فايد: الدولة مطالبة بوضع آليات محددة لتقليل عجز الموزانة العامة والاقتراض الخارجي حتمي بفترات سداد تسمح بالتقاط الأنفاس طه: الدولة تمتلك العديد من المقومات للتعامل مع ارتفاع الدين الداخلي.. والضريبة العقارية وترشيد الدعم أبرزها تيناوي: المعدل الحالي للدين الخارجي يسمح بالاقتراض دون الخروج عن الحدود الأمنة ولن يمثل عبئًا على الدولة حلمي: 70% النسب الآمنة لمعدل الدين للناتج المحلي.. ولابد من خطة لاستخدام القروض الخارجية "الفجوة التمويلية" عبارة اقترنت كثيرًا بتصريحات وزراء الحقبة الاقتصادية وتعالت معها صيحات الحكومة بأهمية الاقتراض الخارجي لسد الفجوة خاصة مع ارتفاع معدلات الدين المحلي الذي تجاوز ال 1,3 ترليون جنيه ونسبته 77.6% من الناتج المحلي الإجمالي للدولة "نصيب الفرد منه يزيد على 15 ألف جنيه" واعتماد الحكومة بشكل كبير علي الجهاز المصرفي والمؤسسات المالية الداخلية لسد هذا العجز. وكثيرًا ما تردد أن الدين الخارجي في حدود آمنة ونسبته لا تتعدى ال 14% من إجمالي الناتج المحلي الأمر الذي جعل الحكومة تعول على الاقتراض الخارجي من الدول والجهات المانحة وفي مقدمتها صندوق النقد الدولي الذي اعتبره البعض صك ائتمان سيتيح للدولة المضي قدمًا في إبرام الاتفاقات الدولية والتعاملات الخارجية دون التشكيك في قدرة الاقتصاد المصري على التعافي نظرًا لما للصندوق من سمعة طيبة لدى الأوساط الاقتصادية العالمية المختلفة. وهذه القروض كانت ومازالت أمرًا لابد منه في نظر الحكومة لتعويض التراجعات الحادة التي شهدها الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية الذي سجل 13,4 مليار دولار بنهاية مارس فاقدًا نحو 22,5 مليار دولار خلال 26 شهرًا مع تردي الأوضاع الاقتصادية التي حالت دون تعويض هذه التراجعات، فضلاً عن مساهمة هذه القروض في الحد من اضطرابات سوق الصرف. الدين الخارجي لمصر سجل بنهاية مارس الماضي نحو 38.8 مليار دولار " نصيب الفرد منه 440 دولارا " وسط توقعات بارتفاع الدين الخارجي بنحو 25%على الأقل خلال العام المالي المقبل بسبب التوجه للاقتراض الخارجي من صندوق النقد والاتحاد الأوروبي وهو ما أثار حفيظة الخبراء الذين أعتبروا ان هذا التوجه يشكل خطورة على سيادة البلاد ويحمل الأجيال المقبلة عبء سداد تكلفة تلك الديون موضحين أن 25% من الموازنة العامة للدولة توجه لخدمة الدين العام مطالبين الحكومة بالبحث عن بدائل أكثر أمنا للبلاد. في حين يرى البعض ضرورة الاقتراض الخارجي لرفع الضغط عن الدين المحلي وعن البنوك لتوجه أموالها لتمويل استثمارات حقيقية، مطالبين الحكومة بتبني خطة إصلاح اقتصادي يجعل موارد الدولة داعمًا للوفاء بسداد الأقساط المستحقة في مواعيدها بما يقلل من الأعباء المحتملة على الدولة خلال السنوات المقبلة. من جانبه أكد محمد عباس فايد، نائب رئيس بنك مصر، ضرورة وضع آليات محددة وواضحة يتم استخدامها لتقليل العجز في الموازنة العامة للدولة ولعل أهم هذه الآليات تقليل الانفاق وزيادة الإيرادات مع ضرورة الاقتراض الخارجي خلال الفترة الراهنة بشروط ميسرة وفترات سداد تسمح بالتقاط الانفاس لعدم تحميل الدولة أعباء جديدة في ظل الركود الاقتصادي الحالي. وأوضح فايد أن استعادة المصادر الدولارية لعافيتها سيكون له مردود ايجابي على الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية واستقرار سوق الصرف فضلاً عن الاستمرار في سداد المستحقات الواجبة على الدولة في مواعيدها ؛الأمر الذي يبعث الثقة في قدرة الاقتصاد المصري على التعافي، خاصة أن الدولة لم تتخلف عن أيّ من اقساطها على مدار الأعوام الماضية. وأكد أن معدلات الدين الخارجي بالنسبة للناتج المحلي الاجمالي ليست بكبيرة في ظل نسبتها البالغة نحو 14% ،لافتًا الى أن فترات سداد القروض الخارجية ،خاصة إن كانت طويلة الأجل ستخفف من العبء الواقع على عاتق الحكومة خلال الفترة الراهنة ،الأمر الذي يعمل على حل المشكلة دون وجود أثار جانبية أخري،لأن عودة الايرادات من العملات الأجنبية سيعوض التراجعات بالاحتياطي النقدي للدولة وبالتالي لن يمثل السداد عبئًا. وشدد على ضرورة زيادة الانتاج الذي يسهم في الحد من ارتفاعات الدين العام المحلي وسيبعث بالثقة الى المشروعات المرتقبة والمستهدفة للتوسع بالسوق المصرية ،الأمر الذي يصاحبه عودة حركة الاقراض بالبنوك من جديد مما يعني سرعة دوران الاقتصاد المصري، مضيفًا أن التناغم بين السياسة المالية والنقدية أمر حتمي لعبور هذه المرحلة وتحقيق الاصلاحات المرتقبة. محمد طه ، نائب رئيس بنك القاهرة، يرى أن الدولة تمتلك العديد من المقومات التي تستطيع من خلالها التعامل مع الدين الداخلي عقب تجاوزه ال 1.3 مليار جنيه من خلال مصادر التمويل الأخري كالضرائب وخاصة الضريبة العقارية والتحصيلات الناتجة عن الدمغة ،الى جانب ترشيد الدعم. وأضاف أن الدين الداخلي والخارجي لم يصلوا لمرحلة خطيرة رغم تجاوزهما نسبة ال 91% من الناتج المحلي الاجمالي للدولة، موضحًا أن الدولة ستتخذ العديد من الاجراءات كترشيد الدعم وتقليل النفقات بشكل يساعد علي دوران عجلة الانتاج مرة أخري مع توفير موارد للدولة خلال المرحلة المقبلة، مما يقلل من العبء الواقع على الأجيال المقبلة. وأشار الى أن الخطورة تكمن فى استكمال المسيرة دون اتخاذ إجراءات اصلاحية فهناك العديد من الدولة الاوروبية التي تعرضت لمكشلات أكبر من التي واجهتها مصر ومنها قبرص التي تعرضت الى الافلاس ولكنها استطاعت أن تتبع برنامجا اصلاحيا وخطة للخروج من الأزمة. وأوضح أن عودة الأمن والاستقرار الى الشارع المصري يساهمان في زيادة التدفقات من العملات الأجنبية عن طريق السياحة والاستثمارات المباشرة اللذين يعدان من أهم موارد العملة الصعبة، مشيرًا الى صعوبة وصول الدولة لمرحلة تعجز فيها عن الوفاء بالتزاماتها الخارجية، خاصة أنها استطاعت خلال الفترة الأخيرة أن توفي بالتزاماتها رغم صعوبة الفترة مقارنة بالوضع الحالى. وحول تصريحات وزير المالية عن عدم الاعتماد على البنوك في سد عجز الموازنة المتوقع له أن يصل الى 198 مليار جنيه خلال العام المالي 13-2014 ،أكد طه أن البنوك ستتجه لتقليل استثماراتها بأدوات الدين الحكومية من أذون الخزانة والسندات مع عودة النشاط الاقتصادي لتوجه تلك السيولة الى تمويل المشروعات التي قللت الطلب على الاقتراض خلال الفترة السابقة، لافتًا الى أن البنوك تستثمر الفائض من أموال المودعين في أذون وسندات الخزانة. من جانبه قال أكرم تيناوي، الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لبنك المؤسسة العربية المصرفية مصر، أن الديون الخارجية لا تتعدي نسبتها 20% من إجمالي الديون المستحقة