لازالت تداعيات قرار محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، بحظر أنشطة حركة 6 إبريل، واعتبارها تنظيم يهدد الأمن القومي المصري، يثير جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والإعلامية وقد رأى البعض الإجراء بمثابة إسدال الستار على ثورة 25 يناير، بينما اعتبرت مجموعة من القوى السياسية محاكمة كل من أحمد دومة ومحمد عادل وأحمد ماهر استهدافاً لرموز ثورة يناير الذين كان لهم الدور الأبرز في إسقاط نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، ومن بعده نظام جماعة الإخوان المسلمين برئاسة محمد مرسي، وتضييق الخناق على الاشتراكيين الثوريين وتشويه صورة الكثير من رموز الشباب الذين شاركوا في ثورة يناير، وتفكيك الكثير من الحركات الثورية وتلجيم حراك الشارع بقانون التظاهر، وقد جاء الدور على الحركة الأبرز والتي كانت في مقدمة الحركات الثورية التي دعت إلى مظاهرات "جمعة الغضب"، وحشد آلاف المواطنين فى ميدان التحرير والضغط على النظام حتى تنحى مبارك، ثم مشاركتها في إسقاط نظام حكم الإخوان، فجاء الحكم بحظر أنشطة الحركة لينهي دورها في الحياة السياسية المصرية، وتتفاقم هواجس القوى الثورية في المستقبل، وقد أسس القرار لعهد جديد من المحتمل أن يشهد استقراراً وفرض هيبة الدولة، ولكن من الصعب أن تكون فيها حياة سياسية حقيقية. وتباينت آراء محللين سياسيين حول أسباب حظر حركة شباب "6 إبريل"، وهل هو حكم سياسي أم قانوني، وهل هناك ما يبرر حظرها، ومدى تأثير القرار على حراكهاوتواجدها في الشارع؟ حظر أنشطة حركة 6 إبريل جاء لمعاقبتها على دورها في ثورة 25 يناير، ورفضها لممارسات السلطة الحالية كما يرى عمرو علي القيادي بحركة" 6 إبريل"، الذي يعتبر هذا الحكم بأنه عبارة عن رسالة من السلطة إلى كل الحركات الثورية والمعارضين، بأنهم ليسوا ببعيدين عن قبضتها، حيث تعمل السلطة الحالية على التخلص من كل من شارك في ثورة يناير، للعودة بمصر إلى النظام القمعي الذى لا يسمح بوجود صوت معارض له، ويشير القيادي بحركة "6 إبريل"، إلى أن قرار الحظر لن يضيف جديداً، حيث لا تعترف الحركة بالحكم ولا بأي إجراءات يتخذها النظام القائم الذي يتجه لتقييد الحريات بإصدار القوانين أو الأحكام القضائية، وقمع كل من يعارضه، ويؤكد "علي" على أن معارضة الحركة المستمرة لأنظمة الحكم المختلفة، بداية من نظام مبارك والدعوة إلى "جمعة الغضب" والحشد المستمر في الشارع حتى تنحيه، مروراً بالمشاركة في إسقاط حكم الإخوان، إلى رفض ممارسات النظام الحالي، وإصرارها على تقويم نظام الحكم في اتجاه تحقيق مطالب الثورة من عيش وحرية وعدالة اجتماعية، جعلها في مرمى بطش وقمع النظام الحاكم، وهدف مطلوب القضاء عليه وإنهاء تواجده السياسي سواء بأحكام قضائية أو سياسية. وأكد "علي": إن الحركة مستمرة في النضال حتى تحقيق كافة مطالب ثورة 25 يناير، وتابع: تدرس الحركة الآن سبل التصعيد الميداني والقانوني، بما في ذلك اللجوء إلى المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، إذا ما أصرت المحكمة المصرية على تجاهل الطعون وقيامها بدور سياسي بدلاً من الدور القضائي الواجب عليها القيام به، كما يشير "القيادي بحركة 6 إبريل" إلى أن الحركة ستنظم انتخابات موازية بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية، حيث ترفض الحركة الانتخابات الرئاسية وتعتبرها غير شرعية. وفي سياق متصل قال أحمد سيف الإسلام الحقوقي والمحامي: إن قاضي الأمور المستعجلة استند في حكمه، على حظر أنشطة حركة ليس لها كيان قانوني، وتابع: الحجج القانونية التي يمكن قبول الاستئناف على أساسها متعددة، حيث تستند هيئة الدفاع عن الحركة في استئناف الحكم، على ورود أسماء أشخاص بعينهم في الدعوى، بالإضافة إلى عدم اختصاص محكمة الأمور المستعجلة في نظر هذه النوعية من القضايا، وأيضاً إقامة الدعوى دون اختصام الطرف الأصيل، حيث اختصم في الدعوى كل من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ووزير الداخلية والنائب العام دون اختصام الحركة ذاتها. ويشير "سيف الإسلام" إلى إمكانية اللجوء إلى المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان، في حالة استنفاد سبل الطعن القانوني على حكم حظر الحركة. بينما يرى د.