انتهي نصف شهر رمضان الاول والذي كان حافلا بالعديد من المفاجآت والمشكلات بداية من محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك ونجليه ودخولهم القفص مرورا بالعديد من مظاهر الانفلات الامني، والمثير ان البعض من المصريين يقول لك ان الاختلافات في هذا العام كبيرة ومتعددة ويستطيع ان يحصرها لك، والبعض الاخر يقول لك ان رمضان هذا العام مختلف ولكنه لا يعرف بالضبط اين الاختلاف الذي يشعر به ويلمسه، ولكنه لا يستطيع ان يحدده والفريق الثالث يقول ان رمضان ليس هو رمضان الذي كنا نعرفه في مصر، والفريق الرابع يقول ان رمضان هو رمضان ولكن الناس وسلوكياتهم وتصرفاتهم وافكارهم وانطباعاتهم وتعاملاتهم هي التي تغيرت وتحولت الى اشياء اخرى ليست هي التي كنا نعرفها، في كل الاحوال الجميع متفق على ان رمضان هذا العام داخل مصر مختلف عما سبقه، ولكن ماذا يقول كشف حساب النصف الاول من الشهر الكريم داخل مصر، لعل المشهد الذي سيظل مطبوعا داخل ذاكرة المصريين ولن تمحوه الايام او الاحداث وسيظل مرتبطا بشهر رمضان هو المشهد الذي رأى فيه المصريون رئيسهم السابق مبارك وولداه جمال وعلاء يقفون ثالث ايام رمضان وفي نصف رمضان داخل القفص في محكمة الجنايات ليحاكموا مثلهم مثل أي انسان يعيش على ارض مصر في اتهامات موجهة لهم بالتحريض على قتل المتظاهرين وبجرائم فساد مالي وتربح واستغلال نفوذ، وبعيدا عن التفاصيل التي هي محل نظر القضاء ولكن احد الامور التي ارتبطت برمضان هذا العام وجعلته مختلفا وسيظل هكذا عند جميع المصريين انهم شاهدوا ولاول مرة رئيسا سابقا لمصر يحاكم ومعه ولداه ورموز حكمه السابق وهذه المحاكمة علنية ومذاعة على التلفزيون والقنوات الفضائية وكافة وسائل الاعلام، وهي نفس ادوات ووسائل الاعلام التي كانت في رمضان العام الماضي تنشر وتذيع التهاني للرئيس السابق وهي نفسها التي تذيع في رمضان هذا العام محاكمة نفس الرئيس السابق وهي سابقة لم يتخيلها المصريون وسيذكرونها طويلا جدا كشف حساب النصف الاول من رمضان هذا العام كشفت الجلسة الثانية لمحاكمة الرئيس السابق حسني مبارك العديد من المفارقات والاسرار الخاصة التي سبقت دخول مبارك ونجلية علاء وجمال الي قفص الاتهام امام المحكمة حيث فوجئ الجميع بأن علاء مبارك حر طليق في ساحة اكاديمية الشرطة اثناء نزول مبارك من سيارة الاسعاف الي الاستراحة الموجودة بجوار قفص الاتهام حتي انه حاول وضع يده علي كاميرات التصوير بالرغم من انه من المفروض انه محبوس ينتظر الدخول الي قفص الاتهام ايضا لم يرتدِ الرئيس السابق مبارك "ترنج ابيض خاصة انه محبوس علي ذمة القضايا المتهم فيها وهذا خرقا للقوانين بل ارتدي مبارك ترنج ازرق اللون وكان مبارك شارد الذهن منذ نزوله من سيارة الاسعاف وفي داخل غرفة الاستراحة يلتف علاء وجمال حول سرير والدهما ثم قبلا يديه وتساقطت الدموع من عين علاء واخذ جمال يقول له سامحني يا بابا واذا بالرئيس السابق يطلب منهم التماسك والتأكيد لهما علي ضرورة الظهور متماسكين امام الرأي العام وليتأكدوا من براءتهم وسألهم عن حسين سالم وهل تم القبض عليه من عدمه؟ ثم دخل عليهم فريد الديب وجلس معهم دقائق اكد لهم ان الامور تسير علي خير وان هناك تنسيقًا تم علي اعلي مستوي مع فريق الدفاع وانه سيطلب عدة طلبات اخري من المحكمة وانه يحاول بشتي الطرق الحصول علي التأجيل اطول فترة ممكنة من اجل خروج المحكمة من تحت وطأة الضغط النفسي وضغوط الرأي العام والتأجيل بلغة المحامين في هذا التوقيت يعني تمويت القضية الي ان ينشغل الرأي العام بالانتخابات القادمة وامور اخري حتي لا تحدث بلبلة وسأل الديب جمال وعلاء عن بعض المعلومات الخاصة بالفيلات التي هي في حوزتهما وعقود الشراء والبيع واشياء اخري وهو الامر الذي اصاب مبارك بالذهول خاصة ان هناك من ممتلكاتهم اشياء لا يعرف هو عنها شيئًا حتي انه قال لهم الله يسامحكم كنتم سبب بهدلتي وبهدلة شرفي العسكري ومحاكمتي وهو الامر الذي ادي في النهاية الي شرود ذهني غير عادي لمبارك اثناء المحاكمة حتي انه نام في قفص الاتهام وبعد انتهاء الجلسة سمح الحرس لجمال ومبارك ان يمكثا مع والدهما حوالي نصف الساعة تقريبا وسألهما الرئيس عما تم في الجلسة واكدا له ضم القضية من