على الدولة وهو مؤشر يسمح بالاقتراض من الأسواق الخارجية دون الخروج عن المعدلات الطبيعية والآمنة بهذا النوع من الاقتراض بما لا يمثل عبئًا على الدولة. وأشار الى أن خدمة الدين الخارجي الى حجم الصادرات السلعية والخدمية للدولة سنويًا لا تتعدى 6.2% وبالتالي الاقتراض الخارجي لن يمثل عبئًا على الأجيال المقبلة في ظل هذه النسب والمؤشرات لافتًا ،الى أن الوصول الى اتفاق حول الاقتراض الخارجي مثل أمرًا صعبًا في ظل الاوضاع السياسية والاقتصادية التي شهدتها الدولة خلال العامين الماضيين فضلاً عن الحالة الأمنية المتردية التي انتابت الشارع المصري. وأكد ضرورة حسن استغلال هذه القروض والمنح المستهدف الحصول عليها من الدول والجهات المانحة وبالتالي عدم توجيهها الي سد عجز الموازنة بل دخولها في مشروعات واستثمارات تُدر عائد يمكن الدولة من سداد المستحقات والأقساط الواجبة في ظل تراجع الايرادات السيادية من الموارد ذات العملات الأجنبية. وفيما يخص الدين المحلي أوضح تيناوي أن البنوك تتبع معايير عالمية متعلقة بعدم التركز وبالتالي لن تسمح إدارات البنوك بارتفاع حجم محافظ استثماراتها بأدوت الدين الحكومية والتي ارتفعت ببعض البنوك الي نسب تتراوح بين 30 الي 40% من حجم الميزانية الخاصة بالبنك خاصة أن معايير بازل 2 التي تشدد علي عدم التركز وتنويع المحافظ وبالتالي سيكون من العصب عليها الاستمرار في دعم الدولة عن طريق تمويل عجز الموازنة الأمر الذي يحتم الاقتراض الخارجي. ونوه الى قوة البنك المركزي في إدارة السياسات النقدية وصلابة الجهاز المصرفي المصري الأمر الذي يصعب معه وصول الدولة الى عدم سداد المستحقات الواجبة عليها في مواعيدها خاصة أن ذلك لم يحدث من قبل. ويرى طارق حلمي، نائب رئيس البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي، أن الدين الداخلي والخارجي شهد ارتفعًا بشكل مقلق نسبيًا خاصة أن النسب الأمنة لمعدل الدين الي الناتج المحلي تتراوح من 60% الي 70%. وأشار الى العديد من الدول التي يفوق بها نسبة الدين عن الناتج المحلي كما تصل النسبة بفرنسا الي 90% ولكنها تتمتع بمقومات وعوامل من انتعاش الاقتصاد وغيره، فالأهم من ارتفاع الدين هو مقومات النشاط الاقتصادي والاستقرار السياسي والامني من أجل عودة الدولة من الناحية الاقتصادية الي ما قبل ثورة 25 يناير من زيادة التدفقات الدولارية من السياحة والصادرات وتحويلات المصريين العاملين بالخارج. وأكد ضرورة أن تقوم الدولة بعمل خطة لاستخدامات قروضها الخارجية لضمان قدرتها علي السداد مع وضع خطة لزيادة ايرادات السياحة والاستثمارات المباشرة متوقعًا أن يتراجع الدين الخارجي عقب حصول الدولة علي قرض صندوق النقد الدولي البالغ 4.8 مليار دولار لكونه صك اعتماد وشهادة ثقة يساعد الدولة علي استعادة تصنيفها الائتماني وبالتالي تقليل تكلفة الاقتراض من الخارج وحصول مصر علي حزمة تمويلية ومنح من الجهات الخارجية. وأضاف أن قدرة البنوك على سد عجز الموازنة والبالغ 198 مليار جنيه سيكون محدودا للغاية في ظل استثمار البنوك جزءًا كبيرًا من أموالها في أدوات الدين الحكومية، مشيرًا الى أن الدولة ستعتمد بالتأكيد على الاقتراض الخارجي والاستثمارات المباشرة لسد عجز الموازنة، مع الاعتماد علي إيرادات السياحة والضرائب والجمارك وترشيد الدعم.