حازم خميس يكشف مصير مباراة الأهلي والترجي بعد إيقاف تونس بسبب المنشطات    المتحدة تنعى الإذاعي الكبير أحمد أبو السعود    حازم خميس يكشف مصير مباراة الأهلي والترجي بعد إيقاف تونس بسبب المنشطات    بركات: شخصية زد لم تظهر أمام المقاولون.. ومعجب بهذا اللاعب    طقس اليوم .. إحذر الرياح تضرب هذه المناطق    التموين تشن حملات لضبط الأسعار في القليوبية    لندن تتوقع بدء عمليات ترحيل اللاجئين إلى رواندا في يوليو المقبل    هييجي امتي بقى.. موعد إجازة عيد شم النسيم 2024    عرض غريب يظهر لأول مرة.. عامل أمريكي يصاب بفيروس أنفلونزا الطيور من بقرة    هل تقديم طلب التصالح على مخالفات البناء يوقف أمر الإزالة؟ رئيس «إسكان النواب» يجيب (فيديو)    استقرار سعر السكر والأرز والسلع الأساسية بالأسواق في بداية الأسبوع السبت 4 مايو 2024    تقرير: 26% زيادة في أسعار الطيران السياحي خلال الصيف    وكالة فيتش ترفع نظرتها المستقبلية لمصر وتثبت تصنيفها عند -B    وكالة فيتش ترفع نظرتها المستقبلية لمصر إلى إيجابية    الإسكندرية ترفع درجة الاستعداد لاستقبال عيد القيامة المجيد وشم النسيم    مراقبون: صحوات (اتحاد القبائل العربية) تشكيل مسلح يخرق الدستور    استشهاد فلسطينيين اثنين خلال اقتحام الجيش الإسرائيلي بلدة دير الغصون شمال طولكرم    أحمد ياسر يكتب: التاريخ السري لحرب المعلومات المُضللة    كندا توقف 3 أشخاص تشتبه في ضلوعهم باغتيال ناشط انفصالي من السيخ    حسين هريدي ل«الشاهد»: الخلاف الأمريكي الإسرائيلي حول رفح متعلق بطريقة الاجتياح    السودان وتشاد.. كيف عكرت الحرب صفو العلاقات بين الخرطوم ونجامينا؟ قراءة    تصريح دخول وأبشر .. تحذير من السعودية قبل موسم الحج 2024 | تفاصيل    سيول وفيضانات تغمر ولاية أمريكية، ومسؤولون: الوضع "مهدد للحياة" (فيديو)    عضو «تعليم النواب»: ملف التعليم المفتوح مهم ويتم مناقشته حاليا بمجلس النواب    «البيطريين» تُطلق قناة جديدة لاطلاع أعضاء النقابة على كافة المستجدات    سلوي طالبة فنون جميلة ببني سويف : أتمني تزيين شوارع وميادين بلدنا    أول تعليق من الخطيب على تتويج الأهلي بكأس السلة للسيدات    دينا عمرو: فوز الأهلي بكأس السلة دافع قوي للتتويج بدوري السوبر    سيدات سلة الأهلي| طارق خيري: كأس مصر هديتنا إلى الجماهير    سيدات سلة الأهلي| فريدة وائل: حققنا كأس مصر عن جدارة    ملف يلا كورة.. اكتمال مجموعة مصر في باريس.. غيابات القطبين.. وتأزم موقف شيكابالا    250 مليون دولار .. انشاء أول مصنع لكمبوريسر التكييف في بني سويف    برلماني: تدشين اتحاد القبائل رسالة للجميع بإصطفاف المصريين خلف القيادة السياسية    أمن القليوبية يضبط «القط» قاتل فتاة شبرا الخيمة    مصرع طفلين إثر حادث دهس في طريق أوتوستراد حلوان    احتراق فدان قمح.. ونفوق 6 رؤوس ماشية بأسيوط    لا ضمير ولا إنسانية.. خالد أبو بكر يستنكر ترهيب إسرائيل لأعضاء الجنائية الدولية    توفيق عكاشة: الجلاد وعيسى أصدقائي.. وهذا رأيي في أحمد موسى    سعر الذهب اليوم في السعودية وعيار 21 الآن ببداية تعاملات السبت 4 مايو 2024    آمال ماهر تبدع في غناء "ألف ليلة وليلة" من حفل جدة    حظك اليوم برج الجدي السبت 4-5-2024 مهنيا وعاطفيا    شيرين عبد الوهاب : النهاردة أنا صوت الكويت    مينا مسعود أحد الأبطال.. المطرب هيثم نبيل يكشف كواليس فيلم عيسى    رشيد مشهراوي عن «المسافة صفر»: صناع الأفلام هم الضحايا    دعاء الفجر مكتوب مستجاب.. 