من بعيد يأتيها صوت سائق «حنطور» يناديها باسمها، يسألها فى صوت رقيق إن كانت ستركب معه كما فعلت بالأمس، تعتذر له باضطرارها الذهاب للبر الغربى لمقابلة صديقة لها، يهم السائق بالتحرك فتستمهله قليلاً ريثما تدس يدها فى حقيبتها وتستخرج منها ورقة نقدية من (...)
وسط صخب السياح، ورنين الحلى فى أيدى الزبائن، ينتقل الباعة داخل بازار حسين متولى بلسانهم بين اللغات، متفاوضين حول الأسعار هذا بحفنة دولارات وذاك بحفنتين.. غفل «حسين متولى»، صاحب البازار، عن كوب القهوة حتى برد؛ اليوم وبعدما تداعت السوق السياحى لا يبرد (...)
لم تلقَ مقاهى ومطاعم الأقصر مصيراً أقل سوءاً من البازارات فى شارع السوق السياحية أو فى غيره من نواحى محافظة الأقصر التى تعانى فى الوقت الحالى من ركود اقتصادى سببه تراجع مؤشرات النشاط السياحى بالمحافظة. «الوطن» حاولت الاقتراب من وضع المطاعم والمقاهى (...)
على كورنيش النيل ينطلق صوته فى إلحاح «ياللا البر الغربى ب50 قرش»، محمد حسن 26 سنة، الذى يعمل مراكبياً منذ طفولته، لم يجد حلاً للتغلب على حالة الكساد التى تعانى منها المدينة سوى تشغيل مركبه لنقل أهالى الأقصر من البر الشرقى للبر الغربى والعكس، بعد أن (...)
«لقصر بلدنا بلد سياح فيها الأجانب تتفسح» ينطلق صوت المطرب الشعبى على وقع أقدام الخيول التى تجر طابوراً طويلاً من عربات «الحنطور»، ينفلت من العربات مجموعة من الشباب يؤدون حركات راقصة على أنغام الموسيقى، تنتهى الأغنية مع توقّف «الحناطير» أمام فندق (...)
إلى صورة فوتوغرافية معلقة داخل الحنطور يشير حسن صابر، 30 سنة، يشد لجام الفرس ويوقف العربة قبل أن يقول: «شوفى كنت عامل إزاى، كنت بألبس أحسن لبس، أحسن من الخواجات نفسهم». يتحسر صابر، سائق الحنطور، على الأيام التى كان يكسب فيها 500 جنيه فى اليوم، حينما (...)
خلف المكتب الدائرى يجلس موظف الاستقبال فى أحد فنادق مدينة الأقصر، يمد بصره لجهاز تليفزيون مفتوح أمامه على فيلم عربى، قبل أن ينقله فى اتجاه مدخل الفندق، لا جديد، فالوضع باقٍ على ما هو عليه، الزبائن ممتنعون والسياحة مرفوعة مؤقتاً من الخدمة، هذا هو (...)
خلال الفترة التى عمل بها أحمد مصطفى، المرشد السياحى الأقصرى، فى مجال السياحة بائعاً فى بازار والده ومرشداً سياحياً، كانت هناك عدة فترات يصفها بأنها «فترات توعك للسياحة» حيث شهد النشاط السياحى تراجعا، خلال حرب الخليج فى مطلع التسعينات، ومذبحة الأقصر (...)
«من يوم ما القطارات وقفت وإحنا متبهدلين فى السفر لمصر والرجوع منها كل أسبوع، وبعد ما كنا بندفع 38 جنيهاً ثمن التذكرة، بقينا بندفع 75 جنيهاً»، يستطرد محمود منصور، 43 سنة، موظف، بوزارة الإسكان: مشاكل السفر فى الأتوبيسات وسيارات الميكروباص لا تقتصر فقط (...)
منذ اندلاع ثورة يناير 2011، ورجل الشارع المصرى لا يخشى شيئاً بقدر خشيته «مخططات التقسيم» التى كررت وسائل الإعلام تناولها خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، وما بين مشروع الشرق الأوسط الجديد و«مخطط برنارد لويس»، وذكريات السودان والعراق واليمن وليبيا ظهرت (...)
تحت شمس القرن الثامن عشر الميلادى، جلس الشيخ الهوارى، نسبة لقبيلة هوارة، فى قلعته بفرشوط يتلقى مراسلات الحرب من قائد جيوشه، كانت الأخبار عن طرد قوات والى مصر على بك الكبير إلى شمال «أسيوط» وضم بقعة جديدة لإمارة الصعيدى «شيخ العرب هَمَّام»، مدّ الشيخ (...)
بجوار اللافتة التى تحمل اسم قرية «السمطا» ركن السائق سيارته الأجرة، وقال: «اعذرونى يا أساتذة.. مش هقدر أدخل القرية دى».. سمعة نالتها، قرية صغيرة بمركز دشنا فى محافظة قنا، إنها «وكر لتجارة السلاح والمخدرات».. الهدوء الذى يغلب على شوارع القرية لا (...)
