بعد قبول الطعن على وضعه ب«قوائم الإرهاب».. هل يحق ل أبوتريكة العودة إلى القاهرة؟    وزير التعليم: حريصون على بذل الجهود لدعم التمكين الحقيقي للأشخاص ذوي القدرات الخاصة    وزير الصحة يشيد بدور التمريض في رعاية مصابي غزة    الحصاد الأسبوعي لوزارة التعاون الدولي.. مشاركات وفعاليات مكثفة (إنفوجراف)    اليوم ختام رايز أب 2024 بحضور رئيس الوزراء    «مستقبل وطن»: إدانة مصر للممارسات الإسرائيلية أمام المحكمة الدولية خطوة لحل القضية    حزب الله: استهدفنا تجمعا لجنود الاحتلال الإسرائيلي في ثكنة راميم بمسيرة هجومية    إجلاء آلاف الأشخاص من خاركيف وسط مخاوف من تطويق الجيش الروسي لها    إعلام عبري: تفكيك كابينت الحرب أقرب من أي وقت مضى    حزب الله يعلن استهداف تجمعا لجنود الاحتلال بثكنة راميم    عودة صابر وغياب الشناوي.. قائمة بيراميدز لمباراة الإسماعيلي في الدوري    «شكرا ماركو».. جماهير بوروسيا دورتموند تودع رويس في مباراته الأخيرة (فيديو)    نجم الترجي السابق ل «المصري اليوم»: إمام عاشور قادر على قلب الطاولة في أي وقت    بوروسيا دورتموند يتفوق على دارمشتات بثنائية في الشوط الأول    قرار مهم من محافظ المنوفية بعد تداول أسئلة مادة العربي للشهادة الإعدادية    هام لطلاب الثانوية العامة.. أجهزة إلكترونية ممنوع دخول لجان الامتحان بها    حبس المتهم بسرقة مبالغ مالية من داخل مسكن في الشيخ زايد    «القومي للمرأة» يشارك في افتتاح مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة    صابرين تؤكد ل«الوطن»: تزوجت المنتج اللبناني عامر الصباح منذ 6 شهور    حكم شراء صك الأضحية بالتقسيط.. علي جمعة يوضح    وزير الصحة: «الذكاء الاصطناعي» لا يمكن أن تقوم بدور الممرضة    جامعة طنطا تقدم الرعاية الطبية ل6 آلاف و616 حالة في 7 قوافل ل«حياة كريمة»    مصرع طفلة دهستها سيارة "لودر" في المرج    بعد الانخفاضات الأخيرة.. أسعار السيارات 2024 في مصر    «الحرية المصري»: مصر لن تتخلى عن مسئولياتها تجاه الشعب الفلسطيني    عاشور: دعم مستمر من القيادة السياسية لبنك المعرفة المصري    السفيرة سها جندي تترأس أول اجتماعات اللجنة العليا للهجرة    تعرف على تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي.. في العناية المركزة    مسؤولو التطوير المؤسسي بهيئة المجتمعات العمرانية يزورون مدينة العلمين الجديدة    وزير الرياضة يترأس لجنة مناقشة رسالة دكتوراه ب"آداب المنصورة"    محافظة القاهرة تنظم رحلة ل120 من ذوي القدرات الخاصة والطلبة المتفوقين لزيارة المناطق السياحية    فيلم فاصل من اللحظات اللذيذة يحتل المرتبة الثالثة في شباك التذاكر    مصر تنافس على لقب بطولة CIB العالم للإسكواش ب3 لاعبين في المباراة النهائية    بعد الخلافات العديدة.. إشبيلية يعلن تجديد عقد نافاس    8 تعليمات مهمة من «النقل» لقائدي القطارات على خطوط السكة الحديد    «المصل واللقاح»: متحور كورونا الجديد سريع الانتشار ويجب اتباع الإجراءات الاحترازية    «الصحة»: وضع خطط عادلة لتوزيع المُكلفين الجدد من الهيئات التمريضية    الأحجار نقلت من أسوان للجيزة.. اكتشاف مفاجأة عن طريقة بناء الأهرامات    أستاذ الطب الوقائي: الإسهال يقتل 1.5 مليون شخص بالعالم سنويا    مفتي الجمهورية: يجوز التبرع للمشروعات الوطنية    جوري بكر تتصدر «جوجل» بعد طلاقها: «استحملت اللي مفيش جبل يستحمله».. ما السبب؟    طلاب الإعدادية الأزهرية يؤدون امتحاني اللغة العربية والهندسة بالمنيا دون شكاوى    محافظ المنيا: استقبال القمح مستمر.. وتوريد 238 ألف طن ل"التموين"    أبرزهم رامي جمال وعمرو عبدالعزيز..نجوم الفن يدعمون الفنان جلال الزكي بعد أزمته الأخيرة    نهائي أبطال إفريقيا.. 3 لاعبين "ملوك الأسيست "في الأهلي والترجي "تعرف عليهم"    موناكو ينافس عملاق تركيا لضم عبدالمنعم من الأهلي    جهود قطاع أمن المنافذ بوزارة الداخلية خلال 24 ساعة فى مواجهة جرائم التهريب ومخالفات الإجراءات الجمركية    وزير الري يلتقي سفير دولة بيرو لبحث تعزيز التعاون بين البلدين في مجال المياه    25 صورة ترصد.. النيابة العامة تُجري تفتيشًا لمركز إصلاح وتأهيل 15 مايو    "الإسكان": غدا.. بدء تسليم أراضي بيت الوطن بالعبور    مسئولو التطوير المؤسسي ب"المجتمعات العمرانية" يزورون مدينة العلمين الجديدة (صور)    خبيرة فلك تبشر الأبراج الترابية والهوائية لهذا السبب    ما حكم الرقية بالقرآن الكريم؟.. دار الإفتاء تحسم الجدل: ينبغي الحذر من الدجالين    الفصائل الفلسطينية تعلن قتل 15 جنديا إسرائيليا فى حى التنور برفح جنوبى غزة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 18-5-2024    حادث عصام صاصا.. اعرف جواز دفع الدية في حالات القتل الخطأ من الناحية الشرعية    المستشار الأمني للرئيس بايدن يزور السعودية وإسرائيل لإجراء محادثات    الأرصاد: طقس الغد شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا على أغلب الأنحاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رمضان بين ثورتين ثورة يوليو أطاحت بالملكية.. وثورة يناير قضت علي نظام مبارك الفاسد
نشر في المساء يوم 05 - 08 - 2011

هلّ علينا أول رمضان بعد ثورة 25 يناير منذ خمسة أيام. والأجواء مازالت مشحونة بزخم الثورة والثوار. وزادت الأمور توهجاً بمحاكمة القرن للرئيس المخلوع حسني مبارك ونجليه ووزير داخليته حبيب العادلي وستة من مساعديه.
