حذر صندوق النقد الدولى من تحول الكويت إلى بيئة جاذبة لعمليات غسل الأموال استنادا إلى وجود عوامل عدة تتيح ذلك، وفى مقدمها النمو المتسارع للقطاع المالى فى البلاد، ووجود نقاط ضعف كثيرة فى التدابير الوقائية الواجب اعتمادها من قبل المؤسسات المالية، فضلا عن أن القوانين المعتمدة لا تجرم تمويل الإرهاب. وأشار التقرير الشهرى للصندوق عن سبتمبر الجارى إلى وجوب أن تراعى الكويت 40 توصية تعنى بمكافحة غسل الأموال، و9 توصيات تعنى بمكافحة تمويل العمليات الإرهابية، وهو ما يؤشر إلى ثغرات لا حصر لها تجعل من الكويت بيئة خصبة لعمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وما يحتم وفق تقرير الصندوق الدولى الامتثال لتوصيات مجموعة العمل المالى وتعزيز مستويات المكافحة. وقال الصندوق - فى تقريره - "إنه بالرغم من عدم وجود أدلة دامغة حاليا على عمليات غسل الأموال فى البلاد، إلا أن القطاع المالى فى الكويت ينمو بوتيرة سريعة من حيث إجمالى أصوله، وهذا النمو قادر على خلق بيئة خصبة لغاسلى الأموال وممولى الأنشطة الإرهابية، لاسيما أن قانون مكافحة غسل الأموال الذى أقر عام 2002 وفرض التزامات على المؤسسات المالية، لم يجرم تمويل الإرهاب ولم يضع آلية لتنفيذ قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ذات الصلة بمكافحة الإرهاب وتجفيف مصادر تمويله". وأضاف "أن ثمة نقاط ضعف كثيرة فى ما يخص فئات الجرائم التى تتطلبها توصيات مجموعة العمل المالى، وكذلك ثمة نقاط ضعف فى التدابير الوقائية التى يجب أن تتخذها المؤسسات المالية وبعض الشركات وعدم وجود صلاحيات كافية للمشرفين على مراقبة عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب، علما بأن مجلس الأمة كان قد اقترح مشروع قانون جديدا بشأن مكافحة غسل الأموال عام 2007، لكن هذا القانون لم يعتمد حتى الآن وهو ما يتيح إمكان النفاذ من هذه الثغرات لارتكاب جرائم مالية خطيرة". ويأتى تقرير صندوق النقد الدولى متزامنا مع ما أثير عن موضوع تضخم الإيداعات فى حسابات بعض النواب خلال الآونة الأخيرة، وهو ما اعتبرت أوساط مصرفية وسياسية أنه يندرج فى سياق شبهة غسل الأموال. وتوقعت الأوساط المصرفية أن تسلك قضية "الإيداعات" طريقها إلى النيابة العامة خلال الأيام القليلة المقبلة مع توجه بعض المصارف إلى تقديم بلاغات تتعلق بشبهات كسب غير مشروع وتضخم حسابات مصرفية بشكل سريع ومثير للريبة وخرق للقانون رقم 35 لسنة 2002 فى شأن مكافحة عمليات غسل الأموال. وتشير المعلومات إلى أن هذا التحرك المصرفى يتقاطع مع رغبة حكومية بوضع حد لملف "الإيداعات المليونية" وإثبات عدم صحة أية علاقة لها بهذا الملف، بالإضافة إلى رغبتها فى تأكيد التزاماتها الدولية بمكافحة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب، وهى التزامات سبق أن وعدت الحكومة باعتمادها عندما تحدثت التقارير الدولية العام الماضى عن ذهاب بعض التبرعات المقدمة من الجمعيات الخيرية الكويتية إلى جهات إرهابية. وتوقعت مصادر مصرفية أن يمهد تقرير صندوق النقد الدولى لاتخاذ تدابير وقائية عاجلة تبدد الثغرات التى يمكن استخدامها لغسل الأموال أو تمويل الإرهاب. ومن ناحية أخرى، كشف مصدر مطلع فى مكتب مكافحة غسل الأموال بوزارة المالية الكويتية عن تحويل ثلاث شركات إلى النيابة العامة بتهمة غسل الأموال فى عام 2007، ومثلها فى عام 2008، مشيرا إلى توقيع 166 عقوبة إدارية فى عام 2009 على عدد من المؤسسات والشركات لعدم التزامها بتعليمات المكتب. وأضاف "أن المكتب اشتبه بحوالى 30 شخصا يمارسون عمليات غسل الأموال وبعد التدقيق اتضح عدم وجود أنشطة تجارية داخل البلاد ل 24 منهم"، موضحا أن بنك الكويت المركزى يجرى سنويا تدقيقا لتقييم التزام البنك بقوانين وإجراءات مكافحة غسل الأموال لمنعها، معتمدا سياسات وضوابط منها نظام التحقق من هوية العميل والرقابة وتدريب الموظفين وإبلاغ الجهات الرقابية وبرنامج تدقيق مستقل لمنع استغلال البنك لأغراض غير مشروعة".