هنا يطبق الجبل على المدينة فلا يترك لها متنفساً، يتسلل النيل فى هدوء ووداعة فيخترق القرى والنجوع. تنتشر قبائل الهوارة والأشراف والأمارة والعرب، وتشتعل نار الثأر التى لا تخمد ولو سالت فوقها الدماء أنهاراً.. هنا يباع السلاح والآثار والمخدرات بأسهل مما (...)
فى قنا يصعب الحديث عن السياسة دون النظر للتقسيمة القبلية الموجودة فى المحافظة، إذ تنتشر القبائل هناك فى صورة عائلات قوية أو ضعيفة، غنية أو فقيرة، تسيطر بدورها على عدد كبير من أفرادها فى المراكز والقرى وحتى مدينة قنا نفسها. فطبقاً للمحامى محمد (...)
فى قنا تختلط حكايات الثأر بالسلاح، ييتم الأطفال تترمل النساء، لا شىء يعوض غياب الابن أو الأخ إلا القصاص له ممن استباح دمه، قد يطول الثأر لسنوات طويلة، وقد يأخذ فى طريقه عشرات النفوس والأرواح، ويظل القبر مفتوحاً يطلب المزيد، والسجن أيضاً مفتوحاً. (...)
مثل نسيج أخميم، الذى أوشكت صناعته على الاندثار، تتداخل الحكايات فى محافظة سوهاج. من إشعال النيران فى واحدة من أكبر كنائس المدينة والاعتداء على المصلين فيها، مروراً بالخريطة السياسية التى تشكل المحافظة بما فيها من أحزاب وتيارات واتجاهات، ومدى تغيرها (...)
فى صف واحد تتراص الأنوال جنباً إلى جنب، تنساب الخيوط فى تناسق مذهل، فيما يجلس عامل خلف كل نول منها، يرفع العامل يده ويلتقط حبلاً مدلى من أعلى موصول بمواكيك لا تكف عن الحركة، تتداخل فى النول تبعاً لألوانها المختلفة، وتبعاً لقطعة النسيج التى ينسجها (...)
تتنوع الخريطة السياسية فى محافظة سوهاج، لتشمل خليطاً من الأحزاب المدنية، لحقت بها مجموعة من الأحزاب الإسلامية، التى وجدت طريقها فى الظهور وسط الشارع السوهاجى، خلال العامين الماضيين، بعد فوز الرئيس المخلوع محمد مرسى، بالانتخابات الرئاسية الأخيرة، (...)
فى طريق عودته إلى المنزل مرّ نبيل بالكنيسة المحترقة. ألقى نظرات منكسرة على أبوابها المُقفلة إلى حين، وأبراجها «المُهببة» نتيجة الحريق، وأسوارها الملطخة بالدهانات التى طُمست بها عبارات تجرّح فى بابا المسيحيين الأرثوذكس، يضرب كفاً بكف وينتقل بنظره إلى (...)
تختلف المدن كما يختلف البشر.. المنيا لا تشبه أسيوط، وأسيوط لا تشبه سوهاج، وسوهاج تتفرد كمحافظة تقع فى قلب صعيد مصر بين أسيوط وقنا، تمتد طولياً على ضفاف النيل شرقاً وغرباً، تحتضن عدداً كبيراً من المراكز والمدن، ومئات القرى والنجوع. تاريخها يطول ليصل (...)
«كل بيت فى سوهاج فيه بندقية آلى، واللى ما عندهوش بيتكسف يظهر فى الاحتفالات والمناسبات العامة».. يتحدث «أ. م»، أحد أبناء قرية نزلة الحزمين التابعة لمركز جهينة بمحافظة سوهاج، عن أسباب انتشار السلاح فى محافظة سوهاج بين الأهالى، يقول إن الغياب الأمنى (...)
على بعد نحو 60 كيلومتراً من مدينة سوهاج تقع قرية «كوم غريب»، الداخل إلى القرية التى تتبع مركز طما لا بد أن يمر فى طريقه على عدة قرى كبيرة قبل أن يصل إلى وجهته، إذ إن القرية التى تقع على بعد 4 كيلومترات من الجبل الغربى، تبعد فى نفس الوقت عن طريق (...)
انتقل الصراع السياسى الدائر بين أنصار الرئيس المعزول محمد مرسى ومناوئيه إلى ساحات المساجد، فى العاصمة وفى غيرها من المحافظات، حتى أضحى لكل فريق منابره التى يبرر من خلالها موقفه ويحشد جموع مؤيديه عندها، كما أضحت خطب المساجد ودروسها ذات صبغة (...)
وتتواصل الحكايات من قلب الصعيد.. فى أسيوط؛ حيث المعقل التاريخى للجماعات الإسلامية، يسكن الرعب العقول والقلوب، هنا دارت أحداث مديرية الأمن قبل أكثر من 30 عاماً فى أعقاب اغتيال الرئيس السادات أوائل الثمانينات من القرن الماضى، ثم انتقل الصراع من أسيوط (...)
«كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ»، ارتفع صوت الشيخ محمد عبدالرحمن، خطيب الجمعة فى مسجد أحمد بن حنبل، المجاور لمديرية أمن المنيا، وهو يروى واقعة قتل الصحابى أسامة بن زيد، أحد الكفار بعد أن نطق الشهادة فى إحدى (...)