أتصور أننى متفائل بطبيعتى وأتصور أيضاً أن مصر لن تنكسر حتى وإن تعثرت أحياناً، وتقديرى أيضاً أن المملكة العربية السعودية - رغم ما حدث أخيراً - تتمتع بحماية من الله سبحانه وتعالى وبتماسك شعبها ووحدة عنصره - ولكننى رغم تفاؤلى - كما قدمت - أحس بأن المخاطر التى تحيط بالعالم العربى- الذى كنا نسميه فى الأيام الخوالى الوطن العربى - عاتية ومدمرة. هذه المخاطر جعلت من العراق- البلد صاحب الحضارة القديمة والذى يمتلك ثروات طبيعية وبشرية يندر وجودها لدى بلاد كثيرة – هذا العراق الغالى العزيز أصبح شراذم متناثرة للأسف الشديد. هذا يقول أنا شيعى وذاك يقول وأنا سنى وثالث يقول أنا كردى ويوشك العراق العزيز أن يضيع بين كل هذه الترهات التى لا أساس لها من دين ولا من قومية. وإذا تركنا بلاد النهرين – العراق – واتجهنا قليلاً نحو الغرب فإننا سنجد سوريا التى يمزقها الصراع بين نظام يرى أنه على الحق ويمسك بالسلطة إلى آخر نفس وآخر قطرة دم فى الشعب السورى الذى بدوره تمزقه نوازع طائفية دينية وقبلية وأوهام أخرى. سوريا هذه التى مازلت أذكر، وقد جرى على ذلك عدة عقود وأنا هناك فى زيارة من الزيارات أقف على قمة جبل «قاسيون» وأنظر إلى السهول والوديان التى توشك أن تكون جنة من جنات الأرض. أين هذا كله من هذا الجحيم الذى يعانيه الشعب السورى الذى أصبح مجموعة من المشردين النازحين عن أوطانهم إلى حيث لا مأوى ولا استقرار. الشعب السورى أصبح مجاميع من اللاجئين والمشردين وأوشك أن أقول والبعض منهم أصبح للأسف المرّ أقرب إلى العبيد والعياذ بالله. إلى المدى الذى قال بان كى مون الأمين العام للأمم المتحدة إن الشعب السورى وهو يخوض غمار السنة الخامسة من الحرب الأهلية قد وصلت أموره إلى مستويات من الموت والدمار تصدم الضمير العالمى. أ هذا يمكن أن يقال عن هذا الشعب العظيم: الشعب السورى العربى الأصيل المقدام....!! وهل بعد ذلك أستطيع أن أتحدث عن اليمن وما يجرى فيه بين حوثيين وغير حوثيين وبين أنصار ما يقال له على عبدالله صالح وبين أنصار عبدربه منصور هادى، رئيس الجمهورية الشرعى، الذى تعترف به الغالبية – وهل أستطيع أن أتحدث عن ليبيا التى كانت فى يوم من الأيام دولة من أغنى الدول فى المنطقة – ليبيا هذه أصبحت أثراً بعد عين وتقوقعت فى منطقة أقصى الشرق اسمها طبرق وكما قال البعض، كنت أظن أنه لا يوجد نظام أسوأ من نظام القذافى حتى جاء هذا النظام الذى هو أسوأ من أى نظام فى أى دولة. أليس هذا هو الحال بغير مبالغة ولا إسراف. وألا يدعونا هذا الحال إلى أن نتساءل هل لهذا الليل من آخر...؟ وقبل هذا التساؤل عن الأمل فى أن يكون لليل آخر نتساءل عن أسبابه. هناك أسباب داخلية وهناك أيضاً وهذا هو الأهم والأخطر أسباب خارجية. وتأتى هذه المخاطر أيضاً من الشمال، حيث تركيا التى تأوى التنظيم الدولى للإخوان المسلمين، متحالفة فى ذلك مع أموال إمارة من إمارات الخليج – هى بحكم وضعها قاعدة عسكرية أمريكية – وهكذا يجرى المخطط من الشرق والشمال والجنوب، أما من أقصى الغرب فمازالت الولاياتالمتحدةالأمريكية أو بالأدق بعض أجهزتها المتعددة والتى تتحالف معنوياً مع الكيان الصهيونى الذى يعيش فى قلب الوطن العربى – ما زالت أمريكا وربيبتها إسرائيل تسعيان وراء مخطط «الشرق الأوسط الجديد» الذى هو امتداد لسياسة «سايكس بيكو» مع قسوة وعنف فى التخطيط والتفتيت. وهذا هو الخطر الأعظم الذى تتعرض له الأمة العربية. فهل آن الأوان لنا جميعاً كأمة عربية أن نفيق وأن ندرك هذه المخاطر. تقديرى أن شيئاً من ذلك قد بدأ ولكنه يجب أن يستمر وأن يتنامى وأن يأخذ أبعاداً متناسبة مع حجم هذه المخاطر التى تحدثت عنها. قد تكون القوة العربية المشتركة بداية حقيقية لإدراك هذه المخاطر ولكن الأمر يحتاج إلى تصميم أكثر وتفعيل أكثر وإلى استثارة كل مكونات الأمة العربية. سيحفظ الله مصر وأمتها العربية بإذن الله. والله المستعان.