خلال الاجتماع الثاني للمهندسين| عيسى: اللائحة وضعت لحماية المهنة.. و"ترك" يستعرض آليات تنفيذها    الأحد والأثنين المقبلين إجازة للقطاع الخاص بمناسبة عيدى العمال وشم النسيم    رئيس جامعة قناة السويس يهنئ السيسي بمناسبة الاحتفال بعيد العمال    20 جنيها تراجعا في سعر الذهب عيار 21 اليوم.. اعرف الجرام بكام؟    أسعار الخضار والفاكهة في أسواق أسيوط اليوم الثلاثاء    البورصة تهبط 1.08% في مستهل تداولات اليوم    وزير الإسكان: ندعم شركات القطاع الخاص في تنفيذ مشروعاتها بالسوق المصرية    وزارة الإعلام الكويتية: زيارة أمير البلاد لمصر تجسيداً لمتانة علاقات القيادتين    مساعد وزير الخارجية الأسبق: الجهد المصري لا يتوقف لتهدئة الأوضاع في غزة    محتمل إصداره أوامر باعتقال نتنياهو.. من هو كريم خان المدعي العام للمحكمة الدولية؟    بعد اصابته في السمانة.. الأهلى يفحص الشناوى اليوم قبل إعلان قائمة الإسماعيلى    تأجيل محاكمة المتهم بدهس طبيبة بيطرية بسيارته بالتجمع الخامس    لليوم الثاني على التوالي.. طلاب النقل بالقاهرة يؤدون امتحانات المواد غير المضافة للمجموع    أخلاقنا الجميلة.. «أقصى درجات السعادة هو أن نجد من يحبنا فعلا يحبنا على ما نحن عليه أو بمعنى أدق يحبنا برغم ما نحن عليه»    «نادر الحدوث».. «الصحة» تصدر بيانا بشأن الإصابة بجلطات بسبب لقاحات كورونا    أسترازينيكا: لقاح كورونا يسبب أثارا جانبية مميتة| فما مصير من تلقي اللقاح؟    البنتاجون يكشف عن تكلفة بناء الرصيف المؤقت قبالة ساحل غزة    بسبب ثوران بركان جبل روانج.. إجلاء آلاف الأشخاص وإغلاق مطار دولى بإندونيسيا    وزير المالية: مشروع تطوير مدينة رأس الحكمة يؤكد قدرة الاقتصاد المصرى على جذب المزيد من التدفقات الاستثمارية    مواعيد مباريات الثلاثاء 30 إبريل - ريال مدريد ضد بايرن.. وكلاسيكو السعودية    نجم الزمالك: الأهلي سيتوج بدوري أبطال إفريقيا    وزير الإسكان: 131 ألف حجز ل1747 قطعة أرض بالطرح الرابع لبرنامج «مسكن»    مؤسسة ساويرس تقدم منحة مجانية لتدريب بحارة اليخوت في دمياط    الأرصاد تكشف موعد ارتفاع درجات الحرارة (فيديو)    بروتوكول تعاون بين كلية الصيدلة وهيئة الدواء المصرية في مجالات خدمة المجتمع    سفير فنلندا في زيارة لمكتبة الإسكندرية    النبي موسى في مصر.. زاهي حواس يثير الجدل حول وجوده والافتاء ترد    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    افتتاح المعرض السنوي لطلاب مدارس التعليم الفني بالقاهرة تحت شعار "ابدع واصنع"    مصادر: من المتوقع أن ترد حماس على مقترح صفقة التبادل مساء الغد    حسام موافي في ضيافة "مساء dmc" الليلة على قناة dmc    اليوم.. الحُكم على 5 مُتهمين بإزهاق روح سائق في الطريق العام    إمام: شعبية الأهلي والزمالك متساوية..ومحمد صلاح أسطورة مصر الوحيدة    زلزال بقوة 4.7 درجة يضرب شرق تايوان    اليوم.. استئناف فتاة على حكم رفض إثبات نسب طفلها للاعب كرة شهير    مساعد وزير الصحة: قطعنا شوطًا كبيرًا في تنفيذ آليات مواجهة تحديات الشراكة مع القطاع الخاص    «مصر للصرافة» تجمع حصيلة من العملات تعادل 8 مليارات جنيه    ظهور خاص لزوجة خالد عليش والأخير يعلق: اللهم ارزقني الذرية الصالحة    تعرف على أفضل أنواع سيارات شيفروليه    هل أكل لحوم الإبل ينقض الوضوء؟.. دار