شركة هيونداي للسيارات.. تعرف على أفضل أنواعها    4 أحداث هامة تترقبها أسواق الذهب خلال هذا الأسبوع    ثروت الزيني: نصيب الفرد من البروتين 100 بيضة و 12 كيلو دواجن و 17 كيلو سمك سنوياً    العميد محمود محيي الدين: الجنائية الدولية أصدرت أمر اعتقال ل نتنياهو ووزير دفاعه    موعد متابعة مباراة باريس سان جيرمان وبروسيا دورتموند القادمة في دوري أبطال أوروبا    الزمالك ونهضة بركان.. موعد نهائي كأس الكونفدرالية الإفريقية 2024 والقناة الناقلة    السيطرة على حريق هائل داخل مطعم مأكولات شهير بالمعادي    حبس 4 مسجلين خطر بحوزتهم 16 كيلو هيروين بالقاهرة    شقيقة الأسير الفلسطيني الفائز بالبوكر: لم نفرح هذه الفرحة منذ 20 عاما وقت اعتقاله    بعد إثارتهما الجدل.. الشيخ محمد أبو بكر: مستعد للإعتذار إلى ميار الببلاوي    هل أكل لحوم الإبل ينقض الوضوء؟.. دار الإفتاء تجيب    "المصل و اللقاح" عن الأثار الجانبية للقاح "استرازينيكا": لا ترتقي إلى مستوى الخطورة    نيويورك تايمز: إسرائيل خفضت عدد الرهائن الذين تريد حركة حماس إطلاق سراحهم    طيران الاحتلال يجدد غاراته على شمال مخيم النصيرات وسط قطاع غزة    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    القنوات الناقلة لمباراة الهلال والاتحاد في نصف نهائي كأس الملك والمعلقين    نظافة القاهرة تطلق أكبر خطة تشغيل على مدار الساعة للتعامل الفوري مع المخلفات    تراجع أسعار النفط مع تكثيف جهود الوصول إلى هدنة في غزة    مجلس الدولة يلزم الأبنية التعليمية بسداد مقابل انتفاع بأراضي المدارس    حماية المستهلك: الزيت وصل سعره 65 جنيها.. والدقيق ب19 جنيها    د. محمود حسين: تصاعد الحملة ضد الإخوان هدفه صرف الأنظار عن فشل السيسى ونظامه الانقلابى    العثور على جثة طفلة غارقة داخل ترعة فى قنا    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30 أبريل في محافظات مصر    تعرف على موعد إجازة عيد العمال وشم النسيم للعاملين بالقطاع الخاص    موعد عيد شم النسيم 2024.. حكايات وأسرار من آلاف السنين    فتوى تحسم جدل زاهي حواس حول وجود سيدنا موسى في مصر.. هل عاصر الفراعنة؟    أشرف زكى: "هناك نهضة فنية فى معظم الدول العربية لكن لا يزال الفن المصرى راسخًا فى وجدان الأجيال"    فيديو| مقتل 3 أفراد شرطة في ولاية أمريكية خلال تنفيذ مذكرة توقيف مطلوب    محلل سياسي: أمريكا تحتاج صفقة الهدنة مع المقاومة الفلسطينية أكثر من اسرائيل نفسها    ولي العهد السعودي وبلينكن يبحثان التطورات في قطاع غزة    أستاذ بجامعة عين شمس: الدواء المصرى مُصنع بشكل جيد وأثبت كفاءته مع المريض    مفاجأة صادمة.. جميع تطعيمات كورونا لها أعراض جانبية ورفع ضدها قضايا    «جامعة القناة» تُطلق قافلة طبية لحي الجناين بمحافظة السويس    السجيني: التحديات عديدة أمام هذه القوانين وقياس أثرها التشريعي    حكم الشرع في الوصية الواجبة.. دار الإفتاء تجيب    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لي نصيباً في سعة الأرزاق وتيسير الأحوال وقضاء الحاجات    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. انهيارات جليدية وأرضية إثر أمطار غزيرة شمالي الهند.. عائلات الأسرى لنتنياهو: لقد سئمنا.. شهداء وجرحى فى غارات إسرائيلية على غزة والنصيرات بقطاع غزة    رسميا.. بدء إجازة نهاية العام لطلاب الجامعات الحكومية والخاصة والأهلية بهذا الموعد    النيابة تنتدب المعمل الجنائي لبيان سبب حريق شب داخل مطعم مأكولات