قضية غسل الأموال من القضايا التي تشغل بال دول العالم وتؤدي إلي تهديد كياناتها سياسياً واقتصادياً نظراً لاستغلال هذه الأموال غير المشروعة في تمويل عمليات الإرهاب أو تمتع أصحابها بمميزات عن باقي الأفراد في المجتمعات وضياع فرص الأخرين واعتبرت الجهات الدولية ومنها صندوق النقد والبنك الدوليين والمؤسسة المالية الدولية من يقوم بغسل هذه الأموال من الجرائم التي يجب معاقبة مرتكبيها بالحبس ومصادرة هذهالأموال علاوة علي معاقبة الدول التي تتستر علي هذه الجرائم بأنها دول غير متعاونة ثم جعلها دول غير ملتزمة في التعديل الأخير لتوصيات الأربعين التي أقرتها هذه المنظمات الدولية حول هذه القضية وما قامت به مصر منذ إنشائها لوحدة غسل الأموال عام 2002 حتي الآن أجري هذا التحقيق مع الخبراء في هذا المجال بهدف الاستفسار عن العديد من الأسئلة التي تشغل بال الناس من المتخصصين وغير المتخصصين للوقوف علي الحقيقة، ومن هذه الاستفسارات ما معني غسل الأموال؟ وما العقوبة التي يرتكبها من يغسل هذه الأموال؟ وما هي الجهات التي يطبق عليها إجراءات غسل الأموال؟ وماذا عن وحدة غسل الأموال وما طبيعة عملها؟ وما الجهة التي تتبعها؟ وهل مصر حققت تقدما في هذا المجال؟ وهل هناك تقارير دولية أنصفت مصر؟ وما ترتيبها بين الدول؟ كل هذه الأسئلة هي مسار التحقيق في السطور التالية. بداية يقول المستشار الدكتور سري صيام رئيس مجلس أمناء وحدة غسل الأموال أن مصر جاءت في مقدمة الدول العربية وقبل بعض الدول الأوروبية في تقرير البنك الدولي والذي أشاد بنظام عمل وحدة غسل الأموال في مصر وتفردها في النظم والتشريعات والقوانين والتعاون بين المؤسسات المحلية والأجنبية للحد من ظاهرة غسل الأموال وتمويل الإرهاب مشيراً إلي أن وحدة غسل الأموال تلقت منذ بداية عملها في 2002 حتي الآن حوالي 1867 أخطاراً من المؤسسات المالية عن حالات اشتباه في جرائم غسل الأموال موضحاً أن القانون المصري يتضمن في مواد قانون غسل الأموال 22 جريمة منها علي سبيل المثال الرشوة، والفساد، والكسب غير المشروع، والاختلاس، والاستيلاء علي الأموال، والاتجار في المخدرات، والاتجار في البشر، وتمويل الإرهاب، والاتجار في السلاح وسرقة الآثار، وتوظيف الأموال، والتهرب الجمركي) وغيرها. تعديل القانون ويضيف رئيس وحدة غسل الأموال أن الرئيس مبارك أصدر تعديلا لقانون إنشاء وحدة غسل الأموال برقم 243 لعام 2009 لتعديل المادة 164 في القانون 80 لعام 2002 بأن تشكل وحدة غسل الأموال مجلس أمناء برئاسة أحد رجال القضاء وبدرجة نائب رئيس محكمة النقض أو ما يعادلها يختاره وزير العدل ويكون بالمجلس أعضاء من نائب محافظ البنك المركزي، وممثل للنيابة العامة، ونائب رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية وممثل لاتحاد البنوك، وخبير في الشئون المالية والمصرفية يختاره مجلس الوزراء، وخبير في الشئون القانونية بمكافحة غسل الأموال يختاره أيضا مجلس الوزراء ويعين مديراً لوحدة غسل الأموال. أبرز القضايا يشير صيام إلي أن نظام العمل في وحدة غسل الأموال يشترط بأن يكون في كل مؤسسة مالية شخص مسئول تعرض عليه الحالات لكي يري دواعي الاشتباه لافتاً إلي أن أبرز القضايا التي قامت بضبتها الوحدة هي قضية تهريب الآثار (للسويسي) وكان بها 31 متهماً من جنسيات مختلفة وكانت تتضمن غسل أموال، ورشوة، وتهريب أثار ووصلت إلي محكمة النقض، ولكن صدر لها حكم البراءة لسبب إجرائي، وقضية أخري بالإسكندرية لغسل الأموال نتيجة تزوير في شركات، وقضية ثالثة لسليم الدادة اللبناني وهي قضية نصب علي شركات كبري وأخذ منهم ملايين الجنيهات وتم إحالتها إلي لندن ثم إلي فرنسا وصدر له حكم بالسجن 7 سنوات، واسترداد هذه الأموال، وقضية أخري نفذتها وحدة غسل الأموال لدولة الكويت لإحدي الجمعيات للمعاقين حيث قام أحد المصريين بالاستيلاء علي مليون ونصف المليون دينار كويتي أي بما يعادل 25 مليون جنيه مصري تقريباً وتم إحالة هذه الأموال لمصر وقام وزير العدل الكويتي بمخاطبة الوحدة واستطاعت الوحدة بالتحفظ علي الأموال في مصر والقضية منظورة أمام القضاء مقدم فيها هذا المصري وشريك معه أخر وهناك قضية هامة ننفذها الآن ونتعاون فيها مع إحدي الدول الأجنبية ومنها علي سبيل المثال إيطاليا حيث قام أحد المصريين هناك بالاشتراك مع إيطالي بالاستيلاء علي شيكات بالتزوير علي وزارة التعليم في بريطاليا ومقدارها 14 مليون يورو وهذه المبالغ تم إحالتها لمصر، والبنك أبلغ الوحدة بأن المبالغ تم تحويلها لمصر لأن الأموال وضعت في شركة انشئت خصيصاً لكي يتحول لها هذا المبلغ، فشل البنك في أمر هذه الأموال واعتبرها عملية مشتبه فيها، وتم التحفظ علي هذه الأموال والغريب أن الجانب الإيطالي أبلغ عن 11 مليون يورو فقط بينما نحن اكتشفنا أن المبلغ 14 مليون يورو موضحاً أن القانون المصري يسمح لوحدة غسل الأموال بالحصول علي أتعاب الوحدة في الحصول علي هذا المبلغ وذلك بالاتفاق مع الجانب الإيطالي للأتعاب.