"أحمد السقا" .. عاشق لموهبته حتى النخاع .. التمرد قانونه، والنجاح حلمه، والمغامرة متعته .. يمارس بمنتهى العقل جنونه الفني .. ولا يكترث بالمخاطر ولا المجازفة ولا الصعوبات حتي ولو دفع الثمن حياته .. مع كل خطوة فنية يشعر وكأنه يبدأ من جديد .. لا يترك مجالاً للغرور أو الثقة المفرطة أن تنال منه. واستطاع "أحمد السقا" هذا العام أن يحطم قيود الاحتكار السينمائي ويعود للدراما التليفزيونية بعد غياب 14 عاما من خلال مسلسل "خطوط حمراء"، والذي حقق نجاحا كبيرا يوازي نجاحه سينمائيا بل ويكاد أن يتفوق على أفلامه. لذلك كان لنا معه هذا الحوار . بداية .. هل كنت تتوقع هذا النجاح للمسلسل ولك، وحصولك على جائزة أفضل ممثل في تكريم أخبار النجوم ؟. أحمد ربنا على هذا النجاح، والذي دائما يكون في علم الغيب، ورغم أنني توقعت النجاح للمسلسل وراهنت عليه إلا أن النجاح الذي حققه جاء أكبر من توقعاتي، كما أن تكريمي أكثر من مرة كان دليلا على نجاحي ليس فقط جماهيريا وإنما على مستوى النقاد، والذي جاءت آراؤهم ونقدهم في صالحي. _ وما السر وراء إقدامك على الدرامة التليفزيونية رغم النجاح السينمائي الذي حققته في أفلامك الأخيرة ؟. لا شك أن قراري بشأن خوض غمار تجربة العمل في المسلسلات التليفزيونية مرة أخرى لم يكن أمراً سهلاً على الإطلاق، لاسيما بعد عدة سنوات من التردد والقلق والخوف في هذا الصدد، خصوصاً أنني كنت أضع كل اهتماماتي وتركيزي على المجال السينمائي فحسب، لكني لم أنسَ يوماً أنني ابن التليفزيون منذ بداياتي الفنية في مسلسل "النوة"، وأدين له بالفضل في كل ما وصلت إليه، لذلك كان "واحشني" جداً. كما أنني واحد من الجيل الذي تربى على مسلسل الساعة 7 في القناة الأولى، ومثلي مثل كل المصريين كنا نلتف وكلنا لهفة وشوق كأسرة كباراً وصغاراً حول الشاشة لنتابع أحداث المسلسل، وكانت هذه الصورة دائماً تتبادر إلى ذهني عندما يكلمني أحد يسألني "متى سنراك في مسلسل تليفزيوني؟"..، لذلك كان داخلي رغبة في تقديم مسلسل يجذب الجمهور ويشاهدونه بنفس القدر من الحرص والحماسة والحميمية التي كنت أتابع بها المسلسلات، وهذا ما أعتقد أنني حققته والحمد لله . - لماذا تحمست لمسلسل "خطوط حمراء" دون غيره من الأعمال التي عرضت عليك ؟. لأن أولا تجربة مسلسل "خطوط حمراء" كانت مشروعاً مؤجلاً بدأ منذ أكثر من عام عبر اتفاق تم بيني وبين المنتج "محمود شميس علي" بطولة مسلسل تليفزيوني، وكان شرطي الوحيد توافر مقومات النص الجيد والموضوع الذي يتلاءم مع ما أريد تقديمه كي أحقق شروط ومتطلبات المعادلة الصعبة في معاودة الظهور على شاشة الدراما التليفزيونية مرة أخرى، وعندما عرض علي "أحمد محمود أبو زيد" الفكرة أعجبتني جداً، وتحمست لها بشدة، وعندما قرأت الورق زاد إصراري وحماسي لتنفيذ المسلسل، وبمجرد أن تم الانتهاء من كتابة السيناريو شرعنا في التصوير كي يكون جاهزاً للحاق بالعرض بالرمضاني. كما أنني كنت أبحث عن شيء مختلف جذاب لإيماني بأن التليفزيون محطة مهمة لكنها خطيرة، فهو جهاز موجود في كل بيت، ونخاطب من خلاله كل الفئات العمرية والطبقات الاجتماعية والشرائح الثقافية، لذلك عندما أقدم لهذا الجمهور عملاً درامياً بعد هذا الغياب الطويل لابد أن يكون بمثابة "حاجة تستاهل"، و"هدية حلوة" لأهل كل بيت في مصر والعالم العربي . _ كيف تم اختيار فريق العمل الذي شاركك، وما تقييمك له ؟. تم اختيار فريق العمل بعناية شديدة، وقام بذلك المخرج "أحمد شفيق"، وبالطبع كان هناك عدة