سوري شهير بالمعادي    بمشاركة 10 كليات.. انطلاق فعاليات الملتقى المسرحي لطلاب جامعة كفر الشيخ |صور    «المقاطعة تنجح».. محمد غريب: سعر السمك انخفض 10% ببورسعيد (فيديو)    «هربت من مصر».. لميس الحديدي تكشف مفاجأة عن نعمت شفيق (فيديو)    المتحدث باسم الحوثيون: استهدفنا السفينة "سيكلاديز" ومدمرتين أمريكيتين بالبحر الأحمر    تصريح زاهي حواس عن سيدنا موسى وبني إسرائيل.. سعد الدين الهلالي: الرجل صادق في قوله    عفت نصار: أتمنى عودة هاني أبو ريدة لرئاسة اتحاد الكرة    ميدو: عامر حسين ب «يطلع لسانه» للجميع.. وعلى المسؤولين مطالبته بالصمت    مصطفى عمار: القارئ يحتاج صحافة الرأي.. وواكبنا الثورة التكنولوجية ب3 أشياء    ضبط 575 مخالفة بائع متحول ب الإسكندرية.. و46 قضية تسول ب جنوب سيناء    ما رد وزارة الصحة على اعتراف أسترازينيكا بتسبب اللقاح في جلطات؟    إيهاب جلال يعلن قائمة الإسماعيلي لمواجهة الأهلي    توفيق السيد: لن يتم إعادة مباراة المقاولون العرب وسموحة لهذا السبب    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    أخلاقنا الجميلة.. "أدب الناس بالحب ومن لم يؤدبه الحب يؤدبه المزيد من الحب"    درجات الحرارة المتوقعة اليوم الثلاثاء 30/4/2024 في مصر    تموين جنوب سيناء: تحرير 54 محضرا بمدن شرم الشيخ وأبو زنيمة ونوبيع    برلماني يطالب بالتوقف عن إنشاء كليات جديدة غير مرتبطة بسوق العمل    تقديم موعد مران الأهلى الأخير قبل مباراة الإسماعيلى    بالرابط، خطوات الاستعلام عن موعد الاختبار الإلكتروني لوظائف مصلحة الخبراء بوزارة العدل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور عبد الحليم قنديل يكتب عن : خطة «دق الإسفين»
نشر في الزمان المصري يوم 23 - 11 - 2015

لا نتصور أن الإدارة المصرية أحسنت التعامل مع أزمة الطائرة الروسية، فقد بدت مرتبكة قلقة حائرة، واعتصمت طويلا بحبل إنكار احتمال أن تكون الطائرة سقطت بقنبلة، تسللت بفعل فاعل مجرم، ووضعت أسفل مقعد خلفي بالقرب من منطقة ذيل الطائرة المنكوبة.
ولا نتصور أن التسليم بسيناريو القنبلة هو نهاية الدنيا، فالرواية الروسية تبدو معقولة ومحتملة جدا، خاصة أنها استندت إلى فحص جنائي لحطام الطائرة المنكوبة، والحطام موجود في حوزة مصر، وقد سمح لفريق خبراء روس بفحصه كما تقضى التقاليد الدولية المعمول بها، وتبين وجود آثار لمتفجرات t.n.t على بعض الحطام، وبما يوحى بوجود قنبلة انفجرت وأسقطت الطائرة، وقدر الخبراء الروس أن القنبلة محلية الصنع، وأن زنتها في حدود كيلوغرام واحد، وما من تفسير لوجود قنبلة زمنية صغيرة الحجم على متن الطائرة التي أقلعت من مطار شرم الشيخ، سوى أن خرقا حدث في عملية تأمين الطائرة والركاب، وأن موظفا ما أو أكثر فعلها، سواء لميول إرهابية في نفسه، أو حتى بتلقي رشوة من الإرهابيين، خاصة أن قصص اختراقات مطاراتنا واردة جدا في عمليات تهريب كبيرة، وبينها قصة عجيبة نشرتها الصحف اليومية قبل أيام، ومفادها أن اثنين من الموظفين تلقيا رشوة قدرها عشرة آلاف جنيه لا غير، مقابل مساعدة شخص على تهريب خمسة ملايين دولار، وكادت العملية تنجح، وذهب المرتشيان بالمبلغ المراد تهريبه إلى صاحبه، وسلماه «الأمانة» في أحد الحمامات، لولا أن فحصا لاحقا كشف الجريمة، وأحبطت العملية التي نفذت من ثغرة إعفاء الموظفين من التفتيش على البوابات، وهو تصرف ركيك عبثي، يعطي القط «مفتاح الكرار»، ويؤدي إلى كوارث يومية، لا يستبعد أن تتطور من تهريب المال إلى تهريب القنابل.
