فيما أكد رئيس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي د.عزت ابو عوف بأن دورة المهرجان المنقضية من أفضل الدورات التي أقيمت علي الاطلاق، تبدت العديد من السلبيات التي اعترت كواليس المهرجان بصورة جعلته يتراجع الي مراتب متدنية جدا علي الرغم من الجهود المبذولة والميزانيات المرصودة لتخرج المهرجانات بصورة تليق بقيمة وتراث مصر، إلا ان هذه المحاولات باءت بالفشل، خاصة مع ظهور مهرجانات كمهرجان "دبي" و"ابو ظبي" والتي استطاعت ان تحجب الاضواء عن المهرجان المصري، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: ما السبب وراء تراجع مهرجاتنا الدولية في مواجهة المهرجانات الاخري؟ وما السبيل لأن تصبح المهرجانات الدولية المصرية ذات شهرة عالمية؟ في البداية يبرر د. عزت أبوعوف رئيس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي السلبيات التي اعترت الدورة ال34 المنتهية للمهرجان بأن ما يؤثر علي المهرجان سلبا هو عدم وعي المصريين بشكل عام والفنانين خاصة بقيمة المهرجان وعدم اهتمامهم بحضور فاعلياته، كما أن الاعلام ايضا يركز علي السلبيات الموجودة، دون ان يقوم بمساندة المهرجان في أي شكل من أشكال الدعم، فضلا عن اننا نواجه مشكلة كبري وهي ضعف الميزانية، لكننا لا نستطيع مطالبة الحكومة بدعم المهرجان باكثر من ال 6 ملايين جنيه التي تمدنا بها في كل دورة. وعن مقارنة مهرجان القاهرة الدولي بمهرجان "كان" يقول انه لا يمكن مقارنة اي مهرجان آخر بمهرجان "كان"، فالمقارنة ظالمة لأن ميزانية "كان" تصل الي اضعاف اضعاف ميزانية مهرجان القاهرة، ولكن هناك طموح بان نصل الي نفس المرتبة من الارتقاء بمهرجاتنا لتكون مثله بل وأفضل منه. كما يشير أبو عوف الي أننا نعاني في مصر من غياب التنظيم وبالتالي ينعكس ذلك علي الفنون والأدب وبالتالي علي المهرجانات، فنحن نفتقد ثقافة النظام ولا أنكر أن هناك نسبة في سوء التنظيم، كما يعرب عن حزنه بسبب ضعف الإنتاج المصري والذي يمثل عائقاً امام نجاح المهرجان، وقال إن هناك أزمة مع المنتجين فهم يخلطون بين الفيلم الجيد والفيلم الذي يصلح للمشاركة في المهرجان الدولي، فليس معني عدم مشاركة أي فيلم أنه سيء. واكد ابو عوف سعيه ليغير البند الذي ينص علي أن تكون أفلام المسابقة الرسمية في أول عرض للافلام المصرية وذلك لحل مشكلة المشاركة التي نواجهها كل عام، حيث يخشي المنتجون من أن تتأثر ايرادت الفيلم بعرضه في المهرجان قبل عرضه جماهيريا . بينما يؤكد ممدوح الليثي رئيس مهرجان الإسكندرية السينمائي، أن نجاح أي مهرجان يتوقف علي جودة الأفلام المشاركة، فضلا عن نزاهة التحكيم في المسابقات المختلفة؛ لأنه إذا فقد عدالته يفقد المهرجان سمعته، فلا يجب أن تكون هناك مجاملة ولا تعصب، وتكون النتيجة سرية لا تتسرب إلا لحظة إعلانها، وبذلك يضمن المهرجان احترام الجميع ومن المهم جدا أن يتوفر عنصر الإبهار علي الأقل في حفلي الافتتاح والختام . ويضيف: ان الفرق بين المهرجانين كان