عام كامل شهده القطاع المصرفي في ظل حكم الاخوان المسلمين عقب تولي الرئيس السابق محمد مرسي حكم البلاد بدءا من 1 يوليو 2012، ولم تتواني البنوك عن دعم الاقتصاد المحلي عبر الاستمرار في سد عجز الموازنة مع عدم قدرة الحكومة علي الاقتراض الخارجي وتوفير الفجوة التمويلية المطلوبة والمُقدرة ب 14.5 مليار دولار، فضلاً عن تقديم التمويل اللازم للمشروعات الاستثمارية الجادة والتوسع في تمويل الأفراد متحملة المخاطر التي تواجه السوق مما يؤكد ان البنوك اجتازت هذا العام بنجاح. رصدت "أموال الغد" حال القطاع المصرفي "التحديات والفرص" خلال عام تحت حكم الرئيس محمد مرسي ، قبل الاطاحة به عقب التظاهرات الحاشدة التي دعت اليها القوي السياسية المعارضة بالميادين علي مستوي الجمهورية فيما اطلق عليه بيوم "التمرد"، ليمثل القطاع أحد الأعمدة الرئيسية للاقتصاد في مواجهة الاضطرابات السياسية وعدم الاستقرار الأمني الذي كان له بالغ الأثر على كافة النواحي الاقتصادية للبلاد. وعلى الرغم من الدور الذي قام به الجهاز المصرفي علي مدار العام المالي المنتهي في 30 يونيو 2013 لسد عجز الموازنة في ظل تراجع إيرادات الدولة مع ارتفاع حجم الانفاق الذي زاد من العجز ليصل الى 205 مليار جنيه خلال 11 شهرًا، فضلاً عن عدم حصول مصر علي كافة القروض والمنح التي استهدفتها خلال تلك الفترة والمُقدره ب 14.5 مليار دولار، إلا أنه لم يتلق الدعم المتوقع من قبل القائمين علي إدارة الدولة في ظل وجود عدد من القرارات التي أثرت علي عمل القطاع سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. ولعل إقرار الرئيس السابق لقانون الضرائب على الدخل رقم 11 لسنة 2013 وما تضمنه من بنود معدلة تتعلق بالضريبة على مخصصات البنوك، مَثل أزمة واجهت أروقة القطاع المصرفي خلال فترة من الوقت حتي استطاع هشام رامز محافظ البنك المركزي أن يتوصل مع وزارة المالية الي صيغة ملائمة تضمن انتهاء المشكلة، عن طريق اعتماد البنك المركزي ومراجعته للمخصصات لتتمتع بالاعفاء من ضريبة المخصصات، عقب التأكد من عدم المبالغة فيها، وتوافقها مع المعايير المصرفية وضوابط البنك المركزي. وزادت أوجاع القطاع المصرفي بارتفاع مخاطر السوق، وتدني الجدارة الائتمانية للمقترضين، وحالة الخوف التي انتابت بعض المودعين، وتراجع فرص الإقراض مع حالة الترقب من قبل المستثمرين، وانخفاض الاحتياطي النقدي، وتأثير ذلك علي السيولة الاجنبية بالبلاد، ليرتفع الدولار متجاوزًا ال 7 جنيهات خلال مايو الماضي اضافة الي عودة السوق السوداء للظهور مرة اخرى ليصل السعر بها الي 8 جنيهات خلال ابريل الماضي الا ان اجراءات البنك المركزي وضخ سيولة أجنبية عن طريق عطاءين غير دوريين بلغت قيمتهما 1.4 مليار دولار موزعة الى عطاء بقيمة 600 مليون دولار منتصف ابريل واخر بقيمة 800 مليون دولار اواخر مايو الماضي ساهمت في التحكم بسعر العملة ليصل متوسط السعر الي 7.40 جنيه. كما واجهة البنوك تحديا آخر تمثل في خفض التصنيف الائتماني لها علي مدار العام المالي السابق من قبل المؤسسات الدولية للتصنيف الائتماني لتشهد اكبر البنوك العاملة بالقطاع خفض التصنيف ليصل الي CCC+ للقروض طويلة الأجل لكل من بنوك الاهلي ومصر والتجاري الدولي CIB اضافة الي المستوي C على مستوى القروض قصيرة الاجل، بينما شهدت الدولة المستوي B- وفقا لمؤسسة فيتش وCAA1 وفقا لمؤسسة موديز وتصنيف مؤسسة ستاندرد اند بورز عند +CCC. وبالرغم من تلك التحديات التي واجهها القطاع المصرفي إلا أنه حقق نموًا بكافة المجالات مرورًا بالمركز المالي الاجمالي للبنوك بخلاف البنك المركزي الذي ارتفع بنسبة 12.1%، وارصدة التسهيلات الائتمانية الممنوحة من البنوك التي سجلت نموًا بنسبة 5.9%، إضافة الى ارتفاع الودائع بنحو 11.8%، كما استمر الجهاز المصرفي في دعمه لسد عجز الموازنة لترتفع استثمارات البنوك بأذون الخزانة بنحو 21.4 مليار جنيه بنسبة 8.3% خلال التسعة