تري هل كانت الأجواء التي نعيشها الآن في أول رمضان بعد ثورة يناير 2011 هي نفس الأجواء التي سادت في أول رمضان بعد ثورة 23 يوليو 1952؟
ذهبنا إلي كل من هو فوق سن السبعين ليرصد لنا الأجواء التي كانت في رمضان بعد ثورة 1952 ورمضان هذا العام عقب ثورة .2011
الأغلبية أشارت إلي أن أول رمضان بعد ثورة 1952 كان هناك ضبط للأسعار. وجميع أفراد الشعب كانوا علي قلب رجل واحد لتأييد الثورة. لكنهم أبدوا مخاوفهم من الخلافات التي تظهر بين بعض الائتلافات والأحزاب والقوي السياسية بعد ثورة ..2011لكن الجميع أكدوا أن مصر مختلفة في عام 1952 من الملكية وبعد الملك الفاسد. وفي عام 2011 تخلصت من نظام مبارك الفاسد.
الراديو مصدر الأخبار عام ..1952 والفضائيات والنت 2011
أسيوط- محمود وجدي:
رمضان ما بين ثورتين يحييه المصريون دائما بالفرحة والسعادة والإعداد الكبير لاستقباله لا يختلف الحال كثيرا بين غني أو فقير أو قوي أو ضعيف. ومهما تباعدت السنوات وتناءت الأطراف إلا أن أهل مصر دائما حريصون علي الاحتفال بشهر رمضان مهما تغيرت العادات والتقاليد.. وهنا نرصد رمضان عام 1952 إذاء قيام ثورة يوليو. ورمضان 2011 مع قيام ثورة 25 يناير بين أبناء أسيوط من عاصروا الثورتين.
يقول الدكتور عبدالمنعم الحجاجي- رئيس قسم المسالك البولية الأسبق بجامعة أسيوط وابن محافظة الأقصر: إن رمضان عام 1952 لا يختلف كثيرا عن رمضان 2011 لأننا مازلنا نعيش أجواء الثورة وتفاعلاتها والفارق أننا في عام 1952 كان يلتف الناس حول الراديو المتاح لمعرفة آخر الأخبار حيث كانت تزداد سعادة الناس كلما تقدمت الثورة خطوة للأمام. حيث كنا نحتفل في الدواوير بتقديم الطعام والشراب للضيوف وعابري السبيل كلا علي قدر حاجته. أما ثورة 25 يناير فنحن نعيشها بوجداننا وأحساسيسنا وكل جوارحنا. وما يؤلمنا في هذا الشهر الكريم هي ازدياد حالة الانشقاق بين الثوار وهو ما جعل الخوف يتسلل إلي قلوبنا ولكن مع حلول هذا الشهر الكريم ندعو الله عز وجل أن يلم شمل الجميع لأن شهر رمضان هو شهر الخير والبركات والانتصارات.
أضاف المعلم سيد حسانين- تاجر فاكهة بأبوتيج. لقد عاصرت شهر رمضان بعد ثورة 1952 وكنت صبياً مدركا لما حولي حيث كنا نتلقي أخبار الثورة من إخواننا العائدين من القاهرة وكنا نجلس في سهرات رمضان نستمع إلي القصص والروايات التي تمجد تاريخ الثورة حيث كان الراديو هو المصدر الأساسي للأخبار. أما رمضان هذا العام جاء مختلف الطعم واللون لأننا نعيش أجواء ضبابية اختلط فيها الحابل بالنابل وغيرت الظروف ولم ندر ماذا سوف يحدث غداً وهو ما جعلنا نعيش في خشية وريبة.
أشار الحاج رضوان أبوضيف- عضو مجلس شوري سابق إلي أن رمضان 2011 مع ثورة 25 يناير أضاف لي الكثير عما كنت أعيه وأدركه حيث جاء رمضان هذا العام في أجواء مشحونة وثوار من مختلف الأطياف. وهو ما خفي عن مصر كثيراً حيث أن تعدد الحركات الثورية قلل كثيرا من قوة الثورة وهو ما جعلنا في سهرة رمضان هذا العام لم يعد لنا حديث سوي عن الثورة وما تبثه وسائل الإعلام المختلفة.
