تباينت آراء الخبراء المصرفيين والقانونيين في مصر حول مدى التزام البنوك الحكومية بقرار وزير المالية الذي صدر مؤخراً بتطبيق الحد الأدنى والأقصى للأجور، حيث رأى البعض أن قرارات وزارة المالية ليست ملزمة للبنوك، حيث إن الحكومة لا تمتلكها بنسبة كاملة بل يوجد بها مساهمون آخرون، ومنهم من رأى أن البنوك المصرية ملك للحكومة المصرية، وهناك من رأى أن تطبيق هذا القانون يؤدي إلى هروب الكوادر والخبرات المصرفية المؤهلة والتي لا تتوقف على مجموعة صغيرة من الأشخاص. سعد عبد الواحد، المستشار القانوني لبنك الشركة المصرفية العربية الدولية،يرى أن قرار وزير المالية بتطبيق الحد الأدنى والأقصى للأجور على البنوك الحكومية ليس من اختصاصه، حيث إنه يختص بإصدار القوانين والقرارات الخاصة بالحكومة والهيئات العامة والشركات الحكومية، ولكنه لا يختص بالقطاع الخاص وقطاع الأعمال وكذلك القطاع المصرفي، مشيرًا إلى أن لكل جهة قانونًا ولوائح حكومية تحكمها، بالإضافة إلى وجود قوانين عامة وقوانين خاصة ولوائح عامة وأخرى خاصة، وإن كان القطاع المصرفي يحكمه عدد من القوانين واللوائح العامة، ولكن لكل بنك قانون خاص ولوائح خاصة تحكمه على الرغم من إشراف البنك المركزي عليه. وأضاف عبد الواحد، أنه من العدالة الاجتماعية أن يكون هناك مساواة في الأجور بين جميع العاملين في الدولة خاصة في ظل وجود فوارق كبيرة في المرتبات وتجاوز غير مقبول، وبناء على ذلك فإنه يجب المساواة بين العاملين في القطاع المصرفي والقطاعات الأخرى ولكن هذا يختص به مجلس إدارة كل بنك، مؤكدًا أن كل بنك يقوم بتنفيذ قرارات مجلس إدارته والذي يتكون من المساهمين به، وليس لوزير المالية الحق في إصدار مثل هذا القرار، حيث إن الحكومة لا تملك سوى البنك المركزي فقط وملكيتها لبعض البنوك التجارية ليست ملكية بنسبة 100% ولكنها تمتلك نسبة بها. ومن جانبه يرى محمد البيك مستشار بالبنك العقاري المصري العربي، أن تطبيق قانون الحد الأدنى والأقصى للأجور سوف يؤدي إلى هروب الكوادر الموجودة داخل هذه البنوك، حيث إن هذه الكوادر لها قيم مماثلة في البنوك الأجنبية ولذلك يجب المساواة بينهم في الأجور إلى هروب الكوادر والكفاءات وعدم القيام بدورها داخل البنوك الحكومية. وأضاف أن تطبيق هذا القانون سيؤدي إلى وجود تنافس شديد بين البنوك على اجتذاب الكوادر والكفاءات المصرفية، ولكن هذا التنافس والطلب على هذه الكوادر يختلف من بنك إلى آخر، مشيرًا إلى أن السوق المصرفية كبيرة جدًا وضخمة وتحتاج إلى العديد من الكوادر، بالإضافة إلى أن العدد الموجود داخل البنوك الحكومية ليس كبيرًا ويسهل استقطابهم سواء في الداخل أو الخارج. وأكد خالد الشاذلي، عضو مجلس إدارة بالبنك العقاري المصري العربي سابقًا أن هذا القرار غير جيد، حيث لا يمكن المساواة بين الشخصيات التي تتحمل المسئولية وتقوم باتخاذ القرارات داخل البنوك وبين غيرها من الشخصيات التي لا تتحمل أي مسئولية ولا تتم مساءلتها عن أي نتائج سلبية يتعرض لها البنك، مشيرًا إلى أن تطبيق هذا القرار سيؤدي إلى وجود أيادٍ مرتعشة بل ومقيدة لا تستطيع اتخاذ أي قرار داخل البنك، كذلك لا تستطيع منح الائتمان بشكل جيد وذلك حتى تتجنب المسئولية والمساءلة التي تقع على عاتقها جراء اتخاذ مثل هذه القرارات. وأضاف تطبيق هذا القانون سيؤدي أيضًا إلى عدم قدرة البنوك الحكومية على استقطاب الكوادر والكفاءات من البنوك الأخرى مما سيؤدي إلى التأثير السلبي على معدلات