ترشيحات مني ومن المؤلف والمنتج والحمد لله في النهاية توصلنا إلى هذا "الكاست"، والذي لا أعتبره فريق عمل مسلسل "خطوط حمراء" فقط، وإنما أيضا مسلسل "الأحمدات"، يعني عندنا "أحمد شفيق" في الإخراج، و"أحمد محمود" أو "زيد" مؤلفاً، و"أحمد رزق" و"أحمد فهمي" والعبد لله "أحمد السقا" في التمثيل، بالإضافة إلى باقي أفراد العمل "محمد عادل إمام"، "يسرا اللوازي"، "رانيا يوسف"، "أروي جودة"، "دينا فؤاد"، "عبدالعزيز مخيون"، و"فادية عبدالغني"، ومن أشقائنا العرب "دارين حمزة" من لبنان، و"منذر ريحانة" من الأردن الحاصل على جائزة "إيمي أوورد" العالمية والذي استطاع أن يثبت موهبته الفنية في هذا العمل. وأنا أرى أن الأهم من تقييمي هو تقييم الجمهور والذي جاء في صالح جميع الفنانين المشاركين، فقد أشاد الجمهور بدور كل من "أحمد رزق"، و"رانيا يوسف"، و"منذر ريحانة"، و"محمد إمام"، والنجمة "فادية عبد الغني" وغيرهم فجميعهم فنانون من الطراز الأول وعلى أعلى درجات من الأداء التمثيلي، وأرى أن كل شخص في هذا المسلسل موجود في دوره الملائم له تماماً، وفريق المسلسل عموماً ناس محترمة جدا،ً استمتعت بالشغل معاهم واتعلمت حاجات كتير منهم، وأنا شخصياً راهنت على هذا "الكاست"، والحمد لله الأيام أثبتت صدق كلامي واستطعت أن أربح الرهان . _ ألم تخشَ من اتهامك بالتكرار لتجسيدك شخصية ظابط الشرطة أكثر من مرة في الفترة الأخيرة ؟ . المسألة كلها صدفة، ممكن نعمل 100 عمل عن ضابط الشرطة وكلها مختلفة عن بعضها، فالعبرة والفيصل بالموضوع والحدوتة وكيفية الطرح الدرامي، وأنا متأكد أنه على الرغم من تجسيدي دور الظابط في فيلم المصلحة، والذي تزامن مع عرض مسلسل خطوط حمراء، إلا أن المشاهد لم تشعرني بأنني أكرر نفسي، خاصة وأن الدورين اختلفا تماما والتشابه كان في المهنة فقط . تقديمك للأكشن في أولى بطولاتك الدرامية استغلال لنجاحك في هذا النوع سينمائيا .. فما تعليقك ؟ . أقسم أنى لم أسعَ إلى ذلك، ولم أضع تقديم الأكشن كشرط أساسي في تجربتي الدرامية، وإنما فرض علي ذلك لأن سيناريو المسلسل وأحداثه تطلبت وجود مشاهد أكشن في سياق المسلسل بحكم طبيعة الموضوع وتسلسل الأحداث وليست مجرد "شو" أو استعراض عضلات، لأنه من المفترض أن يكون الأكشن موظفاً داخل الدراما وليس مفروضاً أو دخيلاً عليها، وهذا هو ما شعر به الجمهور ولمسه بنفسه، والنجاح لا يتوقف على تقديم أكشن، أو كوميديا، أو رومانسية، وخلافه وحنما يتوقف على تقديم موضوع متكامل كل شيء بداخله موظف في مكانه الصحيح . _ قلت إن التليفزيون لا يمكن أن يسحب البساط السينمائي من تحت أقدام الفنان .. لماذا؟. لا أؤمن بمقولة إن التليفزيون يحرق نجومية الفنان في السينما، ولست من أنصار مبدأ "ابعد عن التليفزيون وغني له"، صحيح أن لكل فنان حساباته الخاصة فيما يتعلق بمسألة التواجد التليفزيوني، لكن لا يستطيع أحد أن يغفل، أو ينكر أن مقاييس الانتشار التليفزيوني قد تغيرت وتبدلت تماماً، بعد أن أضحى المنتج الدرامي أحد عناصر الجذب الجماهيري في ظل هذا الزخم في أعداد القنوات الفضائية الموجودة حالياً. ثم يأتي الأهم وهو أن الرقابة التليفزيونية أضحت أكثر تفهماً ومرونة واستيعاباً وانفتاحاً عن ذي قبل، ومن ثم انفتحت الأبواب على مصراعيها فيما يتعلق بالتطرق إلى العديد من الموضوعات الجريئة والقضايا الساخنة التي كانت مفتقدة إلى حد كبير في الدراما التليفزيونية .. يعني "بقينا نقدر نقول كل اللي إحنا عاوزينه" بدون محظورات أو محرمات أو