أما رمضان عام 1952 الأمر كان مختلفا حيث ان العادات والتقاليد الراسخة في ذلك الوقت كانت هي المتحكم الرئيسي في الجلسات والندوات التي نحيي بها شهر رمضان. بمعني أن الكبار هم الذين يتحدثون ويتصدرون المشهد. أما الشباب فكانوا يستمعون ويسفسرون عن الأحداث وكان مصدرنا الرئيسي هو عن طريق الإتصال بالأهل في القاهرة أو الراديو ونتعرف علي الأخبار من خلالهم أولاً بأول.
يقول كمال فرغلي- مزارع "80 سنة" من التل: لقد حضرت شهر رمضان عام 1952 وكانت الحياة بسيطة والظروف الاقتصادية صعبة حيث كان أهالي القرية يلتفون حول دوار أحد الأعيان للاستماع للراديو لمعرفة أخبار الثورة والتي غالبا ما كانت تدور حول رحيل الملك والفساد وغيرها من الأمور مثل الزراعة والتعليم. وكان شهر رمضان يجمع دائما الأهالي أو المواطنين في الدواوين والمنادر العائلية للاستماع للقرآن الكريم والاستمتاع بالمشروبات المختلفة التي يتبرع بها الأهالي. أما التليفزيونات واصبح الناس يرون ما يحدث في مصر في لحظة واحدة.
أضاف عبدالعال عبدالحافظ من قرية الزوكي شهر رمضان هذا العام يتميز بارتفاع الأسعار في جميع الاصناف والأطعمة حيث ارتفعت اسعار السلع بشكل جنوني بعدما استغل التجار ظروف الثورة وراحوا يرفعون الأسعار بشكل مبالغ فيه وكأن الثورة لم تصل لهؤلاء الناس ولم يعلموا أن هذا الشهر الكريم له حرماته. ولابد من العمل بالبر والتقوي فيه وكذلك لابد من تعاون جميع المواطنين في مواجهة هذا الانفلات لأن ارتفاع الأسعار بهذا الشكل سوف يؤدي إلي مشاكل كبيرة بين المواطنين وهذا عكس ما عشناه في شهر رمضان عام 1952. حيث ان جميع السلع كانت متوفرة وكانت احتياجات الناس موجودة ولم يكن هناك استغلال أو جشع بل كان هناك تسابق لفعل الخير وهو ما لم نجده هذا العام ولذلك نطالب الجميع بوقفة مع النفس قبل فوات الآوان.
يقول الدكتور عزت عبدالله- رئيس جامعة أسيوط الأسبق وابن مركز منفلوط بأسيوط. أجواء شهر رمضان هذا العام ارتبطت ارتباطاً كلياً بثورة الخامس والعشرين من يناير بأحداثها الكبيرة وتحولاتها المستمرة وبتفاعلاتها الدائمة حيث لم يبق هناك وقت للمواطن للاحتقان بشكل مناسب بهذا الشكل الكريم الذي يعد فرصة لمراجعة النفس والوقوف مع الذات والالتجاء إلي الله لأنه شهر يمن ورحمات وبركات. ومع تلاحق الأحداث وهذا الفيض الكبير من وسائل الإعلام المختلفة جعل الإنسان يلاحق أحداث الثورة من وسيلة إلي أخري فلم يعد هناك استمتاع بالشكل الأمثل. أما رمضان في عام 1952 حيث كانت الحياة بسيطة وليست بهذا الزخم والزحام الشديد بل كان الهدوء يغلف أجواء الحياة وأحاديث المصطبة والدوارات من شيوخ القبائل ورءوس العائلات هو الحدث الرئيسي في سهرات رمضان الذي كان يتناول أحداث الثورة ومظاهرها المختلفة بالإضافة إلي الراديو الذي كنا نتتبع الأخبار من خلاله.
قال الدكتور محمود مصطفي- عميد معهد الأورام بأسيوط: لقد عايشت شهر رمضان عام 1952 وكنت صبياً في قريتي بمحافظة قنا وكنت مدركا لما يدور حولي من خلال أحاديث كبار العائلة في الدوار أثناء سهرة رمضان عن ثورة يوليو والزعيم الراحل جمال عبدالناصر وطرد الملك والحياة في ذلك الوقت بسيطة هادئة كنا نعبر عن آرائنا بأدب واحترام وعندما يسمح لنا. أما رمضان هذا العام جاء مفعماً بأحداث الثورة. وكذلك ارتفاع الأسعار الذي جعل الناس في حالة اضطراب مستمر. بالإضافة إلي الأحداث الساخنة التي نعيشها اليوم بشكل يومي من انفلات أمني وعصابات وسرقات وهو ما جعلنا لا نستمتع كثيراً بشهر رمضان.
القضاء علي الإقطاع والملكية ثمار ثورة يوليو.. وقطع رأس الفساد ثمرة 25 يناير
سوهاج - طه الهوي:
يذكر أبناء سوهاج ممن عاصروا ثورتي 23 يوليو 1952 بقيادة الضباط الأحرار. وثورة 25 يناير 2011 بقيادة شباب وشعب وجيش مصر بكل فخر واعتزار أحداث الثورتين وصيام أول رمضان بعد الثورتين.
يقول د. أبوضيف مجاهد- عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات فرع جامعة الأزهر بسوهاج من مواليد 18 ابريل 1937 قرية بني هلال مركز المراغة: إن ثورة 23 يوليو 1952 ثورة قام بها الجيش خاصة الضباط الأحرار اللواء محمد نجيب وجمال عبدالناصر ورفاقهما وحماها الشعب. وثورة 25 يناير 2011 ثورة كل شعب مصر قام بها الشباب ووقف الشعب خلفهم وحماها جيش مصر العظيم.
