أكد خبراء ومحللون أن الاكتتابات التي تشهدها أو تنتظرها البورصة المصرية أصابت السوق بحالة ترقب شديدة، حيث عمد كثير من المستثمرين إلى تأجيل قراراتهم الشرائية انتظاراً للمشاركة في هذه الطروحات. وفقا لما ذكرته العربية نت وتوقع المحللون في حديثهم مع "العربية.نت" أن يصل إجمالي الطروحات الجديدة ما يقرب من 5 مليارات جنيه، الأمر الذي سيشكل حافزاً مهماً للسوق ويسهم في توجه المؤشر الرئيس نحو تخطي حاجز 7800 نقطة قبل نهاية العام الحالي، نتيجة ضخ سيولة جديدة بالسوق. حالة نفسية وسادت حالة من الترقب أوساط المتعاملين بالبورصة على مدار الأيام الماضية، عقب إعلان شركة عامر جروب بيع جزء من أسهمها من خلال طرح عام أولي في البورصة خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، وسط أنباء عن طروحات أخرى تشهدها البورصة خلال الفترة المقبلة تتعلق بطرح 20% من أسهم شركة "منا القابضة"، التي تتبع المجموعة الدولية للمشاريع القابضة الكويتية، و15% من أسهم بنك الإسكندرية. من جانبه، أكد خبير أسواق المال مصطفى الأشقر أن قيد أسهم جديدة بالبورصة المصرية يدفع قيمة التداولات إلى الارتفاع بنسبة 50%، ما يدعم الحالة النفسية للمتعاملين. ولفت إلى أن أغلب المتعاملين سواء الأجانب أو العرب أصابتهم حالة من الملل على الأسهم التي يتم التداول عليها، مؤكداً أن السوق كانت بحاجة إلى عمليات قيد جديدة من أجل انتعاش قيمة التداولات التي تراجعت خلال الفترة الماضية لقيمة متدنية وصلت 250 مليون جنيه، باستثناء شهري سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، والتي تخطت في معظم الوقت قيمة التداولات نحو مليار جنيه. وأوضح الأشقر أن قيد مجموعة عامر جروب بالبورصة يجعلها ضمن الخمس شركات الأكبر وزناً، نظراً لقوة الشركة من حيث رأس المال والتداول على السهم؛ موضحاً أن هذا الطرح يعتبر الأكبر الذي تشهده البورصة المصرية مقارنة بالطروحات السابقة (يبلغ رأسمال عامر جروب القابضة 195.570 مليون جنيه موزعاً على 1.629 مليار سهم بقيمة اسمية 12 قرشاً للسهم). ويرى رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة الهلال السعودي سعيد هلال أن عمليات الطروحات القادمة بالبورصة المصرية تدفع المتعاملين إلى الابتعاد عن الأسهم الكبرى التي أصبحت تمر بأزمات قاتلة مثل سهم أورسكوم تليكوم. وأضاف: "المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية كان متوقعاً له تخطي حاجز 7 آلاف نقطة، لكن أبى ذلك نظراً لتضارب الأنباء حول صفقة ويدز وفليمبكوم الروسية التي عصفت بقيمة السهم وأوصلته إلى أدنى سعر منذ تجزئته وهو 4.32 جنيه". وأشار هلال إلى أن الطروحات القادمة تعزز من استقرار السوق نظراً لأن هذه الأسهم سيكون سعرها في متناول صغار المستثمرين ومنها سهم عامر جروب الذي سيكون ما بين 2.5 إلى 3.5 جنيه، وهو سعر في متناول جميع المستثمرين الأفراد الذين يمثلون نحو 70% من المتعاملين بالبورصة. وتوقع هلال أن تخرج هذه الطروحات البورصة المصرية من كبوتها التي أصابتها على مدار ثلاثة أشهر وأفقدتها توازنها والسير في الاتجاه العرضي. وعلى صعيد قطاعي الإسكان والسياحة، أكد هلال أن شركة "عامر جروب" سوف تدفع هذين القطاعين إلى تحقيق أرقام لم يسجلاها من