فالتاريخ يشير إلي العديد من الأسماء التي لقت حتفها بطرق عديدة، مليئة بالأسرار والألغاز والحكايات المثيرة التي تتناقلها وسائل الإعلام ويتداولها الناس علي ألسنتهم في كل مكان. جاء من قبله حادث مقتل المطربة فاتن فريد الذي أعاد إلي الأذهان جريمة شهدها الوسط بقتل المطربة التونسية ذكري، والمتابع لحوادث قتل الفنانين يجد أن كل جريمة قتل تتستر خلف ألغاز لا يتم الكشف عنها وكأنها أشبه بالحواديت الأسطورية. وتثير قضية مقتل سوزان تميم التي اتهم فيها محسن السكري ورجل الاعمال هشام طلعت مصطفي الكثير من علامات الاستفهام التي طرحها الاعلام والشارع العربي وهي حقيقة العلاقة بين المال والجمال او الفتنة والسلطة حيث تبحث الفنانة بزواجها من رجل اعمال عن ممول لمصاريفها الباهظة وبالمقابل يريد رجل الاعمال شيئا من نجومية وشهرة زوجته او محظيته فهي علاقة مصالح اذا ما انتفت صفتها انتهي الغرض من الطرفان فيبدأ احدهما باستلال خنجره ليغرزه في قلب الاخر. وكأنه ليس من قبيل المصادفة ان تتوالي حوادث مقتل الفنانات العربيات يتهم فيها رجال اعمال، فقد جددت قضية مقتل تميم الذكريات حول مقتل المطربة التونسية ذكري علي يد زوجها رجل الاعمال المصري ايمن السويدي الذي اطلق النار علي نفسه بعد ان صرعها وتعود وقائع الحادثة عندما عاد السويدي لمنزله فجرا في حالة سكر وعندما حدثت مشادة كلامية بينه وبين ذكري فقام بإحضار مسدسه واطلق عليها الرصاص في اماكن متفرقة منها في الصدر والقلب والبطن ثم أطلق الرصاص داخل فمه منتحرا وانتشر وقتها ان الخلافات التي نشبت بينهما بسبب غيرة السويدي علي ذكري وحين طالبها باعتزال الفن رفضت ونشبت بينهما الفرقة حتي ان القتيلة كانت تعود الي المنزل في أوقات متأخرة من الليل مما استنفر غيرة السويدي وقرر ان ينهي حياتها وحياته لانه كان يحبها حبا شديدا حسب قول المحيطين بهما. وليس ما حدث مع فاتن وقيام الجاني بتسديد طعنة نافذة بالصدر بسكين في جسدها هو الأول من نوعه، فقبل (63) عاماً وبالتحديد أول يوليو عام (1944) تكرر نفس المشهد مع اختلاف بسيط في النهايات، فقد نشرت الصحف المصرية حادث إطلاق الرصاص في منزل النجم السينمائي أحمد سالم وزوجته المطربة اسمهان، وخلاصة الحادث أن أحمد سالم تشاجر مع زوجته لشكه في أنها علي علاقة مع أحمد حسنين باشا رئيس الديوان الملكي وتطورت المشاجرة إلي تهديدها بالقتل، وبالفعل أشهر مسدسه في وجهها وانتهزت اسمهان فرصة دخول أحمد سالم الحمام واستنجدت بأحمد حسنين الذي أرسل لها رئيس البوليس السياسي وانتهي الموقف بإطلاق الرصاص في المنزل، وإصابة سالم والشرطي ونجاة أسمهان، وبعد أيام من هذا الحادث وبالتحديد يوم الجمعة 14 يوليو 1944، وهو ذاته يوم عيد ميلاد كاميليا ابنة أسمهان الوحيدة، التي كانت تعيش مع والدها حسن الأبرش في سوريا توجهت أسمهان بسيارتها لقضاء إجازة مع صديقة لها في مصيف رأس البر وفي الطريق انقلبت