لا تزال مسألة جواز مس المرأة الحائض للمصحف، مثار جدل في الأوساط الدينية، خاصة أن عددًا من علماء الدين المؤيدين للجواز، أكدوا أن الحديث الوارد في هذه المسألة والذي جاء في فقه السنن عند ابن ماجة والترمذي والذي نصه: "لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئا من القرآن"، حديث ضعيف السند، وأن التمسك به يعني أن تمكث المرأة نصف عمرها بلا قراءة، لذا ففي جواز مسها المصحف فترة حيضها رحمة من الله، بل وجعل حياتها طبيعية. وحول تلك القضية، ومدي مشروعية مكوث الحائض بالمسجد، استطلعنا آراء عدد من علماء الدين للوقوف علي أبعاد القضية برمتها. بداية.. يقول المفكر الإسلامي محمد عمارة: الحيض يمنع من كل فعل يشترط لجوازه الطهارة، واله تبارك وتعالي يقول: (لا يمسه إلا المطهرون)، ويضيف: وللمفسرين في قوله (لا يمسه) قولان أحدهما أنه لا يصح مسه من غير طاهر من الحدث الأصغر، والآخر رأي أن المقصود الحدث الأكبر والجنابة. فيما أوضح د. أسامة العبد وكيل كلية الشرعية والقانون بجامعة الأزهر الشريف: روي مسلم عن ابن عمر في قول الله تعالي (إلا المطهرون) إما المقصود "الملائكة"، الذين طهروا من الشرك والذنوب، أو أنه المطهرون من الحدث "الأصغر والأكبر، علي السواء".. ومن هنا يتبين أن مس المصحف وحمله يحرم علي الحائض والجنب، وحرمتها متفق عليها بين الأئمة ولم يخالف في ذلك أحد من الصحابة. ويضيف د. عمر الشهاوى أستاذ الحديث بكلية أصول الدين: "يحرم علي الحائض قراءة القرآن نطقا باللسان، ويري جمهور العلماء أنه ممنوع وغير جائز، أما قراءة الحائض للقرآن بنفسها فإن كان نظرا بالعين أو تأملا بالقلب دون نطق اللسان فلا بأس بذلك مثل أن يوضع المصحف فتنظر إلي الآيات وتقرأها بقلبها". أما عن إمكانية قراءة المرأة الحائض من المصحف الإلكتروني، فيوضح: المصحف الإلكتروني لا يختلف عن المصحف المطبوع المعروف، لأن تعريف القرآن أنه: كلام الله سبحانه وتعالي الموجود بين دفتي المصحف المتعبد بتلاوته.. ولفت إلي أن جمهور الفقهاء ذهبوا إلي تحريم مس المصحف أثناء الدورة الشهرية أو في حالة الجنابة من الحدث الاكبر لقوله تعالي: (إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون تنزيل من رب العالمين)، ففي الآية اشتراط الطهارة لمس المصحف. وعن مس المصحف مع وجود حاجز، يقول الشيخ يوسف البدري عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بالقاهرة: مس المحدث للمصحف مع وجود حائل غير تابع له، كالقفازين، لا مانع فيه، إذ إنه لا يكون ماسًا له، لذا لا يمنع منه، فالنهي الوارد إنما هو عن المس ولا مس هنا. وأشار إلي أن المسألة بجملتها خلافية بين العلماء، إلا أن ما استقر عليه الجمهور أنه لا يجوز مس الحائض للمصحف.