الإفتاء تجيب    "المصل و اللقاح" عن الأثار الجانبية للقاح "استرازينيكا": لا ترتقي إلى مستوى الخطورة    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    العثور على جثة طفلة غارقة داخل ترعة فى قنا    موعد عيد شم النسيم 2024.. حكايات وأسرار من آلاف السنين    شقيقة الأسير باسم خندقجي: لا يوجد أى تواصل مع أخى ولم يعلم بفوزه بالبوكر    بين تقديم بلاغ للنائب العام ودفاعٌ عبر الفيسبوك.. إلي أين تتجه أزمة ميار الببلاوي والشيح محمَّد أبو بكر؟    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لي نصيباً في سعة الأرزاق وتيسير الأحوال وقضاء الحاجات    السجيني: التحديات عديدة أمام هذه القوانين وقياس أثرها التشريعي    بمشاركة 10 كليات.. انطلاق فعاليات الملتقى المسرحي لطلاب جامعة كفر الشيخ |صور    الطيران الحربي الإسرائيلي يشن سلسلة غارات عنيفة شرق مخيم جباليا شمال غزة    عفت نصار: أتمنى عودة هاني أبو ريدة لرئاسة اتحاد الكرة    تصريح زاهي حواس عن سيدنا موسى وبني إسرائيل.. سعد الدين الهلالي: الرجل صادق في قوله    حشيش وشابو.. السجن 10 سنوات لعامل بتهمة الاتجار بالمواد المخدرة في سوهاج    إيهاب جلال يعلن قائمة الإسماعيلي لمواجهة الأهلي    ليفاندوفسكي المتوهج يقود برشلونة لفوز برباعية على فالنسيا    تعيين إمام محمدين رئيسًا لقطاع الناشئين بنادي مودرن فيوتشر    تموين جنوب سيناء: تحرير 54 محضرا بمدن شرم الشيخ وأبو زنيمة ونوبيع    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صراع سري بين وزراء نظيف علي " كعكة " المعونات الأجنبية
نشر في صوت البلد يوم 21 - 10 - 2009

الاقتصادية بين مصر وأمريكا تخبط بين الود والنفور، وكلاهما يستشعر أنها ليست صادقةً وأمينةً، وما يحكمها "الغاية تبرر الوسيلة" حتي ولو كانت الوسيلة أحيانًا غير مشروعة، حتي جاء بوش وقدم كل الدعم لإسرائيل ورفع شعار الحرب الصليبية، وطالب الشعب المصري بجميع طوائفه إيقاف المعونة الأمريكية وقطع العلاقات الدبلوماسية، وكان الرد من قِبَل الحكومة بالادعاء بأنه لا طاقة لنا بأمريكا نحن نعتمد عليها في الغذاء والسلاح، وهناك صعوبات عملية لإيقافها أو إلغائها •• ويثار السؤال: ما الآثار الإيجابية والسلبية للاستغناء عن المعونات الأمريكية لمصر ؟
ويتعلق هذا الملف بدراسة الجدوي الاقتصادية والسياسية والصعوبات الاقتصادية لمصر، وهي بصدد الاستغناء عنها إذا ما تبين أن شرها أكثر من خيرها ، وما البديل ؟، وهل توجد إستراتيجية طويلة الأمد للتحرر من التبعية الأمريكية؟
فنجد الآن أن أحدث صراع سري بين وزراء حكومة نظيف هو الصراع علي التهام أكبر قدر من كعكة المعونات الاجنبية ، ورغم وجود وزارة مختصة للحصول علي المعونات والمنح وهي وزارة التعاون الدولي ، ووزيرتها الدءوب فايزة ابوالنجا ، فإن هناك أبواباً أخري للحصول علي منح ومعونات ، خلال المكاتب الإقليمية للعديد من الهيئات الدولية المانحة في القاهرة ، خاصة المنح الخاصة بإجراء البحوث والدراسات، ومع ضغوط الأزمة المالية علي الموازنة أصبحت هذه المعونات هي الطريق الأسهل والأسرع وربما الوحيد لإعداد الدراسات والبحوث واستطلاع الرأي العام ، خاصة مع ارتفاع تكلفة اعداد هذه الدراسات والبحوث المسحية ولذلك تشكلت في الفترة الاخيرة مجموعات عمل للبحث علي هذه الفرص التمويلية والاستعانة بها، وقد شكل البحث عن تمويل الدراسات الخاصة بالدعم النقدي آخر فصول هذه المعركة السرية حتي الآن•