يذكر أنه كان عام 1952 في ابتدائية الأزهر وكانت حدثا غير متوقع وموضع حديث من الجميع حيث لم يتوقع أي شخص قيام ثورة ضد الملكية والاحتلال الانجليزي.. وعند إعلان قيام الثورة ونجاحها تفاعل معها كل أبناء شعب مصر وانطلقت أغانيهم سعادة بالثورة. ففي قرية بني هلال وفي أول رمضان بعد ثورة ..1952 فتحت العائلات الدواوين لأول مرة وكانت كل عائلة بقارئ قرآن كريم لإحياء ليالي رمضان طوال الشهر. وكان حديث العامة والخاصة نجاح ثورة الضباط الأحرار وطرد الملك فاروق خارج مصر وتحرير مصر من العبودية.
يضيف أن العائلات تعاونت فيما بينها وقامت كل عائلة بشراء فوانيس الإنارة وكتبوا عليها ثورة 23 يوليو ووضعوها في شوارع القرية بهدف إنارة القرية ليلاً حيث لا كهرباء في ذلك الوقت.. وكانت سعادة الناس لا توصف عندما قامت الثورة بتنفيذ قانون الإصلاح الزراعي حيث كان زمام بني هلال الزراعي 2000 فدان كان يستحوذ عليها فقط إقطاعي من مركز أبوتيج في أسيوط يدعي أحمد مصطفي عمر وكانت له أملاك في كل انحاء الصعيد. وتم توزيع أملاكه علي صغار المزارعين والفلاحين لتحقيق العدالة الاجتماعية بين ابناء مصر. وكثر كلام الناس في رمضان بعد ثورة 23 يوليو في أمور مصرية لا تخطر علي بال أحد كانت مصر بحق عظيمة بعد ثورة 23 يوليو وكانت لها الريادة عربيا وأفريقياً.
أما ثورة 25 يناير 2011 يقول عنها د. أبوضيف مجاهد: إنها قامت ونجحت لغياب العدالة الاجتماعية ووصول الظلم لأبعد مدي والاستبداد وإذلال ابناء مصر وانتشار الرشوة. بل وصلت الأمور لحد بيع مصر للأجانب. ولذلك كانت ثورة ربانية رعاها الله عز وجل. لأن الشعوب لا تقهر والتاريخ أثبت ذلك.. ويحسب للشباب الذين ضحوا بأرواحهم لإنجاح ثورة 25 يناير أنهم شهداء عند الله. لأن دماءهم الزكية خلصت مصر من الفساد والمفسدين الذين نشروا الفساد بكل صنوفه وألوانه وطبق الله عز وجل في المفسدين الآية القرآنية في سورة المائدة قال تعالي: "إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم". لأنهم نقضوا العهد والقسم علي رعاية الوطن.
يضيف أن رمضان 1432/2011 أول رمضان بعد ثورة 25 يناير له سرور في النفس لأن تحقيق العدالة الاجتماعية بدأ بقوة ومستمر ولأن عدالة السماء التي غفل عنها الفاسدون تحققت فيهم واصبحوا عبرة لكل مسئول أو رئيس قادم ورسالة لكل حاكم في مصر وخارج مصر بأن عدالة السماء لابد وأن تتحقق.
أضاف أن كلام الناس في بني هلال بعد صلاة القيام يدور حول ضرورة الحفاظ علي مكتسبات الثورة والعمل والنهوض بثورة مصر لبناء مصر والبعد عن المهاترات والتمسك بوحدة مصر والاستمساك بشرع الله. وزاد الناس من تماسكهم ومودتهم بعضهم بعضاً والكل أصبح يفتخر بثورة 25 يناير ويفخر بأنه مصري. وأثلج صدور المواطنين في بني هلال محاكمات الرئيس المخلوع ونجليه وحبيب العادلي ومعاونيه.. احتي اصبحت محاكمتهم علي الهواء علانية موعظة لكل طاغية.
يقول الحاج عنتر الورداني عبدالكريم مواليد 20 يوليو 1942- من كبار المزارعين بروافع القصير مركز سوهاج ويشغل نائب رئيس مجلس إدارة الرابطة المصرية لمنتجي الجاموس: إنه والشباب بالقرية كانوا ينشدون الأناشيد الوطنية في شوارع القرية بنجاح ثورة 23 يوليو 1952 ومنها: حبيبكم مين.. ويرد الجميع.. ناصر- وكنا نشتري صور الرئيس محمد نجيب وجمال عبدالناصر "بنصف قرش" وفي رمضان بعد ثورة 23 يوليو كان حديث الناس في المنادر والدواوين في الليل حول 5 أفراد يمتلكون زمام القرية 5 آلاف فدان وعندما طبقت الثورة قانون الإصلاح الزراعي اصبح الغلابة مُلاكاً للأراضي الزراعية التي كانوا يعملون فيها بالإيجار.