9 أدعية تزيل الهموم وتجلب الخير    دعاء الستر وراحة البال .. اقرأ هذه الأدعية والسور    وكالة فيتش ترفع آفاق تصنيف مصر الائتماني إلى إيجابية    طبيب يكشف سبب الشعور بالرغبة في النوم أثناء العمل.. عادة خاطئة لا تفعلها    أخبار التوك شو| مصر تستقبل وفدًا من حركة حماس لبحث موقف تطورات الهدنة بغزة.. بكري يرد على منتقدي صورة حسام موافي .. عمر كمال بفجر مفاجأة    «يباع أمام المساجد».. أحمد كريمة يهاجم العلاج ببول الإبل: حالة واحدة فقط بعهد الرسول (فيديو)    حدث بالفن| مايا دياب تدافع عن نيشان ضد ياسمين عز وخضوع فنان لجراحة وكواليس حفل آمال ماهر في جدة    تحرير 12 محضرا تموينيا خلال حملة مكبرة في البحيرة    التحقيقات تكشف سبب مقتل شاب علي يد جزار ونجله في السلام    فريق طبي يستخرج مصباحا كهربائيا من رئة طفل    في عيد العمال.. تعرف على أهداف ودستور العمل الدولية لحماية أبناءها    حسام موافي يوجه نصائح للطلاب قبل امتحانات الثانوية العامة (فيديو)    بالصور| انطلاق 10 قوافل دعوية    المفتي: تهنئة شركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم من قبيل السلام والمحبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التعليم الديني في مصر.. الأفكار المدمرة
نشر في صوت البلد يوم 25 - 02 - 2016

إن التخلص من الأفكار المدمرة أو محاولة حصرها، لم يتم من خلال محاولات التغيير المستمرة للمناهج الدراسية، حيث نجد أنه مع كل أزمة مجتمعية يتم توجيه انتقادات حادة حول بعض المفاهيم والمعلومات والقيم السلبية التي تضمنتها المناهج التعليمية، فيتجه المسؤولون نحو الحذف أو الإضافة دون رؤية متكاملة تستند إلى التغيير في ضوء فلسفة تستهدف المواطنة والتنوير والتفكير الناقد. ولم تأت محاولات التطوير غالباً إلا بالفشل؛ لأن هذا التطوير لا يتضمن مواجهة العنف والتسلط والتطرف من خلال فتح باب الحوار والاجتهاد وإعمال العقل ومقارعة الحجة بالحجة، وإتاحة حرية التعبير والتفكير دون قيود أو تخوين.
تقديس الشخصيات
إن تحويل الشخصيات التاريخية الدينية إلى شخصيات مقدسة من خلال إخراجها من السياق التاريخي، يُسهم في تكوين ذهنية منغلقة ضيقة التفكير لا تقبل الاختلاف، ومن ثم فإن المناهج الدراسية -بشكل عام- جميعها، ولاسيما العلوم الإنسانية فيها، تحتاج لإعادة النظر، ليس فقط من خلال الحذف والإضافة، حتى وإن كان هذا الحذف للفقرات التي تدعو للعنف والتطرف، وإنما من خلال تحويلها من الجمود إلى المرونة، ومن الأحادية إلى التنوع والتعددية، ومن التلقين إلى الحوار، ومن الاعتماد على الآخر إلى الاعتماد على الذات، ومن الحفظ والتلقين إلى التفكير وإعمال العقل، ومن ثقافة التعصب إلى ثقافة المواطنة.
ليست –فقط- المناهج الدراسية هي التي في حاجة للتغيير الجذري، وإنما –أيضاً- الثقافة المدرسية التي أصبحت تمد جماعات العنف الديني برصيد هائل من عضويتها، فالمدرسة أصبحت -هي نفسها- مكاناً خصباً وملائماً لحوادث العنف بين الطلبة بعضهم البعض وبينهم وبين المعلمين، ثم امتد ذلك ليكون خارج المدارس ليشمل المجتمع بأسره، ويبدو أن المدارس قد توقفت تماماً عن دورها المؤثر مجتمعياً، من خلال كونها عوازل واقية ضد ثقافة داعمة للعنف، إلى كونها إحدى آليات فرز العنف والتطرف.
