ثم عصر ازدهار منطقة الفيوم خلال الدولة الوسطي والدولة الحديثة وحتي العصور اليونانية والرومانية والإسلامية مشيرين إلي أن أكتشاف تلك المقابر يكشف عن حقب تاريخية متصلة في تاريخ مصر القديمة وعن الكثير من الأسرار. وطالب الخبراء بضرورة الرجوع للخرائط التي رسمها الفرنسيون وتحوي مئات الآلاف من المواقع الأثرية في شتي بقاع مصر. وأكد د. حواس الأمين العام للمجلس الأعلي للآثار بأن البعثة المصرية التابعة للمجلس الأعلي للآثار والعاملة في المنطقة الواقعة جنوب غرب هرم اللاهون بالفيوم والتي بدأت أعمالها في شهر نوفمبر من العام الماضي حققت كشفا جديدا مهما فقد تم الكشف خلال شهر مايو الماضي عن عدد كبير من المقابر الصخرية ليبلغ عدد المقابر المكتشفة حتي الآن 75 مقبرة وتعتبر هذه المقابر حلقات تاريخية متواصلة تعبر عن تاريخ منطقة اللاهون بالتدريج منذ بداية الأسرات وحتي العصور المتأخر، والمقابر المكتشفة حديثا تتباين في تصميمها المعماري فمنها ما يتكون من بئر وحجرة دفن واحدة، ولكن أغلبها يتكون من بئر وصالة أمامية ثم غرفة دفن رئيسية. وعن أعمال الحفائر يؤكد د. عبدالرحمن العايدي رئيس البعثة المصرية لأعمال الحفائر بمنطقة اللاهون أن منطقة اللاهون من أهم المناطق الأثرية بالفيوم وكان الاعتقاد السائد بين علماء الآثار بأن تلك المنطقة الأثرية ترجع إلي عصر الأسرة الثانية عشرة عصر الدولة الوسطي، ولكن بعد الكشف السابق والذي كشف الستار عن حقيقة مهمة في تاريخ الفيوم وهي أن منطقة اللاهون تمتد زمنيا إلي بداية الأسرات وما يؤكد ذلك أنه تم الكشف حديثا عن 22 مقبرة جديدة منها أربع مقابر تعود للأسرة الأولي والثانية وهذا يؤكد أن تاريخ منطقة اللاهون سيكتب من جديد، ومن أهم المقابر المكتشفة مقبرة تمثل خبيئة عثر بها علي ثمانية توابيت خشبية ذات ألوان جميلة تم رصها فوق بعضها. و يوضح د. العايدي بأن هذه الخبيئة من المرجح أنه تم تجميع التوابيت الموجودة بداخلها في عصر الواحد والعشرين وهذا يدل علي أن ملوك الأسرة (21) كانوا يحترمون أسلافهم، فقد اكتشفت من قبل خبيئة في الأقصر وأخري بالفيوم، وبداخل هذه التوابيت عثر علي المومياوات المغطاة بطبقة الكرتوناج الملون بعضها في حالة سيئة من الحفظ والمقبرة ترجع إلي عصر الملك امنحوتب الثالث "الأسرة الثامنة عشرة" فقد عثر بداخلها علي خاتم من الفيانس يحمل اسم الملك امنحوتب الثالث وختمه، كما عثر بها علي عدد كبير من الأواني الفخارية التي ترجع إلي هذاالعصر، بالإضافة إلي عدد كبير من التمائم علي هيئة عين حورس من الفيانس الأزرق، وعثر ببئر المقبرة علي جعرانين من الفيانس الأزرق عليهما زخارف مميزة لعصر الملك امنحتب الثالث عصر الرخاء والرفاهية كما عثر بهذه المقبرة علي بردية مكتوبة بالخط الهيراطيقي. ويضيف د. عبدالرحمن بأنه من أهم المقابر المكتشفة أيضا مقبرة ترجع إلي عصر الأسرة الواحدة والعشرين بداخلها تابوتان لرجل وامرأة، تم دفن الرجل في تابوت خشبي مدهون باللون الأسود ذي غطاء يحمل ملامحه ليس عليه أية زخارف وقد تم دفن جسده بعد تحنيطه ولفه بلفائف الكتان، أما مومياء السيدة فقد غطاها الكرتوناج الملون ذيو الزخارف الجميلة والمناظر الجنائزية، وكتب عليها صيغة القرابين وهي بحالة ممتازة، ووضعت داخل تابوتين من الخشب أغطيتها مازالت تحمل ألوانا زاهية وكتابات باللغة المصرية القديمة، ويبدو أن المقبرة تخص أحد الفنانين أوالحرفيين فقد عثر بداخلها علي أدوات مختلفة من مطارق وأزاميل وخلافه، أما عن القطع التي عثر عليها بداخل المقبرة فأهمها بردية يبلغ طولها مترين عثر عليها مطوية وعليها ختم من الطين وعند فتح البردية وفردها اتضح أن الجزء المكتوب يبلغ طوله 120 سم، وهي مكتوبة بالخط الهيراطيقي وهي الآن تحت الدراسة لمعرفة ما تحويه من أسرار، لكن من شكل البردية يؤكد أن بها معلومات مهمة، كما تم العثور داخل المقبرة علي نموذج لتماثيل خشبية مجسمة ملونة بألوان زاهية يمثل عمال يقومون بعملهم داخل ورشة العمل، كما عثر علي عدد من التمائم المختلفة والأواني الفخارية السليمة. ويضيف د. العايدي: إنه تم الكشف عن تابوت خشبي لقطة بداخله مومياء لقطة صغيرة تم تحنيطها ولفها بلفائف كتانية وهذا نادر فلم يكتشف من قبل تابوت قطة إلا مرتين الأول موجود بالمتحف البريطاني والثاني موجود بالمتحف المصري بالقاهرة والقطة تعبير عن إله مصري قديم اسمه باستث وكان إله المرح والسرور والوجود وكان مركز عبادتها في تل بسطا بالزقازيق، ولكن الجديد في هذا الاكتشاف أن للقطة تابوتا علي هيئتها وهذا نادر.