قال الورداني: لا ننسي في رمضان بعد ثورة يوليو 1952 أننا كنا نصنع فوانيس من الورق المقوي ونضع بداخلها الشموع وتنير شوارع القرية ليلا وكان كبار القرية يقومون بتجهيز الإفطار المجمع للشباب بالقرية ابتهاجاً بثورة 23 يوليو .1952
يقول الحاج عنتر الورداني: إن ثورة 25 يناير 2011 كانت لازم تحصل لأن الظلم وتكميم أفواه الشعب بلغ منتهاه حتي الكبار فقدوا الثقة في الشباب الذين اثبتوا في ثورة 25 يناير أنهم رجالة.. وكسفونا نحن الكبار لأننا رضينا بالظلم والقهر 30 عاماً وكنا نقول علي الشباب شباب "خنافس" و"جينز" لكن اثبتوا عندما قاموا بثورة 25 يناير 2011 انهم بحق أجدع مننا نحن الكبار وعملوا اللي مقدرناش نعمله. وأثبتوا أنهم شباب مصري واعي وفاهم وأجدر بالاحترام وأجدر بأي رئيس جمهورية قادم أو رئيس حكومة أو وزير ألا يستهين بالشباب فهم القوي المحركة والضاربة في مصر وأنهم قدموا أرواحهم فداء لمطالبهم وحقوقهم.. وأطلب من شباب الثورة في مصر الصبر علي الحكومة.. لأن مصر مستهدفة من الخارج ولازم تخلوا بالكم من مصر اللي حررتوها من فساد مبارك وأعوانه وخليكم حراس أمناء علي مصر.. وابتعدوا عن الشرك المنصوب من أعداء مصر للوقيعة بين الشباب وقوات مصر المسلحة.
ويضيف أن رمضان بعد ثورة 25 يناير كل كلام الناس في المنادر والدواوين.. عن رئيس مصر القادم وكيف يحكم مصر بشفافية دون بطانة فاسدة وكلام الناس عن اختيار عضو مجلس شعب نظيف يعمل بروح الثورة ويحقق أهدافها وأهداف المواطنين منها الغلاء في الأسعار في رمضان ينغص علي الناس فرحتهم بنجاح ثورة 25 يناير .2011
البساطة ورخص المعيشة.. سمة الزمن الجميل
البحيرة- كارم قنطوش:
في البحيرة ماتزال ذكريات رمضان ابان ثورة يوليو 1952 لا تفارق ذاكرة الأهالي الذين عاشوا هذه الأيام التي وصفوها بأنها كانت أيام خير وبركة. وبرغم قلة النقود في يد الكثيرين منهم إلا أن أي مبلغ بسيط كان كفيلا بإشعار الأسرة بالسعادة سواء في المأكل أو المشرب. وكان من السمات المحببة لدي الجميع من الأهالي التسامح والتآخي.
أكد معظم الأهالي أن رمضان عقب ثورة يناير 2011 انتشر فيه الغلاء وعدم مراعاة البسطاء والكادحين الذين لا يجدون قوت يومهم وإذا وجد أحدهم نفس المبلغ الذي كان مع غيره أيام ثورة يوليو فهذا المبلغ في واقع الأمر لا يستطيع أن يشتري به أبسط الأشياء. فضلا عن الصراع والتكالب علي الحياة وعدم التراحم والتسامح بين الأهالي.
تقول كوثر عبدالحفيظ ابراهيم: إن أيام رمضان سنة 1952 كانت كلها أيام هناء وكان الكل قنوع ومبسوط ولا تجد أحداً يقول لك ان منزله لا يوجد به ما يحتاجه أولاده من المأكل والمشرب وكانت الحياة رخيصة. حتي الأكل كان طعمه أحلي من أكل النهاردة.
يشير عبدالعاطي محمد عيد- خفير بالمعاش إلي أن لديه من الأولاد سبعة وأن راتبه كان في عام 1971 ثلاثة جنيهات وبالرغم من ذلك كان يكفيه هو وأولاده طوال الشهر. أما الآن فالثلاثة جنيهات بالكاد تشتري ساندوتش طعمية . موضحاً أن أهل الريف كانوا يأكلون من حصاد أيديهم خاصة في الزراعة. أما اليوم فأهل الريف يأكلون الكثير من حصاد أيدي أبناء البندر بعد ان هجر الكثير منهم الزراعة.
علي عبدالعزيز العصار- موظف بالمعاش يقول: رمضان أيام ثورة يوليو لم يكن الكثير من الأهالي يعرفون أنواع الياميش ذات الأسعار الباهظة التي لا يعرفها سوي الوجهاء والأكابر من أولاد الذوات. وبالرغم من ذلك كان الكثير من الأهالي سعداء. فالفلوس لم تعد لها قيمة في اليد والأمراض الفتاكة أصبحت منتشرة والكل يعاني.
ماجد محمود السيد- مدير عام بالمعاش يقول: في رمضان أيام ثورة يوليو كانت أوقية اللحم ب 25 قرشاً والحاجة فيها بركة. أما الآن أوقية اللحم ثمنها 90 جنيهاً باختصار كنت تستطيع توفير المأكل والمشرب لأسرتك في الإفطار والسحور بجنيه علي الأكثر. وتساءل هل تستطيع توفير ذلك بنفس المبلغ الآن؟
أشار إلي أن رمضان إبان ثورة يناير 2011 حل علينا والحاجة
الاقتصادية في غاية السوء والناس جميعا يعانون ويحلمون بالاستقرار.
الأسعار في الثورة الأولي.. أرخص من الثانية
الشرقية- عبدالعاطي محمد:
أجمع أبناء الشرقية علي أن شهر رمضان المبارك بعد ثورة 23 يوليو يختلف عن رمضان بعد ثورة 25 يناير المبارك. خاصة أن هذا الشهر شهر محاكمة تاريخية للرئيس السابق محمد حسني مبارك ونجليه علاء وجمال ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي ومساعديه. وبث المحاكمة علي الهواء مباشرة. لافتين إلي أن هذه المحاكمة رد اعتبار للشعب المصري الذي تعرض للظلم طوال ال 30 عاماً الماضية.
