لقد عاد الدولار الأمريكي بقوة غلى ساحة الأحداث، في ظل استمرار عملية الصعود على صعيد اسواق الأسهم إضافة غلى ارتفاع السندات الأمريكية الآجلة إلى عشرة سنوات إلى اعلى مستوياتها على مدار الأشهر الأربعة الأخيرة، لذا بدأ المتداولون شراء الدولار الأمريكي بأحجام كبيرة. هذا وقد ساعدت الأصول الأمريكية الدولار الأمريكي على التخلص من كونه مجرد أحد عملات الملاذ الآمن، وطالما لم نشهد أي مقاومة على الدولار حتى الآن مثلما يتوقع خبراء التحليل، لذا فمن الواضح أن الدولار سوف يستكل ارتفاعه الجاري. وعلى الرغم من أن الدولار قد حقق الكثير من الأرباح خلال فترة زمنية قصرية، لذا أي تراجع في الوقت الحالي يعد أمر طبيعي. وربما لا يبدو أي شئ آخر أكثر جاذبية من الدولار الأمريكي والاستثمارات الأمريكية في الوقت الحالي، إلا أن جي بي مورجان أشارت في تقريرها الصادر إلى توقعات بارتفاع معدلات الصعود إلى 50% تلأمر الذي يشير بسهولة إلى أن االدولار سيفقد الزخم الصاعد. وعلى الصعيد الأساسي، هناك عوامل أدت إلى ذلك الأداء من قبل الدولار الأمريكي، وهو أن المستثمرون كان عليهم تعديل توقعاتهم حيال السياسة النقدية الأمريكية، حيث أن وتيرة تصريحات بنك الاحتياطي الفيدرالي قد تغيرت على نحو كبير منذ انتهاء اجتماعهم في شهر يناير الماضي. وفي الوقت نفسه، استمر حجم الائتمان الأوروبي في التدهور نظرًا لتراجع معدلات النمو الصينية. وفي حقيقة الأمر تعد الولاياتالمتحدة هي الدولة الوحيدة في العالم التي تشهد استمرارًا في التحسن على صعيد البيانات الاقتصادية الرئيسية مثل بيانات التوظيف في القطاع غير الزراعي، إضافة إلى مبيعات التجزئة. جدير بالذكر أن ارتفاع أسعار النفط تشكل بالطبع مشكلة خاصة كلما اقتربت فترة الصيف حيث ترتفع معدلات استهلاك الغاز الطبيعي، ولكن إذا استمرت معدلات ثقة المستهلكيين في الارتفاع فمن المفترض أن تستمر معدلات الإنفاق أيضًا في الارتفاع. وعلى الرغم من ذلك، إذا توقفت حالة الانتعاش على صعيد أسواق الأسهم، فسوف تتارجع معدلات الثقة مهددة بتبخر كل المكاسب التي حققها الدولار الأمريكي، ولكن لم نشهد حدوث ذلك الأمر بعد. ولذلك، يجب أن نتوخى الحذر تجاه تحركات الزوج في الوقت الحالي خاصة أننا لم نشهد أي حركة تصحيحية حتى الآن، ولكن طالما استمرت أسواق الأسهم والسندات في الارتفاع فسوف يتبعهم الدولار الأمريكي في الارتفاع ولكن بمجرد انتهاء تلك الحالة من التحسن، فمن المحتمل أن تتراجع جميع الأصول الأمريكية. هذا وقد صرح بين بيرنانكي محافظ الفيدرالي يوم أمس أن معدلات النمو على صعيد الاقتصاد الأمريكي محبطة إلى حد كبير على حد وصفه، ولكن ذلك لم يمنع الدولار الأمريكي من الارتفاع خاصة مع وجود بعض البيانات الأمريكي الضعيفة. جدير بالذكر أن العجز في الحساب الجاري الأمريكي ارتفع إلى أعلى معدلاته على مدار عام نظرًا لضعف النشاط التجاري وتراجع معدلات الدخول. وكان من الواضح أن القراءات ستأتي على نحو ضعيف، نظرًا لارتفاع العجز في الميزان التجاري الأمريكي على نحو ملحوظ خلال الربع الرابع من االعام الماضي، ولكن لم يتوقع أحدًا حجم أو نطاق التدهور الملحوظ. جدير بالذكر أن العجز في الحساب الجاري الأمريكي قد سجل -124.1 مليار دولار خلال الربع الرابع من العام السابق مقارنة بقراءة الربع الثالث البالغة 107.6 مليار دولار. هذا وقد ارتفعت أيضًا أسعار الواردات على نحو أقل من التوقعات خلال الشهر، حيث ارتفعت الاسعار خلال شهر فبراير بواقع 0.4% مقابل التوقعات التي أفادت بارتفاع المؤشر بواقع 0.6%. جدير بالذكر أن تقرير الحساب الجاري يؤكد على أن نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الرابع من العام السابق لم يكن قويًا. بيننما تشير أسعار الواردات أن ضغوط التضخم ليست مخيفة بالقدر الذي تصوره البعض. وبخروج مخاوف اليونان من الصورة، تتجه االأنظار إلى ارتفاع أسعار النفط الخام، حيث بدأ ارتفاع أسعار الطاقة في التأثير على معدلات التضخم على مستوي العالم ولكن ساعد تراجع معدلات الطلب على الإبقاء أسعار النفط مستقرة في الوقت الحالي. وعلى صعيد المفكرة الاقتصادية، من المنتظر صدور البيانات الامريكية التالية: مؤشر ولاية نيويورك التصنيعي إضافة غلى مؤشر فيلاديلفيا التصنيعي ومؤشر إعانات البطالة الأمريكية الأسبوعية وأسعار المنتجين وتقرير صافي مشتريات الأوراق المالية طويلة الأجل. وليس من المتوقع أن يشهد القطاع التصنيعي تغيرات على نحو قوي ولكن من المتوقع أن ترتفع أسعار المنتجين، ولكن في حقيقة الأمر الأضواء مسلطة بكثافة تجاه بيانات إعانات البطالة، حيث ارتفع المؤشر خلال االأسبةع الكاضي إلى 362 ألف، حيث إذا كسرت معدلات النمو أعلى 275 ألف، فسوف تزداد حدة القلق حول استقرار معدلات التوظيف أعلى من قراءة ال200 ألف.