لانتشار إنفلونزا الخنازير الذي ورد إلي العالم بأسره من الأمريكيين وأودي بحياة أعداد من البشر والحديث يدور هنا حول شدة الفزع لدينا من هذا الوباء المتربص بالبشرية والذي لم تصل أيدي العلماء إلي حل علمي وثيق لتلك المشكلة أو بدواء شاف وناجح • ورغم كل مظاهر الحياة العادية فإن الكل فزع في قرارة نفسه لما يكيل له الإعلام من مخاطر عبر جميع وسائله المقروءة والمرئية والمسموعة بل إن الحملات الدعائية للتحوط منه بلغت أشدها وصرف عليه الملايين •لكن لماذا لا ينتشر هذا الفزع في معظم دول الغرب بل حتي في أمريكا نفسها وهي مكمن الداء - ولماذا هذه الحملة من التخويف والترويع التي يري الكثير منا أنه مبالغ فيها • واقع الأمر أن الغرب أيضاً يحذر من انتشار هذا الوباء لكن هناك فرق جوهري هو أن المجتمعات الغربية أصلاً لديها ثقافة وعادات متأصلة وقديمة صارت نمطاً وسلوكاً طبيعياً وتمثل في مراعاة كافة أوجه الاحتياط والرزانة خلال السلوك الطبيعي اليومي في المدارس و في وسائل المواصلات وفي أماكن التجمعات مثل السينما والمسرح وساحات التجمع وفي الشارع فالمواطن هناك اعتاد علي سلوكيات النظافة والحذر وأصبحت هذه العادات جزءاً لا يتجزأ من سلوكه وبقيت مهمة الدولة ومنظمات المجتمع المدني غير الحكومية فقط في التحذير وتوضيح وسائل المواجهة ولم تلجأ لا الدولة ولا هذه المنظمات إلي الترهيب والتخويف الذي أصبح السمة الرئيسية في تعامل الدولة ومؤسساتها مع المواطن لأن المهمة تضاعفت الأولي وهي الأساسية غرس سلوك الحذر واتباع الأساليب الصحية ومبادئ النظافة لدي العديد من المواطنين خاصة من لم يتلق منهم حظه من التعليم والثقافة بينما تكون المهمة الثانية هي وسائل مقاومة هذا المرض والإعلان لمقاومته عبر التحصينات والأدوية المعالجة - ومن هنا لا يمكن اتهام الدولة بأنها بالغت أو تمادت في إرهاب أو تخويف المواطن ممن اطلقت عليه الإنفلونزا الجديدة وهذا في حد ذاته لقب أشد لياقة من التسمية الشائعة • يأتي ذلك في الوقت الذي علي الدولة أيضاً أن تتخلص من مشكلة القمامة التي وللأسف الشديد تنتشر في جميع أرجاء البلاد بما في ذلك بعض مناطق وسط العاصمة حتي وإن كان بعضها يلقي في مجمعات معدنية أو بلاستيكية فهي الأخري مكشوفة تفوح بروائح تزكم الأنوف ولا يمكن تجاهل أن الروائح الكريهة نفسها هي الأخري من مسببات العدوي وانتشار الأمراض • وكان الأحري بدلاً من إضافة رسوم النظافة إجبارياً علي فواتير استهلاك الكهرباء كان من الممكن فرض قيمة من هذه الرسوم علي هيئة أكياس قمامة توزع علي جميع المستهلكين مع فواتير الكهرباء أو الغاز أو المياه أو بأية من الوسائل التي تضمن وصولها لكافة المستهلكين لأن الكثير منهم ولأسباب ثقافية واجتماعية وأحياناً مادية لا يتعامل مع هذه الأكياس بينما لو خصص جزء من رسوم القمامة المحصلة علي فواتير الكهرباء لكان أنجح للدولة وللمستهلك فنصف البلاء أفضل من كله •• هذا لا يلغي ضرورة وأهمية تطوير سلوكيات الفرد فلا يزال سلوك التقبيل بين الأصدقاء وخاصة في صالات الاحفالات والأفراح وكذلك التعازي وكأن الذي لا يقبل صديقه غير محب له ومنذ متي وكانت القبلات هي دليل الحب بين الناس هذا وناهيك عما تذيعه وسائل الإعلام عن هذه العادات غير الصحية عبر المسلسلات التليفزيونية بل خلال المقابلات الرسمية لبعض كبار الشخصيات وهنا لا بأس من قليل من المونتاج قد يقيد وربما تتجه العادات إلي الأفضل من واقع الخوف من المجهول والله من وراء القصد •