قال الحاج محمد المصري إن شهر رمضان بعد ثورة 23 يوليو كانت أسعار السلع الاستهلاكية تحت مراقبة الجيش والشرطة. وكانت هناك وحدة بين أبناء الشعب والقوي السياسية المختلفة. أما ثورة 25 يناير فالعديد من السلع شهدت ارتفاعاً كبيراً انتقلت كاهل المصريين خاصة الفقراء جميعاً. بعد أن ساءت أطوال البلد اقتصادياً وتوقفت عجلة الإنتاج.. الشحات أحمد أشارت إلي أن شهر رمضان بعد ثورة 23 يوليو كان شكل تاني. حيث كان يوجد تكاتف بين أبناء الشعب والغني والفقير. وتقام موائد الإفطار الجماعي. لكن في ثورة 25 يناير وسبب الظروف المعيشية الصعبة تكاد تكون موائد الإفطار قد اختفت. كما لم تتزين الشوارع بالفوانيس. والشغل الشاغل متابعة محاكمة عناصر الفساد الذين جوعوا الشعب المصري. سنية سيد أحمد بركات قالت: عندما حدثت ثورة 23 يوليو كانت الأسعار نار والعملية علي وشك الانفلات ولكن وقتها قام وزير التموين بالاستعانة بالجيش لفرض رقابة صارمة علي التجار. وهدأت الأسعار وأصبح الجميع بإمكانهم أن يحصلوا علي احتياجاتهم. كما أصبح غالبية الشعب المصري لا يضحكون وغابت النكتة.
أضاف محمد شحاتة أن من الأشياء الجميلة بعد ثورة 23 يوليو أنه في شهر رمضان تم فتح حدائق قصر المنتزه أمام المواطنين وتوافدت الآلاف من المواطنين لدخول القصر لأول مرة.. وبالنسبة للشارع في رمضان بعد ثورة 25 يناير شهد حالة انفلات فالباعة الجائلون احتلوا الشوارع وعطلوا حركة السيارات وأفسدوا روح رمضان.
إسماعيل عطوان قال: رطل اللحم بعد ثورة 23 يناير كان ب 7 "صاغ" أما الآن كيلو اللحم ب 80 جنيهاً. وكان العمل بعد ثورة 23 يوليو مستمراً في شهر رمضان ولم يتوقف حتي المظاهرات والوقفات الاحتجاجية كانت محدودة ولم تستمر مدة طويلة ولم يتعطل الإنتاج. فأذكر أنه تم إعدام اثنين من العمال في كفر الدوار من بين العاملين الذين توقفوا عن الإنتاج وذلك بعد محاكمتهما. وكانت الأمور في شهر رمضان آمنة والشرطة والجيش إيد واحدة ولا يوجد عدد كبير من البلطجية.. كما حدث بعد ثورة 25 يناير حيث يهددون حياة المواطنين ويروعونهم وأصبحت الأسر في شهر رمضان هذا العام تنام من المغرب بعد أن كانت تسهر في رمضان أيام ثورة 23 ليويو. كما أن ثورة 23 يوليو أحدثت نهضة صناعية حيث دخلت صناعة الحديد لأول مرة.. أما في شهر رمضان بعد ثورة 25 يناير فالجرائم زادت وترويع المواطنين أصبح للركب.
أوضح بركات الطحاوي أن الأسعار كانت مختلفة في شهر رمضان أيام ثورة 23 يوليو وثورة 25 يناير حيث الأمور كانت مستقرة بعد الثورة الأولي. أما الثورة الحالية فالأسعار غالية وتفوق قدرة الغلابة. كما أن شهر رمضان بعد ثورة 23 يوليو شهد فيه حاكم مصر اللواء محمد نجيب قائد الثورة وقتها استطلاع رؤية هلال رمضان.
العادات والتقاليد تتوارثها الأجيال المتعاقبة
الأقصر- عمر شوقي:
يهل علينا شهر رمضان هذا العام بإطلالة مختلفة. فمصر التي كان يحل ضيفاً عليها طيلة السنوات الماضية تغير وتبدلت وغابت عنها وجوه. وحلت مكانها وجوه.. الركود الذي كاد يقتلها أحيل لأمواج عاتية واليأس الذي خيم علي ابنائها أحيل إلي آمال عريضة في التقدم والازدهار.. واستكانتها تحولت إلي ثورة بهرت الدنيا.
رمضان لم يطل علي مصر وهي في هذه الحالة الثورية إلا مرات معدودات في تاريخها الحديث. مرة قبل نحو 60 عاما. بعد ثورة 23 يوليو ..1952 حيث جاء بعد نحو 10 أشهر بعد قيامها. وكانت غرته في 14 مايو ..1953 ومرة ثانية بعد اندلاع ثورة 1919 بشهرين. وسط تلاحم رائع للمصريين الذين كانوا يحلمون بالاستقلال وبوضع دستور عصري يليق بالأمة المصرية.يتميز شهر رمضان بمذاق خاص في مختلف محافظات مصر التي يولي مواطنوها عناية خاصة لهذا الشهر الكريم. فيستقبلونه بحفاوة وترحاب بالغين ويحيون لياليه بالعبادات والابتهالات ويكثرون فيه من أعمال البر والإحسان علي الفقراء والمساكين.
ولرمضان في الأقصر طابعه الخاص الذي تميزت به المدينة التاريخية قبل مئات السنين عبر مجموعة من العادات والتقاليد التي لا تزال متوارثة إلي اليوم. ولفتت تلك العادات والتقاليد نظر الكثيرين.
يصف الباحث عبدالمنعم عبدالعظيم ليلة الرؤية بأنها كانت الليلة التي يتوقع ان يكون صبيحتها رمضان تسمي ليلة "الرؤية".. فيرسل عدد من الأشخاص الموثوق فيهم إلي مسافة عدة أميال في الصحراء حيث يصفو الجو لكي يروا هلال رمضان.
