيبه، يمدغ ويبصق ثانية وهو يرفع رجله اليسرى لتستقر تحت فخذه الأيمن وينفض طرف جلبابه قاصدا تهوية خصيتيه، ويهش ذبابة تقف على شفته السفلى فتطير لتستقر على كتفه... ثم يقول: على بركة الله، خالد لم يعد صغيرا وأنت صاحبة القول. خالتى تلم الحصيرة التى تغطى أرضية الصالة الضيقة وتلم فتات الخبز الصغير لكى تضعه غذاءً لدواجنها، ثم تنفضها وتتأمل رسم النمر المخطط الذى يفتح فمه فيبدو ناباه الحادان، ثم تفرش الحصيرة تريح ردفيها وتشد قميصها الداخلى عن ثدييها وتحك يدها بينهما قاصدة ألا يلتصقا بفعل العرق و التراب المتراكم ثم تشير إلى الجانب الأيسر من الكرم يونس يهز رأسه موافقا ويشير إلى شجرة التين "نعم هناك.. هنااااااااااااااااك"!!!
الجنوبى التعليق: في القصة أكثر من لحظة يمكن أن تكون موضوعاً لقصة قصيرة. الكاتب يجيد الوصف ولذلك أعتقد أن مستقبله في كتابة الرواية.. توجد أخطاء قليلة د. سيد البحراوي أستاذ الأدب العربي الحديث بكلية الآداب، جامعة القاهرة