أكد المفكر جمال البنا أن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر كان إخوانياً منذ أن بايع الشيخ حسن البنا عام 1942، وطوال عشر سنوات ظلت العلاقة بين جماعة الإخوان وعبد الناصر على ما يرام، مشيرا إلى أن الصراع على السلطة حدث ما بين الإخوان وعبد الناصر عندما قامت الثورة عام 1952 ، فلم تعد العلاقة بين الطرفين على ما يرام، السلطة فرقت ما بين عبد الناصر والإخوان فانقلب عبد الناصر على الإخوان الذين شاركوه صنع الثورة، ومثلما كان الإخوان القوى الأكبر وراء الثورة صاروا يضمرون للثورة ولعبد الناصر غلا أكبر! في هذا الحوار يشخص شقيق مؤسسي جماعة الإخوان طبيعة العلاقة بين الإخوان وعبد الناصر، ولا يجد جمال البنا أي حرج عل الإطلاق في أن يقول هذا هو خطأ الإخوان وهذه هي خطيئة عبد الناصر! وإلى نص الحوار: - بوصفك شقيق مؤسس جماعة الإخوان أسألك: كيف كنت ترى العلاقة بين الإخوان والثورة؟ في البداية أقول إنه لو كان الشيخ حسن البنا على قيد الحياة عندما قامت الثوة لما ظهر جمال عبد الناصر على الإطلاق أو لاختلف تفكيره تماما، لأن الشيخ حسن البنا كان عنصر أمان للعهد الماضي، حيث كان عدوا للعنف وعدوا لكل وسائل الإجرام، والعلاقة بين الإخوان وأحزاب ما قبل الثورة بدأت بالحقبة الليبرإلىة التي بدأت منذ وضع الدستور وحتي فترة الأربعينيات التي نجحت فيها إسرائيل في عام 1948 في إعلان قيام دولتها في فلسطين وأراد الملك فاروق أن يظهر بدور البطولة فأعلن شن الحرب على إسرائيل، وهو الأمر الذي كان يرفضه البنا ومفتي فلسطين أمين الحسيني فقام محمود فهمي النقراشي باشا بتطبيق الأحكام العرفية وحل جماعة الإخوان في ذلك الوقت بأمر عسكري، حيث كانت الإخوان جمعية اعتبارية وبالتإلى فإن قرار حلها يعد بمثابة قتل لها. والمرحلة الثانية في علاقة الإخوان بالثورة كانت قبل قيام الثورة وبعد قيامها حيث مارست جماعة الإخوان نشاطها السري بعد أن انضم إلى الجماعة بعض أعضاء مجلس قيادة الثورة وعدد كبير من الضباط الأحرار. - كيف تري ال 60 عاماً التي مرت على الثورة؟ ال 60 عاماً الماضية شهدت صراعاً كبيراً بين الإخوان والسلطة على مراحل الرؤساء الثلاثة الأخيرة عبد الناصر والسادات ومبارك ولكن كانت أسوأ فتر عليهم هي فترة الستينيات التي جمعوا فيها في المعتقلات وحيث كانوا يتعرضون لكل أنواع التعذيب ولكنها شهدت تراخيا في عهد الرئيس المخلوع الذي منحهم بعض الحرية المشروطة. - ما حقيقة قصة اللقاء الأول بين البنا وعبد الناصر؟ لا يستطيع أحد أن يحدد كيف التقى عبد الناصر بحسن البنا قبيل اغتياله عام 1949 لأن جميع قيادات الإخوان في ذلك الوقت كانت في السجن وعبد الناصر كان يعمل في سرية تامة في علاقته بالإخوان. - أليس غريبا ألا تكون وأنت الأخ الأصغر للشيخ حسن البنا عضوا في جماعة الإخوان؟ الأمر ليس غريبا إلى هذه الدرجة لأن تركيبتي المدنية وطفولتي التي قضيتها في الريف بعيدا عن حسن البنا جعلتني لا أفكر في الانضمام إليها. - شقيقك الشيخ عبد الرحمن البنا أسس جمعية "الحضارة" عام 1930 في القاهرة.. لماذا أسسها؟ الجمعية قامت بالتزامن مع جماعة الإخوان المسلمين، ففي الوقت الذي أسس فيه شقيقي حسن البنا جماعة الإخوان عام 1928 في الإسماعيلية قام شقيقي عبد الرحمن بتأسيس جمعيته في القاهرة ثم حدث الاندماج بين الجمعيتين في وقت لاحق. - من أخطأ في حق الآخر الإخوان أم الثورة؟ كل منهما أخطأ في حق الآخر ؛ البنا لم يحضر هذه المعمعة فد اغتيل عام 1949 أي قبل الثورة بأربعة عوام ولكنها كانت بين النقراشي وبين الإخوان أما عبد الناصر فكان يقوم بتدريب الإخوة الفدائيين على الأعمال العسكرية ولم يتمكن أحد من إثبات صلته بالجماعة، حيث كان يخفيها وينكرها تماما بالرغم من أنه كان إخوانيا، ولكن ما حدث أن الإخوان كانت تطمع في السلطة من ناحية وعبد الناصر نفسه كان يطمع في السلطة من ناحية أخري، فحدث التصادم بينهما، ولذلك فإن الإخوان أخطأوا في حق الثورة وعبد الناصر أيضا أخطأ بحق الثورة وكلا الطرفين كان هدفه الأساسي هو الوصول إلى السلطة. - ما تعليقك على قول الرئيس د. محمد مرسي "الستينيات..وما أدراك ما الستينيات"؟ معه حق كل الحق فقد كانت فترة الستينيات هي أبشع وأشنع مرحلة مرت على الإخوان وعبد الناصر أصابه مرض الجنون من الإخوان في تلك الفترة وانقلب على الإخوان بحجة أن الإخوان يدبرون له حادث اغتيال كما رأينا في حادثة المنشية التي كانت جزءا من مسرحية دبرها الإخوان لإيصال رسالة إلى عبد الناصر أنهم من الممكن أن يصلوا إلىه في أي وقت وفي أي مكان. - ما سبب كل هذا الغل بين عبد الناصر والإخوان؟ السلطة!! فالسلطة تعمي وتصم ؛ وعبد الناصر كان يريد كل السلطة في يده والسيطرة على كل معارضيه، ونستطيع أن نقول إن عبد الناصر هو الذي انقلب في البداية على الإخوان.وسبب الغل أن الإخوان كان يطمعون بعد قيام الثورة في الحصول على السلطة فقد كانوا شركاء في الثورة وانقلب عليهم عبد الناصر ؛ لأنه كان هو الآخر يطمع في السلطة .. الأمر الذي أثار غضب الإخوان الذين كانوا يريدون أن يكونوا شركاء مع الضباط الأحرار في السلطة وبهذا تحولت العلاقة بينهما من شركاء إلى أعداء. - ما حدث في 1952 ثورة أم حركة فقط؟ الإخوان اعتبرتها حركة فقط وهي في حقيقة الأمر لم تكن ثورة لأنها كانت فاشلة ولم تحقق سوي 30% فقط من أهدافها كما أنها سرقت السلطة من العهد الملكي بينما اعتبرها عبد الناصر ثورة لأنها مكنت الضباط من السلطة وكان هو على رأس هذه السلطة. - لماذا أنت بعيد عن الإخوان.. وما نصيحتك لهم؟ لم أفكر مطلقا أن أكون عضواً في الإخوان ولن أندم أنني لم أكن عضوا فيها بالرغم من أنهم أصبحوا يمتلكون السلطة الشرعية في البلد وأنصح الإخوان أن يتخلوا عن الرجعية التي يعيشون فيها حاليا ويحاولوا مواكبة العصر الحالى وتطوير أفكارهم التي بدأوا عليها منذ قيام الجماعة وحتى الآن لا يفشلوا في الحفاظ على ما وصلوا إليه. - ما حقيقة وصية البنا أن يكون المرشد بعده عبد الرحمن السندي ثم عبد الناصر؟ غير صحيح وما يؤكد ذلك أنه عندما عاد الإخوان مرة ثانية عام 1951 من خلال الانتخابات الوفدية أرادوا أن يكون لهم مرشد كان هناك أربعة مرشحين كان أحدهم شقيق حسن البنا عبد الرحمن كل منهم كان يجد نفسه جديرا أن يصبح المرشد ولم تذكر تلك الوصية تماما. - هل خدع عبد الناصر الإخوان عندما بايعهم عام 1942؟ نعم خدعهم خدعة كبيرة، ولكن الإخوان كانوا يتوقعون منه ذلك ؛ لأنهم كانوا يعرفون أن هدفه من الدخول في الجماعة من البداية كان الوصول إلى السلطة وعندما اتفقوا معه على أن يصبحوا شركاء في السلطة فيما بعد أخلف عبد الناصر وعده مع الإخوان وخدعهم. - هل كان عبد الناصر إخوانيا أم أنه كان يمثل عليهم دور الإخوانجي؟ عبد الناصر كان إخوانيا ولكنه كان يطمع في السلطة بعيدا عن أي شركاء آخرين وكان جميع ضباط التنظيم السري إخوانيين أيضا ولكن كان مستوي ذكاء الضباط أعلى بكثير من مستوي تفكير الإخوان الذين أعطوا لهم الأمان، وعبد الناصر استغل ذكاءه الواسع في خداع الإخوان والسيطرة على السلطة وكان مستعدا لعمل أي شيء في سبيل الحفاظ على السلة في يده وهذا سبب انقلابه على جماعة الإخوان والتحول من حليف إلى عدو. - مستقبلا.. هل يمكن أن يحصل نوع من المصالحة بين الإخوان المسلمين والناصريين؟ أولا النهايات غير السعيدة للعديد من القيادات الإخوانية في الحقبة الناصرية مثل سيد قطب جعلت هناك نوعا من الثأر بين التيارين، ولكن لا أستبعد المصالحة لأن الإخوان كماقال البنا "لسنا حزييين ولا سياسيين ولكننا وسطيون" ولذلك فإن المصالحة بين الطرفين ممكنة ولكنها تحتاج إلى سعي جاد وفحص. - ما رأيك في تأسيس جماعة الإخوان حزبا سياسيا ؟ حسن البنا بريء من الإخوان الحاليين لأنه كان يرفض تأسيس حزب، وفي عام 1946 رفض البنا تأسيس حزب ؛ بالرغم من أنه كان سهلا تأسيس حزب، ولو كان البنا موجود حاليا لتبرأ منهم ومن طمعهم في اتخاذ الدين ساترا للوصول إلى السلطة. - من قتل حسن البنا عام 1949؟ مجموعة من المخبرين بوزارة الداخلية جمعهم محمود عبد المجيد مدير المباحث الجنائية بوزارة الداخلية ومحافظ "قنا" الذي كان مشهورا بسفك الدماء والذي خطط للحادث كاملا وتم اغتيال الشيخ حسن البنا عل يد هؤلاء المخبرين الذين كانوا يركبون عربة لوزارة الداخلية ولم يتم إسعاف الشيخ حسن البنا بالرغم من أنه ظل لوقت طويل ينزف حتى صعدت روحه إلى بارئها، وكان من الممكن أن يتم إسعافه لأن حالته لم تكن خطيرة ولكنها تحتاج إلى سرعة وقف النزيف. - قبل الثورة كانت الحكومة والسراي تلقي القبض على كل قيادات الإخوان الكبري وتودعهم المعتقلات ولكن كان غريبا أن الوحيد الذي لم يكن يقبض عليه هو الشيخ حسن البنا.. هل لديك تفسير؟ أيام الملك فاروق كانت الحكومة تتعامل مع الشيخ حسن البنا باعتباره المصيدة التي تصطاد بها كل قيادات الإخوان الموجودة من حوله، حدث هذا أكثر من مرة.. وفي النهاية تم قتل حسن البنا عام 1949. - هل كانت تذهب لمقر الجماعة رغم عدم انضمامك للإخوان؟ نعم ذهبت هناك أكثر من 20 مرة وكان لي غرفة خاصة بي كان اسمها غرف الاتصال بالعالم الإسلامي وتوليت بتكليف من حسن البنا منصب مدير المطبوعات التي تصدر عن الإخوان وكنت قريبا من الشيخ حسن البنا ولكنه كان كتوما ولا يعطيني أي معلومات لم سأله بنفسي عنها وكنت دائما ما أتردد على غرفة القيادة حيث كان يجلس. - هل يفشل الإخوان في الحفاظ على السلطة؟ الوضع الحإلى يؤكد فشلهم بالتأكيد ودواعي الفشل أكثر من النجاح لأن العسكر لن يمنحهم الفرصة في الحفاظ على السلطة والدليل على الصراع بينهما الإعلان الدستوري المكمل الذي أصدره المجلس العسكري والذي يؤكد أنه لن يعطي الإخوان مفتاح السلطة التي ورثها عن الرؤساء الأربعة السابقين الذين تخرجوا في نفس المدرسة، وكانت المعركة في النهاية تحسم لصالحهم ؛ لأنهم يملكون مصدر القوة الوحيدة في البلد وهي الجيش. - هل وصل الإخوان إلى مرحلة التشييع بعد الوصول إلى السلطة؟ أعتقد أن الإخوان حققوا أقصي ما كانوا يسعون إليه ولن يتمكنوا من تحقيق أكثر من ذلك ولكن الخوف القادم عليهم قد يكون الحصار بسبب التصادم في المصالح لأنه دائما ما يكون بعد المد جزر. - ما رأيك فيما يتردد أن وجود الإخوان في السلطة يفقدهم شعبية كل يوم؟ لاشك في ذلك لأن الناس عموما تكره الحكومة مهما كانت ولو نزل الإخوان الانتخابات القادمة سواء برالبرلمانية أو الرئاسية فلن يحصلوا على أصوات الأغلبية. - ما رأيك في التيار السلفي الحالى؟ لم ولن أعترف بهم لأنهم جماعة يدعون إلى الرجعية إلى عصور الأجداد وهذا يعتبر "جهالة" لأنهم ينسون أنه لابد من التطور مع الزمن والإسلام السلفي الذي يتخذونه منهجا يدعو إلى ذلك . - كيف تري الوضع الحالى في مصر؟ مصر حاليا تبحث عن منقذ ؛ والله وحده يعلم من سيقود هذا البلد إلى مكانه الطبيعي ولا أتوقع أن يكون التيار الديني.