عرف المسرح العربي خلال عام 2015 الذي شارف على الانتهاء غزارة في عدد الإنتاجات الجديدة بلغ الخمسمئة عرض، ومع ذلك بقيت هذه العروض حبيسة المهرجانات التي شاركت فيها، وفي المقابل واصلت العديد من المهرجانات المسرحية العربية دوراتها في العام الجاري، وهي ظاهرة صحية وجب تثمينها، وفي ما يلي أبرز هذه المهرجانات. مهرجان المسرح العربي الذي تنظمه الهيئة العربية للمسرح، وقد أقيمت دورته السابعة في العاصمة المغربية الرباط بمشاركة تسعة عروض في المسابقة الرسمية، اختيرت من بين 151 عرضا تأهل للمنافسة في المرحلة قبل النهائية. وفازت بجائزة أفضل عرض مسرحية “خيل تايهة” لفرقة “نعم” من مدينة الخليل الفلسطينية، وهي من تأليف عدنان العودة وإخراج إيهاب زاهدة، كما قدّمت في المهرجان ثمانية عروض موازية، وعُقدت ندوات ولقاءات وموائد مستديرة حول “مئوية المسرح المغربي”، إضافة إلى الندوات التطبيقية حول العروض المسرحية المشاركة في المسابقة الرسمية. في ذات السياق احتضنت تونس الدورة ال17 لأيام قرطاج المسرحية التونسية، التي شملت أكثر من 80 عرضا مسرحيا تونسيا وعربيا وأفريقيا وأوروبيا، ونظمت ملتقى فكريا دوليا بعنوان “المسرح وحقوق الإنسان” تضمن ثلاثة محاور هي: دور المسرح في الوعي بالحقوق والحريات، الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للعاملين في القطاع المسرحي، وإشكاليات حقوق التأليف. وشهدت الجزائر بدورها انعقاد الدورة السابعة لمهرجان الجزائر الدولي في مدينة بجاية، التي استضافت فرقا من 17 دولة أوروبية وعربية وأفريقية، وتضمّنت قرابة 450 فعالية مسرحية، بمشاركة أكثر من 1500 مسرحي، وعقدت ملتقى دوليا حول “الطقس والمقدّس في المسرح المعاصر”، وندوات شارك فيها كتّاب وأكاديميون عرب، إلى جانب أيام دراسية حول الموسيقى والمسرح. الساحة المسرحية الخليجية عرفت ميلاد مهرجان الشارقة للمسرح الخليجي تنافست فيه ستة عروض مسرحية وعرفت الساحة المسرحية الخليجية ميلاد مهرجان الشارقة للمسرح الخليجي في دورته الأولى، التي تنافست فيها على جائزة المهرجان ستة عروض مسرحية تمثل دول مجلس التعاون الخليجي، وفاز بجائزة أفضل عرض متكامل “لا تقصص رؤياك” لفرقة مسرح الشارقة الوطني، من تأليف إسماعيل عبدالله وإخراج محمد العامري، إضافة إلى جائزة أفضل نص وأفضل ممثل دور أول للإماراتي مروان عبدالله. وتواصل أيضا تنظيم المهرجان القومي للمسرح في مصر في دورته الثامنة، التي حملت اسم الممثل الراحل خالد صالح، وقد شاركت فيه فرق مسرح الدولة والمسرح المستقل ومسرح الهواة والمسرح الجامعي ب35 عرضا، للتنافس على مجموعة جوائز حملت أسماء عدد من رموز المسرح المصري. مهرجانات جديدة على صعيد المهرجانات، أيضا، تميز عام 2015 بظهور عدة مهرجانات مسرحية جديدة منها: مهرجان المسرح العراقي الأول ضد الإرهاب، مهرجان جلجامش المسرحي الأول في البحرين، ومهرجان النيل المتنقل الدولي للمسرح في السودان. وشارك في المهرجان الأول أي مهرجان المسرح العراقي ضد الإرهاب، الذي نظمته دائرة