خطوط حمراء !!. لا ننسى كذلك سخاء العناصر الإنتاجية حالياً في مجال الإنتاج التليفزيوني، ومن ثم أصبح المنتج الدرامي على أعلى مستوى فنياً وتقنياً وتكنولوجياً من حيث مستوى الصورة التليفزيونية والتكنيك والتسويق، وتوافرت للمسلسلات الإمكانيات ومقومات الجاذبية والإبهار بما لا يقل عن السينما وبما ينعكس على جودة العمل ككل. _ ألم تخشَ من المنافسة خاصة وأن الموسم الرمضاني كان مليئا بالنجوم العمالقة في الدراما التليفزيونية ؟. أنا لم أخض تجربة الدراما التليفزيونية كي أكون خصماً أو نداً لأي زميل أو زميلة، وأرحب بالمنافسة الشريفة التي تحفز على التجويد والإتقان والاجتهاد وبذل قصارى جهدنا، وكنت أرى نفسي ضيفاً على جمهور الشاشة الصغيرة، وأتمنى ألا أكون ثقيلاً، والحمد لله ربنا وفقني ولم أدخل في حيز المنافسة حيث كان للمسلسل طابع خاص، واستطاع أن يكون مميزا وسط هذا الزخم الدرامي بحكم الجمهور طبعا . ومع هذا فقد كنت أعيش تحت سطوة مشاعر ترقب ممزوجة بالخوف والقلق الرهيب إزاء ردود فعل الجماهير حول مسلسلي الجديد، وتمنيت أن يلاقي قبولاً ورد فعل طيباً لدى المشاهدين، ويكون له نصيب من النجاح في ظل زخم الأعمال الدرامية، ولكني رأيت أن الجمهور أصبح و أكثر وعياً وبدأ يميز بسهولة بين العمل الجيد والعمل التقليدي أو الرديء، وبصفة عامة مسألة المنافسة تصب في مصلحة المشاهد فهو المستفيد الأول منها . _ وما تعليقك على الأجور الفلكية التي سمعنا عنها لنجوم الدراما هذا العام ؟. أنا أعتقد أن مسألة الأجور هي مجرد أرزاق .. ومسألة الأجر لا تشغلني بهذه الدرجة، ربما لأنني تعاملت مع منتج استطاع أن يقدرني جيداً، ولم يبخس حقي المادي، وعموماً في النهاية فهذا سوق مفتوح فيه عرض وطلب، وأجر الفنان يتحدد فيه على حسب نجوميته وجماهيريته والتي تكون عاملا أساسيا في نجاح العمل وجذب الجمهور لمشاهدته وبالتالي يسهل تسويقه على الفضائيات المختلفة . وبعيدا عن التليفزيون .. قمت بتغيير جلدك من خلال فيلم "بابا" فكيف كانت التجربة ؟. بالفعل أنا كنت في حاجة لتقديم شيء جديد، وأن أخرج من إطار الأكشن الذي نجحت فيه، ولكن هذا لا يمنع من أنه كان عندي حالة من الرعب والخوف، من ردود الأفعال ولكن الحمد لله كانت ردود الأفعال جيدة والفيلم حقق نجاحا وإيرادات عالية . ألم يقلقك تناول الفيلم لقضية "الحقن المجهري" خاصة وأنها قضية جديدة وجريئة ؟ . الفكرة هي أكثر ما جذبني لتقديم الفيلم وطريقة تناولها خففت من حدة القضية وجرأتها، خاصة وأنه تم تناولها بشكل كوميدي من خلال بعض الإفيهات الجنسية الخفيفة في إطار الموضوع، وأنا أرى أن السخرية طريقة مناسبة جدا لمناقشة الموضوعات الجريئة مثلما حدث في فيلمي "النوم في العسل"، و "الإرهاب والكباب" لأن الشعب المصري ساخر بطبيعته، والحمد لله رغم هذه الجرأة فإن الفيلم لم يتعرض للنقد بل وبالعكس تم الإشادة بجرأة القضية التي تناولها . _ كيف يتعامل السقا مع الإشاعات؟. أتحدى من يطلق إشاعة ضدي ويكون لها ظل من الحقيقة . هل سيحرص السقا على التواجد كل عام من خلال مسلسل جديد ؟ . ليس التواجد الدائم هو مايسعدني وما أسعى إليه ولكن تقديمي لأعمال مميزة تحقق نجاحا كبيرا، وتستطيع أن تترك بصمة عند الجمهور هو الأهم بالنسبة لي، وحتى الآن فأعتقد أنني لن أقدم أي مسلسل جديد في رمضان المقبل، حيث لا يوجد ما يجذبني لتقديمه، ولكني حاليا أقرأ عدد من السيناريوهات لأفلام سينمائية، ولم أستقر على أي منهم وذلك لتقديمه في موسم الصيف المقبل .