الأولى في صف الثورات العربية وبداية ما يعرف بالربيع العربي والذي كانت محصلته سقوط ثلاثة أنظمة بالكامل في تونس ومصر وليبيا على الترتيب، وتوقيع الرئيس اليمني علي عبد الله صالح المبادرة الخليجية للتنحي وتسليم سلطاته. البداية كانت بصفعة قلم من شرطية لمحمد بوعزيزي بائع خضر متنقل بعربته المتهالكة تدفع الأخير لإشعال النيران في نفسه سخطا على نظام أقل أفراده لا يحفظ كرامة مواطنيه، انتهت بانهيار النظام وهروب الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي إلى السعودية، وشجعت الانتفاضة الشعبية في سيدي بوزيد قرية بوعزيزي فئات المجتمع التونسي للتعبير عن كبت سنوات؛ واعتبر الكثيرون بأن ثورة الياسمين التونسية كانت حافزا لكثير من المصريين الذين خرجوا في يوم 25 يناير بمظاهرات تنادي بإسقط النظام بعدما رأوا التونسيين يفعلونها بأيديهم، ولعل ما لم يستوعبه البعض أو الكثيرون أن الشعب التونسي طيلة سنوات الرماد، استطاع رغم كل هذا الحصار أن ينفجر في وجه المنظومة الأمنية بكل تضاريسها، من أجل أن يسترد كرامته الضائعة ويستعيد حريته المفقودة وظل مرابطا على نجاح ثورته مستبعداً أى شخص او تيار أن يستثمر إنجازه الشعبي لادخاره في الأرصدة الخاصة؛ لأن شباب الثورة استشعر أن المتربصين يريدون اعادة إنتاج نسخاً فوتوغرافية منسوخة نسخاً رديئة وشبيهة مثل الأصل. ولم يكن من الصعب متابعة مجريات الاحداث الدامية فى تونس والتى قادها خيرة ابناء الشعب التونسى البطل الذين تقدّموا الصفوف وانتزعوا المواقف وشقوا طريق الحرية بدماء الشهداء وكعادته الجيش الوطني التونسي رفض أوامر الرئيس بن علي بمشاركة الجيش في مواجهة الاحتجاجات إلى جانب قوات الأمن، وكان رفض قائد الجيش رشيد عمار لأوامر بن علي بمثابة نهاية لحكم الأخير للبلاد وهناك مصادر أخرى أشارت إلى أن قائد الجيش التونسي تلقى أوامر من الولاياتالمتحدة بالاستيلاء على مقاليد الأمور في تونس لوقف الفوضى الناتجة عن احتجاجات الشعب التونسي لكنه رفض ذلك وتمسك الجيش بموقفه وانحاز لثورة الشعب التونسى ليقرر مصيره. ومن أهم أحداث الثورة التونسية مناقشة الجمعية التاسيسية التونسية المنتخبة مشروع التنظيم المؤقت للسلطات أو ما يطلق عليه "الدستور المصغر" وكان عدد من نواب الجمعية التاسيسية قد دعوا إلى الإسراع بتبني هذا المشروع.. مؤكدين أهمية هذا الأمر لتشكيل الحكومة المقبلة ونزع فتيل التوتر المتنامي في الشارع التونسي بسبب استقالة حكومة رئيس الوزراء السابق الباجي قائد السبسي؛ مما دفع العديد من التونسيين إلى التعبير عن نفاد صبرهم تجاه ما اعتبروه فراغا دستوريا في البلاد؛ وكانت البلاد قد شهدت مواجهات بين التيارين الإسلامي والعلماني في الإنتخابات ونظم أنصار التيارين احتجاجات متزامنة أمام الجمعية التأسيسية؛ حيث يتنازعان بشأن الدور الذي يمكن ان يلعبه الاسلام في مجتمع ما بعد الثورة؛ وتصاعدت حدة التوتر بين المعسكرين منذ الثورة ثم الانتخابات التي مهدت الطريق أمام حزب النهضة الاسلامي ليتولى السلطة على رأس حكومة ائتلافية؛ وهذا ما فتح الباب أمام الإسلاميين فى مصر ويكون لديهم أمل فى الفوز بمقاعد السلطة فى البلاد، وهذا ما يفتح الباب أمام قلق غربى من أن تتحول ثورات الربيع العربى الى مكاسب للإسلاميين فقط. وفى السياق ذاته، كشف التقرير الأخير لمنظمة الشفافية العالمية والذي يرتب البلدان حسب مؤشر مدركات الشفافية والفساد؛ ارتفاع مؤشر الفساد فى تونس بعد الثورة رغم أن البلاد يفترض أنها تعيش مرحلة انتقال ديمقراطي وتكرس كل جهودها لتفعيل آليات القضاء على هذه الظاهرة.