وذلك لإجراء البحوث والدراسات حول الطرق المثلي لتوجيه الدعم الموجه للفقراء، ونجح وزير التضامن علي مصيلحي في الحصول علي وعود بتمويل هذه الدراسات بشكل موسع من خلال خبراء دوليين في ملف الفقر والدعم المشروط ، وذلك بعد أن ظلت هذه المنح لعدة سنوات حكرا علي بعض وزراء المجموعة الاقتصادية الذين يملكون قدراً هائلاً من العلاقات مع العاملين والخبراء في هيئات التمويل الدولية الكبري•
ويمثل الحصول علي تمويل للحملات الدعائية لبعض الانشطة في الوزارة بابا آخر في الصراع الخفي بين عدد كبير من الوزراء خاصة بعد نجاح الحملة الدعائية لوزارة المالية عن قانون الضرائب الجديد (حملة الضرائب مصلحتك اولا ) وكان وزير المالية د• يوسف بطرس غالي قد نجح في الحصول علي تمويل للحملة الاولي من البنك الدولي ووصل هذا التمويل إلي نحو ثلاثين مليون جنيه مصري من بند تعزيز ودعم الاصلاحات المالية والاقتصادية التي تبنتها مصر خلال الخمس سنوات الماضية، وقدنبهت هذه الحملة العديد من الوزراء إلي اهمية المنح الاجنبية في تمويل حملاتهم الدعائية والاعلامية في عدة قضايا ، خاصة ان وزارة المالية ترفض في ظل الازمة توفير مخصصات بالملايين من الجنيهات لمثل هذه الحملات، كما أن تمويل هذه الحملات من الموازنة العامة للدولة سوف يثير عاصفة من الانتقادات الحادة سواء في مجلس الشعب أو الصحافة•
ورقة ضغط
وفي هذا الصدد وجه عدد من رجال السياسة سهام نقد عديدة للمعونة الأمريكية ، حيث ذهب البعض منهم إلي التأكيد علي أن هذه المعونة يتم استخدامها كورقة ضغط علي صانع القرار السياسي المصري من قبل الإدارة المصرية ، بينما أكد البعض الآخر أن هناك تنازلات تم تقديمها من النظام المصري من أجل الحفاظ عليها، في المقابل رأي البعض الآخر أن التخفيض الأخير للمعونة خاصة في جانبها المدني خطوة أولي علي طريق الإلغاء•
وفي هذا الشأن أكد د• جهاد عودة أستاذ العلاقات الدولية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة حول كون المعونة الأمريكية هل تسيء لمصر كما يردد البعض أن هذا اتهام باطل ولا أساس له من الصحة لأن المعونة الأمريكية ساهمت بصورة كبيرة في تحسين الأوضاع الاقتصادية لمصر سواء في مجال الحبوب الغذائية أو في مجالات التعليم أو في المعونة الفنية التي تقدم عن طريق مجموعة من الخبراء الأمريكان، ومن ينكر هذه الحقيقة جاحد أو متطرف سياسياً ، مشيراً إلي ضرورة الانتباه إلي أنه انخفاض المعونة أو زيادتها لا يؤثر بالسلب علي مصر ، لأنه من الضروري التأكيد علي أن خفض قيمة المعونة تم بالاتفاق بين الإدارتين المصرية والأمريكية بعد مفاوضات استغرقت مدة طويلة ، ولم يكن أمراً مفاجئاً أو نتيجة خلافات بين الإدارتين كما يحاول أن يروج البعض ، مؤكداً أنه لا يوجد تناقض بين المعونة كضرورية وفي الوقت نفسه تري أن الانخفاض تم بالاتفاق لأنني أشرت إلي دور المعونة خلال الفترات السابقة ، لكن الأمر اختلف الآن لأننا نسعي إلي تنشيط التجارة والصناعة وعدم الارتكان إلي هذه المعونة طوال العمر لما في ذلك من آثار سلبية علي اقتصاد مصر•