السينما والمسرح، أحد عشر عملا مسرحيا من المحافظاتالعراقية حصرا في المسابقة الرسمية، واحتوى على جلسات نقدية وحلقة دراسية عن “المسرح والإرهاب”. وقد حصدت الجائزة الكبرى كأفضل عمل مسرحي متكامل فرقة البصرة عن مسرحيتها “جعبان” من تأليف الشاعر عبدالكريم العامري وإخراج حازم عبدالمجيد. وتضمن المهرجان الثاني أي مهرجان جلجامش المسرحي الأول في البحرين، الذي رعته هيئة البحرين للثقافة والآثار ومركز عيسى الثقافي، أربعة عروض محلية وثلاثة عربية من مصر والأردن وسلطنة عُمان، تنافست على جوائزه. وقد فازت بجائزة أفضل عرض المسرحية الأردنية “أعراس آمنة” المقتبسة عن رواية إبراهيم نصرالله وإخراج يحيى البشتاوي. وشارك في المهرجان الثالث أي مهرجان النيل المتنقل الدولي للمسرح في السودان، الذي أقيم بمبادرة من جماعتي “مسرح السودان الواحد” و”نادي المسرح الحر”، كل من العراق ومصر وليبيا وتونسوالجزائر والمغرب، إضافة إلى السودان، وهو يهدف إلى تعزيز ثقافة التعايش والسلم بين بلدان حوض النيل، وتبادل الخبرات الثقافية والمسرحية بين شعوبها. من العروض المتميزة التي قُدمت على عدد من المسارح العربية في عام 2015، نذكر عرض “عنف” التونسي للمخرج الفاضل الجعايبي، الذي كان بمثابة صرخة فزع من أجل إنقاذ تونس، تفضح فيه جليلة بكار، مؤلفة النص، شراسة الإنسان وحيوانيته، من خلال أربع جرائم تهز الشارع التونسي، انطلق منها الجعايبي ليغوص في البنية النفسية والذهنية والاجتماعية للقتلة الذين استباحوا الذات البشرية في لحظة ضعف وغضب تقترب من الجنون. ويأتي عرض “خيل تائهة” الفلسطيني، نص عدنان العودة وإخراج إيهاب زاهدة من جملة أفضل عروض 2015، وهو يسرد حكاية طفلة اسمها “تايهة”، وهي بدوية في الصحراء السورية، خرجت مرة لتحضر مشطا لأمها من عند الجارة، فهبت عاصفة رملية حملتها ورمتها بعيدا عن بيتها وأهلها. وكان على أسرة أخرى أن تتبناها، فتكبر في كنفها وتتزوج وتنجب طفلة تسميها “خيل” تتحول إلى ما يشبه شخصية الراوية التي تروي الحكايات، وتغدو ذاكرتها ذاكرة النص المتحرك والحي، ومنها تنطلق الوقائع والشخصيات المستعادة من البيئة وماضيها متعدد الوجوه لتعيد إلى الأذهان صورة فلسطين وأبنائها الذين يواجهون العواصف ويحلمون بعودتهم إلى الوطن. ولا يقل عرض “لا تقصص رؤياك” لفرقة المسرح الوطني في الشارقة، تأليف إسماعيل عبدالله وإخراج محمد العامري أهمية عن سابقيه، حيث يقوم على ثيمة مفادها أن خلاص الإنسان العربي من مأزقه لا يتمثل في تفسير الرؤيا بقدر ما يكمن في تحمله لمسؤوليته ومحاولة إيجاد حلول لمشاكله وقضاياه، من دون التعويل على الآخر الذي لا تهمه سوى مصالحه. وتندرج ضمن هذه العروض المتميزة، أيضا، عروض أخرى نذكر منها، تمثيلا لا حصرا، العرض العراقي “حمام بغدادي” لجواد الأسدي، والعرض الكويتي “صدى الصمت” تأليف قاسم مطرود وإخراج فيصل العميري، والعرضين التونسيين “مرا مرا- خطابات نسائية” تأليف وإخراج سيف الدين الفرشيشي، و”برج لوصيف” نص وإخراج الشاذلي العرفاوي، وأيضا