بعد رؤية الهلال من قِبل أشخاص ذوي ثقة يتم الإعلان عن بدء الشهر الفضيل بإخبار الأقارب والأهالي باليوم الأول لرمضان عن طريق طقوس خاصة تتمثل في دورة تجوب بعض الشوارع لتهنئة المارين وإعلامهم بحلول شهر رمضان. حيث لم تكن توجد الكهرباء في ذلك الوقت ولا توجد أي وسائل للإعلام أو الإخبار. أما شوارع الأقصر فكانت الكثير من الأنوار والمشاعل ولمبة الجاز و"العويل" والفوانيس المختلفة ألوانها وأشكالها يحملها الكبار والصغار كانت تستعمل للإنارة وليس للزينة فقط.
مواعيد الصلاة كانت تعرف من خلال المزولة واشتهرت الأقصر بمدفع محمد علي الذي كان في الأقصر إلي وقت قريب.
الجد عبدالمنعم عبدالعظيم يؤكد أن شرب المياه في ذلك الوقت لم يكن بالسهولة كما في العصر الحالي. حيث قديما كانت القنوات والترع والساقية والقلل القناوي وقلل الفخرانية التي تعلق علي حمالات يقوم بصناعتها شخص يطلق عليه لقب السرايري وأطلق عليه هذا اللقب لأنه هو الذي يقوم بصناعة السراير الجريد من جريد وسعف النخيل. مضيفاً أنه كان يتم ملء القلل بالمياه وتوضع عليها المناشل الفخرانية لتسقيع المياه حيث لا كهرباء ولا ثلاجات وكانت المياه أسقع وأعذب من الآن.
يقول الحاج عبدالراضي عيد- أشهر المعمرين في قرية منشأة العماري في عقد التسعينيات من عمره: يحرص الأقصريون في رمضان علي توزيع اللحوم والصدقات علي الفقراء ويتبادلون الزيارات والسهرات ويقومون بإنارة فوانيس كبيرة ملونة أمام المنازل والحوانيت وفي المساجد.
وكان رمضان يهل ببركته دوما فكنا نشتغل بالزراعة في عز الحر ومع ذلك لم نفطر يوما. وفي بعض الأحيان يأتي رمضان في موسم "توقيع القيضي" وهو موسم يحتاج لمجهود شديد ومع ذلك كنا نبذل مجهوداً شاقا ونتحمل شدة الجوع العطش ونصوم حتي يأتي موعد الإفطار ونفطر في الحقل احيانا ونستكمل أعمالنا بكل إخلاص وتفان لأن رمضان بركة.
أضاف وأما عن الأكل فكان البتاو.. وهو خبز يصنع من البر الشامي وعيش الفرنتيتة ويصنع من القيضي وهي الذرة الشامية والعيش الشمسي. الذي يصنع من القمح وكان الأكل نظيفا وصحياً. أما الآن فالمعلبات والأكل المصنع ليس له طعم أو مذاق.
الحاجة خديوية الكامل علي عطيتو "80 سنة" تقول: شهدنا أحلي رمضان في الخمسينيات والستينيات وكانت الونسات والسهرات واللمة تحلي في رمضان وكان الأكل صحياً والمشروبات خفيفة وكنا نضع الأكل في الشعليقة والشماطة عن طريق عقد حبال في السقف أو "العقد" كما كان يطلق عليه قديما التي كانت تحل محل الثلاجات الآن وكانت تحافظ علي الأكل من "الحديق" وهو فساد الطعام حيث كانت تقوم بتبريده. وكان المشروب المصري القديم "البوظة" التي تصنع من لباب العيش هو الأشهر في ذلك الوقت وكانت الجرار والمناشل والفواخير هي الأدوات التي توضع فيها المأكولات والمشروبات ولم نكن نعرف المطابخ أو غسالات الأطباق أو أطقم الصيني أو الحلل التي ظهرت بعد ذلك.
أشارت إلي أن الطبخ كان يتم بإضرام النار في الحطب والبوص ووضع قوالب من الطوب لعمل موقد يتم وضع أدوات الفخار عليه وتسخين الأكل المراد طبخه وكانت الأكلات لا تختلف كثيراً عن الآن. فكانت الملوخية والبامية واللحوم الفروج العتقي وديوك الرومي والحلويات كنافة وزلابية وبقلاوة وبسبوسة ومقرنة ويتم صناعة الحلويات علي الساج والنار وكان السحور ألبان وجبن قريش وفول نابت وعدس يتم صناعتهم داخل الأفران البلدي المصنوعة من الطوب اللبن فلم تكن هناك بوتجازات أو أفران كهربائية. موضحة أنه كان يتم كحت "البورة" وهي حفر ويتم وضع مجور اللبن بداخلها وتغطيته بالشقف وهو نوع من الحجارة والفخار لمدة يومين أو ثلاثة حتي يتم صنع السمنة ويتم خضها ثم تسلي حيث كنا لا نأكل السمن المعلب أو الهندي الذي كان يطلق عليه آنذاك "الزلعوكة" وكذلك الزيت.