وحول ما ذهب إليه البعض بأن التخفيض خطوة أولي علي طريق الإلغاء أمر صحيح ، أكد د•عودة أن الإلغاء لابد منه في لحظة ما ، خاصة أن الاقتصاد المصري ليس محتاجاً لهذه المعونة ، لاسيما أننا أصبحنا من الدول الناضجة اقتصادياً بشهادة البنك الدولي الذي أشار في آخر تقرير له إلي أن الاقتصاد المصري استطاع عدم التأثر بالأزمة العالمية التي تعاني منها معظم دول العالم•
الاستفادة ضئيلة
ومن الجانب الآخر نجد أن الأحزاب السياسية تتعامل مع ملف المعونة الأمريكية ، علي أنه أمر خارج دائرة اهتماماتها ، لاسيما أنها تري أن هذه المعونة أساءت لسمعة مصر ولم تحقق لها إرساء اقتصادياً كما يعتقد البعض، حيث هناك شبه إجماع داخل معظم الأحزاب أن جزءاً كبيراً من أموال هذه المعونة يعود للاقتصاد الأمريكي، وأن هناك ثمناً باهظاً تدفعه مصر مقابل حصولها علي هذه المعونة•
يؤكد منير فخري عبدالنور سكرتير عام حزب الوفد أن المعونة الأمريكية تنقسم إلي جزأين هما معونة عسكرية وأخري مدنية، فالمعونة العسكرية من الأهمية بمكان التأكيد علي أهميتها بالنسبة للدولة لأنها تغطي بعض الاحتياجات في هذا المجال الحيوي ، لكن إذا قارنا بينها وبين المعونة المدنية سنكتشف أن المعونة المدنية رقم لا يليق الحديث أنه حيث تقلص في السنوات الأخيرة إلي ما لا يزيد عن مائتي مليون دولار فقط وحينما تقارن بين هذا الرقم و حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر والذي يقدر بحوالي أربعة عشر مليار دولار عام 2008 نعي تماماً عدة حقائق أبرزها أن هذه المعونة لا تؤثر بالسلب أو الايجاب علي حياة المواطن المصري ، مشدداً علي أن الهدف الوحيد من وراء تمسك أمريكا بمنحها لمصر هو البقاء علي حسن العلاقة بين الولايات المتحدة ومصر خاصة أن مصر لها أهمية كبيرة بالنسبة لأمريكا في بعض القضايا المتعلقة باستقرار الشرق الأوسط والمنطقة العربية وأبرز هذه القضايا الصراع الفلسطيني الإسرائيلي•
المعونة الأمريكية لمصر ارتبطت بدخولها في عملية التسوية السياسية مع إسرائيل وتوقيعها لمعاهدة الصلح المصرية الإسرائيلية هكذا يؤكد حسين عبدالرازق أمين عام حزب التجمع السابق مشيراً إلي أن المعونة المدنية مهددة بالتوقف خاصة أنها انخفضت بصورة كبيرة خلال السنوات القليلة الماضية، وحول مدي استفادة الشعب منها من عدمه، أكد عبدالرازق أن هذا الأمر يتطلب معرفة بنود هذه المعونات، ورغم الغموض الذي يكتنف هذه البنود إلي أن هناك دراسات كشفت أن جزءاً كبيراً منها يعود للولايات المتحدة عن طريق شراء بضائع أمريكية الصنع ويتم شحنها علي رسائل نقل أمريكية مشدداً علي أن جزءاً كبيراً منها يوجه لتنفيذ الأجندة الأمريكية في المنطقة ومنها علي سبيل المثال تغيير مناهج التعليم، في المقابل فإن هناك جزءاً ضئيلاً يتجه لبعض الخدمات التي تهم الناس سواء في المراكز أو المدن أو القري •• ووفقا لأحمد حسن الأمين العام للحزب الناصري فإن الاستفادة من المعونة الأمريكية المقدمة لمصر ضئيل للغاية ولا يتناسب مع ما تقدمه مصر من خدمات لأمريكا•
ويري محللون سياسيون واقتصاديون في مصر أن العلاقات الاقتصادية بين مصر وأمريكا غير صادقة وغير أمينة، وغير صالحة وهشة جدًّا، ولا يعَّول عليها في الأمد القريب وشرها أكبر من خيرها، أي أن سلبياتها أكثر من إيجابياتها من المنظور المصري ، ويجب إعادة النظر فيها •• ويري البعض أن هذه المعونات بما تكمل من شروط مجحفة هي في الحقيقة معونات للولايات المتحدة الأمريكية وليست لمصر، وخصوصًا شرط استخدام الخبراء والأمريكان والنقل بمعرفة وسائل نقل أمريكية، ومساندة سياسات أمريكا في المنطقة ، كما يري آخرون أن استخدام هذه المعونات لتغيير مناهج التعليم في المدارس والجامعات المصرية- وخاصةً جامعة الأزهر- فيه مساسٌ بالسيادة المصرية وبالقيم والأعراف والتقاليد المصرية التي لا يمكن التفريط فيها، فلم تصل لدرجة الهلاك والحياة الشاقة حتي يجوز لنا أكل الميتة والدم ولحم الخنزير•