أهداف تغيير التعليم
• أن المعارف والمعلومات التي تقدم من خلال منظومة المنهج يجب أن تميز بين الواقعي والوهمي.
• أن تكون جميع الأفكار والآراء قابلة للنقد والتقويم.
• المساهمة المناهج الدراسية والمناخ الصفي واللاصفي والمدرسة برمتها في تنمية قيم التسامح والتواصل الإنساني.
• المساهمة العملية التعليمية في إحداث تغيرات إيجابية للمتعلمين تكسبهم الوعي وعمق التفكير وإمكانات التفاعل مع أحداث الحاضر والمتغيرات المستقبلية.
• الابتعاد عن التمييز المحتمل في البنائية والعزلة والطائفية.
ونقطة البداية كمسؤولية ثقافية وطنية، هي الخروج أو تحديد أساليب الخروج من أزمة انتشار الفكر المتطرف الديني، وذلك من خلال العمل على فصل الدين عن العلم، فالأول، أي الدين، ثابت يقيني مقدس، ويجب أن يكون مكانه المسجد أو الكنيسة، أما الثاني، أي العلم، فهو نسبي متغير ومكانه المؤسسات التعليمية.
مقترحات تجديد المناهج
الأول: تنقية مناهج التربية الدينية الإسلامية والمسيحية من التراث والقصص والأساطير التي تُحكَى في المناسبات ويستحسنها الناس، ووردت في الفكر الديني واحتلت مساحة واسعة لدى بعض رجال الدين، حتى تحولت وأصبحت جزءاً من الدين.
الثاني: لمواجهة البيئة التمييز، في التعليم المصري، يصبح من الضروري تدريس الأديان كلها من خلال منهج واحد يسمى "دراسات الأديان"، وذلك بهدف تعميق إدراك التعددية الدينية وإكساب المتعلمين القدرة على فهم الدور الذي تلعبه الأديان في العالم.
الثالث: أن يدرس النسق القيمي الذي هو في حقيقة الأمر متضمن لدى جميع الأديان من خلال منهج واحد يسمى "الأخلاق والقيم"، ويُدرس لكل من المسلمين والمسيحيين، وتبقى العقائد فيتم نقلها من خلال المسجد والكنيسة والأسرة، وفى كل الأحول، فإن تدريس المناهج الدينية يجب أن يكون في ظل تلك المبادئ:
1- يجب أن يتلقى الطلاب معلومات عن الأديان والمعتقدات في مناخ يتسم باحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية والقيم المدنية.
2- يجب على من تقع عليه مسؤولية تدريس الأديان والمعتقدات أن يكون ملتزماً بالحرية الدينية ومؤمناً بفكرة التعددية والتسامح، وأن يسهم في دفع مناخ المدرسة إلى تعزيز حماية حقوق الآخرين في ضوء الاحترام المتبادل بين جميع الأفراد في المدرسة.
3- المراجعة الدائمة والمستمرة من خلال أجهزة استشارية، وإتاحة إمكانية لأولياء الأمور والطلاب والمعلمين لإبداء آرائهم في المناهج، مع التزام الحياد إلى جانب الحذر من أن تحتوي المواد التعليمية على معلومات غير دقيقة أو مسيئة لمعتقدات الآخرين.
4- الاهتمام بتطوير مناهج التدريب الأساسية لإعداد المعلم على مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان، وأن تتضمن فكرة التنوع الثقافي والديني في المجتمع. أيضاً يجب تطوير المناهج للمعايير المتعارف عليها لضمان تدريس الأديان بشكل مرن، مع إعطاء الفرصة للأطراف المهتمة بإعطاء النصائح والتعليقات حول المناهج.
5- إن شيوع التطرف في التفكير لدرجة العنف بكل أشكاله، يجعل فهم الآخر قضية ملحة حتى يمكن التعامل معه بوعي، وهذا يعني تدريس الأديان السماوية وغيرها على أسس من الموضوعية والتركيز على ما هو مشترك، حتى يصل الجميع للفهم الجيد للمعتقدات المختلفة، مما يسهم في الإعلاء من القيمة الإيجابية لاحترام حق الآخر في اختيار الدين والمعتقد.
