واتضح منها أن الاهتمام بصناعة تدوير المخلفات الإلكترونية يمكن أن يوفر ملايين فرص العمل بالإضافة إلى تخليص البيئة من الأذى وتحويل الكرة الأرضية إلى مجتمع أخضر. من بين هذه التجارب الناجحة جمعية روح الشباب بحى الزبالين فى منشية ناصر التى يقول عنها مؤسسها عزت نعيم جندى: إنها تضم 110 أطفال تتراوح أعمارهم بين 8 و18 سنة .. هؤلاء الأطفال الذين تسربوا من التعليم يتم حاليًا تعليمهم القراءة والكتابة ومهارات الكمبيوتر والأنشطة الفنية وحصل 45 منهم على شهادة محو الأمية ووصل 20 منهم للمرحلة الإعدادية فى التعليم.. ومن خلال مدرسة إعادة التدوير التى تشرف عليها الجمعية يحققون دخلا يبدأ من 200 جنيه شهريًا ويتزايد مع المواظبة على الحضور فى برامج المدرسة المختلفة .. ويقوم هؤلاء الشباب بجمع منتجات إحدى الشركات الكبرى من زجاجات شامبو وعبوات فارغة وتكسيرها وبيعها للزبالين فى المنطقة وهم بدورهم يبيعونها للشركة التى تعيد تدوير هذه المخلفات وتنقذ منتجاتها من عمليات الغش التجارى. وقد رصد الفيلم الوثائقى "أحلام الزبالين" تجربة جمعية روح الشباب وحصل على جائزة آل جور "نائب الرئيس الأمريكى الأسبق" عن تناوله لمشكلة عالمية هى إعادة تدوير المخلفات كما حصلت الجمعية على منحة من مؤسسة "بيل جيتس" الخيرية لدعم هذه التجربة. ويؤكد د. حسام علام المدير الإقليمى لبرنامج القطاعات الاستراتيجية بمركز البيئة والتنمية للإقليم العربى وأوروبا ضرورة زيادة الوعى بأهمية تدوير المخلفات الإلكترونية فى العالم العربى من أجل خلق مجال واسع من فرص العمل مما سيساهم بشكل كبير فى حل مشكلة البطالة. ففى مصر مثلا لدينا أكثر من 50 مليون مشترك فى شركات المحمول وبالتالى لدينا أكثر من50 مليون تليفون محمول تتغير معظمها بعد مدة وجيزة .. وهذا حجم كبير يسمح بإنشاء صناعة التدوير .. فحتى الآن تقتصر المحاولات على ممارسة فردية سواء من جانب شركات أو هيئات لتجميع أجهزة التليفون المحمول أو الكمبيوتر وتصليحها أو فكها واستخلاص المكونات الثمينة منها مثل الذهب والنحاس وتصديرها للتدوير واسترجاع هذه المواد. ويضيف د. حسام علام أن مركز البيئة والتنمية يسعى منذ عامين لإبراز قضية التدوير ووضعها على أجندة متخذى القرار فى مصر. ويحكى ألكسندر شلبى رئيس مجلس إدارة إحدى شركات التليفون المحمول، عن تجربة رائدة فى هذا المجال فيقول: بدأنا ببطاريات الموبايل فى مشروع تدوير المخلفات الإلكترونية وهى أخطر المكونات الإلكترونية أو المنزلية .. ومنذ عامين تقوم الشركة بتجميع هذه البطاريات من العاملين ومن بعض المشتركين فى خطوطها مقابل حافز مادى ويعاد تصديرها لشركة متخصصة فى إنجلترا لمعالجتها بشكل آمن وسليم فنيًا .. وذلك لتجنب إلقاء هذه البطاريات فى القمامة لأنها تظل رغم دقتها تطلق مواد ضارة تلوث التربة أو المياه الجوفية أو تلحق الأذى بمن يتعرض لها. ويضيف ألكسندر أن شركته تتعاون مع حى الزبالين وترسل إليهم آلافًا من أجهزة الكمبيوتر القديمة لديها ويساعدهم فنيون من الشركة من خلال تدريب الشباب فى هذا المجتمع على تفكيك هذه الأجهزة بشكل سليم وآمن وفرزها لإعادة استخدام الجيد منها أو لاستخلاص المكونات الصالحة لتدويرها فى الأجهزة التى انتهت مدة صلاحيتها، وستقوم الشركة بالتعاون مع إحدى الجمعيات الأهلية فى مدينة أبو قرقاص فى المنيا بتنفيذ مشروع مماثل فى مجال التليفون المحمول تحت إشراف الفنيين بها. ويوضح أحمد الدكرورى رئيس جمعية التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية بأبو قرقاص فى المنيا أن هذا المشروع الذى تشارك فيه عدة جهات سيكون نموذجًا لمراكز الجمهورية البالغ عددها 222 مركزًا، وهو يهدف لتنمية المجتمع الذى يضم 500 ألف نسمة فى أبو قرقاص بالإضافة لحل المشكلة البيئية للمخلفات الزراعية والإلكترونية وفتح مجال لفرص عمل ونشر ثقافة جديدة فى مجال الاستهلاك والتوعية بمخاطر المخلفات وذلك من خلال عدة برامج تمولها جهات دولية.