قال تقرير حديث لصندوق النقد الدولي أن هناك تباينا في آفاق الاقتصاد المتوقعة لمنطقة الشرق وسط وشمال إفريقيا. فمعظم البلدان المصدرة للنفط في المنطقة تسجل معدلات نمو مرتفعة بينما يظل الاقتصاد في البلدان المستوردة للنفط يواجه احتمالات نمو ضعيفة، حسب آخر تقييم أصدره الصندوق في هذا الخصوص. ويتوقع الصندوق أن يبلغ النمو في منطقة الشرق الاوسط وشمال إفريقيا 5.1% في عام 2012، صعودا من 3.3% في عام 2011، حسبما ورد في تقرير آفاق الاقتصاد الاقليمي لمنطقة الشرق الاوسط وآسيا الوسطى الذي أُعلن صدوره في دبي نوفمبر الجاري . ونظرا لارتفاع أسعار النفط وزيادة إنتاجه، يُتوقع حدوث توسع في عام 2012 بمعدل 6.6% في اقتصادات المنطقة المصدرة للنفط الجزائر والبحرين وإيران والعراق والكويت وعمان وقطر والمملكة العربية السعودية والسودان والامارات العربية المتحدة واليمن قبل تسجيل بعض التراجع في عام 2013. لكن بلدان المنطقة المستوردة للنفط أفغانستان وجيبوتي ومصر والاردن ولبنان وموريتانيا والمغرب وباكستان والسودان وتونس ستسجل معدل نمو أعلى بقليل من 2% في عام 2012، نظرا لما تواجهه من أوضاع خارجية صعبة. وما تزال الاضطرابات الداخلية المستمرة تعطل النمو في بلدان التحول العربي. وفي هذا الصدد قال السيد مسعود أحمد، مدير إدارة الشرق الاوسط وآسيا الوسطى أمام مؤتمر صحفي عُقد في دبي «إن أكبر تحدٍ يواجه الحكومات في بلدان التحول العربي هو الطريقة الملائمة لادارة التوقعات المتزايدة لدى السكان الذين يشعرون بنفاد صبر متزايد تجاه الوضع الراهن رغبة منهم في جني ثمار التحول في وقت يشهد تهديدات للاستقرار الاقتصادي الكلي وليس أمام السياسة إلا مساحة ضيقة للتصرف والحركة.» في المقابل، من المتوقع أن تسجل البلدان المصدرة للنفط في المنطقة نموا قويا في عام 2012، وهو ما يُعزى في الاساس إلى تعافي الاقتصاد الليبي بدرجة فاقت التوقعات بعد انتهاء مرحلة الصراع. وفي دول مجلس التعاون الخليجي، يحتفظ النمو بمعدلات قوية تدعمها سياسات المالية العامة التوسعية والاوضاع النقدية التيسيرية، لكن المتوقع أن يتباطأ هذا النمو من 7.5% في عام 2011إلى 3.75% في عام 2013مع بلوغ الانتاج النفطي مرحلة الثبات. ومن المتوقع أن يظل سعر النفط أعلى من 100 دولار للبرميل في الفترة 2012-2013. ونتيجة لذلك، يُنتظر أن يظل فائض الحسابات الجارية المجمّعة للبلدان المصدرة للنفط في عام 2014 عند أعلى مستوياته التاريخية، وهو 400 مليار دولارأمريكي. وقد ساعد ذلك الحكومات على التحرك لمواجهة المطالب الاجتماعية المتنامية عن طريق زيادة الانفاق على الاجور والرواتب، والتي ارتفعت بشكل حاد في معظم البلدان المصدرة للنفط خلال السنوات الاخيرة. وبالرغم من أن كثيرا من البلدان المصدرة للنفط عززت حجم احتياطياتها لمواجهة تقلب أسعار النفط على المدى القصير، فما يزال استمرار هبوط أسعار النفط بسبب زيادة التباطؤ في النشاط الاقتصادي العالمي يشكل خطرا يتعين الوقاية منه. وفي نفس الوقت، استمر ارتفاع أسعار الغذاء والوقود الدولية، وتدهور النشاط الاقتصادي لدى الشركاء التجاريين لا سيما في أوروبا التي تربطها علاقات اقتصادية مهمة بعدد كبير من البلدان المستوردة للنفط. وبالاضافة إلى ذلك، هناك تحسن بطيء في معدل قدوم السائحين مقارنة بالانخفاض الشديد الذي حدث في عام 2011