كتب الباحث المرموق الدكتور إبراهيم محمد عرفات على حسابه على فيسبوك مؤخرا، يقول إن هناك معضلة، صاغها على النحو التالي: "لا ديمقراطية من دون التيار الإسلامي، ولا ديمقراطية بطريقة أداء هذا التيار الحالي". المقولة بليغة وموجزة، لكن قد يسأل سائل وماذا لو رفض التيار الإسلامي المشاركة في العملية السياسية الراهنة وفضّل التمترس خلف أوهام، أو قرر الدخول في مواجهة شاملة مع المجتمع؟! ظني الشخصي -وأرجو ألا أكون مخطئا- أن غالبية هذا التيار سوف يكتشف قريبا حقيقة زلزال 30 يونيو، وسيبدأ التعامل معه. وظيفة المجتمع السياسي أن يشجع الإخوان وبقية أطياف هذا التيار على إجراء المراجعات، حتى لو كانت خجولة ومترددة، المهم أن يبدأوا. انطلاقا من هذا الأمر ينبغي أن نرحب بالمقال المهم الذي كتبه الدكتور حمزة زوبع -أحد المتحدثين الرسميين باسم حزب الحرية والعدالة- على موقع الحزب صبيحة يوم الأحد الماضي، وخلاصته اعترافه أن جماعة الإخوان أخطأت خلال عام حكم مرسي مثلما أخطأت بقية القوى السياسية. زوبع عرض مبادرة من نقاط كثيرة يراها صالحة لبدء حوار بين القوى السياسية، تتضمن بعض النقاط الإيجابية، منها ضرورة نبذ العنف والتنديد بأي تدخل أجنبي في أمورنا الداخلية. صحيح أن جهاد الحداد سارع بعد لحظات من المقال بتأكيد كل اللاءات الإخوانية، مثل التمسك بعودة مرسي ودستوره ومجلس شوراه، وصحيح أن زوبع كتب مقالا ثانيا مساء اليوم نفسه، أكد فيه أن كل ما جاء في مقاله اجتهاد شخصي، ولا يلزم جماعته أو حزبه بأي شيء، لكن الصحيح أيضا أن الرسالة التي يريد الإخوان إيصالها للمجتمع ربما تكون قد وصلت. معروف عن الإخوان طوال تاريخهم عدم الوضوح، هم يقولون رأيا وعكسه أحيانا في تصريح واحد، لا يريدون أن يكونوا حاسمين، يفكرون بمنطق "التقية" في أحيان كثيرة، ولذلك كان متوقعا أن يخرج زوبع ليقول إن ما كتبه يمثل رأيا شخصيا. لكن منذ متى كان أعضاء وكوادر الإخوان يتحدثون من "دماغهم" أو يخالفون رأى القيادة؟! أغلب الظن أن ما كتبه زوبع هو أول طوبة في بحيرة الإخوان الراكدة، قد يأخذون وقتا طويلا حتى يصلوا إلى مراجعات حقيقية. بالطبع ما يريده المجتمع من الجماعة، أن تتحلى بفضيلة الشجاعة وتخرج ببيان اعتذار للمجتمع عما اقترفته في حقه منذ 11 فبراير 2011 وحتى هذه اللحظة، يراجعون أنفسهم بصدق ويعيدون دمج أنفسهم في المجتمع باعتبارهم حزبا سياسيا فقط، وليسوا جماعة دينية، وأن يتوقفوا عن التعامل مع المجتمع باعتبارهم أرقى أخلاقيا أو أسمى دينيا، وأن يدينوا العنف والإرهاب فعلا وليس قولا فقط. متى يفعل الإخوان ذلك؟! هذا سؤال صعب وربما يطول الوقت بالنظر إلى طبيعة الإخوان المترددة وعدم اعترافها بالواقع، وبالطبع عدم اعترافها بأخطائها الجوهرية؟ هل تراجع الجماعة نفسها أم أن الأصوات التي بدأت تظهر على استحياء مجرد أصوات فردية قد تتلاشى وسط بحر "المظلومية"، التي تريد الجماعة أن تغرق فيه؟! نُشر بموقع الشروق