أسماء مصطفى كنا قد تحدثنا سابقا عن نشأة دالي ومواقف من طفولته وشبابه إلى أن وصلنا للحدث الأكبر والأكثر تأثيرا في حياته، وهو زواجه من معشوقته وملهمته جالا دالي، لكن كما نعلم أن الحديث عن دالي وجنونه لا ينتهي، لذلك قبل الخوض في فن دالي ولوحاته وأفلامه، وكتبه بقي أن نذكر تفصيلة مهمة من تفاصيل حياة دالي- المجنونة- بالطبع. كان دالي كمعظم الفنانين يعشق تربية الحيوانات.. لكن دالي لا يربي الحيوانات الأليفة المعتادة، كالقطط والكلاب، لكن صديق دالي الأشهر (بابو) -كما رأيناه معه في عدة صور- كان قطا كولومبيا بريا! أيضا كان دالي يمتلك عددا ضخما من القطط الأليفة من مختلف الأنواع. أما الأغرب فهو امتلاك دالي لحيوان آكل النمل العجيب، كان دالي يمتلك حيوان آكل النمل كبير الحجم، وكان يربطه بحزام ويتجول به في الشوارع بتلقائية كمن يتجول مع كلب أليف! دالي كاتبا الرسم السوريالي هو النشاط الأشهر له، لكن ما لا يعلمه الكثيرون أن دالي في شبابه عمل بالصحافة والكتابة أيضا أنجز سلفادور كتابة بعض الأعمال الأدبية بين العام 1933 و1936، وساهم في تحرير مجلتي دفاتر الفن ومينوتور، ثم بدأ يميل إلى تصوير التشوهات العظمية في جسم الإنسان وبالأخص في رأسه، معطيا بذلك أشكالا مشوّهة مثيرة للاشمئزاز كعادته، وكتب فيما بعد مجموعة قصصية عنوانها "وجوه مستترة"، وفي عام 1954 نشر كتابه "شارب دالي" بالتعاون مع فيليب هايسمان، وكتاب "دالي يتحدث عن الفن الحديث"، ثم أعاد نشر كتابه "الحياة السرية لسلفادور دالي" عام1961، وفي عام 1964 نشر كتاب "يوميات عبقري"، بعد أن منحته الحكومة الإسبانية أحد أرفع الأوسمة تقديرا لجهوده من أجل إسبانيا. أفلام دالي عام 1928، حين كان دالي في باريس، كتب سيناريو فيلم "كلب أندلسي" والذي أخرجه المخرج الإسباني الشهير لويس بونويل، وهو فيلم قصير مدته 17 دقيقة وهو مزيج من المشاهد الغريبة غير المترابطة، والأفكار غير القابلة للتفسير العقلاني، إليكم وصف سريع لمشاهد الفيلم : شفرة موسي تفقأ عين فتاة، رجل ينزع فمه من وجهه، بيانو تزيّنه أجساد حمير نافقة، صف نمل يزحف على يد رجل، رجل في الشارع يحمل مكنسة ذات يد آدمية يدفع بها فضلات! والطريف في الأمر أنه لا يوجد في الفيلم أي "كلب" أو "أندلس"! وفي عام 1930 كتب دالي الفيلم الثاني بعنوان "العصر الذهبي" والذي يتميز أيضا بعدم إمكانية تفسيره تفسيرا عقلانيا، وهو من إخراج "بولونيل" أيضا. وكان لدالي جملة شهيرة عن فن السينما تقول "أفضل فيلم هو ذلك الذي تستطيع متابعته بعينين مغلقتين"! في الوقت الذي تعتمد أفلامه كلها على البصريات أكثر من الحوار! ساهم دالي أيضا في إخراج فيلم رسوم متحركة اسمه "دستينو" لكنه لم يكتب له الكمال في حياة دالي إلى أن تم إخراجه عام 2003، من قبل شركة ديزني لأفلام الكارتون وتم ترشيحه لجائزة الأوسكار. لم تكن السوريالية هي المرحلة الأكثر جنونا في حياة دالي، فكتابات دالي سبقت التحاقه بالمدرسة السوريالية، لذلك لم يكن دالي مخطئا حين قال جملته الشهيرة "السوريالية هي أنا"، والدليل على ذلك أفلامه وقصصة الأغرب من لوحات السوريالين أجمع، المساحة اليوم لم تتسع للحديث عن لوحات دالي، لذلك سنفرد المرة القادمة للحديث عن المدرسة السوريالية ودور دالي فيها.. ولوحاته بالطبع.