ويري أحد رؤساء وزراء مصر السابقين أن المعونات والمساعدات الأمريكية ليست لسواد عيون شعب مصر ولكنها مشروطة، ويجب التخلص منها؛ حيث إنها تضر بالجوانب المعنوية للشعب المصري ، ونأمل أن يأتي اليوم الذي نعتمد فيه علي أنفسنا •• وتشير المعلومات المنشورة أن مقدار ملياري دولار التي تعادل عشرة مليارات جنيه مصري ، والتي تمثل 10% من حجم ميزانية الدولة تقريبًا، لا تتناسب مع التضحيات المصرية التي سبق الإشارة إليها، ولا سيما ما يتعلق منها بالقيم والتقاليد والعادات المصرية المتوارثة جيلاً بعد جيل، والتي تُمثِّل السمات المميزة للشعب المصري، ولا يجوز لشعب عريق أن يفرط في قيمه، بل يجب أن يجاهد ويضحي بكل عزيز من أجلها•
كما أن السلبيات التي برزت بسبب هذه المعونات والمساعدات- ولا سيما في مجال التعليم والمرأة، والتجسس وجمع المعلومات الخطيرة ، وتوجيه الضربات المتتالية إلي الإسلاميين النشطين والتدخل أحيانًا في اختيار متخذي القرار في بعض المواقع الحساسة في مصر- يؤكد أن شر هذه المعونات والمساعدات أكبر من خيرها إن وُجد، ويحتم إعادة النظر فيها ، لكن هل تستطيع مصر أن تستغني عن المعونات والمساعدات الأمريكية؟، وما الخسائر المتوقعة؟•• هذا السؤال ما سوف نناقشه بشيء من التفصيل والموضوعية في الصفحات التالية•
الضغط الأمريكي
يري فهمي هويدي أن: "المعونة هي جزء من الضغط الأمريكي الذي تمارسه لصالح إسرائيل ، وأي بلد محترم، لا يجب أن يعيش علي معُونات الخارج، فليست هناك معونة بلا مقابل"، معتبرا أن "قرار الكونجرس الأخير يعد إنذارا شديد اللَّهجة لمصر ، بضرورة الاعتماد علي مواردها وسواعِد أبنائها، ورفْض التعويل علي جِهات لها حساباتها السياسية ومخططاتها التآمرية" ، ويقول هويدي: "الكونجرس لا يتحدث من تلقاء نفسه، ولابد أن وراءه جِهات سيادية أمريكية إسرائيلية خطَّطت لهذا القرار، للضغط علي مصر فيما يخُص مراقبة الحدود والمشاركة في حصار حركة "حماس" في غزة، مشيرا إلي أن ما يردده البعض من أن الإدارة الأمريكية ستجهض القرار "كلام فارغ"، فكل من "أمريكا وإسرائيل لا تتصرّفان بمعزل عن الآخر" ، موضحاً أن هذا "القرار هو ورقة ضغط رعاها اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة وأصدره الكونجرس، للحصول علي خدمات دون مقابل ، ثم يأتي البيت الأبيض ليعلن ببراءة الثعلب أنه غير موافق، وبالتالي ، يتوقف القرار ، لكن هذا في حالة تقديم مصر للتنازلات التي تريدها أمريكا وإسرائيل"، مؤكدا أن "مصر ليس أمامها خيار لرفض تلك الضغوط ، كما أنها في حاجة للوقت الذي تستغني فيه عن المعونات الخارجية لتبدأ بالاعتماد علي مواردها"•