6- ولمناهضة التعصب، يجب أن تدرس الأديان -بشكل عام- انطلاقاً من مبدأ التعددية، وحوار واحترام الحضارات وليس الصراع، ذلك لأن شيوع سوء التفاهم والتصنيف السلبي والتحقير للآخر، كلها أعراض لغياب الفهم الحقيقي لمعتقدات الآخرين، مما يدفع إلى الكراهية والعنف.
7- بالنسبة لمناهج التربية الدينية، يجب أن يتضمن خطابها قيم الحرية والتعددية واحترام الأديان والبعد عن التعصب، فالحقيقة ليست ملكاً لأحد، وأن تكون لغة الخطاب التي تقدم للطلاب مستندة إلى العقل ومخاطبته من التعايش في ظل ثقافة متسامحة تؤمن بالمساواة والحرية بين جميع البشر.
حالات الأسلمة
إن الملاحظ أن حالات أسلمة كثير من الموضوعات واضحة، حيث نجد في المنهج السابق نفسه (ص10) بث آيات قرآنية لا تُضيف شيئاً لعلم الجغرافيا، وليس الحال أفضل في مجال التاريخ، ففي (ص14) يقول: "إن بعض ملوك الدولة الفرعونية القديمة قد اهتموا باستقلال الموارد كافة التي وهبها الله لمصر"، أو عبارة "أنعم الله على المصريين منذ فجر التاريخ"، والحقيقة أن محاولة أسلمة المناهج أو عملية تديينها، ليست قائمة علىوعي، مما يكشف -وبشكل صريح- عن العشوائية في إطلاق المناسبات للخروج بكلمة من هنا أو هناك، وفى الوقت نفسه، فهي مناهج تفتقد للشجاعة لأنها لا تحاول الاشتباك مع القضايا والمشكلات التاريخية والصراعات والمنعطفات بوعي وإدراك وشمولية، وهي بذلك لا تعد الطلاب ولا ترغب في أن تعدهم للتعامل مع المشكلات بجدية.
إن ما قاله سعد زغلول لرفيقه مكرم عبيد يؤكد أن مصر مرت بمرحلة كانت فيها الوحدة الوطنية متماسكة، وكان التسامح الديني والإيمان بالمساواة أمرين واضحين، وربما كان ذلك للسعي من أجل استقلال مصر، أي وجود قاسم مشترك بين المسلمين والمسيحيين بالدعوة للاستقلال عن الخلافة العثمانية عبر دعوة أحمد لطفي السيد (1872-1963) "مصر للمصريين"، غير أن ذلك السعي لترسيخ قيم المواطنة، قد أخذ شكله المتكامل بعد ثورة 1919 التي اشتركت فيها الأمة بجميع طوائفها، وجاء دستور 1923 الذي أسس لدولة مدنية حديثة في مختلف الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وقد انعكست تلك القيم على التعليم العام والعالي الذي لم يكن يثير -في مناهجه أو أهدافه أو أنشطته- أي تمييز على أساس ديني.
....
*خلاصة من بحث إلهام عبد الحميد فرجالدين في التعليم المصري وتنشئة التطرف، ضمن الكتاب 103 (تموز 2015) جدل التعليم الديني: التاريخ النماذج الإصلاح الصادر عن مركز المسبار للدراسات والبحوث- دبي.
إن التخلص من الأفكار المدمرة أو محاولة حصرها، لم يتم من خلال محاولات التغيير المستمرة للمناهج الدراسية، حيث نجد أنه مع كل أزمة مجتمعية يتم توجيه انتقادات حادة حول بعض المفاهيم والمعلومات والقيم السلبية التي تضمنتها المناهج التعليمية، فيتجه المسؤولون نحو الحذف أو الإضافة دون رؤية متكاملة تستند إلى التغيير في ضوء فلسفة تستهدف المواطنة والتنوير والتفكير الناقد. ولم تأت محاولات التطوير غالباً إلا بالفشل؛ لأن هذا التطوير لا يتضمن مواجهة العنف والتسلط والتطرف من خلال فتح باب الحوار والاجتهاد وإعمال العقل ومقارعة الحجة بالحجة، وإتاحة حرية التعبير والتفكير دون قيود أو تخوين.