العرض الإماراتي “مقامات أبوتايه” تأليف وإخراج مرعي الحليان، والعرضين اللبنانيين “ألاقي زيك فين يا علي” إخراج لينا أبيض، و”أنشودة الفرح” نص وإخراج ربيع مروة. ومن العروض الأردنية نذكر “بوابة 5” تأليف ليلى الأطرش وإخراج مجد القصص، و”العاديات” تأليف وإخراج خليل نصيرات، و”حرير آدم” نص أروى أبوطير وإخراج إياد شطناوي. ومن العروض العراقية نستحضر “جعبان” تأليف عبدالكريم العامري وإخراج حازم عبدالمجيد، و”مكاشفات” نص قاسم محمد وإخراج غانم حميد، و”نون” تأليف ماجد درندش وإخراج كاظم النصار. ومن العروض المصرية يحضر كل من “روح” إعداد ياسر أبوالعينين وإخراج باسم قناوي، و”بارانويا” تأليف رشا فلتس وإخراج محسن حلمي، و”نساء قاسم أمين” لفرقة الرقص المسرحي الحديث المصرية إخراج وليد عوني. وكذلك من العروض الجيدة نذكر العرضين القطريين “الخيمة” تأليف عبدالرحمن المناعي وإخراج ناصر عبدالرضا، و”نهارات علول” تأليف مرعي الحليان وإخراج فهد الباكر. الجوائز نظمت خلال عام 2015 ثلاث مسابقات عربية للنصوص المسرحية هي: مسابقتا الهيئة العربية للمسرح الخاصة بالمسرحيات الموجهة للكبار، والمسرحيات الموجهة للصغار، ومسابقة جائزة كاتب ياسين “النجمة الذهبية” العالمية لمكتب الهيئة العالمية للمسرح بالجزائر. إصدارات ثرية عن المسرح وفي المسابقة الأولى نال الكاتب العراقي هوشنك أبوبكر الجائزة الأولى عن مسرحيته “أمكنة إسماعيل”، وذهبت الثانية إلى الكاتب العراقي، أيضا، علي الزيدي عن مسرحيته “فلك أسود”، فيما حصلت على الجائزة الثالثة الكاتبة الأردنية إيمان محمد عن مسرحيتها “ترسيخ”. أما بالنسبة إلى النصوص الموجهة للصغار فقد فاز كل من جيهان فيصل من مصر بالمرتبة الأولى عن مسرحيتها “ماهر والدكتور لوز” مناصفة مع مهند العاقوص من سوريا عن مسرحيته “يتيم الغاب”. وفازت أيضا آنا عكاش من سوريا بالمرتبة الأولى عن مسرحيتها “رحلة البحث عن اللون” مناصفة مع حسن ملياني من الجزائر عن مسرحيته “لقلقان”، وحصل حسن صبري من مصر على المرتبة الثالثة عن مسرحيته “واحة الحكمة”. وفاز الكاتب المسرحي المصري متولي حامد بجائزة “النجمة الذهبية” عن نصه “الحاجز” من بين 13 نصا وصلت إلى القائمة الأخيرة. إصدارات صدر خلال عام 2015 أكثر من 30 كتابا عن المسرح منها “عن التجريب سألوني: جولة في الملاعب المسرحية التجريبية” لنهاد صليحة، “المسرح المغربي: مسار وهوية” لحسن المنيعي، “مسرحنا العربي واقعه وآفاقه” لفرحان بلبل، “جماليات المكان في العرض المسرحي المعاصر” لكريم رشيد، “خطاب الاستشراق في النص المسرحي” لأمير هشام الحداد، “العنف والفوضى المنظمة في مسرح شكسبير” لفاضل سوداني. كما صدر أيضا “عرائس بلا أعراس” لعبيدو باشا، “المسرح السعودي مسارات التطور واتجاهاته” لوطفاء حمادي، “من قضايا المرأة في المسرح” ليحيى البشتاوي، “نقد النقد المسرحي” لمصطفى رمضاني، “المسرح والتسامح” لعصام أبوالقاسم، و”قراءة في تاريخ المسرح الكويتي من خلال وثائق غير منشورة 1961 - 1971” لسيد علي إسماعيل.
