فقد أكدت دراسة حديثة لمركز معلومات مجلس الوزراء ان حجم الاستهلاك المحلي من القمح يقدر بنحو 13 مليون طن وحجم الإنتاج يقدر بنحو 6.6 مليون طن يغطي 54% من حجم الاستهلاك حيث يتم استيراد ال 46% الباقية. وأشارت الدراسة إلي ان مساحة زراعة القمح تمثل 38% من إجمالي المساحة المزروعة في الموسم الشتوي يليه البرسيم وان تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح لابد أن يصل إلي 80% من الاستهلاك ويتطلب ذلك توفير مياه الري وزيادة العمالة الزراعية وزيادة استهلاك الأسمدة وفي المقابل سيؤدي إلي زيادة إنتاج اللحوم والألبان ونقص مساحات البرسيم والزراعات الأخري تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح يتطلب زيادة المساحة المزروعة سنوياً بنحو 209 آلاف فدان وترتفع تدريجيا إلي 400 ألف فدان وتتدرج نسبة الاكتفاء الذاتي إلي 60% ثم 70% ثم 80%. وأكدت الدراسة ان هناك عدداً من التحديات تواجه التوسع في زراعة القمح في مصر منها صافي عائد فدان البرسيم حيث ارتفع عن فدان القمح بنسبة زيادة 86% مما يدفع المزراعين إلي التمسك بزراعة البرسيم بدلاً من القمح ومن التحديات أيضاً انخفاض الكميات التي يتم توريدها من القمح، حيث ان الكميات الموردة من المزارعين لبنك التنمية والائتمان الزراعي والمطاحن لا تتناسب مع الإنتاج الكلي للقمح حيث ان المزارعين يحتفظون بنسبة 70% من الإنتاج للاستهلاك الذاتي وانخفضت نسبة التوريد إلي 25% خلال السنوات الماضية. هذا بالإضافة إلي نقص كميات الأعلاف عن الاحتياجات الفعلية حيث يستهلك الإنتاج الحيواني كميات كبيرة من إنتاج القمح إلي جانب الأعلاف الخضراء وان زيادة مساحات القمح ستؤدي إلي وجود شديد في الأعلاف مما يؤدي إلي زيادة استيراد اللحوم والألبان وارتفاع أسعار واستيراد أعلاف لتغطية النقص في مساحات البرسيم. وطالبت الدراسة بالتركيز علي الأراضي الجديدة لإنتاج أصناف عالية من القمح والبرسيم والتوسع في التركيب المحصولي وتحميل القمح علي القطن والبحث عن أسلوب جديد لدعم القمح والحد من استخدامه كعلف حيواني لانخفاض أسعاره مقارنة بأسعار الأعلاف الأخري. ويؤكد د. إمام الجسمي وكيل بحوث الاقتصاد الزراعي السابق بمركز البحوث الزراعية ان الشعب المصري أصبح يعتمد في استهلاكه الغذائي علي القمح لظروف اقتصادية وأصبح القمح هو الغذاء الرئيسي وأن أي أزمة تحدث في القمح يخلفها أزمة في الاقتصاد المصري مما يعرض الأمن الغذائي للخطر مشيراً إلي ضرورة ان تحقق مصر اكتفاء ذاتياً من القمح ولا يمكن ان تعتمد دائماً علي الاستيراد من الخارج حيث ان الاستيراد أصبحت له قواعد باعتبار ان السوق العالمية للقمح تعتمد علي 10 دول تصدر 90% من القمح العالمي وتسمي سوق القمح المستورد بسوق "القلة" لأنها سوق احتكارية وبالتالي تعرض هذه الدول شروطها والقمح يستخدم كسلاح سياسي للتأثير في قرارات الدول. ويقول الجسمي إن إنتاج مصر من القمح 18 أردباً للفدان وبالتالي فنحن نحتاج 4.5 مليون فدان لزراعته لتحقيق الاكتفاء الذاتي وحاليا نزرع في حدود 2.6 مليون فدان وأن أكبر مساحة قمح تم زراعتها في عهد الوزير أحمد الليثي فالمساحة المحصولية في مصر لا تسمح بزراعة أكثر من 3 ملايين فدان مؤكداً أن السياسة الزراعية المتبعة حالياً فيها "تعالي" علي المزارعين حيث انعدام التشجيع علي زراعة القمح ولابد من إعلان السعر قبل توقيت الزراعة ويكون السعر المحلي أعلي من العالمي للتشجيع علي زراعة القمح ولابد أن يكون إعلان الحكومة للسعر ملزما لها. ويوضح ان الحكومة كانت المستورد الوحيد للقمح وبعد سماح القطاع الخاص باستيراد القمح ببيعه للحكومة أصبح السؤال الآن لماذا لا تستورد الحكومة القمح مباشرة؟ ولماذا سمحت للقطاع الخاص بالاستيراد وبأصناف رديئة؟ فعند البحث عن أسماء المستوردين نجدهم أبناء مسئولين كبار، مما يفتح الفساد في عمليات الاستيراد والدليل علي ذلك ضبط العديد من صفقات القمح الفاسد التي لا تصلح للاستهلاك الآدمي. ويؤكد د. عبد السلام جمعة رئيس مركز البحوث الزراعية وخبير القمح إلي ان مصر تحتاج إلي زراعة 5 ملايين فدان بالقمح وليس لديها هذه المساحة وأنه مستهدف زراعة 4 ملايين فدان في خطة الاستصلاح حتي عام 2017 مشيراً إلي أنه من المفروض ان تقوم هيئة السلع التموينية بالاستيراد من الخارج بدلاً من تكليف رجال الأعمال باستيراد "زبالة القمح" بحجة أن رجال الأعمال لديهم سيولة مالية. ويشير د. محمد النحراوي مدير معهد بحوث المحاصيل الحقلية ان القمح يعد سلعة استراتيجية سياسية من الدرجة الأولي ولابد من تحقيق الاكتفاء الذاتي أو علي الأقل 80% وان هذا لن يأتي إلا بدعم المزارع الصغير وبالتالي فإن الفقراء في الريف لهم أولوية الدعم وذلك باعتبارهم منتجين ودعم هؤلاء المزارعين بسعر أعلي من العالمي سيعمل علي تشجيعهم علي زيادة الإنتاج حيث ارتفعت مدخلات الإنتاج والأسمدة بشكل كبير، مما أصبح يشكل عبئا علي المزارعين، مشيراً إلي أن الدول الأوروبية والولايات المتحدة تقوم بإعطاء سعر الضمان للمزارع عوضا عن استيراد أي محصول من الخارج وهي سياسة لابد من تطبيقها في مصر. ويضيف ان القمح محصول الغذاء الرئيسي الذي تهدف الدولة إلي استخدام أكبر كمية منه في صناعة رغيف الخبز المدعم ورفع نسبة الاكتفاء الذاتي في إنتاجيته فمن الضروري الإعلان الفوري عن سعر ضمان لاستلام المحصول بحيث يتساوي مع السعر العالمي لنفس درجة جودة الاقماح المصرية مضافاً إليه علاوة تشجيعية بحيث يكون الحد الأدني لسعر الضمان 330 جنيهاً للإردب. ويشير د. محمد العميري رئيس الإدارة المركزية لإنتاج التقاوي السابق إلي ان كمية التقاوي التي تنتجها الإدارة وشركات القطاع الخاص تعطي 30% من مساحات القمح المزروعة خلال السنوات العشر السابقة، بينما تمثل تقاوي المزارع حوالي 70% من المساحة المزروعة وهذا يعني عزوف المزارع عن زراعة القمح بنسبة 30% أي أن المشكلة تتجاوز التقاوي وسعرها وان المشكلة ليست في أسعار التقاوي وغالبية المزارعين يدركون هذه الحقيقة مشيراً إلي ان المردود الاقتصادي لاستخدام التقاوي، مؤكدا ان ربط توزيع الأسمدة بتقاوي القمح يترتب عليه مشاكل صحية وبيئية نتيجة الاستخدامات الأخري لتقاوي القمح المعامل بالمطهرات الفطرية في غير الغرض المخصص له وزيادة أسعار التقاوي يرجع الزيادة سعر شراء الخام إلي 450 جنيها بدلاً من 200 جنيه محققة نسبة زيادة 225% وبلغت تكلفة المطهرات 33.85 جنيه في الموسم الماضي محققة زيادة بلغت 116% وارتفعت تكاليف النقل إلي 21.25 جنيه بدلاً من 13.50 جنيه في الموسم السابق محققة زيادة بلغت نسبتها 157% و كذلك بالنسبة لباقي عناصر مستلزمات الإنتاج.