تقديس الشخصيات
إن تحويل الشخصيات التاريخية الدينية إلى شخصيات مقدسة من خلال إخراجها من السياق التاريخي، يُسهم في تكوين ذهنية منغلقة ضيقة التفكير لا تقبل الاختلاف، ومن ثم فإن المناهج الدراسية -بشكل عام- جميعها، ولاسيما العلوم الإنسانية فيها، تحتاج لإعادة النظر، ليس فقط من خلال الحذف والإضافة، حتى وإن كان هذا الحذف للفقرات التي تدعو للعنف والتطرف، وإنما من خلال تحويلها من الجمود إلى المرونة، ومن الأحادية إلى التنوع والتعددية، ومن التلقين إلى الحوار، ومن الاعتماد على الآخر إلى الاعتماد على الذات، ومن الحفظ والتلقين إلى التفكير وإعمال العقل، ومن ثقافة التعصب إلى ثقافة المواطنة.
ليست –فقط- المناهج الدراسية هي التي في حاجة للتغيير الجذري، وإنما –أيضاً- الثقافة المدرسية التي أصبحت تمد جماعات العنف الديني برصيد هائل من عضويتها، فالمدرسة أصبحت -هي نفسها- مكاناً خصباً وملائماً لحوادث العنف بين الطلبة بعضهم البعض وبينهم وبين المعلمين، ثم امتد ذلك ليكون خارج المدارس ليشمل المجتمع بأسره، ويبدو أن المدارس قد توقفت تماماً عن دورها المؤثر مجتمعياً، من خلال كونها عوازل واقية ضد ثقافة داعمة للعنف، إلى كونها إحدى آليات فرز العنف والتطرف.
أهداف تغيير التعليم
• أن المعارف والمعلومات التي تقدم من خلال منظومة المنهج يجب أن تميز بين الواقعي والوهمي.
• أن تكون جميع الأفكار والآراء قابلة للنقد والتقويم.
• المساهمة المناهج الدراسية والمناخ الصفي واللاصفي والمدرسة برمتها في تنمية قيم التسامح والتواصل الإنساني.
• المساهمة العملية التعليمية في إحداث تغيرات إيجابية للمتعلمين تكسبهم الوعي وعمق التفكير وإمكانات التفاعل مع أحداث الحاضر والمتغيرات المستقبلية.
• الابتعاد عن التمييز المحتمل في البنائية والعزلة والطائفية.
ونقطة البداية كمسؤولية ثقافية وطنية، هي الخروج أو تحديد أساليب الخروج من أزمة انتشار الفكر المتطرف الديني، وذلك من خلال العمل على فصل الدين عن العلم، فالأول، أي الدين، ثابت يقيني مقدس، ويجب أن يكون مكانه المسجد أو الكنيسة، أما الثاني، أي العلم، فهو نسبي متغير ومكانه المؤسسات التعليمية.
مقترحات تجديد المناهج
الأول: تنقية مناهج التربية الدينية الإسلامية والمسيحية من التراث والقصص والأساطير التي تُحكَى في المناسبات ويستحسنها الناس، ووردت في الفكر الديني واحتلت مساحة واسعة لدى بعض رجال الدين، حتى تحولت وأصبحت جزءاً من الدين.
الثاني: لمواجهة البيئة التمييز، في التعليم المصري، يصبح من الضروري تدريس الأديان كلها من خلال منهج واحد يسمى "دراسات الأديان"، وذلك بهدف تعميق إدراك التعددية الدينية وإكساب المتعلمين القدرة على فهم الدور الذي تلعبه الأديان في العالم.
الثالث: أن يدرس النسق القيمي الذي هو في حقيقة الأمر متضمن لدى جميع الأديان من خلال منهج واحد يسمى "الأخلاق والقيم"، ويُدرس لكل من المسلمين والمسيحيين، وتبقى العقائد فيتم نقلها من خلال المسجد والكنيسة والأسرة، وفى كل الأحول، فإن تدريس المناهج الدينية يجب أن يكون في ظل تلك المبادئ:
1- يجب أن يتلقى الطلاب معلومات عن الأديان والمعتقدات في مناخ يتسم باحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية والقيم المدنية.
2- يجب على من تقع عليه مسؤولية تدريس الأديان والمعتقدات أن يكون ملتزماً بالحرية الدينية ومؤمناً بفكرة التعددية والتسامح، وأن يسهم في دفع مناخ المدرسة إلى تعزيز حماية حقوق الآخرين في ضوء الاحترام المتبادل بين جميع الأفراد في المدرسة.