النمو والكفاءة الإنتاجية داخل البنوك. من جانبه أشار أشرف شبيب، نائب العضو المنتدب بالبنك الأهلي، المتحد أنه يجب أن يكون هناك تميز بين الموظفين داخل الجهاز المصرفي، حسب مستوياتهم وكفاءاتهم بحيث تتم زيادة الكفاءات وذوي الخبرة ورفعهم إلى كادر مميز وزيادة رواتبهم بحيث يكونون مميزين عن غيرهم.. كما أن تطبيق هذا القانون سيؤدي إلى هروب الكوادر من البنوك الحكومية إلى بنوك أخرى، ولكن بشرط توافر الفرص السانحة لذلك، حيث إن الوقت الحالي لا يوجد عدد كبير من الفرص بسبب أوضاع السوق، مشيرًا إلى وجود كفاءات داخل موظفي الصف الثاني والثالث والرابع أيضًا من البنوك المصرية ولكن حجم هذه الكفاءات يختلف من بنك إلى آخر ولا يمكن تعميمه. وأضاف أحمد سليم، مدير عام بالبنك العربي الأفريقي الدولي، أن تطبيق قانون الحد الأدنى والأقصى للأجور من الصعب تنفيذه على القطاع المصرفي، حيث إن عمل البنوك يختلف عن عمل المؤسسات الأخرى، وقد يؤدي إلى هروب عدد من الخبرات والكوادر، ولكن هذا يرتبط بشكل كبير بظروف السوق ومتطلباته في الداخل والخارج، حيث إن السوق ليس مفتوحًا بشكل كبير في المنطقة المحيطة، وذلك بسبب قيام الدول المجاورة بتدريب العاملين بها ليصبحوا على قدر كبير من المعرفة والخبرة المصرفية، مؤكدًا أنه ليس من العدالة أن تكون هناك فوارق كبيرة في المرتبات بين الموظفين داخل المؤسسة الواحدة، حيث يوجد تفاوت كبير في الأجور والرواتب بين الإدارات العليا والإدارات المتوسطة داخل البنوك، ولذلك يجب إعادة النظر في هذا الأمر بحيث يحقق عدالة اجتماعية بين جميع الموظفين داخل المؤسسة، وذلك عن طريق تطبيق نظام خاص يراعي فيه العدالة الاجتماعية ويمنع استخدام الوساطة والمحسوبية وتعيين الأقارب والمعرف داخل المؤسسات المصرفية. وأكد سليم أن البنوك المصرية يوجد بها العديد من الكفاءات وذوي الخبرة داخل موظفي الصف الثاني والثالث والتي تستطيع أن تقود القطاع المصرفي وتقوم بإدارة البنوك على أكمل وجه. وأكدت بسنت فهمي مستشار بنك البركة سابقًا أنه يجب تنفيذ هذا القانون على البنوك الحكومية، حيث إن عدم تطبيقه يعتبر بمثابة شباك لفساد لا نهاية له وليس من حق هذه البنوك إعطاء مرتبات مرتفعة، حيث إن البنوك الحكومية ليست أهم من الوزارات والهيئات السيادية داخل الدولة. مشيرة إلى أن الجهاز المصرفي المصري قوي وسيظل قويًا، ولا يمكن أن يتم هروب الكوادر منه وذلك؛ لامتلائه بالكوادر المصرفية المؤهلة سواء كانت في موظفي الصف الأول أو الثاني أو الثالث، حيث إن الجهاز المصرفي المصري من أقدم الأجهزة داخل الشرق الأوسط ولا يمكن أن يتم حصره في مجموعة من الأشخاص. أضافت أن عددًا من البنوك الحكومية تم تخفيض التصنيف الائتماني الخاص بها عدة مرات متتالية، بالإضافة إلى أن تحقيق هذه البنوك لأرباح مرتفعة نتيجة لاستثمارها في أذون الخزانة والسندات الحكومية وليس بسبب التوظيف الجيد لأموال البنوك، وبالتالي فإنه لا يوجد عمل كبير وجيد قام به رؤساء هذه البنوك حتى يحصلوا على هذه الرواتب الضخمة؛ مما يؤدي إلى ضرورة تطبيق قانون الحد الأقصى للدخل وليس للأجر والذي يعتبر نوعًا من العدالة الاجتماعية بين موظفي الدولة والمؤسسة الواحدة. وعن مدى التزام البنوك الحكومية والبنك المركزي بقرارات وزارة المالية أشارت فهمي إلى أن، البنك المركزي لا يمتلك البنوك المصرية ولكنه يقوم بالإشراف عليها، وأن الجهاز المصرفي المصري هو ملك الدولة، ولذلك فهو ملزم بتنفيذ قراراتها.