أزمة حقيقية طاحنة تعيشها مصرنا الحبيبة في وقتنا الحالي، وقد أصابت معظم البلدان وإنتشرت فى المجتمع كإنتشار الأمراض الفتاكة القاتلة … وقد تختلف الأراء ولا تتوحد حول هذه الأزمات التى يعيشها المجتمع المصرى وخاصة في الفترة الأخيرة ؛ هل هى أزمات سياسية أو أزمات إقتصادية او أزمات فكرية ؟ . هل هي أزمات عجز في الموارد والسلع الغذائية ؟ الا أننى أختلف من وجهة نظرى عن تلك الأراء : وأجزم بأن أزماتنا الحالية بكل أنواعها وبمختلف أشكالها ما هى الا أزمة ضمير وأخلاق ؛ وهذه الأزمة تفرعت منها كل الأزمات بمختلف أنواعها ؛ وتسببت فى إنتشار سلوكيات سيئة خبيثة والتى أصبحت ظواهر مجتمعية ثابتة ومألوفة للجميع من فساد وسرقة المال العام ورشوة واحتكار وغش وخمول وكسل وجمود للفكر وجهل وفقر ؛ إلخ . هل مات الضمير الحى وإنهارت الأخلاق ؟ فى ظل هذه الشوائب السلوكية التى أصبحت من سمات المواطن ماذا نقول في الذين يذبحون الحمير لتكون طعامهم بدلا من حمل أثقالهم ! ماذا نقول في الذين يتاجرون في الدجاج الميت الذى يحمل الأمراض إلى مجتمعاتهم كي تمتلئ بالجشع جيوبهم على حساب صحة الأخرين !! ماذا نقول في الذين يمتهنون مهنة قوادة تجارية لم يسبقهم إليها أحد في العالمين عندما يحولون العملات الورقية إلى سلع تباع وتشترى وهي التي بها نبيع ونشتري ..! ! ماذا نقول في الذين يتسابقون ويتنافسون في الاحتكار ويتهامسون كالفجار فيمنعون السلع عن مجتمعاتهم حتى يعطشوا بها الأسواق لترتفع أثمانها أضعاف أضعاف قيمتها ثم يحلبون المجتمع بابتزاز حاجته ..!! ماذا نقول في الذين يتعاملون بالحرام من أجل المزيد من المال باحتكار السلع وإن سقط المجتمع في الجوع بدلا من ان يكونوا عونا للناس في أزمات تمر بهم في وقت ضيق أوطانهم ..!! رخص اخلاقي مروع يجتاح البلاد والعباد ، خلف منابر يعتليها شيوخ بألسنه طوال في الجمع وبين الصلوات الخمس في المساجد والكنائس والبِيع ..!! حتى الذين يتحدثون عن الأخلاق الإنسانية النبيلة ؛ قد تجدهم لا يملكون منها شيئا" على أرض الواقع ؛ كوعظ خطباء فوق المنابر عن الاخلاق والتقوى ؛ وقد لا تجد لهذه الفضائل أثرا" على سلوكياتهم مع الأخرين ؛ ولا الذين يداومون على المساجد مسرعين لأداء الصلوات ؛ فإذا إنقضت الصلاة ‘ سرعان ما يهرعون إلى إستئناف مسلسلهم اليومى الشهير من غش وتسرب من العمل او عدم إتقانه. وموت الضمير أو إنعدامه يظهر فى كل شىء . بين البائع والمشترى ؛ بين المعلم وطلابه ؛ بين الزوج وزوجته ؛ بين الطبيب ومريضه ؛ بين الإعلام وجمهوره ؛ بين المسئول والمواطن .إلخ . فلا عجب عندما نرى إعلام فاشل يحمل فى طياته كل السموم القاتلة والأفكار المدمرة والأكاذيب الخادعة ؛ أو نرى تاجر يغش فى سلعته للأخرين ؛ او نجد جزارا يبيع لحم الحمير على انها لحم ابقار سليمة ،أو نجد صفقات بزنس بين الأطباء ومعامل التحاليل لمص دم المرضى ؛ أو نجد معلم يلهث وراء جيوب الطلاب الفارغة ؛ أو نجد مهندس يقودنا للموت تحت الأنقاض ، او سائق قطار مستهتر أو متهور يكون سببا في حصد مئات الأرواح من البشر بدون وجه حق ….. الخ الفساد كثير ومتفشى ولا نستطيع ذكره كاملا . لا نستطيع أن نتعرف على هذا المنحدر إلا بإطلاله على قدس أقداس الحياة .. الشعب الذى يسكن جنة الأرض ويستحق أن يبقى فيها لنرى جنته ونحن نعيش بجهنم الشرق التعيس لعلنا ننجو من هذا الجحيم بموضة تعلم عابره ..! كيف تتصرف الشعوب العظيمة التي تعلو فوق القمم إيان ازماتها …؟ كيف يتحول الفرد إلى شعب ويتصرف الواحد كأسرة وتمضى الأسرة كمجتمع ..؟ كيف تسيطر مشاعر التضامن الاجتماعي بشكل عملي بدون صياح المساجد أو الكنائس خلف خطاب باهت يكرر من سطور التراث ما أمات حس الجماهير خلف فشل الحكومات المتتابعة وضمور وعي الشعوب المسكونة بهذا العته .؟ تعالوا إلى هناك .. إلى اليابان في برها وودها وجنتها التي صنعتها على الأرض كي نتعلم سطرا عمليا من وفاء ..! كيف تنهض الأوطان وترفع من وسط الغبار راسها ليكتب على جبينها القضاء والقدر أن المجد لها والحياة لها والآخرة لها والتفوق لا يمكن أن يفارقها … ؟ بينما نرزح نحن بسلوكياتنا أسفل الحضيض وإليه نعتذر .؟ في مارس 2011 م ضرب زلزال هائل شمال شرق اليابان بدرجة 8.9 بمقياس ريختر وأعقبه موجات تسونامي جرفت كل ما بطريقها من البلاد والعباد وخلفت وراءها كارثة مروعة بشريه وعمرانية ونووية لم يشهد العالم مثلها وتبقى الوقائع المصورة أبلغ في تصوير المشهد المرع من آلاف السطور التي تجيد نقل الوقائع المرعبة التي حدثت في هذه المنطقة المنكوبة من العالم ..! اجتمع الكثير من الباحثين في علوم الاجتماع لدراسة سلوك الجماهير اليابانية حيال ما وقع في بلادهم من أزمات حول هذه الكارثة وبدأ الحديث عن سلوكيات الشعب الياباني وروح الجماعة التي غلبت في هذه الكارثة على الروح الفردية والمصالح الشخصية …!! ليلخص معظمها في نقاط سفير دولة ما لدى اليابان وقد سردها في سطور توضح ما عليه أهل الجنة في مقابل ما يفعله أهل النار في بلادنا الشرقية اليوم .. ! ( أقصد جنة الأرض ونارها ) يقول السفير في ملاحظاته التي راقبت سلوك الشعب الياباني اثناء الكارثة التي ضربت البلاد وقد أجمع عليها العالم وهو يشاهد تصرف هذا الشعب العظيم مبهورا ومذهولا ..!! ( لا منظر للنواح أو الصراخ أو ضرب الصدر، الحزن بحد ذاته يسمو. الناس اشتروا فقط ما يحتاجونه للحاضر، حتى يستطيع الجميع الحصول على ما يحتاجونه…! لا فوضى في المحال .. و لا استيلاء على الطرق .. ولا تجمهر، فقط التفهم…! المطاعم خفضت أسعارها .. الفنادق والشقق .. كل شيء وكل مكان أصبح أرخص مما هو عليه قبل الزلزال ..! أجهزة الصرف الآلي تُرِكَت على حالها.. القوي اهتم بالضعيف…! أظهروا تحكمًا رائعًا .. لا مذيعين تافهين .. ولا إثارة ، فقط تقارير هادئة…! عندما انقطعت الكهرباء في المحال أعاد الناس ما بأيديهم إلى الرفوف و مشوا بهدوء!! في حين أن المذهل أن أعمال السرقة والنهب لم يكن لها وجود في اليابان على الرغم من حالة الارتباك العارمة وغياب القانون وانشغال الشرطة في عمليات الإنقاذ، في حين أن البعض قال أنه لم يتم تسجيل حالة سرقة واحدة في هذه الكارثة !! شركات العصير قامت بتوزيع العصير مجانا ً على الناس، وشركات الهاتف قامت بزيادة عدد نقاط توصيل الانترنت والانترنت اللاسلكي واي فاي لتسهيل التواصل، كما قامت شركة مواد غذائية بتوزيع مليون علبة من الشعرية والشوربة المعلبة مجانا ً، والجميع يحاول تقديم المساعدة بأفضل طريقة ممكنة…) هنا لا نملك إلا الصمت خلف حسرتنا ونحن نرى شعوب الشرق الإسلامي وقد تحولوا إلى تجار أزمات وحروب يحتكرون السلع ويلعبون بأقوات الناس بعدما غاب ضميرهم وحين تقترب من بعضهم يشجيك ببعض الآيات والسور في منظومة نفاق ومزج بين سلوك منكر وسطور منطوقه من الفضائل التي لا مكان لها غير الغياب بتلافيف الهواء في سعه هذا الفضاء ..! الحقيقة لا نعاني من أزمات أقتصادية ، ولا سياسية ، ولا اجتماعية … نحن نعاني من أزمة ضمير كل يوم في بيئات النفاق تزدهر وتكبر بظل غياب القانون الذى يحسم ويردع …! كنت وقد فكرت كثيرا" في إعتزال الكتابة " لحالة يأس أصابتني وألمت بي وشعوري بالاحباط من مقالات تكاد تكون " حبر علي ورق " ، تخاطب بها شياطين من بنى الانس ، قست قلوبهم ، فهى كالحجارة ، بل أشد قسوة ….. نعم فكرت جديا" في اعتزال الكتابة ، لكن القلم لم يطاوعني _ لان القلم يلازمني منذ صغري ، وأحترف الكتابة منذ طفولتي … ولا أظن أن اعتزالى الكتابة سيشعر به أحد ، لأنني لست من رموز الكتابة المعروفين والبارزين في المجتمع ..فأنا كاتب بسيط أحاول تقديم رسالة لخدمة وطني الغالي .. لك الله يا وطني … لك الله يا وطني … للك الله يا وطني