السيارة في النيل فغرقت أسمهان وصديقتها، ونجا السائق وظل موتها لغزاً محيرا حتي الآن، لا سيما بعد أن اختلف الناس حوله فالبعض قال إنه كان اغتيالاً تم بتدبير أحد أجهزة المخابرات الأجنبية، التي كانت تتعامل معها والبعض الآخر قال إن أجهزة الأمن المصرية وراء الحادث واسخف ما قيل في مصرع أسمهان أنه تم بتدبير من أم كلثوم. ومن الفنانات اللاتي سطعن كالشهاب في السينما المصرية الفنانة كاميليا التي خطفت الأضواء لمدة أربع سنوات فقط من عام 1947 إلي 1950 "16" فيلماً بريطانيا وأصبحت من أشهر نجوم السينما المصرية، وأكبرهن أجراً، ولأن جمالها كان سر نجاحها فقد كان طبيعياً أن تلفت أنظار نجوم السينما والصحافة والمجتمع فتنافس الجميع علي حبها، بداية من الملك فاروق وأحمد سالم ويوسف وهبي وأنور وجدي وكامل الشناوي، إلي رشدي أباظة، ويوسف شاهين ولم تحظ بإعجاب نجوم المجتمع فقط، بل أصبحت فتاة أحلام كل الشباب العربي ونافست بقوة ليلي مراد الملكة المتوجة علي عرش الجماهير في هذا الوقت وانشغل الجميع بمتابعة أخبارها الفنية والشخصية لاسيما علاقتها بالملك فاروق وفي الساعة الثانية عشرة والنصف صباح يوم الخميس31- 8 – 1950 ركبت كاميليا مع ستة ركاب آخرين الطائرة متجهة إلي فرنسا لمقابلة الملك فاروق في "دوفيل الكن" بعد تحرك الطائرة بدقائق سقطت الطائرة وسط الحقول وتفحمت الجثث وقدر الطبيب الشرعي الذي عاين جثة كاميليا أنها في الحادية والعشرين من عمرها، وأن سبب الوفاة كان الجروح النارية وما صحبها من صدمة عصبية وكسور في عظام الساقين وبعد رحيلها تحولت "كاميليا" أيضا إلي أسطورة اختلف الناس حولها في كل شيء حياتها ومماتها فالبعض أكد أن الحادث مدبر بواسطة أجهزة المخابرات المصرية بعد عملها كجاسوسة يهودية وتردد أن الملك فاروق هو الذي أمر باسقاط الطائرة بعد تأكده أنها هي التي سربت أخبار علاقتهما إلي الصحافة، أما أغرب ما قيل فهو أن وراء الحادث المخابرات الصهيونية بعد أن استنفدت أغراضها منها. وفي منتصف الخمسينيات ظهرت مطربة جديدة جميلة الصوت، والملامح اسمها نادية فهمي ذاع صيتها بسرعة شديدة، وتوقع لها الجميع مستقبلاً فنياً باهراً حيث كانت تملك صوتا رقيق الملامح، يشبه إلي حد كبير صوت المطربة "أسمهان"، ويقال إنها كانت خليفتها في الغناء وقدمت المطربة مجموعة الأغنيات الجميلة مازالت الإذاعة تذيع بعضها، وأشهرها "مكتوب الهوي" بالإضافة إلي أكثر من برنامج إذاعي وعدة أغنيات في الأفلام حيث كانت تقوم مقاهم بطلات السينما في أداء الأغاني وأهم هذه الأفلام "رحمة من السماء" لهند رستم وعماد حمدي ورسالة غرام لمريم فخر الدين وفريد الأطرش. وفي أحد أيام شهر مايو عام 1959 دعيت للاشتراك في حفل فني كبير في مدينة فايد علي شاطئ القناة مع مجموعة كبيرة من الفنانين، منهم المطرب محمد رشدي، والراقصة "سلوي السيري"، وعدد كبير من المطربين والموسيقيين ونجوم "ساعة لقبك" وحضرت