وتتفق د•منار الشوربجي مع هويدي فيما ذهب إليه وتضيف أن "القانون الأمريكي يعطي لوزيرة الخارجية حقّ تقديم طلب للكونجرس ، تشهد فيه بأن تنفيذ القرار يضر بالأمن القومي فيتم وقف تنفيذ القرار لمدة قد تصل إلي ستة أشهر"، وتضرب مثالا علي ذلك ، بما حدث مع "قرار الكونجرس بنقل السفارة الأمريكية في إسرائيل إلي القدس، حيث تقدّم الإدارة الأمريكية هذه الشهادة كل ستة أشهر لوقف تنفيذ القرار"، مشيرة إلي أنه "سواء نجحت الإدارة الأمريكية في وقف القرار أم لم تنجح، فإن هناك رسالة تمّ إرسالها بالفعل إلي مصر، تقول: إن المعونة الأمريكية لمصر أصبحت مشروطة"•
وتقول الشوربجي "لقد انتظرنا طويلا، فهذا الموضوع يناقش في الكونجرس منذ عام 2004، والقرارات تمرر بشكل تراكُمي ، فعندما عُرض هذا الاقتراح في المرة الأولي علي لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، تمّ رفضه، وفي المرة الثانية، تمّ تمريره في اللجنة، لكنه رُفِض في المجلس ليخرج بقرار من المجلس هذه المرة" ، ناصحةً ب " التعامل مع الأمر بجدية وعدم وضع البيض كلّه في سلّة واحدة، والتفكير في انفتاح سياسي حقيقي، حتي لا يبقي هذا الأمر هو نقطة الضعف التي يتم من خلالها الضغط علي مصر"، وتختتم بالقول: "علينا أن نُدرك أن الإصلاح السياسي أداة في يد السياسة الخارجية الأمريكية، ولابد من التعامل معه علي هذا الأساس وأن نعمل علي إبطال هذه الأداة بتحقيق الديمقراطية الحقيقية"•
فيتو
ويختلف د• عبد المنعم سعيد مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية سابقاً مع هويدي في عدم التعويل علي قيام الإدارة الأمريكية بوقف تنفيذ القرار ، مضيفاً : "القرار ليس نهائيا حتي الآن ، وما زالت هناك مساحة أمام الإدارة الأمريكية للتأثير خلال عرض القرار علي مجلس الشيوخ ، كما أن من حق الرئيس الأمريكي استعمال الفيتو ضد القرار ، وعندها، يتم إعادة الأمر مرة أخري للسلطة التشريعية" ، موضحاً أن " التأثير علي قرار مجلس الشيوخ أسهل من مجلس النواب، حيث إن عدد أعضائه لا يزيد علي المائة، بينما يزيد عدد أعضاء مجلس النواب علي خمسمائة عضوا ، كما أن مجلس الشيوخ أكثر اهتماما بالسياسة الخارجية ولا يخضع لتأثير جماعات الضغط والمصالح ، مثل مجلس النواب ، ومن الممكن هنا أن تتحدث الإدارة الأمريكية عن المصالح الإستراتيجية للولايات المتحدة مع مصر" ، معترفاً بأن "موضوع المعونة أصبح أمرا يعكر صَفو العلاقات بين البلدين وبأن مصر لا تحتاج لهذه المعونة، ومن الممكن الاكتفاء بالتعاون التجاري بين البلدين، الذي يبلغ أضعاف المعونة الاقتصادية"، مشيراً إلي أن "50% من الاستثمارات الأجنبية في مصر، أمريكية، وهذا النوع من التعاون مبني علي الحسابات التجارية البحتة، ولا تؤثر فيه عوامل أخري"•
ويرجع سعيد سبب التلويح الأمريكي بقطع المعونة واستخدامها كورقة ضغط علي مصر، إلي "قضية الأنفاق التي تحفرها حماس علي الحدود مع قطاع غزة"، مشيراً إلي أن "التأثيرات السلبية، ستتخطي العلاقات مع الولايات المتحدة إلي العلاقات مع الدول الأوروبية كلها، ورغم هذا، فهناك حالة صمْت تجاه هذه المسألة في الإعلام المصري، ولا يوجد من يتحدّث عن تأثير حماس السَّلبي علي الأمن القومي المصري وتهديدها لمعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل" ، كاشفاً أن "مصر بذلت جهودا كبيرة للتأثير علي القرار منذ فترة طويلة، وأنها نجحت في تقليل المبلغ المقتطع من المعونة، حيث يتم استقطاعه مناصفة بين المعونة العسكرية والاقتصادية، علي الرغم من أن الاقتراح الأول كان باستقطاعه كاملا من المعونة العسكرية"•


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.