يسري العزباوي المحلل السياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن الحكم بحظر حركة شباب 6 إبريل يعطي مؤشرا سيئا على اتجاه الدولة أو النظام القديم، لتصفية حساباته مع كل من شارك في ثورة يناير، سواء من حركات ثورية أو شبابية، وتابع: الحكم سيكون له انعكاساته على قدرة الحركات الشبابية على وضع آليات وبلورة رؤية شاملة للعب دور سياسي في المرحلة المقبلة. ويؤكد "العزباوي" أن الحكم سيؤدي إلى زيادة حالة الإحباط الموجودة في الأوساط الشبابية وسيغذي لديهم الشعور بسرقة ثورتهم، الأمر الذي قد يؤثر سلباً على مشاركة الشباب في الانتخابات الرئاسية القادمة، وبالأخص أن حظر نشاط الحركة جاء بسبب مواقفها الرافضة لممارسات السلطات الحالية، واعتقال آلاف الشباب، ورفضها لقانون التظاهر، وتابع: حركة 6 إبريل تتمتع بتواجد ملحوظ في الأوساط الشبابية، وتعتبر الحركة الثورية الأم لباقي الحركات الشبابية، ويقول "الخبير السياسي": إن استخدام الأحكام القضائية في تحجيم دور الحركات الثورية والشبابية، سيلقي بظلال سالبة على الممارسة السياسية في ظل التحول الديمقراطي، لأن الإقصاء لا يحقق الاستقرار بل يولّد الغضب الذي يقود إلى الانفجار. ويشير "العزباوي" إلى أن القضاء المصري غير مُسيّس، ولكنه في حالة عداء مع ثورة 25 يناير وكل من شارك فيها، ونصبوا من أنفسهم وكيلاً لتصفية رموزها، وهذا يظهر واضحاً في الأحكام التي صدرت في حق النشطاء السياسيين ورموز شباب الثورة. من جانيه يقول د. عمرو هاشم ربيع المحلل السياسي، إن حركة 6 إبريل فقدت الكثير من شعبيتها في الشارع بفعل "فوضويتها"، وإيمانها بمصطلحات ال "لاقانون" وال"لادولة"، ورفضها لفكرة الدولة والقانون، بالإضافة إلى دور وسائل الإعلام في تشويه صورة الحركة وإظهارها على أنها حركة مدعومة من الخارج، تعمل على إسقاط الدولة ونشر الفوضى، ويشير ربيعة إلى أن الحكم بحظر أنشطة حركة 6 إبريل، حكم جائر ولكنه ضروري لإنهاء حالة الفوضى الموجودة في الشارع المصري، وفرض هيبة الدولة والقانون، ولكنه رفض الاعتماد على الحل الأمني فقط، دون الحل السياسي. ويؤكد الخبير السياسي على أن تأثير الحكم على الحركات الثورية والحراك الشبابي في الشارع سيكون وقتياً، حتى يعيد الشباب تنظيم أنفسهم إما تحت مسميات مختلفة أو تحت نفس المسميات، والعودة إلى الشارع ولكن بشكل أكثر غضباً، ويشير ربيعة إلى أن جماعة الإخوان المسلمين سيحاولون استغلال غضب الشباب، وتوجيهه نحو سعيها لإحداث حالة من الفوضى تؤدي إلى سقوط النظام، وتابع: يجب على الدولة فهم ذلك والقيام بمحاولات جادة لاستيعاب الشباب وإشعارهم أن نظام مبارك لن يعود، وأن الدولة ماضية في تحقيق أهداف ثورة يناير من العيش والحرية والكرامة الإنسانية. ويؤكد د.محمد عز الدين شلبي رئيس لجنة رد المظالم الدائمة لحقوق الإنسان، أن الحكم بحظر أنشطة حركة 6 إبريل ومصادرة مقارها يمثل اعتداء على الحريات السياسية وإنذاراً شديد اللهجة لكل من يعارض النظام الحالي ، وتحذيراً واضحاً وموجهاً للحركات الثورية والشبابية الموجودة في الشارع، ويؤثر على التحول الديمقراطي في البلاد، الأمر الذي ينذر بأحد السيناريوهين، إما استمرار الحركات الثورية في معارضة النظام والرئيس القادم مما سيترتب عليه تصفية لتلك الحركات سواء بأحكام قضائية أو بالقمع الأمني أو بالتشويه عبر وسائل الإعلام، بينما يتمثل السيناريو الثاني في اعتزال الشباب للحياة السياسية وعزوفهم عن العمل السياسي، مما قد ينبئ بانفجار جديد على غرار "جمعة الغضب" و"30 يونيو"، وتابع: "حبس أحمد دومة ومحمد عادل وأحمد ماهر" وقانون التظاهر وحظر 6 إبريل، يعطي مؤشراً على عودتنا إلى الدولة البوليسية التي تقمع الحريات ولا تسمح بوجود معارضة إلا في الإطار المسموح. ويشير شلبي إلى أن الحكم بحظر الحركة سياسياً وليس قانونياً، واستخدام القضاء في تصفية المعارضين أمر خطير ومرفوض، لأنه يقحم القضاء في الصراع السياسي مما يهدد مؤسسات القضاء كمؤسسة مستقلة تقوم بدورها في نصرة المظلوم أياً كان توجهه أو خلفيته.