قبل، نظراً للإقبال الكبير على الاكتتاب في السهم، بالإضافة إلى ارتفاع قيمة التداولات بنسبة تبلغ أكثر 50%. بدوره، أكد محمد نور الدين مستثمر بالبورصة المصرية إنه خسر ما يقرب من 70% من قيمة محفظته النقدية بسبب الاضطرابات التي ضربت البورصة المصرية خلال الربع الثالث من هذا العام، ومنها تضارب الأنباء حول صفقة أوراسكوم تيليكوم، موضحاً أن صفقة جيزي كان لها أثر سيئ على مؤشرات البورصة المصرية. وأضاف: "هذه الصفقات أدت إلى سير المؤشر الرئيسي للبورصة في اتجاه عرضي بين 6700 و6900 نقطة، ما أصاب الكثير من المتعاملين بحالة من القلق أفقدهم توازنهم نتيجة للخسائر المتتالية". وأيده في الرأي محسن الشيمي مستثمر حيث قال: "الفترة الماضية كانت أكبر فترة عصيبة على المتعاملين بالسوق بسبب حالة التشاؤم التي سيطرت عليهم نتيجة تراجع الأسهم بشكل حاد، وارتفاعها بشكل طفيف يغلب عليها البيع العشوائي بصورة مكثفة". وعن الطروحات القادمة، أوضح أن السوق في حالة تعطش إليها، حيث إنها تساعد على تعويض المتعاملين جزءاً من خسائرهم وجذب متعاملين جدد ورفع قيمة تداولات البورصة، مشيراً إلى أن إعلان البورصة عن طروح جديدة أدى إلى حالة من الانتعاش داخل السوق خاصة الأسهم الصغيرة. بضاعة جاذبةإلى ذلك، أوضح أحمد سعيد محلل مالي أن عمليات الطرح المنتظرة تمثل نوعاً من البضاعة الجديدة الجاذبة للمستثمرين ومن ثم سوف تشهد السوق انتعاشة كبرى مع بدء عمليات الطرح، الأمر الذي من شأنه أن يعيد البريق الاستثماري للبورصة المصرية في المرحلة المقبلة. وأضاف: "السوق افتقدت الطروحات الكبرى منذ شهور طويلة، وبالتالي ظل المتعاملون يدورون في نفس الحلقة ويتعاملون على نفس الأوراق المحدودة، ومن ثم فإن دخول ثلاثة أسهم كبرى للتداول في قطاعات جاذبة مثل القطاع المصرفي والقطاع العقاري من شأنه أن يؤدي إلى دخول رأس مال جديدة". وأكد أن هذه الطروحات من شأنها أن تبعث برسالة إلى المستثمرين العرب والأجانب عن البورصة المصرية ومضمونها أن السوق المصرية لا تزال تحتفظ بحيويتها وديناميكيتها، كذلك رسالة حول الاستقرار الذي تتمتع به سوق المال، وأن أية عوامل خارجية أخرى لا تؤثر كثيراً في مسارها وتوجهاتها المستقبلية نحو مزيد من النضج وكبر الحجم والتأثير على بنية الاقتصاد الكلي. وأوضح أن هذه الطروحات تأتي مع بدء تأسيس وإطلاق صناديق متخصصة في الاستثمار العقاري، الأمر الذي يمكن معه دخول هذه الصناديق مشترية لسهمي "عامر جروب" و"منا القابضة" بما يؤمن قاعدة جديدة ومحترفة من حملة الأسهم تحول دون حدوث مضاربات عليها، خاصة خلال الفترة الأولى لعملية التداول، وهو السيناريو الذي تكرر كثيراً في عمليات طرح سابقة كان أشهرها عمليتي طرح أسهم "المصرية للاتصالات" ومجموعة "طلعت مصطفى" القابضة والتي تسببت في خسائر ضخمة لصغار المستثمرين وقتها. يشار إلى أن الحكومة المصرية تدرس حسب تصريحات صحفية طرح حصة من الأسهم التي تملكها من رأسمال بنك الإسكندرية البالغ 15% في البورصة خلال الفترة القادمة على مرحلتين، تشمل المرحلة الأولى 10% والثانية 5%، بدلاً من الاتجاه القديم الذي كان يقضي بطرح كامل كمية الأسهم مرة واحدة، ومن المنتظر طرح الحصة الأولى البالغة 10% خلال النصف الأول من العام القادم.