ومن الأفضل يقينا أن نسلم بالخرق الأمني، وأن تضم لجنة التحقيق المعنية نتائج الفحص الروسي إلى تقريرها، خاصة أن اللجنة تضم الروس والفرنسيين والألمان، إلى جوار المصريين، وأي تأخر إضافي في إعلان تقريرها، لا يخدم المصلحة الوطنية المصرية، بل يثير المزيد من البلبلة، ويشجع على انتشار شائعات وقصص، قد تزيد من الاحتقان وسوء التفاهم بين المصريين والروس، وهو ما لا توجد مصلحة فيه سوى للمتربصين بالعلاقات المصرية الروسية النامية والمتطورة، وبالذات ثلاثي «إسرائيل وبريطانيا وأمريكا»، الذين حرصوا على تكثيف التوظيف والاستخدام السياسى لحادث الطائرة من أول لحظة، وحجبوا ما توافر لديهم من معلومات استخباراتية عن مصر، ونقلوها إلى روسيا، بهدف «دق إسفين» في علاقات القاهرة وموسكو، وإظهار قلة عناية القاهرة بمأساة الضحايا الروس، وهو ما أحرج بوتين لدى شعبه المكلوم، ودفعه إلى اتخاذ تدابير متشددة ومغال فيها، قطعت العلاقات الجوية كلها تقريبا، وسحبت السياح الروس من مصر، وحتى إشعار آخر لا يبدو قريبا، ما لم تتحمل الإدارة المصرية مسؤولياتها، وتراجع تدابير الأمن في المطارات، وتنشئ جهازا أمنيا عالي الكفاءة، يقوم وحده على مهمة أمن المطارات، بدلا من فوضى توزع المسؤوليات حاليا بين وزارة الداخلية ووزارة الطيران، فالأمن لا يحفظ بكثرة الخوذات، بل بالتكنولوجيا المتطورة وبالذكاء وإطلاق الخيال، وتوقع كل السيناريوهات الممكنة لتطور خطط الإرهاب والإرهابيين، واستباقها بالتدابير الملائمة، ليس فقط على خطوط الطيران الدولية، بل على خطوط الطيران الداخلي بالذات، وحيث تنتشر مطارات أقل حجما، وقد تعاني من «الرحرحة» الأمنية في ظل الإهمال والفساد البيروقراطي المعتاد، فوق القضاء المبرم على ظاهرة التسول الحقيرة على مداخل المطارات، حتى لو تطلب الأمر فصلا فوريا لكل أمناء الشرطة المعنيين.
نعم، لا بد من وقفة أمنية، ليس فقط لكسب رضا الروس وارتياحهم واطمئنانهم، وإن كان حفظ أمان وراحة كل الزائرين والمغادرين مسؤولية الدولة، فهكذا تفعل كل الأمم الحية، فالخروق الأمنية واردة، وتحدث وحدثت في أقوى الدول وأكثرها تقدما، وسجل خطف وتفجير الطائرات متخم مكتنز، لكنه لا يصح أن يستخدم كتبرير لتقصير أو قصور أمني، ولا يصح أن تمر حادثة تقصير مطار شرم الشيخ بغير حساب، ولا بإصدار التصريحات النمطية المتكررة عن توافر الأمان، بل لا بد من الإطاحة بالرؤوس الكبيرة قبل الصغيرة، وحين يثبت للجنة التحقيق بإجماع الآراء صحة الرواية الروسية، وصحة حدوث الخرق الأمني، فلا بد من عقاب رادع لوزير الداخلية ووزير الطيران، لا يكتفي بالإقالة من المناصب، ولا الغلق العشوائي الجزئي لثغرات تتكشف، بل بإقامة جهاز أمني أقل حجما وأعلى كفاءة، ولا تفوته «دبة النملة»، فعلينا أن نتعلم الدرس من المحنة، وأن نحولها إلى منحة.
