يعتبر مقال الدكتور حمزة زوبع، القيادي الإخواني المعروف، والذي جاء تحت عنوان "أخطأنا وكذلك فعلتم... وهذا هو الطريق"، أول مبادرة تطرحها جماعة "الإخوان المسلمين"، وذراعها السياسية حزب "الحرية والعدالة"، بشكل رسمي لحل الأزمة السياسية وإن سبق للجماعة أن عرضت مبادرات بأسماء بعض الوسطاء لحل الأزمة لاستكشاف نوايا الطرف الآخر. وحسبما جاء في المقال، فإنه لأول مرة تقر جماعة "الإخوان المسلمين"، بأنه خلال العام الذي حكم فيه الدكتور محمد مرسي الرئيس السابق ارتكبت سلسلة من الأخطاء ولاسيما الانفراد بالسلطة، مطالبًا الآخرين بالاعتراف بأخطائهم وأنهم تربصوا بالإخوان جماعةً وحزباً. وأكد زوبع خلال مقاله ما ردده العديد من الباحثين بشأن أن إقصاء الإخوان من المشهد السياسي سواء كجماعة دعوية أو حزب سياسي أمرًا صعبًا إن لم يكن مستحيلا، مشيرا في ذات الوقت إلى أن الجماعة عاكفة على مراجعة الفترة منذ "25 يناير"، وحتى الآن لتقييم التجربة والتعلم من الأخطاء. وتستمر سلسلة الاعترافات بالأخطاء حيث أقر زوبع في مقاله أن منصتي اعتصامي رابعة العدوية والنهضة كانتا غير مسيطر عليهما وصدر من فوقهما ما وصفه بالخروج عن النص، مطالبًا بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول أحداث المنصة والحرس الجمهوري وفض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة ومحاسبة الذين أفرطوا في استخدام القوة. ويشار إلى أن "بوابة الأهرام"، سبق أن نقلت عن عدد من المصادر، أن تشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول الأحداث الذي شهدتها الموجة الثورية الثانية ابتداءً من "30 يونيو"، انتهاءً بالصدامات التي وقعت خلال المظاهرات بعد فض اعتصامي رابعة والنهضة كانت أحد بنود المفاوضات بين الجانبين وكان هناك اتفاق عليها بحسب مصادر "بوابة الأهرام". وفي هذا السياق، دعا زوبع بشكل واضح الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة إلى إعلان الالتزام بنتيجة اللجنة وتقديم كل من تدينهم اللجنة للمحاكمة، مشددًا على أن الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة هي ملك للشعب المصري لا تنحاز لطرف ضد الآخر. كما شملت مبادرة زوبع دعوة القيادة العامة للقوات المسلحة الإعلان بشكل واضح وصريح أنها لن تشارك في حلبة المنافسة السياسية ولن تنحاز لطرف على حساب آخر وأن تعود لسكناتها عقب إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وهذا ما أكده الفريق أول عبد الفتاح السيسي أكثر من مرة وأعلن أنه لن يترشح للانتخابات الرئاسية. واشترط زوبع لاحتواء الأزمة وقف ما وصفه بالحمالات الإعلامية والأمنية ضد جماعة "الإخوان المسلمين"، مشيرًا إلى أن البلاد تحترق وعلى من بيده الأمر أن يبادر لاحتواء التصعيد الإعلامي والأمني. وأكد زوبع خلال مقاله أن المصالحة الوطنية تبدأ بالإفراج عن الدكتور محمد مرسي، رئيس الجمهورية، وقيادات الإخوان المحبوسين والدعوة لمؤتمر مصالحة وطنية سياسي واقتصادي واجتماعي يجمع كل الأطراف وأن تلتزم الأطراف المشاركة فيه بنبذ العنف ووقف التحريض والعمل على نجاح المؤتمر. ويذكر أن "بوابة الأهرام"، نقلت عن مصادر متعددة في أكثر من مناسبة وجود مفاوضات للإفراج عن قيادات الإخوان، إلا أن الحكومة تحفظت على الإفراج عن المتهمين في قضايا القتل والتحريض على القتل مع تسوية القضايا الأخرى. إلا أن أهم ما حمله مقال زوبع من مفاجئة هو مطالبته أن تعلن كافة الأطراف إدانتها الشديدة للتدخل الأجنبي في شئون مصر الداخلية، في الوقت الذي يعلم فيه الجميع أن أحد أهم قنوات الاتصال لحل الأزمة السياسية تتمثل في الوسيط الأوروبي. وحول مدى تعبير هذا المقال عن رؤية شاملة للجماعة، أوضح مصدر ل"بوابة الأهرام"، أن الدكتور محمد علي بشر يقول أكثر من ذلك ويحمل قيادات إخوانية بعينها المسئولية عن تدهور الأوضاع، مشيرًا إلى أن بشر على استعداد للاعتذار للشعب المصري الذي خرج في "30 يونيو"، باسم الجماعة عن الأخطاء التي وقعوا فيها. ويضيف المصدر: "الدكتور بشر يرجئ هذه الخطوة حتى قطع إنجاز المصالحة لسببين أولهما أن يحصل على تسوية يستطيع من خلالها ضمان عدم انقلاب التنظيم ضده ولاسيما أن هناك أطرافًا بالإخوان لا ترحب بالتسوية". وتابع: "السبب الثاني هو أن اعتذارًا مثل هذا دون الوصول لمصالحة وطنية يراه بشر، بمثابة تسليم للجماعة إلى النظام الجديد يفعل بها ما يريد"، مشددًا على أن هذه الحوارات تدور على مستويات مختلفة من تنظيم الإخوان. ويكشف المصدر أن زوبع لم يكن من القيادات المعروفة في تنظيم الإخوان على نطاق واسع إلا بعد ثورة "25 يناير"، وتأسيس حزب الحرية والعدالة، موضحًا أن صعود زوبع في الحزب ارتبط بمجموعة رجال التنظيم الذين كانوا على تنسيق مع المهندس الشاطر. ويشير المصدر إلى أن قيام زوبع بطرح هذه المبادرة يعني أن هذا التيار الذي كان يردد في رابعة نريد الموت في رابعة ولن نتفاوض سوى على عودة مرسي بدأ في مراجعة مواقفه متأخرًا، مضيفًا: "على أي حال أن تأتي متأخرا خيرا من ألا تأتي مطلقا".