السيارة التي ستقل الفرقة من إلي فايد إلي القاهرة، ونقلت الفنانين إلي مكان الحفل، وبعد انتهاء الليلة التي استمرت إلي ما بعد الثالثة صباحاً استقلت مجموعة الفنانين نفس السيارة، وبدأت السيارة تقطع الطريق الملتوي عبر الصحراء ما بين السويسوالقاهرة حتي وصلت إلي الرست في منتصف الطريق تقريباً وهبطت مجموعة الفنانين للراحة واستنشاق الهواء والتزود ببعض المأكولات والمشروبات، وما إن احتوتهم السيارة من جديد، حتي فوجئ الجميع بشيء مدو مزق سكون الليل بصدمة رهيبة حيث اصطدمت سيارة الفنانين بسيارة ضخمة محملة بالبوتاجاز، ومع أول بادرة للحركة بعد لحظة الذهول المروعة، اكتشف محمد رشدي عجزه التام، حيث لم يجد ساقة بجانبه ولم يشعر بها ووجد نفسه يقبض عليها بيده الأخري في تشبت مستميت، واكتشف أنها انقسمت وهشمت عظامها تماماً، وأطبقت المأساة علي قلبه حين وجد إلي جانبه نادية فهمي وسلوي المسيري جثتين مشوهتين وسط الحطام، وظل رشدي يعيش وسط هذا المشهد المروع أكثر من ساعتين كاملتين بمفرده حتي أنقذه عسكري الحدود الذي شاهد الحادث وأبلغ الإسعاف والبوليس. ولم يكن حادث تحطم هذه سيارة الوحيد في سباق النهايات المأساوية ففي عام (1980) تعرض الفنان عمر خورشيد أو "ساحر الجيتار" كما كان يطلق عليه لحادث سيارة مروع في نهاية شارع الهرم، بجانب فندق "مينا هاوس" وأمام مطعم "خريستو" بعد انتهائه من عمله في أحد الفنادق الكبري، وكان بصحبته زوجته اللبنانية دينا "خبيرة التجميل" والنجمة مديحة كامل، وترددت أقاويل كثيرة عن الحادث لاسيما زوجته ومديحة كامل شهدنا أمام النيابة بأنهما وهم في طريقهم للمنزل تعرضوا لمطاردة من سيارة غامضة، لم تتركه إلا بعد أن تأكد صاحبها أن عمر خورشيد دخل في عمود الإنارة، ومن هذه الأقاويل أيضا أنه كان مدبراً من مسئول سياسي كبير جداً في هذا الوقت لوقوع ابنته الصغيرة في حب عازف الجيتار الشهير وبرغم كل ما قيل، فإن الجيتار لاذ بالصمت بعد أن كان صاحبه حديث الناس لفترة ليست بالقصيرة بداية من عمله مع كوكب الشرق أم كلثوم في منتصف الستينيات مروراً بتقديمه لمجموعة من الأفلام التي حققت نجاحا كبيراً منها "حتي آخر العمر"، "ابنتي العزيزة "، "أعظم طفل في العالم"، "العاشقة"، "العرافة" وأخيراً زواجه من نجمات شهيرات، مثل ميرفت أمين ومها أبوعوف وخبيرة التجميل اللبنانية دينا. وفي 19 أكتوبر عام (1986) راح المخرج السينمائي الشهير نيازي مصطفي ضحية جريمة غامضة، مازالت حتي الآن تمثل لغزاً، بعد حياة حافلة وصاخبة، وتقديمه لما يزيد علي ال 551 فيلماً بدأها عام (1933) بفيلم "سلامة في خير" لنجيب الريحاني وأنهاها بفيلم "القرداتي" لفاروق الفيشاوي عام (1986)، ولم يكن حادث نيازي هو الوحيد الغامض، ففي نهاية الثمانينيات وجدت جثة الفنان أنور إسماعيل في إحدي الشقق المفروشة في حي السيدة زينب بعد ليلة ساخنة مع إحدي فتيات الليل، وتناوله لجرعة هيروين