وبالطبع، ليس لأحد أن يتصور توقف خطة «دق الإسفين» بمجرد مراجعة وتجويد إجراءاتنا الأمنية، فبعد الاتفاق المريب المبكر لمخابرات إسرائيل وبريطانيا وأمريكا مع ادعاءات «داعش»، وبما يوحي بدرجة من التخطيط العمدي المشترك، وبعد إعلان الرواية الروسية عن حادث الطائرة رسميا، سعت إسرائيل وبريطانيا وأمريكا والفضائيات العربية التابعة إلى تطوير الهجوم، وتحدثت عن سعي الروس للانتقام من «داعش» في شرق سيناء، واحتمال القيام بغارات روسية مباشرة فوق سيناء، رغم أن المصادر الرسمية الروسية لم تتحدث عن شيء من ذلك، إلا أننا وجدنا من ينفخون في الرماد، وتهيئ لهم أوهامهم أن مصر ساحة مستباحة عسكريا، ويقيمون المناقشات الهزلية، ويفتعلون البرامج الحوارية عن توقعات التصرف الروسي المباشر في سيناء، وهذا خبل لو تعلمون عظيم، ولا قصد منه سوى إثارة الرأي العام المصري على روسيا، ومحاولة خلق نفور شعبي من روسيا، وهذه فرية مفضوحة، فلا يمكن لروسيا أن تفكر أصلا في سلوك من هذا النوع، والروس كغيرهم يعلمون مدى تعلق المصريين بمبدأ السيادة التامة على كل ذرة من تراب بلادهم، فوق أن مصر تملك جيشا هو واحد من أقوى جيوش الدنيا، وأعظمها ارتباطا بشعبه وأرضه، وهو القادر وحده بإذن الله على استئصال شأفة الإرهاب، وليس سرا أن الدولة المصرية رفضت بحزم كل رغبة بتدخل أجنبي في الموضوع، فقد عرضت واشنطن المعاونة المباشرة ورفضت مصر، وعرضت بريطانيا المعاونة المباشرة ورفضت مصر، بل عرض المعاونة نفسها «كيان الاغتصاب الإسرائيلي»، وكان طبيعيا وبديهيا أن ترفض مصر، ولو افترضنا جدلا أن أي نظام قبل المعاونة بالتدخل المباشر، فسوف يسقط في لحظة التدخل نفسها، وهو ما يعرفه ويؤمن به النظام الحالي، فبوسع الجيش المصري أن يقدم العون لأشقائه العرب، لكنه الجيش الذي لا يطلب عونا من أحد سوى الله سبحانه وتعالى، وهو خير أجناد الأرض، ومعركته في سيناء هي حرب تحرير بامتياز، ألغى بها مناطق نزع السلاح التي كانت مفروضة سياسيا بمقتضى اتفاقية العار المعروفة باسم معاهدة السلام، واستعاد سيطرته الكاملة وبعدته الكاملة على كل شبر حتى حدود مصر التاريخية مع فلسطين المحتلة، والأمة التي تملك جيشا كالجيش المصري، لا يعقل أن تفرط في حبة رمل ولا في ذرة سيادة.
وبوسع المصريين والروس أن يحبطوا خطة «دق الإسفين»، وأغلب الظن أنهم فاعلون، وتماما كما حدث في العصر الذهبي لعلاقات القاهرة وموسكو زمن عبد الناصر، فقد اعترت العلاقة وقتها أزمات كبرى، كانت غالبا بسبب صدامات التيار القومي العربي مع التيار الشيوعي وقتها، لكن العلاقات تجاوزت الأزمات العابرة، وأفادت مصر بالذات على جبهات السد العالي وحركة التصنيع والحروب مع إسرائيل، ومن ورائها أمريكا، وهو ما تدركه السياسة المصرية الآن، وإن بطريقة وطنية براغماتية، لا بطريقة أيديولوجية، وبأقل قدر من الإعلان عن الذي يجري في الكواليس، فثمة قرار سياسي في القاهرة، كما في موسكو، مغزاه بسيط وظاهر، وهو عدم السماح لأزمة الطائرة المنكوبة بأن تكون حجر عثرة، أو أن تغلق طريق التفاهم المتنامي بين القاهرة وموسكو، وكان لافتا جدا في وسط أزمة حظر الطيران المدني، أن موسكو تعمدت الإعلان الرسمي عن مفاوضات صفقة توريد صواريخ «إس 300» إلى الجيش المصري، وأن مصر استقبلت وفدا من خبراء «روس آتوم»، ذهب إلى موقع الضبعة، بهدف إكمال التصور النهائي لتنفيذ مشروع إنشاء المحطات النووية، ثم التوقيع الرسمي على اتفاقية الضبعة بعد اتصال السيسي وبوتين، إضافة للتفاهم المتصل المحسوس بين العاصمتين حول الوضع في ليبيا وسوريا، والسعي المشترك لإنقاذ سوريا من مصير التفكك والتحلل النهائي، وكذا إعلان روسيا عن تفاهم مع مصر لإنشاء مركز تنسيق مخابراتي لمكافحة إرهاب «داعش» وأخواته، وداعميهم الغربيين والأتراك ومموليهم الخليجيين، وهو ما يعنى أن خطة «دق إسفين» بين القاهرة وموسكو تواصل فشلها العظيم، فقد تحول «الإسفين» إلى «خازوق» للمتآمرين.
**كاتب المقال
كاتب مصري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.