اعتبر الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي هنا اليوم المصالحة الوطنية جزءا متمما ومكملا لمصطلح العدالة الانتقالية في دول الربيع العربي وتعد هدفا من أهدافها. جاء ذلك في كلمة للعربي ألقاها نيابة عنه الوزير المفوض بالادارة القانونية بالجامعة ايهاب مكرم أمام الجلسة الافتتاحية لمؤتمر (آليات العدالة الانتقالية في دول الربيع العربي) الذي ينظمه المركز العربي للوعي بالقانون تحت رعاية الجامعة العربية ويستمر يوما واحدا. وقال العربي ان المؤتمر يكتسب أهمية كبيرة لاسيما وانه يعقد في فترة فارقة في تاريخ الشعوب العربية. وأوضح ان المعارك والصراعات التي انهكت دولا عربية "خلفت ضحايا ومصابين وأرامل ويتامى وجاءت على أبجديات مبادئ سيادة دولة القانون في المجتمعات الإنسانية وغدت عقبة في سبيل تحقيق طموح ما نادت به وقامت من أجله ثورات ما أطلق عليها الربيع العربي". وأضاف ان هناك "اعتقادا خاطئا" ساد بعد اندلاع الانتفاضات في بعض الدول العربية بأن "الثورة تعني اسقاط الدولة وليس اسقاط النظام المستبد القمعي الذي كان سائدا". ولفت إلى ان الحاجة بدت ملحة الان الى تبني آليات محددة وفاعلة للعدالة الانتقالية ليس في تلك الدول التي ثارت شعوبها ضد الفساد والظلم ولكن أيضا في جميع الدول العربية التي تنشد اقامة دولة مدنية حديثة في جوانبها القانونية والسياسية والاجتماعية المختلفة. كما أشار الى ان أول اعمال لآليات العدالة الانتقالية التي يناقشها المؤتمر كان مع (محاكمات نورمبرج) التي أجريت للنازيين في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية لافتا الى انها قد تتم على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الدولي أو من قبل بعض الأجهزة الخاصة مثل المحكمة الخاصة بسيراليون. وبين ان لجان تقصي الحقائق ما هي الا هيئات غير قضائية تجري تحقيقات بشأن الانتهاكات التي وقعت في الماضي وتقوم باصدار تقارير وتوصيات بشأن سبل معالجة الانتهاكات والترويج للمصالحة وتعويض الضحايا وإحياء ذكراهم وتقديم مقترحات لمنع تكرار تلك الانتهاكات والخروقات مستقبلا. وشدد على ان العدالة الانتقالية تشمل ايضا إصلاح المؤسسات التي لعبت دورا في هذه الانتهاكات وهي بعض القطاعات الأمنية والمؤسسات العسكرية والشرطية والقضائية وغيرها وغالبا ما تشمل هذه الجهود تعديلات تشريعية وأحيانا دستورية. وقدم العربي في كلمته مجموعة من الاليات الخاصة بتحقيق العدالة الاجتماعية تتضمن انشاء هيئات متخصصة في كافة الدول العربية في مجالات العدالة الانتقالية والعمل على نقل الخبرات الدولية للمجتمعات العربية في مجالات العدالة الانتقالية والمصالحة المجتمعية والتحول الديمقراطي ومحاولة الوصول إلى أهم المعايير والهياكل المؤسسية اللازمة لتطبيق آليات العدالة الانتقالية. كما طالب العربي في الاطار ذاته مؤسسات المجتمع المدني في الدول العربية بالقيام بدورها في خلق حالة وعي مجتمعي عام لمفاهيم العدالة الانتقالية وتقديم الخبرات القانونية والسياسية والاجتماعية للحكومات في مجالات التخطيط الاستراتيجي في المصالحة الوطنية واعتماد مناهج العدالة الانتقالية وآلياتها الهادفة إلى ترسيخ سيادة دولة القانون. من جانبه قال المستشار الدستوري للرئيس المصري المؤقت علي عوض صالح ان عملية العدالة الانتقالية بعد أحداث 30 يونيو في بلاده اتخذت مسارا جديا ومهما من خلال خطوات فعلية نحو تحقيقها بداية من انشاء وزارة للمصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية والعمل حاليا على انشاء مفوضية للعدالة الانتقالية ما يجسد الجوانب القانونية والفنية تحت اشراف مباشر من الرئاسة. واعتبر صالح في كلمته امام المؤتمر انه رغم عدم اتخاذ خطوات معلنة ومنظمة لتحقيق العدالة الانتقالية بعد ثورة 25 يناير فإنه جرى اتخاذ عدة خطوات يمكن ادراجها تحت مسمى العدالة الانتقالية منها تقديم رئيس الدولة وكبار معاونيه للمحاكمة "لكن هذه المحاكمات لم تشمل الجرائم التى ارتكبت خلال فترة حكمهم بل اقتصرت على احداث ثورة يناير 2011". وشدد على ان العدالة الانتقالية ضرورة لا غنى عنها لتحقيق السلم الاجتماعي فى مصر والدول العربية التى شهدت تغيرات جذرية وان تكون هذه العدالة "ليست انتقامية ولا انتقائية".