3- المراجعة الدائمة والمستمرة من خلال أجهزة استشارية، وإتاحة إمكانية لأولياء الأمور والطلاب والمعلمين لإبداء آرائهم في المناهج، مع التزام الحياد إلى جانب الحذر من أن تحتوي المواد التعليمية على معلومات غير دقيقة أو مسيئة لمعتقدات الآخرين.
4- الاهتمام بتطوير مناهج التدريب الأساسية لإعداد المعلم على مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان، وأن تتضمن فكرة التنوع الثقافي والديني في المجتمع. أيضاً يجب تطوير المناهج للمعايير المتعارف عليها لضمان تدريس الأديان بشكل مرن، مع إعطاء الفرصة للأطراف المهتمة بإعطاء النصائح والتعليقات حول المناهج.
5- إن شيوع التطرف في التفكير لدرجة العنف بكل أشكاله، يجعل فهم الآخر قضية ملحة حتى يمكن التعامل معه بوعي، وهذا يعني تدريس الأديان السماوية وغيرها على أسس من الموضوعية والتركيز على ما هو مشترك، حتى يصل الجميع للفهم الجيد للمعتقدات المختلفة، مما يسهم في الإعلاء من القيمة الإيجابية لاحترام حق الآخر في اختيار الدين والمعتقد.
6- ولمناهضة التعصب، يجب أن تدرس الأديان -بشكل عام- انطلاقاً من مبدأ التعددية، وحوار واحترام الحضارات وليس الصراع، ذلك لأن شيوع سوء التفاهم والتصنيف السلبي والتحقير للآخر، كلها أعراض لغياب الفهم الحقيقي لمعتقدات الآخرين، مما يدفع إلى الكراهية والعنف.
7- بالنسبة لمناهج التربية الدينية، يجب أن يتضمن خطابها قيم الحرية والتعددية واحترام الأديان والبعد عن التعصب، فالحقيقة ليست ملكاً لأحد، وأن تكون لغة الخطاب التي تقدم للطلاب مستندة إلى العقل ومخاطبته من التعايش في ظل ثقافة متسامحة تؤمن بالمساواة والحرية بين جميع البشر.
حالات الأسلمة
إن الملاحظ أن حالات أسلمة كثير من الموضوعات واضحة، حيث نجد في المنهج السابق نفسه (ص10) بث آيات قرآنية لا تُضيف شيئاً لعلم الجغرافيا، وليس الحال أفضل في مجال التاريخ، ففي (ص14) يقول: "إن بعض ملوك الدولة الفرعونية القديمة قد اهتموا باستقلال الموارد كافة التي وهبها الله لمصر"، أو عبارة "أنعم الله على المصريين منذ فجر التاريخ"، والحقيقة أن محاولة أسلمة المناهج أو عملية تديينها، ليست قائمة علىوعي، مما يكشف -وبشكل صريح- عن العشوائية في إطلاق المناسبات للخروج بكلمة من هنا أو هناك، وفى الوقت نفسه، فهي مناهج تفتقد للشجاعة لأنها لا تحاول الاشتباك مع القضايا والمشكلات التاريخية والصراعات والمنعطفات بوعي وإدراك وشمولية، وهي بذلك لا تعد الطلاب ولا ترغب في أن تعدهم للتعامل مع المشكلات بجدية.
إن ما قاله سعد زغلول لرفيقه مكرم عبيد يؤكد أن مصر مرت بمرحلة كانت فيها الوحدة الوطنية متماسكة، وكان التسامح الديني والإيمان بالمساواة أمرين واضحين، وربما كان ذلك للسعي من أجل استقلال مصر، أي وجود قاسم مشترك بين المسلمين والمسيحيين بالدعوة للاستقلال عن الخلافة العثمانية عبر دعوة أحمد لطفي السيد (1872-1963) "مصر للمصريين"، غير أن ذلك السعي لترسيخ قيم المواطنة، قد أخذ شكله المتكامل بعد ثورة 1919 التي اشتركت فيها الأمة بجميع طوائفها، وجاء دستور 1923 الذي أسس لدولة مدنية حديثة في مختلف الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وقد انعكست تلك القيم على التعليم العام والعالي الذي لم يكن يثير -في مناهجه أو أهدافه أو أنشطته- أي تمييز على أساس ديني.
....
*خلاصة من بحث إلهام عبد الحميد فرجالدين في التعليم المصري وتنشئة التطرف، ضمن الكتاب 103 (تموز 2015) جدل التعليم الديني: التاريخ النماذج الإصلاح الصادر عن مركز المسبار للدراسات والبحوث- دبي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.