زائدة، ونفس المشهد يتشابه مع المطرب عماد عبدالحليم الذي وجدت جثته ملقاة علي الرصيف بشارع البحر الأعظم بالجيزة في حالة يرثي لها وكشف الطب الشرعي أن سبب الوفاة يرجع إلي تناوله جرعة زائدة من الهيروين. وفي شقتها الفاخرة في باريس جلست المطربة العالمية مصرية الأصل "داليدا" تتذكر رحلة عمرها الفني، منذ أن كانت مجرد كومبارس في الأفلام المصرية في الأربعينيات، مثل "غزل البنات" و"سيجارة وكاس" مروراً بسفرها إلي فرنسا عام (1945) حيث شاركت في حفل للمواهب الجديدة وكان ضمن الحاضرين "لوسيان موريس" مدير إذاعة أوروبا أكبر الإذاعات في فرنسا، وقتئذ والذي تعاقد معها فبدأت طريق الشهرة العالمية وكانت أول أغنية لها هناك "بامبينو" والتي حصلت من خلالها علي الأسطوانة الذهبية وأصبحت واحدة من أشهر المطريات في العالم وباعت إحدي أغنياتها 12 مليون أسطوانة، وبعد استعراضها لمشوارها المليء بالنجاحات والجوائز، استقرت في النهاية إلي حياتها بطريقة تراجيدية حيث قطعت شرايين يدها وفي اليوم التالي وبالتجديد في 7 مايو 1987 تداولت الصحف العالمية خبر انتحار المطربة العالمية التي وصل رصيدها إلي (400) أغنية باللغة الفرنسية (200) باللغة الإيطالية و (200) باللغة الألمانية والإسبانية والعربية، ولم تكن نهاية داليدا أفضل من نهاية المطرب عبداللطيف التلباني الذي بدأ حياته الفنية في الإسكندرية، واعتمد في إذاعتها، وفي أحد الأيام استمع إليه جلال معوض وطلب منه أن ينقل نشاطه إلي القاهرة، وقدمه في حفلات أضواء المدينة عام (1960) وقام ببطولة مجموعة من الأفلام، وبعد مشوار فني حافل توفي أثر حادث أليم مختنقاً بالغاز في شقته، في شهر يوليو (1989) ومازلنا نتذكر حادث قتل الفنانة وداد حمدي في بداية التسعينيات علي يد الريجسير "متي لوقا" الذي قتلها بدافع السرقة ولم يجد معها أكثر من 200 جنيه. أما سعاد حسني سندريلا السينما المصرية ففضلت أن تكون الأسطورة التي تتناقلها الأجيال ينسج الزمن من موتها حكايات وحكايات، لن تنتهي مهماً طالت السنين، وهذا ما حدث بعد أن واري جسدها التراب، ودفن معها سر وفاتها ليكتنف الغموض حكاية موت السندريلا. هذه الحالات صدرت الرعب الي قلوب العديد من الفنانات خوفا علي حياتهن بعد ان دفعت كثيرات منهن حياتهن ثمنا لاسرار لاتزال مدفونة ولا يعرفها غيرهن لكن الثابت ان تلك الحوادث كما يري الخبراء المطلعون في هذا المجال تحدث نتيجة الغيرة او الانتقام او بدافع الحب المرضي من جانب احد الطرفين. كما أن التزاوج بين الفن والسلطة ليس حديثا فالسلطة تحتاج دائما الي من يسهل مهامها مع الشعب وافكاره لتمرير سياساتها واتجاهاتها وقضية مقتل سوزان تعد مثلا للواقع الذي يجمع بين الفنانات ورجال المال والسلطة والمصلحة المتبادلة، ومن المعروف ان هذه العلاقات نادرا ما تخرج الي النور أو تكلل بالزواج فهي علاقات مشبوهه تتم بشكل سري بعيدا عن الاضواء وتنتهي بنهايات مؤسفة.