أما الحاج مصطفي عبادي في عقد السبعينيات من عمره فيقول: شهدت رمضان في السودان حيث كنت أعمل بالزراعة وكان معظم السوادنين المشتغلين بالزراعة لا يصومون نتيجة للمجهود الشاق الذي يبذلونه في الزراعة. أما حينما عدت إلي مصر وقضيت بها رمضان خاصة بعد عام 1952 فكنا نعمل بالزراعة ونصوم وكانت لنا بعض الطقوس. حيث كانت السهرات والمواكب بالفوانيس والكلوبات وكانت الناس تترابط وهناك بعض الألعاب الخاصة حيث كانت لعبة "الستيتة" للنساء وهي لعبة بالأحجار الصغيرة وكذلك لعبة "الحجلة" وكان الرجال يلعبون بالدوم ويستخدمونه للتنشين علي النصوب ولعبة "نطة الإنجليز" أو كما كان يطلق عليها "حنق الجنك". بالإضافة إلي سهرات كبير العائلة والبيوت المفتوحة لأهلها حيث لم تكن الشكليات أو المظاهر قد طغت علي المجتمع وكان الاحتفال بليلة القدر والعيد وكانت مظاهر بهجة الناس بهذا الشهر الكريم مثل إنارة المساجد والدروب والإنشاد وحلقات الذكر وتراً علي مختلف الطبقات شعائر هذا الشهر بإخلاص شديد رغم قسوتهم. وحتي الآثمين في هذا الشهر أنابوا فصاموا وصلوا.. والأثر الواضح لهذا الشهر علي المؤمنين هو الوقار الذي يغلف طابعهم وعند العيد تبدو الأقصر وكأنها قد أفاقت من غشيتها فيطل الناس من النوافذ والمشربيات. بينما البعض منهمك في صلاته وتسبيحه.
التخلص من ظلم الحكام وطغيانهم
قنا- عبدالرحمن أبوالحمد:
أكد مواطنو محافظة قنا الذين شهدوا رمضان بعد ثورتي 23 يوليو 1952 و25 يناير 2011 أن استمرار الثورة لعدة 8 شهور منذ وقت قيامهم حتي تلتحم بأيام شهر رمضان المبارك. إنما هو دليل قوي علي صدق تلك الثورات وأنها مدبرة من الخالق عز وجل من أجل القضاء علي الفساد الذي استشري في البلاد وكذلك التخلص من ظلم الحكام وطغيانهم.
يقول د. عبدالرحيم عبدالهادي أستاذ التاريخ بجامعة جنوب الوادي إن قيام الثورتين كان لتحقيق أهداف واضحة ومحددة. وان كانت ثورة 23 يوليو قد اقتصرت علي 6 مطالب فقط تحققت جميعها إلا مطلب العدالة الاجتماعية. فالثورة الأولي قام بها الجيش وساندها الشعب لأنها سعت للتخلص من النظام الملكي الفاسد. وتمكن ضباط الثورة من قيادة البلاد في المرحلة التالية حتي تحقق لمصر الكثير من الإنجازات ومنها بناء المدارس والمستشفيات في القري والنجوع وإنشاء السعد العالي والمصانع والشركات وتأميم قناة السويس ومجانية التعليم. ولكن في خلال الثلاثين عاماً الماضية ضاعت مكاسب الدولة الحقيقية وأصبحت محتكرة لصالح فئة معينة لخدمة مصالحها فقط. فباعوا البلد.
ودعم الفساد في كل مؤسسات الدولة حتي جاءت ثورة 25 يناير 2011 الشاملة التي رفعت عدة مطالب أساسية أهمها القضاء علي الفساد في كافة القطاعات وهي ثورة بيضاء قام بها الشعب وحماها الجيش ببسالته المعتادة.
أضاف أن ثورة 23 يوليو أتت بثمارها مبكراً علي العكس من ثورة 25 يناير التي تتأثر سلبياً بتعدد الوقفات الاحتجاجية التي تؤدي بدورها إلي توقف عجلة القيادة. ولعل شهر رمضان المبارك يكون فرصة قوية لنعمل علي زيادة الإنتاج في توقف الاحتجاجات الفئوية.
وعن ذكرياته مع رمضان قال د. عبدالرحيم إن رمضان ما بعد ثورة 23 يوليو ورمضان بعد 25 يناير لهما مذاق خاص لأنهما يأتيان بعد إنجاز قومي أنهي عقوداً فاسدة. ويكتفي أننا نتناول الإفطار ونحن لا نخشي مضغ عيش صنع من قمح مسرطن. ويطالب أستاذ التاريخ بجنوب الوادي بتأميم الشركات المملوكة لرجال الأعمال من رموز النظام السابق.
أما الطيري زكير علي- فيذهب للمقارنة بين رمضان ما بعد 23 يوليو ورمضان ما بعد 25 يناير مؤكداً أنه في عام 1952رغم عدم وجود عدالة اجتماعية إلا أن المواطن لم يشعر بالغلاء بل كان الرخاء سائداً في البلاد. وأما الآن فالغلاء يطحن جميع الأسر المصرية وليت ثورة 25 يناير تنجح في القضاء علي الغلاء وتحقيق العدالة الاجتماعية التي غابت عنا كثيراً فخلقت نظام حكم فاسد.
يضيف علي الطاهر قائلاً إن رمضان 23 يوليو كان شاهداً علي تحول مصر من الملكية إلي الجمهورية والقضاء علي فساد الملك. أن رمضان ما بعد 25 يناير فيشهد علي تحول مصر من الديكتاتورية إلي الديمقراطية. لأن ما كان متبعاً خلال الثلاثين عاماً الماضية كان ظلماً فادحاً لكافة فئات الشعب ولولا قيام الثورة بأيدي شباب مصر لظل الظلم جاثماً علي صدورنا. ولاستمر النهب قائماً قبل مجموعة رجال الأعمال التي سيطرت علي مقاليد الأمور وأخذت تحرك الدولة وفقاً لما تقتضي مصالحها الشخصية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.