ستة و عشرون عامًا على الإنقلاب الأبيض لبن علي على الحبيب بورقيبة أبو تونس الحديثة و مؤسسها بردائها الحديث بعد الإستقلال عن الإستعمار الفرنسي العام 1956 و بهذه الحركة كان الإنقلاب الأبيض الأول التونسي و الثاني العربي بعد الإنقلاب الأبيض لصدام حسين ضد أحمد حسن البكر لتدخل تونس مرحلة جديدة في عهد بن علي الذي ظل متجذرًا بها حتى العام 2011 و الذي أتى بإنقلاب شعبي حمل في طياته نسيم الحرية لتسمى الثورة بثورة الياسمين. بعد نجاح تلك الحركة بالإطاحة بالحبيب بورقيبة بعد واحد و ثلاثون عامًا من حكم تونس منذ الإستقلال أختلفت الأراء حول أبو تونس الحديثة الذي سمي بأتاتورك العرب أو أتاتورك تونس لنهجه منهج الذئب الأغبر بالأراضي التونسية ليجعل من تونس قطعة من أوروبا على المبدأ العلماني الذي قسم تونس ما بين محب لبورقيبة أسف على الإطاحة به و كاره له حطم القيم الإسلامية بتونس مهمشًا دور الروحانيات في بناء تونس إنسانيًا و حضاريًا. قام زين العابدين بن علي الوزير الأول (رئيس الوزراء) بالإطاحة ببورقيبة وسط دهشة الجميع مُذكرًا لحظة تحديد إقامة محمد نجيب في العام 1954 عبر جمال عبد الناصر و تحديد إقامة أحمد حسن البكر الرئيس العراقي عبر صدام حسين العام 1979ليكون التغيير أبيض دون دماء لكنه ملتهب بداخل القلوب حيث كتمان الأنين للحكام و الشعوب و تم توثيق هذا الحدث يوم 7 نوفمبر من العام 1987 ليُطلق عليه لقب (حركة 7 نوفمبر). تمت الحركة بحيلة سياسية إنتهجها بن علي بناءً على الفصل 57 من الدستور الذي ينص على أن يتولى الوزير الأول رئاسة الجمهورية في حالة عجز أو وفاة رئيس الجمهورية معتمدًا أيضًا كدليل توكيد على التقارير الطبية الخاصة ببورقيبة و التي صدرت من قِبل الأساتذة الأطباء فجر 7 نوفمبر عن عجز الرئيس البالغ من العمر سبعة و ثمانون عامًا عن القيام بالمهام المنوطة بعهدته. شارك في هذه الحركة الهادي البكوش المدير السابق للحزب الإشتراكي الدستوري (الحزب الحاكم) و وزير الإعلام عبد الوهاب عبدالله و وزير الدفاع صلاح الدين بالي مع الإعتماد على الحرس الوطني بقيادة الحبيب عمار لتأمينها و تم وضع بورقيبة رهن الإقامة الجبرية حتى وفاته العام 2000 بضيعته في مرتاق و تم التحفظ على عدة شخصيات موالية من أبرزها الوزيران محمد الصباح و منصور الصخيري. أنقسم الشارع التونسي ما بين مرحب بالحركة مباركًا لها مطلق عليها لقب (التغيير) أو (التحول المبارك) و فريق لم يستسيغها مرددًا عليها لقب (الإنقلاب) لتأتي الثورة التونسية المعروفة بثورة الياسمين لترجح كفة مناصري مسمى الإنقلاب بعد وصول حزب النهضة الإسلامي لدفة الحكم لاعبًا لعبة الثائر المنتقم بإلغاء ذكرى 7 نوفمبر من كل الأماكن الحاملة لها كإستاد 7 نوفمبر برادس و ساحة العاصمة التونسية و جامعة 7 نوفمبر بقرطاج ليكون الثأر حاميًا من بن علي الذي إضطهد حزب النهضة كما فعل بورقيبة الذي شهد قبره منذ أسبوع محاولة لتفجيره ليكون لا محل لذكر الحزب الإشتراكي الدستوري بناءً على الصراع الدائر بين اليمين و اليسار.