أشهر الاولي من العام المالي المنتهي في 30 يونيو 2013. الجدول التالي يوضح بعض المؤشرات المصرفية خلال ال 9 أشهر الاولى من العام المالي 12-2013 (القيمة بالمليار جنيه) البند القيمة قيمة التغيير نسبة التغيير% السيولة المحلية 1236 142.5 13 المركز المالي الاجمالي للبنوك (بخلاف البنك المركزي) 1531.9 165.7 12.1 ارصدة التسهيلات الائتمانية الممنوحة من البنوك 536.7 30 5.9 الودائع (بخلاف البنك المركزي) 1147 121.1 11.8 استثمارات البنوك بأذون الخزانة 278.4 21.4 8.3 اصول القطاع المصرفي 1531 165.7 12.1 حجم المخصصات 60.6 6.5 12 المصدر: الاحصائيات الشهرية للبنك المركزي الجدول التالي يوضح حجم الدين المستحق على الدولة خلال النصف الأول من العام المالي المنتهي في يونيو 2013 البند القيمة قيمة التغيير نسبة التغيير % الدين العام المحلي (القيمة بالمليار جنيه) 1380 141.9 11.5 الدين الخارجي (القيمة بالمليار دولار) 38.8 4.4 12.9 سجل نصيب الفرد من الدين المحلي والخارجي ما يزيد على 18 ألف جنيه بنهاية ديسمبر 2012 وفقًا لمتوسط سعر صرف الدولار مقابل الجنيه بنهاية ديسمبر 2012 البالغ 6.20 جنيهًا، والتعداد السكاني خلال نفس الفترة المصدر: بيانات البنك المركزي من جانبه قال السيد القصير، رئيس بنك التنمية الصناعية والعمال، إن القطاع المصرفي حقق نتائج اعمال جيدة خلال العام المالي الماضي رغم الصراعات السياسية التي عانت منها مصر بين الاحزاب السياسية والقوي المختلفة والاحتجاجات الفئوية التي صاحبها ركود اقتصادي حيث ضعف معدلات الانتاج والتصدير وتوقف حركتي السياحة والاستثمارات. وأكد القصير أن القطاع المصرفي حقق نموًا في حجم التمويلات بالرغم من ارتفاع مخاطر التشغيل في ظل عدم استقرار الانتاج للمشروعات بمختلف انشطتها مع غياب عنصر الامن وانتشار المظاهرات والاحتجاجات الفئوية التي ساهمت في تعطيل عجلة الانتاج الامر الذي اثر علي حجم التدفقات النقدية للعملاء مما رفع من حجم المخاطر التشغيلية المحيطة بالعمليات التمويلية المختلفة. وأضاف أن القرارات التي اتخذتها الحكومة خلال فترة تولي الاخوان والتي من شأنها التأثير على القطاع المصرفي بالسلب سواء بشكل مباشر مثل قوانين ضرائب المخصصات وفرض ضرائب على القروض والتسهيلات الائتمانية او بشكل غير مباشر مثل قرار حظر دخول اكثر من 10 الاف دولار لم يظهر تأثيرها بشكل كبير علي القطاع بفضل السياسة النقدية الحكيمة التي يقودها البنك المركزي تحت قيادة هشام رامز. ومن ناحيته قال أحمد المصري، الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لاحدي شركات بنوك الاستثمار، أن الاحداث السياسية المضطربة التي عاشتها الدولة المصرية منذ تولي محمد مرسي رئاسة الجمهورية خلال يوليو 2012 اثرت بشكل كبير علي حركة الاقتصاد المصري فقد صاحب حالة الانفلات الأمني ضعف معدلات السياحة وموارد الدولة من النقد الاجنبي الامر الذي اثر على حجم الاحتياطي النقدي الأجنبي للبلاد ليسجل 16 مليار دولار بنهاية مايو 2013. وأضاف أن تأثير الأحداث غير المستقرة امتد الي القطاع المصرفي في ظل تراجع الطلب علي القروض نظرًا لتوقف التوسعات من قبل المشروعات القائمة فضلاً عن ترقب المستثمرين الجدد للسوق المصرية، لافتًا الى أن نسبة الزيادة في التمويلات الممنوحة من القطاع للعملاء سجلت 5% فقط خلال العام المالي السابق مقارنة ب 11-2012. وأرجع المصري تخارج العديد من الاستثمارات الاجنبية من أذون الخزانة وأسهم البورصة والاستثمارات المباشرة الي القرارات التي اتخذتها الحكومة، من مراجعة عقود تم توقيعها مع مستثمرين أو عودة شركات القطاع الخاص الى القطاع العام مرة اخرى وزيادة الضرائب على الشركات من خلال اصدار قانون يقضي بتوحيد ضريبة الدخل لجميع الشركات المساهمة والعاملة في مصر بنسبة 25%. وأوضح أن هذا التخارج دفع البنك المركزي الى سحب الكثير من الاحتياطي النقدي للبلاد للوفاء باحتياجات هؤلاء