جديد مع العادلي وتأجيل القضية الي 5 سبتمبر القادم. ومن الناحية السياسية ايضا يحمل قرار الاحزاب والائتلافات السياسية بتعليق الاعتصام المفتوح والذي كانت قد بداته قبل رمضان بثلاثة اسابيع ولكنها وبعد بدء محاكمة مبارك واذاعة هذه المحاكمة قررت هذه الكيانات السياسية وتوافقا مع روحانية شهر الصيام تعليق الاعتصام لمنح الفرصة للمجلس الاعلى للقوات المسلحة والحكومة لادارة شئون الدولة بعيدا عن ضغوط الاعتصام، وفي الاتجاه السياسي ذاته شهد النصف الاول من رمضان اخلاء ميدان التحرير ولاول مرة منذ اسابيع طويلة من جميع مظاهر الاعتصام وخاصة الخيام والمنصات التي كانت تعوق السير والحركة المرورية بالميدان والشوارع المحيطة به والتي كانت ايضا تسبب مشاكل وخسائر مادية لاصحاب المحلات والانشطة التجارية بمنطقة وسط البلد يتضمن ايضا كشف الحساب السياسي عن النصف الاول من رمضان استمرار المناورات والتراشق بالاتهامات بين انصار الكتل والتيارات الدينية من ناحية وبين انصار الكتل والتيارات المطالبة بالدولة المدنية.. وشملت هذه المناورات عقد اجتماعات وندوات ومحاولة تكوين تحالفات من بعض الكتل لتكوين جبهات في مواجهات الكتل السياسية الاخرى وشملت ايضا هذه المناورات انسحاب بعض الكتل السياسية من التحالفات او المطالبات بقيام الكتل المختلفة معها بتقديم اعتذارات او توضيح بعض الامور وكل هذه الاشياء تدخل في اطارات مناورات سياسية تحاول من خلالها الاحزاب والكيانات السياسية استكشاف وقراءة الواقع السياسي المصري الجديد تمهيدا لاتخاذ القرارات المناسبة فيما يتعلق بالفترة المقبلة خاصة مع اقتراب الانتخابات البرلمانية والتي من المتوقع ان تبدأ اولى خطواتها الاجرائية شهر سبتمبر المقبل. كشف الحساب الاقتصادي للنصف الاول من رمضان يتضمن تعرض البورصة المصرية لخسائر كبيرة بلغت عدة مليارات من الجنيهات، وتراوحت اسباب خسائر البورصة بين اسباب ترتبط بالتأثر بالانهيارات التي تعاني منها اسواق النقد والبورصات العالمية وبين اسباب داخلية مرتبطة بحالة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي محليا، كما شهد النصف الاول من شهر رمضان تراجع سعر صرف الجنيه المصري في مواجهة معظم العملات النقدية االرئيسية العربية والاجنبية المتداولة داخل السوق النقدي. وعلى الجانب الايجابي شهد النصف الاول من رمضان استقرارًا نسبيًا لاسعار وكميات المعروض من السلع الرئيسية خاصة داخل المجمعات الاستهلاكية كما شهد السوق المصري ولاول مرة خلال شهر رمضان اختفاء وعدم ظهور اية ازمات في الحصول على الخبز المدعم (5 قروش للرغيف) او في الحصول على انبوبة بوتاجاز وهي ايجابية تحسب لوزارة التضامن ووزيرها د. جودة عبد الخالق. كشف الحساب اجتماعيا خلال النصف الاول من رمضان يحمل عدة ملامح رئيسية يأتي على راسها استمرار الظواهر السيئة والسلبية للانفلات الامني واعمال البلطجة وهي من الامور الغريبة على الشارع المصرى خاصة خلال شهر رمضان والذي كانت اهم سماته هي انخفاض معدلات الجريمة بكل انواعها وتوقف الخصومات والمشاكل خلال هذا الشهر الكريم وسيادة كل اشكال الهدوء والتسامح ولكن ما يحدث حاليا من كل انواع البلطجة شيء مستحدث ومرفوض بالشارع المصري، الظاهرة الثانية هي التراجع الكبير في اعداد موائد الرحمن التي كانت تمثل مشهدا رئيسيا ودائما في جميع المناطق والاحياء بالمحافظات المصرية دون استثناء ولكن هذا العام تراجعت بشدة هذه الظاهرة الطيبة والتي كانت تمثل متنفسا كريما للفقراء ومحدودي الدخل للحصول على وجبة افطار او وجبة سحور، وكالعادة ومع اقتراب الانتخابات البرلمانية بدأت ظاهرة الهدايا الرمضانية في غزو المناطق الشعبية وخاصة التي تضم كثافة سكانية من الاسر والافراد محدودي الدخل وتشمل هذه الهدايا شنطة رمضان التي تحتوي على بعض السلع الغذائية او قيام الشخص الذي ينوى ترشيح نفسه او من خلال العديد من اعوانه بتوزيع اموال على الاسر والافراد تحت مسمى صدقة رمضان او تحت مسمى زكاة المال، او توزيع انواع من المشروبات او الحلوى وقت الافطار او الاعلان عن تنظيم رحلات عمرة وحج مجانية او مخفضة لابناء الدائرة وغيرها من الهدايا الرمضانية التي تحمل اسم المرشح او الحزب تمهيدا للانتخابات.