ومهرجان الاسكندرية الدولي، ينحصر في عملية الإبهار التي يجيدونها، والفرق شاسع في الإمكانات فهم يتحكمون في ذلك من خلال ميزانية تتخطي ال30 مليون يورو ومثلهما مهرجانات دبي وأبوظبي، أما نحن فميزانيتنا مليون وأربعمائة ألف جنيه! وينفي الليثي أن تكون المهرجانات الإقليمية كأبوظبي ودبي أثرت علي مهرجاناتنا، واعتبرها بكل ما فيها من عمليات إبهار فقط منافسة، كما يرفض ما يشاع بأن منتجينا يفضلونها علي مهرجاناتنا، والمشكلة هي أنهم يقدمون جوائز للفيلم الفائز تقترب من مليون جنيه، أما نحن فنمنح الفائز شهادة تقدير. ويستنكر الليثي عدم اهتمام الفنانين بالمهرجان وحضوره إلا اذا تم تكريمهم، كما ان كثيرًا منهم لا يحرصون علي حضور ندوات افلامهم. وفي المقابل رحبت الفنانة نيللي كريم بعرض أي من أفلامها في مهرجان القاهرة السينمائي، الا انها تري ان الافلام المصرية عندما تدخل مسابقات المهرجان تواجه هجوما عنيفا مما يؤثر سلباً علي مستقبل الفيلم تجاريا؛ وبالتالي يفتقد للمشاهدة التي تناسب حجم وأهمية الفيلم، وذلك ما حدث لفيلمها (آخر الدنيا) الذي واجه هجومًا شرسًا قبل عرضه مما جعل الكثيرين لا يشاهدونه، وكذلك فيلمها "واحد صفر"، وأيضا فيلم "678" والذي تعرض لهجوم شديد بمجرد معرفة مشاركته في المهرجان. ومن ناحية أخري، يؤكد الفنان عمرو واكد ان مهرجان القاهرة السينمائي تعرض لانهيار بعد رحيل سعد الدين وهبة.. مؤكداً أن المهرجان يحتاج إلي رعاة ودعم من الدولة والفنانين، فعلي الدولة ان تقوم بتعديلات تشريعية تسهل عمل المنتجين.. ويري واكد ان سبب انهيار المهرجانات يرجع إلي انحدار قيمة الثقافة، فالسينما بالاساس هي سلعة ثقافية؛ ففي الماضي كانت الثقافة سلعة أساسية لدي المواطن المصري، لذلك كانت هناك العديد من الأسماء اللامعة في مجال الرواية والسينما، ولكن الأمر تحول بشكل جذري في العصر الحالي. وبالنظر الي مهرجان "ابو ظبي" نري انه مر عليه فقط اربع دورات الا انه استطاع ان يثبت نفسه عالميا وذلك من خلال التواجد الاعلامي في جميع الجرائد ووسائل الاعلام العالمية الكبري، كما أنه يحرص أيضا علي مد يد العون إلي السينمائيين العرب. وكذلك فقد استطاع مهرجان "دبي" أن يترك بصمة واضحة علي ضيوفه خلال دوراته السابقة التي بدأت منذ العام 2004 بما قدمه من فعاليات وورش عمل وندوات وجلسات مع تقديم أفلام تعتبر من أعظم الإبداعات السينمائية من جميع أنحاء العالم، إضافة إلي ما يتمتع به من مكانة بارزة في الدعوة إلي التبادل الثقافي، والتقريب بين مختلف الثقافات والحضارات والشعوب. ومن هنا يمكن القول بأن أزمة المهرجانات تكمن في عدم وجود وعي بثقافة تلك المهرجانات لدي الدولة المنظمة والدليل الاكبر عليها هو أن تظل أزمة خلو مهرجان القاهرة من نجومه هي الأزمة الدائمة، ومن ثم فلكي يحقق المهرجان النجاح المطلوب فلابد من تحقيق الاحترام له من قبل نجومه اولا ثم الثقة المتبادلة بين المهرجان وصناع السينما من ناحية والجمهور من ناحية أخري.