المستثمرين في ظل قلة موارد الدولة من العملة الاجنبية وهو ما دفع الاحتياطي للتراجع بشكل كبير فضلًا عن تأثير ذلك علي سعر العملة الصعبة وزيادتها وبالتالي تأثر حركة التجارة والاستيراد التي تعتمد عليها الدولة بشكل كبير في توفير السلع الاساسية مما ادي الي رفع اسعارها. ولفت الى وجود العديد من المشروعات التي كان من المقرر طرحها بالشراكة بين القطاع الخاص والعام خلال العام المالي السابق بقيمة تصل الي 50 مليار جنيه الا ان عدم استقرار الاوضاع حال دون تنفيذها، مشيرًا الي أن اضطراب الاوضاع جعل البنوك اكثر حرصًا عند منح التمويلات. وأوضح أن أزمات الطاقة التي تعاني منها الدولة والتوقعات بغلاء أسعار المواد البترولية والغاز والكهرباء نتيجة رفع الدعم عليهما في اطار البرنامج الاصلاحي الاقتصادي للدولة جعل من تمويل الشركات كثيفة استخدام الطاقة به شيء من الصعوبة. ونوه بأن البنوك على استعداد تام لتمويل المشروعات ذات الجدوي الاقتصادية بمجرد عودة نمو الاقتصاد المصري مرة أخري، مشيرا الى ان الجهاز المصرفي ينتظر طرح الحكومة الجديدة للمشروعات الكبري خلال الفترة المقبلة لمساهمة البنوك في تمويلها مشيرًا الي أن الحكومة السابقة كانت تستهدف طرح 3 مشروعات كبري بقطاعات العقارات والاغذية والكيماويات. وقال حازم حجازي، رئيس قطاع التجزئة المصرفية والفروع بالبنك الاهلي المصري، أن العام المالي المنتهي في 30 يونيو الماضي شهد تحسنًا في مجال التجزئة المصرفية فعلي صعيد مصرفه سجل اجمالي المنح الجديد لعملاء القطاع نحو 2.6 مليار جنيه حتي نهاية مايو الامر الذي يعكس التوسع في مجال التجزئة المصرفية. وأكد حجازي أن ما مرت به البلاد علي مدار العامين الماضيين من احتجاجات فئوية ومظاهرات عمالية ساهمت في تثبيت العديد من العمالة المؤقته الي جانب ارتفاع الرواتب في عدد من القطاعات مما جاء في مصلحة التجزئة المصرفية حيث شجع البنوك للعمل علي ابتكار منتجات تتناسب مع الوضع الراهن سواء من ودائع أو شهادات ادخارية او منتجات تمويلية. وأشار الي أن عدد الافراد المتعاملين مع القطاع المصرفي يصل الي 10 ملايين شخص بينما يصل حجم القوي العاملة الي 25 مليون مما يعني أن هناك 15 مليون شخص يمثلون عملاء مستهدفين للبنوك الامر الذي يؤكد علي وجود فرص جيدة لنمو القطاع المصرفي بمجال التجزئة المصرفية. وأوضح أن دخول بنوك عربية الي السوق المصرية عن طريق الاستحواذ علي بنوك قائمة يأتي للاستفادة من الفرص التي يتمتع بها القطاع سواء علي مستوي ائتمان الشركات او التجزئة المصرفية، مؤكدًا أن النمو الذي شهده القطاع المصرفي علي مستوي التجزئة المصرفية جاء أفضل من المتوقع في ظل الظروف التي مرت بها البلاد من عدم استقرار سياسي وأمني. وأضاف أن مصرفه يعمل خلال الفترة الراهنة علي اجتذاب شرائح جديدة من العملاء غير المتعاملين مع الجهاز المصرفي عن طريق خدمة تحويل الاموال عبر المحمول والتي تتيح تحويل الاموال لغير عملاء البنك باجراءات مبسطة الي حد كبير الامر الذي سيسهم في جذب اموالهم اشخاص غير متعاملين مع الجهاز المصرفي. ومن جانبه قال محمد مشهور، رئيس قطاع التجزئة المصرفية ببنك القاهرة والتمويل متناهي الصغر، أن الاوضاع التي مرت بها البلاد خلال العامين الماضيين مثلت عائقًا امام عدد من البنوك نتيجة اتخاذ سياسات حذرة من قبل إدارات بعض البنوك في منح الائتمان، بينما اعتمد بنك القاهرة علي استراتيجية قائمة علي التوسع بكافة المجالات في اوقات الازمات خاصة انها تمثل فرصة للبنك في ظل ترقب عدد من المصارف الاخري التي تنتهج سياسات تحفظية مما ساهم في ارتفاع حجم محفظة القروض الممنوحة لعملائه . وأكد أن قطاع المشروعات متناهية الصغر تأثر بحالة الانفلات الامني والسياسي التي انتابت الشارع المصري الامر الذي نتج عنه عدم انتظام في السداد ببعض الانشطة إلا أن هذا الامر لم يتعدي النسب الآمنه الامر الذي جعل البنك يسير في النهج التوسعي.