أعلن وزير الدفاع الاسرائيلي الجديد القومي المتطرف أفيجدور ليبرمان مساء أمس الاثنين إثر مصادقة الكنيست على تعيينه في هذا المنصب تأييده قيام دولة فلسطينية وترحيبه ب"بعض العناصر الايجابية جدًا" في مبادرة السلام العربية، وذلك عقب تبنيه لسنوات طويلة خطابًا معاديًا للفلسطينيين. وصادق النواب على تعيين زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" وزيرًا للدفاع، والقيادية في حزبه صوفا لاندفير وزيرة للاستيعاب، بأكثرية بسيطة من 55 صوتًا (من أصل 120) مقابل 43 صوتا معارضًا وامتناع نائب واحد عن التصويت، بينما غاب بقية النواب عن الجلسة. وبعيد نيله ثقة الكنيست سعى وزير الدفاع الجديد الى طمأنة المتخوفين من نهجه المعادي للفلسطينيين، مؤكدًا في خطاب مقتضب تأييده حل النزاع الاسرائيلي-الفلسطيني على أساس مبدأ "دولتين لشعبين". كما وجه ليبرمان تحية إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، معتبرًا أن التصريح الذي أدلى به السيسي قبل أسبوعين كان "تصريحًا غاية في الأهمية أوجد فرصة حقيقية يتعين علينا اغتنامها وتلقفها". وكان السيسي قال في منتصف مايو أن الفلسطينيين والإسرائيليين أمام "فرصة حقيقية" لحل النزاع وأن السلام الدائم بينهما كفيل بتحسين العلاقات بين مصر وإسرائيل، مؤكدًا استعداد القاهرة "لبذل كل الجهود التي تساهم في ايجاد حل لهذه المشكلة". كما لفت ليبرمان في خطابه المقتضب إلى أن "مبادرة السلام العربية تتضمن بعض العناصر الايجابية جدًا لقيام حوار جدي جدًا مع كل جيراننا". أما رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي كان واقفًا إلى جانب ليبرمان فقال من جهته إن "مبادرة السلام العربية تتضمن عناصر ايجابية (...) نحن مستعدون لاجراء مفاوضات مع الدول العربية بغية تحديث هذه المبادرة بما يتوافق والتغيرات التي طرأت على المنطقة منذ 2002". وفي حين أشاد نتانياهو وليبرمان بمبادرة السلام التي أطلقها العرب في 2002 وأعادوا التأكيد عليها في 2007، لم يتطرق أي منهما إلى المبادرة الفرنسية الراهنة التي تحاول احياء العملية السلمية والتي تلقى رفضا اسرائيليا. وبعد أسبوعين من المفاوضات والمساومات تمكن نتانياهو من إدخال حزب "اسرائيل بيتنا" في الائتلاف الحكومي ليرفع عدد الأكثرية التي يملكها داخل البرلمان من 61 إلى 66 نائبًا من اصل 120. ويتسلم ليبرمان وزارة الدفاع مكان موشي يعالون الذي بات يعتبر في اسرائيل من الداعين إلى ضبط النفس في ردود الفعل على هجمات الفلسطينيين. وبانضمام ليبرمان، أصبحت هذه الحكومة بنظر المعلقين الأكثر ميلاً إلى اليمين في تاريخ اسرائيل. وواجهت مساعي نتانياهو في الأيام الأخيرة معارضة أحد مكونات ائتلافه، حزب البيت اليهودي القومي الديني بزعامة وزير التعليم نفتالي بينيت. وطالب بينيت بتعيين ملحق عسكري في الحكومة الأمنية التي تضم ثلث الوزراء والمخولة اتخاذ قرارات في المسائل الاستراتيجية الهامة مثل إعلان الحرب. وكان بينيت يسعى من خلال مطلبه هذا لضمان مشاركة الحكومة بكامل أعضائها في القرارات بدل أن تبقى حكرًا على البعض، كما حصل في الحرب على غزة عام 2014. وهدد البيت اليهودي في حال عدم تلبية مطلبه بالتصويت ضد تعيين ليبرمان في البرلمان (الكنيست)، ولو أدى ذلك إلى انتخابات تشريعية مبكرة إذ أن نتانياهو سيفقد الغالبية مع فقدانه أصوات نواب هذا الحزب الثمانية. ومع ان بعض المحللين يقولون إن مثل هذا التغيير ضروري، يرى آخرون أن مطلب بينيت مناورة سياسية قبل الانتخابات المقبلة المقررة في 2019 على أبعد تقدير. وأكد بيان الليكود أن نتانياهو توصل إلى تسوية مع بينيت في وقت متأخر من ليل الأحد، مشيرًا إلى أن "أزمة الائتلاف انتهت". وبموجب التسوية، فان مجلس الأمن القومي في إسرائيل سيقدم بانتظام مطالعات لوزراء الحكومة الأمنية المصغرة وبينهم وزراء حزب بينيت. ويبقى هذا الترتيب ساريًا لمدة انتقالية تقوم خلالها مجموعة خبراء بدرس سبل تحسين إجراءات المطالعة داخل السلطة التنفيذية في ما يتعلق بالمسائل الاستراتيجية. وأثار تعيين ليبرمان المعروف بخطابه المعادي للعرب ونزعته الشعبوية العدوانية، تساؤلات لدى الأسرة الدولية بشأن تشديد إسرائيل سياستها تجاه الفلسطينيين، في ظل أوضاع متوترة أساسًا. وتساءلت الولاياتالمتحدة، أقرب حلفاء اسرائيل، صراحة حول "الوجهة التي قد تتخذها" الحكومة الاسرائيلية. أما القيادة الفلسطينية في الضفة الغربيةالمحتلة، فرأت أن انضمام ليبرمان إلى الحكومة "ينذر بتهديدات حقيقية بعدم الاستقرار والتطرف في المنطقة". ومن جانبه، أكد المتحدث باسم حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة سامي أبو زهري في تعقيب على انضمام ليبرمان للحكومة، "كل قادة الاحتلال هم مجرمون وقتلة". وبحسب أبو زهري فان اختيار ليبرمان "يمثل مؤشرًا على ازدياد حالة العنصرية والتطرف لدى الاحتلال الاسرائيلي" داعيًا المجتمع الدولي الى تحمل مسؤولياته.